نصر المجالي من لندن: في بادرة هي الأولى من نوعها من جانب القضاء البريطاني، فإن محكمة بريطانية حكمت لصالح حاج مسلم بالتعويض من بعد طرده من الشركة التي يعمل بها لتجاوزه الحق في الإجازة المقررة له حين أدى فريضة الحج، ولقد اعترفت محكمة القضايا العمالية في مدينة ليدز لصالح محمد خان (43 عاما) بالتعويض لطرده غير المبرر من جانب الشركة التي يعمل فيها. وقالت مصادر إسلامية في بريطانيا إن القرار القضائي هذا يتيح المجال أمام العمال والموظفين من المسلمين البريطانيين بنيل حقهم في إجازة ستة أسابيع لآداء الفريضة في الأماكن المقدسة.

وفي التفاصيل، فإن عامل التنظيفات في شركة للحافلات في مدينة برادفورد البريطانية، محمد خان ، وهو محور القضية القضائية، تجاوز حقه في إجازته السنوية المعتادة وهي 25 يومًا، عام 2003 ، حين ذهب لآداء مناسك الحج، ولكن حين عاد، قررت الشركة إنهاء خدماته، الأمر الذي اعتبر تعسفيًا، ويستند إلى قرارات عنصرية بين الأديان.

وإزاء قرار الفصل التعسفي قدم العامل شكوى إلى محكمة المنازعات العمالية التي حكمت لصالحه بتعويض مالي قدره 10 آلاف جنيه إسترليني، وهو ما يعتبر ضمن الاعتراف بحقوق الحجاج المسلمين في استخدام إجازاتهم لصالح آداء الفريضة وهي ستة أسابيع. وهذا القرار سيفتح المجال أمام مئات المسلمين الذين يؤدون الحج كل عام لنيل مطالبهم من أرباب العمل، حيث أن القوانين البريطانية تعمل حسب السوابق القضائية، حيث لا توجد قوانين مكتوبة في الغالب.

واعتبرت محكمة ليدز في قراراها الذي صدر يوم الخميس الماضي، ونشرت بعض تفاصيله اليوم صحيفة (صنداي تايمز) البريطانية أن قرار فصل العامل محمد خان يعتبر تعسفيًا "وأن خان عانى من تصرفات عنصرية تخالف التعليمات في شأن المساواة العنصرية في الدين والمعتقدات البريطانية.

وتقول المصادر القضائية البريطانية، إن القرار غير المسبوق من محكمة ليدز "ليس فقط لصالح الحجاج المسلمين وحسب، بل سيشمل مئات الآلاف من المسيحيين ومن أبناء الديانات الأخرى الذين يذهبون في إجازات لآداء شعائر دينية كذلك". يذكر أن بريطانيا تخوض معارك جدلية لتحقق نفسها كمجتمع متعدد الأعراق والطوائف والآراء. وهناك جالية مسلمة كبيرة تبلغ حوالي نصف مليون شخص غالبيتهم من باكستان وبنغلادش والهند ودول عربية وإفريقية.

وقالت وكيلة محمد خان ، المحامية آنا باور "نظرًا للتعليمات في شأن حظر التمييز العنصري العرقي والديني دخلت حيز التنفيذ قريبًا، فإن هنالك مئات الحالات التي يسري عليها ما يسري على حالة خان"، مشيرة إلى أن الموظفين المسيحيين يمكن أن يستفيدوا من القرار القضائي الجديد، حيث بعض الشركات ترفض منح إجازات لهم في أعياد الميلاد، وهي مناسبات دينية.

وفي الأخير، اعتبر السكرتير العام للمجلس الاسلامي البريطاني إقبال ساكاراني قرار محكمة ليدز أنه انتصارًا غير مسبوق لصالح مسلمي بريطانيا، وقال "على أرباب العمل أن يدركوا أنه لا فرق بين أن تكون مسلمًا وفي ذات الوقت عاملا نشيطا يؤدي مهامته بشكل محترم". مضيفا "فريضة الحج واجب على كل مسلم ومسلمة مرة واحد في العمر، إذا كانوا قادرين صحيًا وماديًا على ذلك، ولهذا فهناك آلاف المسلمين الذين يوفرون أموالا من أجورهم لتأدية هذه الفريضة التي هي الركن الخامس في الإسلام، ولا يجوز منعهم من آدائها".