الياس توما من براغ : بدأت التصورات الأمريكية بشان إعادة توزيع القوات الأمريكية في الخارج تأخذ أشكالا محددة على الأقل في أوروبا بعد أن أكد قائد قوات حلف الناتو في أوروبا الجنرال الأمريكي جيمس جونس اليوم بان القوات الامريكية ستبدأ خلال هذا العام بالانتقال إلى قواعد جديدة لها في بلغاريا ورومانيا .
وقد جاء إعلانه هذا بعد زيارة قام بها إلى الدوليتين خلال الأيام الأربعة الماضي تفقد خلالها القواعد والمناطق التي تعرضها قيادات صوفيا وبوخارست للأمريكيين لإقامة قواعد لهم فيها .
ويؤكد الجنرال الأمريكي أن عملية الانتقال إلى المنطقة البلقانية ستتم في إطار إعادة هيكلة القوات الأمريكية التي أعلنها الرئيس الأمريكي جورج بوش العام الماضي وفي إطار الاستراتيجية الجديدة للبنتاغون التي تتحدث عن توزيع جديد للقوات الامريكية وفي إطار هذه الاستراتيجية سيتم سحب نحو 70000 جندي أمريكي مع نحو 100الف من أفراد عائلاتهم من ألمانيا وكوريا الجنوبية .
وستكون عملية الانتقال إلى بلغاريا ورومانيا حسب الجنرال الأمريكي جزءا من التغييرات الجارية في تموضع القوات الأمريكية في أوروبا والتي غدت ضرورية منذ فترة وحسب رأيه فلا شيء يقف الآن بوجه إتمام هذه العملية .
وتوقع الجنرال أن يقدم تصورا محددا بهذا الخصوص إلى الكونغرس الشهر القادم يتضمن إقامة 4 أو 5 قواعد في بلغاريا ورومانيا مع التشديد على أن هذه القواعد ستكون عسكرية الطابع بمنى انه ستتواجد فيها قوات عسكرية غير كبيرة وتجهيزات عسكرية لا تتصف بالتعقيد ولن يرافق عناصر هذه القوات أفراد عائلاتهم وما ينبع ذلك من خدمات صحية واجتماعية واسعة كما هو الأمر الآن في قاعدة رامشتين الألمانية العملاقة .
وتؤكد الأوساط العسكرية الأمريكية والأوربية الشرقية أن الدور الجديد للقواعد العسكرية الأمريكية سيكون متمحورا بشكل رئيسي حول تنفيذ برامج للتدريب لهذه القوات على محاربة الإرهاب وتقديم الدعم اللوجستي للقوات الأمريكية المتواجدة في الخليج العربي والشرق الأوسط.
وكانت بلغاريا ورومانيا قد انضمتا الى حلف الناتو في آذار /مارس من العام الماضي وقد عرضتا مع دول أوربية شرقية أخرىكبولندا والمجر والبانيا ... على الولايات المتحدة استضافة قواعد برية وبحرية وجوية لها في أراضيها الامر الذي جعل واشنطن تجري دراسة موسعه حول التسهيلات والميزات التي توفرها كل دولة لها ومدى ملائمتها للتصورات الأمريكية.
ويؤكد الجنرال الأمريكي جونس أن القواعد التي عرضت عليه في بلغاريا تعتبر نموذجية تقريبا لأنها تستوفي الشروط الأمريكية
وتقول المصادر العسكرية البلغارية إن بلغاريا قد عرضت على القيادات العسكرية الأمريكية مطارا في غراف ايغناتييف وأخر في بيزمير وحقلا للرمي في منطقة نوفي سيل وقاعدة اتيا الجوية ومطارا مدنيا في سارافوفو وعدة أمكنة أخرى لوضع التجهيزات والعتاد أما رومانيا فكانت قد عرضت على الأمريكيين منحهم قاعدة عسكرية قرب ميناء كونستاسا الواقع على البحر الأسود.
ويعود اندفاع قيادات بعض دول أوروبا الشرقية لتقديم أراضيها للأمريكيين لرغبتها بالحصول على مكاسب مالية واقتصادية ولاعتقادها بان هذه الخطوة ستقربها أكثر من واشنطن الأمر الذي يمكن أن تستفيد منه في تحقيق مكاسب لها على الساحة السياسية الدولية وفي نفس الوقت فان وجود هذه القوات على أراضيها حسب تصورات بعض هذه القيادات يحصن التغييرات السياسية التي جرت فيها ويضمن لها عدم العودة إلى الماضي الشيوعي بشكل أو بأخر .
وبالمقابل فان التفضيل الأمريكي لهذه الدول يعود إلى كونها واقعه على إطراف منطقة لم تدخل في حالة متقدمة من الاستقرار السياسي والأمني وفيها العديد من بؤر التوتر المنفتحة على خيار التفجير إقليميا وهي منطقة البلقان ولأنها قريبا أيضا من الشرق الأوسط ومجاورة لبعض جمهوريات رابطة الجدول المستقلة، كما أن نفقات إقامة هذه القواعد تظل اقل مقارنه بالقواعد في الدول الغربية وأيضا إلى تحمس قيادات هذه الدول للانخراط بدون تحفظات تحت لواء الزعامة الأمريكية تماما كما كانت تفعل لموسكو زمن الحقبة الشيوعية.
وبالنظر لكون اغلب القواعد التي عرضت على الأمريكيين ونالت إعجابهم موجودة في الجزء الجنوبي الشرقي من بلغاريا أي قريبة من الحدود مع تركيا فان العديد من المراقبين يرون في هذه الخطوة محاولة أمريكية للاستغناء مستقبلا عن قواعدها في تركيا خاصة وان رفض تركيا تقديم كل ما طلبته منها القيادات العسكرية الأمريكية أثناء غزوها للعراق جعل واشنطن تأخذ بعين الاعتبار في استراتيجيتها إمكانية الاستغناء عن خدمات أنقرة في حال الضرورة .