الياس توما من براغ : منح الناخبون الكروات تفويضًا جديدًا للرئيس ستيبان ميسيتش لحكم البلاد خمسة أعوام أخرى بعد أن أعطوه أكثر من70% من أصواتهم خلال الجولة الثانية والحاسمة من الانتخابات الرئاسية الكرواتية التي جرت اليوم وأعلن التلفزيون الكرواتي التقديرات الأولية لنتائجها بعد دقائق قليلة من إغلاق صناديق الاقتراع في الساعة 00و19 بالتوقيت المحلي الساعة 00و18 بتوقيت غرينيتش .

وعلى الرغم من أن هذه النتيجة هي تقديرية غير أن الوكالات المتخصصة باستقراء الرأي لا تخطىء عادة في النتائج إلا إذا كان الفارق بين المرشحين ضئيلا جدًا كما حصل في الثاني من هذا الشهر عندما أكدت التقديرات الأولية استنادًا إلى نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت أمام المراكز الانتخابية بعد خروج الناخبين منها بان ميسيتش سيحصل على أكثر من خمسين بالمئة من الأصوات وبالتالي فوزه من الجولة الأولى غير أن عمليات فرز الأصوات اللاحقة أشارت إلى الحاجة لإجراء جولة ثانية لأنه نقصه للفوز فيها نحو 20 ألف صوتًا فقط .

و لا يشكل فوز ميسيتش بالتأكيد أية مفاجأة لان استطلاعات الرأي التي أجريت قبل الانتخابات توقعت فوزه ولان الجولة الأولى التي جرت قبل أسبوعين أكدت بان الفارق بينه وبين مرشحة الاتحاد الديموقراطي الكرواتي الحاكم نائب رئيس الحكومة يادرانكا كوسور سيكون كبيرًا.

ويعود احتفاظ ميسيتش بمنصبه حسب رأيه إلى إدراك الكروات بان من الخطر بمكان بالنسبة لتطوير الديموقراطية الكرواتية تركز السلطة في يد قوة سياسية واحدة في إشارة إلى أن انتخاب مرشحة الحزب الحاكم يادرانكا كوسور كان سيسمح للاتحاد الديموقراطي الكرواتي الحاكم بتوسيع هيمنته من الحكومة إلى قصر الرئاسة الأمر الذي لا يحبذه الكروات بسبب التجربة السيئة التي مروا بها خلال فترة حكم الرئيس السابق فرانيو تودجمان .

ولا يعتبر بالتأكيد هذا السبب الوحيد الذي رجح كفة ميسيتش بل يعود الأمر أيضا إلى رصيده الشعبي بسبب ما أثبته من كفاءة في السنوات الخمس الماضية حيث نجح في إخراج البلاد من العزلة الدولية وتقريبها من أبواب الاتحاد الأوروبي وتطبيع علاقات زغرب مع الجوار البلقاني ولذلك فان فوزه بولاية دستورية ثانية يمكنه من أن يتوج حياته السياسية بقيادة بلاده إلى الاتحاد الأوربي.

وتأمل قيادات زغرب في أن تنضم كرواتيا إلى الاتحاد عام 2007 أو بعد ذلك بعام خاصة بعد أن حدد آذار /مارس القادم موعدا لبدء المفوضية الأوربية المحادثات الخاصة بضم كرواتيا إلى الاتحاد غير أن ذلك قد يتعقد إذا لم تتعاون زغرب بشكل اكبر في ملف المتهمين الكروات بارتكاب جرائم حرب ارتكبت ضد الصرب ولذلك سيكون هذا الأمر احد الملفات الساخنة التي تنتظر ميسيتش في الولاية الدستورية الثانية والأخيرة له .

وكان الاتحاد الأوروبي قد لمح إلى أن تسليم المتهمين بارتكاب جرائم حرب سيكون شرطا له قبل بدء المحادثات الخاصة بالانضمام الأمر الذي يضع زغرب في زاوية ضيقة.

ويعتبر الرئيس ميشيتش من المؤيدين لإبداء تعاون اكبر مع محكمة لاهاي غير انه يؤكد في نفس الوقت أن المتهم الرئيسي الذي تريده المحكمة الجنرال الكرواتي السابق انتي غوتوفينا ليس موجودا في كرواتيا الأمر الذي تقوله أيضا بلغراد ويقوله صرب البوسنة بشان المتهمين الصرب

وعلى الرغم من أن صلاحيات الرئيس في كرواتيا تعتبر تمثيلية أكثر منها تنفيذية إلا أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وله تأثير في السياسة الخارجية ويختار رئيس الحكومة الجديد ولذلك فان انتخاب ميسيتش سيساعد من جهة في تعميق التجربة الديموقراطية الغضة في كرواتيا ومن جهة أخرى سيعزز جهود كرواتيا للارتقاء بالمعايير وبالمستويات بها بالشكل الذي يفتح أمامها أبواب الاتحاد الأوربي بعد عامين أو ربما أكثر.