بهاء حمزة من دبي: في ختام زيارة مطولة للأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام بالمملكة العربية السعودية لابو ظبي استغرقت اربعة ايام كاملة على غير عادة المسؤولين السعوديين الكبار في زياراتهم للدول الخليجية الشقيقة، اكتفى الجانبان الاماراتي والسعودي ببيان رسمي عن نتائج الزيارة بثته وكالة انباء الامارات ولم يجد فيه الكثيرون جديدا يذكر اذ اعاد البلدان اتفاقهما على عدد من القضايا الرئيسية منها حق الامارات في جزرها الثلاث والتعاون الامني بين البلدين ضد العمليات الارهابية وكذا مواقف البلدين الثابتة من القضية الفلسطينية والوضع في العراق وهو الامر الذي يعكس رغبة البلدين في ابقاء ما تم التباحث بشأنه بعيدا عن الاعلام وتحليلات الخبراء على الاقل في الوقت الحالي.

لكن هناك ثلاث حقائق يجدر التوقف امامها في هذه الزيارة اولها طول مدة الزيارة في سابقة سعودية رسمية اذ جرت العادة في اغلب زيارات المسؤولين السعوديين السابقة الى واحدة من دول مجلس التعاون ان تمتد ليوم او يومين على الاكثر لدواع كثيرة اهمها قرب المسافات وتحديد الموضوعات التي تناقش. ومعنى ان تمتد زيارة الامير سلطان بن عبد العزيز اربعة ايام كاملة هو انه كان هناك العديد من القضايا التي طرحت للمناقشة او ان طول مدة الزيارة قصد به تعبير سعودي عن متانة العلاقات بشكل خاص مع الامارات الدولة الخليجية الوحيدة حتى الان التي تلتزم بشدة واضحة بمواقفها المناصرة والمؤيدة للسياسات السعودية تجاه المنطقة دون اي مزايدة او تلاعب من وراء الستار بحثا عن دور.

وربما هذا التقدير السعودي بدا اكثر وضوحا في هذه الزيارة عنه قبل ذلك بعد ان كانت التكهنات قد كثرت عقب وفاة الشيخ زايد بأن القيادة الاماراتية الجديدة ستندفع بقوة اكبر نحو المجتمع الدولي وعلى الاخص اميركا التي قدمت في اكثر من مناسبة دعوات صريحة للامارات والبحرين لاقامة علاقات اقتصادية مباشرة معها دون انتظار لتنسيق الموقف الخليجي وهو الامر الذي رحبت به البحرين وسبب المشكلة الشهيرة مع السعودية قبل ان يسعى قادة المنامة لاحتوائها فيما تمهلت الامارات اتساقا مع نهجها الرافض للتصعيد خاصة على المستوى الخليجي.

وكان الظن ان سياسة الامارات المتوازنة طوال عهد زايد انما هي انعكاس لشخصية زايد نفسه العروبي المتوازن وان برحيله ستكون الابواب مفتوحة امام الاندفاع غربا تلبية لدعوات غربية متعددة وهو ما نفاه عمليا الشيخ خليفة بتجديد التزامه بنهج زايد الذي اكسب الدولة الصغيرة احتراما عربيا ودوليا خاصا يتجاوز حدود المساحة والدور الاقليمي والدولي.

الحقيقة الثانية في زيارة الامير سلطان بن عبد العزيز هي اقتصار الحضور من الجانب الاماراتي على شيوخ ابو ظبي فقط وغياب رجل مثل الشيخ محمد بن راشد وزير الدفاع وولي عهد دبي وهو ما يراه البعض ايضا امتدادا للدور الذي مارسته العاصمة طوال عهد زايد وهو الاضطلاع بالمهام السياسية للدولة وان كان اخرون راوا في هذا الغياب نفيا ضمنيا لما قيل قبل فترة عن احتمال تعييين الشيخ محمد بن راشد نائبا لرئيس الدولة للاستفادة من شعبيته العريضة محليا ودوليا.

اما الحقيقة الثالثة الإيجابية في الزيارة فهي كما يرى العديد من المحللين الاتفاق الواضح بين البلدين تجاه العديد من القضايا الاقليمية والدولية ومساندتهما التامة لبعضهما البعض في قضاياهما الداخلية وهو اتفاق يجئ في وقت بدأت العلاقات الخليجية/الخليجية تشهد تصدعا مكتوما بسبب الخلافات في الرؤى والمصالح ويرى الخبراء ان مثل هذا الاتفاق من شأنه تعزيز اللحمة الخليجية من جديد خاصة مع احتمال قيام الامارات بمهمة الوساطة خلال الفترة المقبلة لتقريب وجهات النظر بين دول مجلس التعاون.

وحمل نص البيان الرسمي الكثير من الالفاظ والعبارات البروتوكولية اكثر منها عبارات تقدم فكرة عن مضمون ما دار في جلسات الحوار من عينة "تجسيدا للعلاقات الأخوية المتميزة بين دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وتوطيدا للروابط الوثيقة بين البلدين والشعبين الشقيقين قام صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام فى المملكة العربية السعودية بزيارة رسمية لدولة الامارات العربية "

ومثل ايضا "قد جرى لسموه استقبال رسمي لدى وصوله الى مطار ابوظبي الدولي وكان على رأس المستقبلين "صاحب السمو" الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة و"سمو" الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء والفريق أول "سمو" الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة".

وقد أجرى "صاحب السمو الملكي" الامير سلطان بن عبد العزيز خلال هذه الزيارة مباحثات مع كل من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة تم خلالها تناول العلاقات الوطيدة بين البلدين الشقيقين وسبل دعم وتطوير التعاون المثمر بينهما فى شتى الميادين. كما أكدت المباحثات على ما يجمع بين البلدين الشقيقين من أواصر القربى ووشائج الاخوة والعلاقات المتميزة وتصميمهما على تعزيز هذه العلاقات ودفعها قدما فى مختلف المجالات وعلى كافة الاصعدة.

وأعرب البلدان في ختام زيارة "صاحب السمو الملكي" الأمير سلطان بن عبدالعزيز عن ارتياحهما للتعاون الوثيق بين أجهزة الامن فى البلدين وما تقوم به من دور فعال فى تعزيز الامن والاستقرار ومكافحة الارهاب.

وأكد البلدان على أهمية دفع وتعزيز مسيرة التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فى مختلف المجالات بما يخدم مصالح شعوب دول المجلس ويحقق آمالها.
وفيما يتعلق بالجزر الاماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى المحتلة فقد أكد البلدان على مواقفهما السابقة بدعم حق سيادة دولة الامارات العربية المتحدة على هذه الجزر وعلى المياه الاقليمية والاقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخاصة للجزر الثلاث. وأكدا على الاستمرار فى النظر فى كافة الوسائل السلمية التى تؤدى الى اعادة حق دولة الامارات العربية المتحدة فى جزرها الثلاث وان تستجيب جمهورية ايران الاسلامية لمساعى دولة الامارات العربية المتحدة والمجتمع الدولى لحل القضية بالطرق السلمية أو اللجوء الى محكمة العدل الدولية.
وأعرب الجانبان عن تمنياتهما لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبومازن" بالتوفيق والنجاح فى السعى لاستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وفى مقدمتها اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وتحقيق الامن والاستقرار للشعب الفلسطينى. كما أدانا مجددا الممارسات الاسرائيلية العدوانية المستمرة ضد أبناء الشعب الفلسطينى الاعزل وتحديها للاعراف والمواثيق وقرارات الشرعية الدولية وتجاهلها للمبادرة العربية للسلام.

كما جدد البلدان تضامنهما الكامل مع الشعب العراقى الشقيق فى معاناته الراهنة مؤكدين حرصهما على وحدة الاراضى العراقية واحترام سيادة العراق واستقلاله ونوها بأهمية الالتزام بمبدأ عدم التدخل فى شؤونه الداخلية وأعربا عن أملهما فى ان يتمسك الشعب العراقى الشقيق بكافة فئاته بالوحدة والمصالحة الوطنية والاسهام فى العملية السياسية كأساس لبناء مستقبل العراق وأكدا كذلك على رغبتهما فى رؤية العراق يعيش فى أمن واستقرار وسلام.