فلسطينيو لبنان يعلقون آمالًا على "أبو مازن"
خالد عارف: التوطين مؤامرة على الشعب الفلسطيني

خالد عارف في بيته في صيدا
لبيبة عاكوم من صيدا: كان للإنتخابات الفلسطينية التي جرت في فلسطين صداها الطيب على الفلسطينيين اللاجئين في لبنان وقد رأينا كيف أن الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان شاركوا مشاركة رمزية في هذه الإنتخابات - التي جرت الأحد الماضي والتي نال فيها محمود عباس (أبومازن) نسبة 62.52%- إذ اقترع اللاجئون بالتزامن مع أهلهم وإخوانهم في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، فوضعوا داخل صناديق إسم مرشحهم ليحصل أبو مازن على غالبية الأصوات الفلسطينية في لبنان أيضًا.

"إيلاف" التي واكبت الإنتخابات الفلسطينية أرادت أن تعرف وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد فوز رئيسهم الجديد مرشح حركة فتح أقوى الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية . فكان لها هذا اللقاء مع أمين سرمنظمة التحرير الفلسطينية في صيدا والجنوب العقيد خالد عارف، قبل مغادرته لأداء فريضة الحج، ليتحدث عن الوضع الفلسطيني بتفاؤل يشوبه الحذر عما تخبئه الأيام، بسبب مماطلة إسرائيل لعملية السلام، وعدم تنفيذها القرارات الدولية وبنوع خاص قرار 194 الذي ينص على حق العودة إلى فلسطين وحماية حقوق اللاجئين.

من هو خالد عارف

من مواليد1946. ولد في قرية كوكب أبو الهيجاء فـي قضـاءالناصرة، إلتـحق بحركة فــتح فـي العام 1967 وبدأ التــزامه التـظيمي في معهدالدراسة في بلدة سبلين بجبل لبنان، وذلك عن طريق زميل له فـي الدراسة، وهومحمد البحيثي من قطاع غزة، تعرف في تلك الفترة على الشهيد عاطف بسيسووفور وقوع حرب حزيران، التحق بمعسكر الهامة في ســـورية التابع لقـــــوات العاصفة، وهناك تعرف على الناطق باسم حركة فتح أبوعلي أياد، وبعد حين عادالى لبنان لممارسة العمل السياسي والتنظيمي بقيادة الأخ حمدان والــحج طـلال أبو غزالة، ومنذ 1967 وإلـى الآن لا يـزال خـالد عـارف يمـارس دورًا أمنيًّا وعسكريًّا وسياسيًّا في جنوب لبنان.
إعتقل وسجن مرّات عدّة.

ما هو تقييمكم للإنتخابات الرئاسية في فلسطين؟
في الحقيقة أعتز وأفتخر بهذه الديمقراطية المطلقة وبهذا العطاء من جانب شعبنا الفلسطيني ، إنه يوم أصيل لتعتز به كل الأجيال القادمة ، لقد أثبت الشعب الفلسطيني أنه متحضر وديمقراطي ومن حقه أن ينعم بالحرية والديمقراطية، ولفتني تلك الشفافية التي مورست خلال الإنتخابات، كذلك الرقابة الدولية والعربية والمحلية من خلال المؤسسات الأهلية في فلسطين، كل ذلك أكد على حضارة شعب يستحق من العالم أجمع أن يساعده على نيل استقلاله.

*ماذا ترون في شخصية الرئيس الجديد أبو مازن وما هي الآمال التي تعلقونها عليها؟
أولًا إن ابا مازن هو من الرعيل الأول الذي فجر الثورة مع أبي عمار، هو وإخوانه في اللجنة المركزية لحركة فتح هؤلاء استشهد معظمهم على يد المخابرات الإسرائيلية، ولم يبق منهم سوى الأخ الرئيس محمود عباس أبو مازن والأخ أبو اللطف فاروق القادومي والأخ أبو ماهر الغنيم وكان يتشكل هذا الرعيل من 16 رجلًا. وكانوا اول من نفذ عملية عسكرية في نفق عميلون ، وأود أن أعلن من على منبر إيلاف أن الرئيس أبو عمار هو الآخر شهيدًا لأنني أقول إنه اغتيل مسمومًا بقرار من شارون شخصيًّا بموافقة أميركية وبصمت عربيّ.....وأبو مازن شخصية مناضلة قبل أن تكون شخصية دبلوماسية فالظروف الدولية والإقليمية تحتم على ممارسة هذا الدور السياسي والدبلوماسي ،والمشكلة ليست في أسلوب أبو مازن بل في هذا العدو الذي يرفض كل القرارات الشرعية الدولية، لذلك تقديري أنه على الرغم من إيجابية أبو عباس ومرونته السياسية لن ننتظر من شارون المبادرة بالمثل او استعداده لمفاوضات حقيقية تعطي الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة ،من مثل وجود دولة مستقلة عاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حسب قرار 194.

*لكن شارون أبدى استعداده لبدء مفاوضات جدية مع أبي مازن والإنسحاب من غزة ماذا تقولون ؟
شارون يريد أن يلتف على القرارات الدولية وأن يلتف على الإتفاقات مع القيادة الفلسطينية، وأن يلتف أيضًا على خارطة الطريق، شارون باتخاذه قرار الإنسحاب من غزة يظن أنه سيترك أمام العالم صورة زاهية عن الموقف الإسرائيلي تجاه السلام، ونحن موقفنا واضح وهو موقف أبو عمار سابقًا وموقف ابو مازن حاليًّا ألا وهو المطالبة بالإنسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 لنقيم عليها دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.

*الرئيس أبو مازن وصف الكيان الصهيوني بالعدو وعاد وقال إنها زلة لسان ما تعليقكم؟
في الحركات السياسية لكل قائد هامش، وأي قائد يحق له أن يقول هذا ولا يقول هذا أي أن يناور، أن يقول ما يريده ولا يقول ما يريده الآخرون، وهذا له علاقة بالهدف السياسي الذي يعمل من أجل الوصول اليه، وأبو مازن لم يخطئ عندما قال عن إسرائيل ما قاله ولم يخطئ أيضًا عندما اعتبر ماقاله زلة لسان .

*قلتم سابقًا في إحدى المقابلات أن اتفاقية أسلو شرّعت بولادة جنين، بعد مرور سنوات على الإنتفاضة، وما خلفته من ويلات كيف تصفون وضع هذا الجنين؟
يحاول شارون وقبله الحكومات التي تعاقبت مدعومة من أميركا أن تقتل هذا الجنين الوليد وللأسف في ظل موقف عربي متفرج لكننا كشعب فلسطيني ، سنحافظ على الجنين وسنعطيه كل الرعاية من نضال وكفاح وشهادة كي يصبح يافعًا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

خالد عارف مع الرئيس الراحل عرفات
*هل تتوقعون مفاوضات عادلة من الجانب الإسرائيلي؟
هذا القول يجب طرحه على القيادة الإسرائيلية، فالقيادة الفلسطينية مدت يدها لسلام عادل وشامل في المنطقة لكننا لن نرضخ لإملاءات من الجانب الإسرائيلي، وافق أبو عمار على إقامة دولة فلسطينية تكون على جزء فقط من الأرض التاريخية لفلسطين، لكن حكومات القيادة الاسرائيلية كانت تتهرب باستمرار من تنفيذ الواجبات لذلك فالجانب الإسرائيلي من يتحمل فعلًا مسؤولية السلام الحقيقي والعادل . فالمجتمع الإسرائيلي يجب أن يضغط على حكومته لحل مشكلة الفلسطينيين واللاجئين في أرض الشتات، ونحن بالأساس شعب تواق للسلام وبلدنا أرض السلام والديانات السماوية الثلاث، ونريد لأطفالنا أن يعيشوا بسلام، هذا السلام لن ينعم به أطفال إسرائيل طالما أن اطفالنا لا يزالون هم الآخرون محرومين منه.

*باعتقادكم هل ستتعاون الفصائل الأخرى مع محمود عباس على الرغم من نعت شارون للمقاومة الحق المشروع، بالإرهاب ؟
الفلسطينيون يبدون تعاونًا ملحوظًا بكافة انتماءاتهم ،والمرحلة القادمة ستثبت مدى جهوزية هذا الشعب المحب للسلام شرط أن يكون الجانب الإسرائيلي صادقًا في تجاوبه مع القيادة الفلسطينية .

*ما هو موقف الفلسطينين في لبنان من مسألة التوطين؟
أتمنى ألا يتلهى اللبنانيون أو الفلسطينيون بموضوع التوطين، التوطين هو مؤامرة على الشعب الفلسطيني منذ عام 1948والتوطين قرئ علينا في الخمسينات وقامت آنذاك ثورة اللاجئين الذين أعلنوا أنه لا وطن للفلسطينيين تحت الشمس إلا فلسطين، فليطمئن بعض الساسة اللبنانيين ،الذين لو تكلموا أحيانا كلمة حقّ نجد أنه يراد بها باطل، نحن أحبننا لبنان لكن ليس لنا وطن سوى فلسطين، وأنا مقتنع تمام القناعة بأنه لن يحصل توطين أتذكر غولدا مائير رئيسة الوزراء السابقة في إسرائيل عندما قامت بزيارة إلى الجليل. قالت أنا مطمئنة على مستقبل إسرائيل؛ الكبار بالسن من الفلسطينين سوف يموتون ، والصغار سينسون مع الأيام القادمة بيد أن الايام أثبتت أن من واجه دبابات إسرائيل في اجتياحها لبنان عام 1982 هم أطفال الآر بي جي ،ومن يتصدى للعدو الصهيوني في الضفة هم أطفال الحجارة ، غولدا مائير مقبورة وسيأتي يوم يقول لها طفل فلسطيني عائد من أرض الشتات ها قد عدنا نحن أبناء وأحفاد عرفات وأبو جهاد خليل الوزير.

خالد عارف مع والده في فلسطين
*ما هو وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان وهل هناك من خطة لتحسين أوضاعها الأمنية والمعيشية بعد انتخاب أبو مازن رئيسًا للفلسطينيين ؟
في لبنان 13 مخيمًا معترف بها من قبل الأمم المتحدة والدولة اللبنانية، وحوالي 20 تجمعًا فلسطينيًّا غير معترف بها من قبل الأونروا أو الدولة اللبنانية، وهي خارج المخيمات أي لا تقدم لها أي رعاية. المخيمات ككل تعيش ظروفًا صعبة إن من الناحية الصحية أو التربوية أو البنى التحتية الإقتصادية.ومخيم عين الحلوة يعتبر الأكبر بينها( 70 ألف نسمة) ؛ ولو تحدثنا عن الجانب التربوي فيه فالصفوف مكتظة ونجد في أكثر الأحايين 55 تلميذًا في الصف الواحد،أما على الصعيد الصحي في المخيم فهناك فقط أربعة أطباء في عيادتين ومنذ حوالي السنة بدأ الإتحاد الأوروبي مشكورًا ، بأعمال ترميم داخل ثلاثة مخيمات ونأمل أن تطال مثل هذه الأعمال باقي المخيمات

*يلاحظ هدوء نسبي داخل مخيم عين الحلوة حتى لم نعد نسمع بعض الرشقات التي كنا نسمعها من حين لآخر ما السبب، ترتيبات أمنية جديدة؟
تسود المخيم أجواء الهدوء بالفعل، بل إن الأمن داخل المخيم قفز قفزة نوعية باتجاه إيجابي فالحوادث الأمنية اختفت في المخيم بفضل الدور الذي مارسته حركة فتح وحركة الكفاح المسلح، بالتعاون مع كافة القوى الفلسطينية والإسلامية التي انحازت إلى جانب فتح.

*بعض الحالات الشاذة داخل المخيم هل لا زالت موجودة في ظل هذه الترتيبات الجديدة ؟
إن كنت تقصدين جند الشام تحديدًا فهؤلاء حالة تم إنهاؤها، جزء منها انتهى بعد "عملية قيصرية" وما تبقى من هذه الحالة تم القضاء عليه بطريقة دبلوماسية، وهذا بالتعاون مع القوى الإسلامية في المخيم والهدف كان منه تنظيم البيت الفلسطيني الداخلي. والدولة اللبنانية رعت وباركت جهود كل من حركة فتح وباقي القوى الفلسطينية الإسلامية، التي ساهمت بتوطيد أمن المخيم .

*أستاذ خالد لو طبق قرار 194وعدتم الى وطنكم فلسطين ماذا يبقى من لبنان في ذاكرتكم ؟
لبنان توأم الروح لفلسطين، هذا البلد الذي قدم الكثير وضحى بالكثير من أجل القضية الفلسطينية إننا نحب في لبنان بيروت وجونية وصيدا... ولكن نستأذن من أهلنا في لبنان أن يسمحوا لنا أن نحب في فلسطين رام الله والقدس وحيفا وجنين... أكثر . عندما نعود الى فلسطين سنحمل أبناءنا شجيرات أرز من صنين ونغرسها فوق جبال فلسطين كي نحمل لبنان في الذاكرة أبدًا،آملين أن نستقبل أهلنا من الجنوب اللبناني ومن طرابلس الفيحاء ومن بيروت عاصمة العواصم العربية، ومن البقاع الحبيب، وسنستقبل كل هذه الوفود في رام الله والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية فنقرع أجراس كنيسة القيامة معًا،ونقيم صلاة الآذان في المسجد الأقصى بمشيئة الله.