خلف خلف من رام الله: حالة الغضب التي فجرها رئيس الحكومة الإسرائيلية اريئيل شارون ضد الرئيس الفلسطيني ابو مازن (محمود عباس) في أعقاب العملية الفدائية على معبر كارني تدل على أن إسرائيل اختارت العودة إلى طراز العلاقات الذي جرت تجربته دون نجاح مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بدل تجربة سبيل آخر، حسب صحيفة هآرتس.

وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم إذا كان لا يوجد مؤشر على أن ابو مازن يشجع المقاومة، وإذا كان لسانه وقلبه متساويان، وإذا لم يكن يعرف مسبقا بالعملية التي جرى تخطيطها قبل وقت طويل من تنفيذها، فيمكن للمرء أن يتوقع من حكومة إسرائيل أن تمنحه الوقت والدعم على حد سواء كي يتمكن من العمل لتحقيق وقف شامل للنار، و من يطالبه بالسيطرة على حماس والمنظمات الأخرى بعد أسبوع من انتخابه، حتى قبل أن يتسلم مهام منصبه رسميا، وبالذات بطريقة الحرب الشاملة بدل محاولة التوصل إلى اتفاق من التعاون بين القوى العاملة في الساحة الفلسطينية، يلغي مسبقا فرصة ابو مازن في النجاح في الطريق الذي اختاره.

وقالت هآرتس لا يجب الاستنتاج من ذلك بان على إسرائيل أن تسلم لزمن طويل بنار الراجمات وصواريخ القسام وبالعمليات الفلسطينية التي يقتل فيها مواطنوها وجنودها، فالعملية في كارني أظهرت مرة أخرى بان متضرري العنف في النزاع، على جانبي المتراس، هم على نحو شبه دائم الرهائن الكادحين في المجتمعين، أناس سعوا إلى نيل الرزق بكل ثمن واضطروا إلى العمل من اجل معيشتهم حتى في مكان خطير، وليس لهم إي صلة بالمقاومة. أولئك الرهائن سيدفعون أيضا ثمن عمليات رد الفعل، وثمن عمليات رد الفعل على رد الفعل، التي ستضرب مرة أخرى سكان غزة الفلسطينيين وسكان سدروت، ست قذائف راجمات، أطلقت أمس نحو المستوطنات في قطاع غزة. طفل ابن سبعة أصيب في نتساريم وفتاة أصيبت بجراح خطيرة بصاروخ قسام في سدروت، وبلغت مصادر فلسطينية بالمقابل بمقتل أربعة فلسطينيين في عملية الجيش الإسرائيلي في جنوب مدينة غزة، ومقتل فلسطينيين بقذيفة دبابة في منطقة معبر رفح.

وتحدثت وسائل الأعلام الإسرائيلية أن أبو مازن، الذي أدى اليمين القانونية لتسلم مهام منصبه، يخطط للسفر إلى قطاع غزة، وبالتعاون المصري سيحاول تحريك اتفاق وقف المقاومة داخل معسكره، بوسائل غير عنيفة، وقد عاد وأعلن أنه لن يستخدم السلاح ضد التنظيمات الفلسطينية، ويجب السماح له بمحاولة التوصل إلى إنجازات بطريقته، وإسرائيل لن تربح شيئا من الحرب الأهلية داخل المجتمع الفلسطيني وبالتأكيد لن تربح من فشل ابو مازن، الذي برأي الجميع يبشر باحتمال لأمل جديد للمنطقة بأسرها.

التصريحات ضد ابو مازن التي كانت انطلقت ابتداء من يوم الجمعة في محيط رئيس الوزراء الاسرائيلي، والمكالمات الهاتفية لزعماء العالم بمقاطعته، النبرة الجديدة، القديمة للاستفزاز ونزعة القوة، لم تجدي في الماضي في إطفاء الحريق، ولا يجب أن نتوقع منها ذلك هذه المرة أيضا، حسب هآرتس.

واستعرض اليوم مقال إسرائيلي تحليلي أن ابو مازن هو الأخر يجب أن يفهم ان الزمن قصير، والكثير مما سيحصل قريبا بين إسرائيل والفلسطينيين بما في ذلك انسحاب إسرائيل من غزة منوط به وبتصميمه، وفي مراسيم أدائه اليمين القانوني ندد الرئيس الجديد للسلطة بالعمل العسكري ودعا إلى وقف دائرة الدم، ولا يمكن لشارون أن يكتفي بالتصريحات وبالنوايا الطيبة، وعليه بالذات في هذه اللحظة الحرجة من المتوقع من رئيس الوزراء الاسرائيلي أن يلتقي بابو مازن وان يحاول خلق خطة عمل مشتركة بدل التدهور نحو جولة أخرى من سفك الدماء.