مبارك في لقائه مع المثقفين
الرئاسة صعبة وليست مغنماً


نبيل شرف الدين من القاهرة: في لقاء يجمعه سنوياً بنخبة منتقاة من الكتّاب والمثقفين، دعا الرئيس المصري حسني مبارك صباح اليوم الأحد نحو ستين شخصية، حيث اجتمع بهم في إحدى قاعات مقر رئاسة الجمهورية بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، وذلك خلافاً لما كان يحدث من قبل حين كان يجري اللقاء في إحدى قاعات معرض القاهرة الدولي للكتاب، وهو التعديل الذي فسره فاروق حسني وزير الثقافة المصري بأنه يأتي على خلفية ارتباطات لمبارك خلال الأيام التي تتزامن مع انطلاق الدورة السابعة والثلاثين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يبدأ يوم 26 من كانون الثاني (يناير) الجاري، وأضاف وزير الثقافة قائلاً "إن حرص الرئيس مبارك علي الالتقاء بالمفكرين كعادته سنوياً كان وراء تقديم موعد اللقاء إلى اليوم الأحد بدلاً من يوم غد الاثنين كما كان مقرراً سلفاً بسبب تعديل جدول لقاءات الرئيس مبارك نظراً لتقديم موعد إجازة عيد الأضحى المبارك" .

وتطرق الرئيس المصري إلى عدد من القضايا المحلية والإقليمية والدولية، وعُلم من بعض الحاضرين قوله إن السلام بين إسرائيل وسورية أصبح الآن "مسألة أصعب" مع وجود آرئيل شارون على رأس مجلس الوزراء الإسرائيلي حالياً، معرباً عن اعتقاده بأن فرص إبرام سلام بين سورية وإسرائيل قد تبددت في عهد اسحق رابين وإيهود باراك، رئيسي الوزراء الإسرائيليين السابقين اللذين كانا ينتميان إلى حزب العمل، وأضاف أن "أيام اسحق رابين قال إنه سيعطي الجولان بالكامل لسورية مقابل إقامة سفارتين في دمشق وتل أبيب‏ ولكنهم تأخروا وضاعت الفرصة‏‏ كما ضاعت أيضاً مع باراك،‏ والآن أصبحت المسألة أصعب مع شارون‏" وهنا تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن سورية كانت قد أعلنت على لسان عدد من كبار مسؤوليها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي أنها تنشد استئناف مباحثات السلام مع إسرائيل حول هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل وذلك بدون أي شروط مسبقة إلا أن إسرائيل قالت إنها ترفض إجراء مباحثات سلام مع سورية في الوقت الذي تستضيف فيه دمشق جماعات فلسطينية راديكالية .

غير أن مبارك عاد على الصعيد الفلسطيني ليجد دعوته لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى السير في عملية السلام من خلال اتخاذ عدة خطوات، كأن يقدم المساعدة الاقتصادية للشعب الفلسطيني مشيرا إلى ضرورة البدء في المفاوضات بين الجانبين، وقال : "إنني أقول الحقيقة ولا أكذب عليكم .. هو ـ يقصد شارون ـ يستطيع أن يعمل اذا كان يريد أن يعمل"
كما طالب مبارك شارون بتفهم موقف الفلسطينيين ومعاناتهم قائلاً إنه "ينبغي على رئيس الوزراء إسرائيل أن يتفهم موقف الفلسطينيين وحياة المواطن والشعب الفلسطيني سواء من الأطفال أو النساء أو غيره، وأرجو أن يتفهم هذا الموضوع، ولابد أن يسمحوا بالمساندة الاقتصادية ويساعدوهم، وفي نفس الوقت هم يساعدون أنفسهم, واذا حصل انفجار أو آخر لا يجب أن نوقف المفاوضات ونوقف المرور، ونوقف كل شئ، ونجمد كل شئ، لأنه بالشكل ده المفاوضات لن تمشي، ولابد أن نكون واقعيين ونعيش في الواقع وأعتقد أن رئيس وزراء إسرائيل قادر على القيام بهذا العمل"، على حد تعبير الرئيس المصري الذي سبق له أن أكد في أكثر من مناسبة أن شارون على وجه التحديد يستطيع حل القضية الفلسطينية لو شاء ذلك واتجهت إرادته إلى هذا الهدف .

وفي الشأن الداخلي، وبينما تتواتر الأحاديث عن ترشيح مبارك لتولي رئاسة الجمهورية لفترة خامسة، قال في مقابلة متلفزة مع محطة أميركية إن"قرار خوضي انتخابات الرئاسة سوف يكون في شهر أيار (مايو) المقبل أو بعده"، وتطرق مبارك إلى أبرز ما يوجه إليه من انتقادات، بشأن تداول السلطة، قائلاً إن ذلك سيتم عن طريق صندوق الانتخابات وليس بقرار جمهوري، وأن من يرد أن يرشح نفسه للرئاسة فليتفضل، وقال إن الحكم ليس مطمعا.. بل هو قضية صعبة ومعقدة، ومضى قائلاً إن الجالس في مقر رئاسة الجمهورية محروم من الحياة الخاصة تماماً بسبب إجراءات الأمن المشددة التي تحيط به في أي مكان يذهب إليه مما يسبب حرجا له"، وأضاف قائلاً "إن الرئاسة عملية صعبة ومعقدة وليست مغنماً"، حسب تعبير الرئيس المصري حسني مبارك .