إعفاء أبناء المسؤولين العراقيين من الدوام في مدارسهم خوفا
مبارك وفضل الله يحذران من حرب أهلية

أسامة مهدي من لندن: حذرت مصر على لسان رئيسها حسني مبارك ورئيس وزرائها احمد نظيف من حرب اهلية في العراق، فيما دعا الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان العراقيين بما فيهم العرب السنة المقاطعين الى التصويت في الانتخابات المقبلة، في وقت اكد المرجع الشيعي في لبنان محمد حسين فضل الله ان الحل في العراق لن يتحقق الا برحيل القوات الاجنبية، بينما اعفت السلطات العراقية ابناء المسؤولين من الدوام في مدارسهم خوفا من الاغتيال والخطف.

وراى مبارك ان الاوضاع الامنية في العراق تحتم عدم سحب القوات الأميركية منه في الوقت الراهن معتبرا أن ذلك الانسحاب سيكون أكبر خطأ ترتكبه واشنطن ودعا الولايات المتحدة إلى التعجيل بتدريب القوات العراقية حتى تتسلم مسؤولية الأمن وتنسحب القوات المتعددة الجنسيات بعيدا عن المدن والقرى العراقية .

وأكد الرئيس مبارك في تصريحات لاحدى محطات التلفزة الاميركية على اهمية بقاء القوات الأميركية حتى استكمال هذه المهمة ونصح بعدم سحب القوات الأميركية الآن وقال " سيكون الإنسحاب الآن أكبر خطأ ترتكبه الولايات المتحدة لأن حربا ستنشب بين الأكراد والشيعة والسنة وجميع فئات الشعب العراقي ومن شأن هذا تهديد إستقرار المنطقة وتهديد مصالح الولايات المتحدة فيها " . وحذر مبارك من أن سحب القوات الأميركية دون تثبيت الإستقرار في العراق سيؤدى إلى ظهور جماعات إرهابية جديدة علاوة على الموجودة الآن.

وتاتي تصريحات مبارك في وقت أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أن لجنة عسكرية متخصصة عينها الوزير دونالد رامسفيلد بدأت عملها في العراق.

وقد كلف رامسفيلد اللجنة بإجراء تقييم شامل لبرنامج تدريب القوات العراقية وما إذا كانت تلك القوات تسير على الطريق الصحيح لتمكينها من مكافحة العصيان المسلّح المستمر في العراق.
وقد عين رامسفيلد اللجنة الأسبوع الماضي ويرأسها الجنرال المتقاعد غاري لاك وذلك في أعقاب مشاورات أجراها رامسفيلد مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز وكبار مساعديه ، وقائد القيادة المركزية الجنرال جون أبي زيد وقائد القوات المتعددة الجنسيات في العراق الجنرال جورج كايسي. وتشدد الولايات المتحدة على وجود قوات عراقية مدربة وفاعلة كشرط ضروري لخروج القوات الأميركية من العراق.

وكان رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف حذر امس عقب مباحثات مع نظيره الأردني فيصل الفايز في عمان من اندلاع حرب أهلية في العراق وقال إن استمرار الأوضاع كما هي في العراق يثير المخاوف من اندلاع حرب أهلية وتقسيم العراق إلى دويلات صغيرة قائمة على أساس طائفي ومذهبي.

ودعا رئيس الوزراء المصري الذي التقى العاهل الأردني الملك عبد الله أيضًا العراقيين إلى التآزر والتكاتف ووضع مصالح البلاد العليا فوق المصالح المذهبية الضيقة.

وكانت مقاطعة عدد من الأحزاب السنية للانتخابات النيابية العامة المزمع إجراؤها نهاية هذا الشهر قد أثارت المخاوف من نشوب صراع مذهبي بسبب الفوز الساحق الذي يتوقع أن تحققه الأغلبية الشيعية فيها.

وفي لبنان أكد المرجع الشيعي العلامة محمد حسين فضل الله ان لا حل في العراق الا من خلال خروج "المحتل الاميركي." وقال فضل الله خلال استقباله اشرف القاضي الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة كوفي انان في العراق اليوم الجمعة "ان العراق لن يصل الى حل على المستوى السياسي والامني الا من خلال خروج المحتل الاميركي وان تأخذ الامم المتحدة دورا تنفيذيا لا ان تبقى في الاطار الاستشاري فحسب."

ودعا فضل الله في خطبة الجمعة التي نقلتها رويترزالشعب العراقي الى ان "يرفع الصوت عاليا لزوال الاحتلال ومطالبته بوضع جدول زمني لانسحابه." كما دعا "الدول المجاورة للعراق الى عدم المساهمة في صب الزيت الاعلامي والسياسي على النار المشتعلة في الداخل والا يدخلوا العراق في حسابات طائفية وسياسية لا تفيده بل قد تفيد الاحتلال بشكل غير مباشر وربما يحاول الاحتلال وعملاؤه توجيه الاتهام الى بعض هذه الدول للضغط عليها لتسهيل أمره في العراق وتنفيذ خططه مما يفرض عليها الانتباه والحذر امام ذلك."

وقال فضل الله ان "العراق لا يزال غارقا في دوامة الفوضى الامنية الدموية التي يسقط فيها الابرياء وتهتز فيها الاوضاع السياسية بين رأي يؤيد الانتخابات ورأي يقاطعها من دون اي حوار موضوعي عقلاني بين الطرفين مما يبعد تسليط الضوء على المشكلة الام وهي الاحتلال الاميركي للعراق المسؤول عن التردي السياسي والامني الذي يضرب العراق من اقصاه الى اقصاه والسائر في عوامل الاثارة التي تثير اكثر من حديث عن فتنة او حرب اهلية."

ومن جهته دعا الامين العام للامم المتحدة كوفي انان اليوم "كل العراقيين"، بمن فيهم السنة، الى المشاركة في الانتخابات المقررة في الثلاثين من الشهر الحالي وحث الحكومة العراقية على "تكثيف جهودها في هذا الاتجاه".

وقال انان اثناء مؤتمر صحافي على هامش اجتماع للامم المتحدة في موريشيوس مخصص للجزر الصغيرة النامية ونقلته وكالات الانباء "اشجع كل العراقيين على ممارسة حقهم الديموقراطي. العراق بحاجة لاوسع قاعدة ممكنة لمرحلة انتقالية ناجحة". واضاف "لقد قلت دائما بوضوح ان الانتخابات ينبغي ان تكون شاملة قدر المستطاع اذا ساهمت، كما آمل، ايجابيا في العملية الانتقالية السياسية في العراق".

وشدد انان على ضرورة اشراك العرب السنة في العملية السياسية وقال "لكن لا بد حتى في هذا الوقت المتاخر من اشراك العناصر القومية العربية في المجتمع، ولا سيما العرب السنة في هذه العملية". واضاف "اشجع الحكومة على تكثيف جهودها في هذا الاتجاه، واعرف ان الحكومة تبذل جهودا في هذا الاتجاه".

وكان الحزب الاسلامي العراقي، ابرز تشكيل سني في العراق، اعلن في نهاية الشهر الماضي انسحابه من الانتخابات بعد ان قاطعتها قوى واحزاب سنية وشيعية اعترضت على اجرائها في ظل وجود القوات الاجنبية في البلاد .

واضاف الامين العام للامم المتحدة "من الواضح ان غالبية ساحقة من العراقيين ترغب بقوة في ممارسة حقها الديموقراطي في التصويت". وقال "لكن من الواضح ايضا ان الظروف التي ستجري فيها الانتخابات بعيدة عن المثال". واشار الى انه "هناك بالتاكيد محاولات للتخويف"، معربا في الوقت نفسه عن الامل في ان "يكون الناخبون احرارا في وضع بطاقة الانتخاب التي يريدونها في صندوق الاقتراع".

وعلى صعيد العنف المرافق للتحضيرات الجارية لاجراء الانتخابات اغتال مسلحون مسؤولا عن مركز انتخابي في حي العامل غربي بغداد .

وقام مسلحون مجهولون بقتل عبد الكريم جاسم العبيدي الذي يعمل مسؤولا عن مركز السلام الانتخابي الذي يقع في حي العامل غربي العاصمة العراقية وذلك باطلاق نار على راسه.

وقد تصاعدت اعمال العنف في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات واغتيل الشيخ محمود المدائني ممثل لاية الله علي السيستاني ابرز المرجعيات الدينية الشيعية في العراق مساء الاربعاء جنوب بغداد. وتبنت جماعة "انصار الاسلام في العراق" عملية اغتيال المدائني في بيان بثته اليوم الجمعة على موقعها على شبكة الانترنت واصفة المدائني بانه "احد المؤيدين الرئيسيين للانتخابات" وداعية العراقيين "لعدم الاشتراك في الأنتخابات العراقية لاننا سوف نقوم بمهاجمة المراكز الإنتخابية في حالة قيام الإنتخابات".

وقد اغتيل لحد الان تسعة من موظفي المفوضية العليا للانتخابات العراقية كما فجرت مراكز انتخابية في مدن عراقية عدة بينما تواصل منظمات مؤيدة للنظام العراقي السابق واصولية متشددة اخرى تهديد المشاركين في الانتخابات بالقتل مؤكدة عدم اعترافها بالعملية السياسية الجارية في البلاد والتي تعتبر الانتخابات واحدة من اركانها المهمة .

واثر تصاعد عمليات العنف سمحت السلطات العراقية للطلبة من ابناء المسؤولين بعدم الدوام يوميا في مدارسهم خوفا من عمليات قتل او اختطاف تطالهم بعد ان استهدف المسلحون مسؤولون عدة وابنائهم . وسمحت وزارة التربية للطلبة دراسة مناهجهم الدراسية في منازلهم على ان يجروا الامتحانات النهائية في المدارس والتي تجري عادة خلال شهري ايار (مايو) وحزيران (يونيو) المقبلين.