نبيل شرف الدين من القاهرة : رغم النفي الرسمي القاطع الذي حمله اليوم الاثنين بيان برلماني مصري لأنباء تداولتها بعض الصحف المحلية في القاهرة، عن موافقة مجلس الشعب (البرلمان) على اقتراح بمشروع قانون بشأن اختيار شيخ الأزهر بطريق الانتخاب، وإلغاء نظام التعيين المعمول به في الوقت الراهن، فان هذه الأنباء ليست مختلقة تماماً، بل تستند إلى تفاصيل مشروع قانون موسع ومعد بعناية وإحكام، ويرد على كافة التساؤلات، سبق أن طرحته جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في مصر، وذلك من خلال أحد النواب المحسوبين عليها .

وربما لهذا السبب حرص المصدر البرلماني على الإشارة إلى أن لجنة الاقتراحات والشكاوى بالبرلمان سبق لها أن رفضت خلال العام الماضي اقتراحا حول هذا الموضوع، الذي أكد أنه غير مطروح حاليا على جدول الأعمال، وأن ما نشر من أنباء في بعض الصحف المحلية حول موافقة البرلمان بجعل منصب شيخ الأزهر بالانتخاب من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية وليس بالتعيين "غير صحيح على الإطلاق جملة وتفصيلاً، وليس مطروحاً للمناقشة بالأساس"، حسب ما ورد في البيان الرسمي الذي تلقت (إيلاف) نسخة منه .

لكن رغم هذا النفي ـ كما أسلفنا ـ فإن للقضية ظلاً من الحقيقة على أرض الواقع البرلماني المصري، إذ سبق أن أعلن النائب علي لبن، المحسوب على جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة، تقدمه بطلب إحاطة إلى الدكتور فتحي سرور رئيس البرلمان، يطلب فيه بضرورة العودة إلى الأسلوب الذي كان متبعا في اختيار شيخ الأزهر قبل صدور القانون رقم 103 لسنة 61 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له، حيث كان يتم انتخابه من قبل هيئة كبار العلماء حينئذ، وأضاف أن رئيس المجلس اعترض على اشتمال طلب الإحاطة على تعديلات قانونية، ونصح النائب بضرورة التقدم بمشروع قانون ينص على أن يتم اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب وليس بالتعيين، الأمر الذي دفع النائب الإخواني يعد حالياً مشروع قانون لتعديل المادة الخامسة من القانون 103 لسنة 61 بحيث تنص صراحة على اختيار شيخ الأزهر من قبل "مجمع البحوث الإسلامية"، وهو الكيان الذي حل محل هيئة كبار العلماء قبل صدور قانون الأزهر المعمول به الآن .

ويدعو مشروع القانون المشار إليه إلى اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب من بين أعضاء مجلس البحوث الإسلامية على أن يكون قد مضى على عضويته بالمجمع وقت ترشيحه ثلاث سنوات على الأقل وألا تقل نسبة الأصوات الحاصل عليها عن %51 من عدد أعضاء المجمع و تعاد الانتخابات بين الحاصلين على أعلى الأصوات في حالة عدم بلوغ المرشح هذه النسبة على أن يصدر قرار بتعيينه من رئيس الجمهورية مباشرة.

كما نص مشروع القانون أيضاً على ضرورة أن يكون للأزهر وكيل يتم اختياره كذلك من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية، ويكون من الحاصلين على مؤهل عال من إحدى الكليات المتخصصة في العلوم الشرعية، كما يكون تعيين هذا الوكيل أيضا بقرار جمهوري، وبناء على اقتراح من شيخ الأزهر، الذي سيعاونه الوكيل، ويقوم بمهامه وقت غيابه، ويحل محله حال وفاته لحين انتخاب شيخ آخر بالانتخاب من بين أعضاء مجمع البحوث .

واختص النائب الإخواني في مشروعه مجمع البحوث الإسلامية بأن يكون صاحب الرأي الرسمي في كافة ما يتعلق بالشئون الإسلامية التي تهم المجتمع والدولة على السواء، وأن يكون لمجمع البحوث الإسلامية أمانة عامة دائمة يرأسها أمين عام يتم اختياره بالانتخاب من بين أعضاء المجتمع ويصدر رئيس الجمهورية قرارا بتعيينه .

كما ينص مشروع القانون على أن يتم تعيين رئيس جامعة الأزهر بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح من شيخ الأزهر، كما يؤكد المشروع تولي شيخ الأزهر وبمعاونة المجلس الأعلى للأزهر ولاية النظر على الأوقاف المرصودة لخدمة الأزهر وبكافة الصلاحيات المقررة لوزير الأوقاف ومجلس الأوقاف الأعلى ولجنة شؤون الأوقاف وأن يسترد الأزهر جميع أوقافها وعائداتها المالية، والرصيد الباقي من هذه العائدات في الأعوام السابقة ولا يجوز التصرف في شئ منها حتى يتسلمها الأزهر، كما أجاز التنازل للواقف عن ولاية النظر تحت إشراف الأزهر وفي حالة رغبة الأزهر تغيير جهة صرف الريع كله أو بعضه أو عزل الواقف عن النظارة فيكون ذلك لمصلحة راجحة .

ويبيح مشروع القانون الترخيص بإنشاء كليات جامعية أو معاهد عليا خاصة تدرس المناهج والمواد المقررة على كليات ومعاهد جامعة الأزهر، وأن يصدر بإنشاء هذه الكليات والمعاهد العليا قرار من رئيس الجمهورية وبناء على موافقة شيخ الأزهر.

تجدر الإشارة إلى أن عدداً من نواب جماعة الإخوان المسلمين، كانوا قد اتهموا الحكومة أمام البرلمان، بالتلاعب في مناهج التدريس في معاهد الأزهر، والاعتداء على الهيبة الأزهر التاريخية في مصر .