حاكم الشارقة كشف تفاصيل انتقال السلطة بالإمارات
سلطان القاسمي: كنت بعثيا وناصريا فإسلاميا عروبيا

نصر المجالي من لندن: كشف الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، عضو المجلس الأعلى لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، بعض التفاصيل التي لا تزال خفية عن الانتقال الهادئ للسلطة في دولة الإمارات بعد وفاة رئيس الدولة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ثم أنه كشف عن بعض تاريخه السياسي منذ الخمسينيات حيث كان طالبا وقال أنه انضم لحزب البعث فانحاز للناصرية، وأخيرا وجد في الإسلام ما يملأ الفراغ الذي يعيشه العالم العربي كله، وفي حديث مع قناة (العربية) الإخبارية بثته الليلة، رفض الشيخ سلطان الإصلاحات من الخارج وقال "هي كلمة حق يراد بها باطل".

وفي التفاصيل، فإن حاكم الشارقة (65 عاما) الذي حمل شهادة الدكتوراة في التاريخ السياسي من جامعة إكستر البريطانية ومن قبلها الهندسة الزراعية من جامعة القاهرة، قال دولة الإمارات بلد عربي يحكمه الدستور، ولذلك جاء القرار السريع بانتقال هادئ للسلطة، حيث بايع حكام الإمارات السبع الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيسا للدولة، خلال اجتماع لم يمتد على أكثر من عشرة دقائق، كما أننا لم ننتظر مهلة الثلاثين يوما التي يقررها الدستور من أجل ذلك الانتقال.

وقال إنه ساهم مع الشيخ مكتوم بن راشد المكتوم حاكم دبي بالتشاور سريعا مع الحكام الباقين بضرورة مبايعة الشيخ خليفة، مشيرا إلى أنه خلال الاجتماع الذي كان شبه مفاجأة للجميع اتخذنا القرار وقوفا ، حيث تحدث الشيخ مكتوم بصفته نائب رئيس الدولة موجها كلامه للشيخ خليفة بأن المجلس الأعلى قرر مبايعته لرئاسة الدولة، وقال إن الشيخ خليفة رفض ذلك، مؤكدا أن الشيخ مكتوم هو الأحق بالمنصب، حيث هو نائب رئيس الدولة والدستور يجيز له ذلك كما أنه صاحب تجربة طويلة في الحكم. وقال حاكم الشارقة، في الحقيقة إن الحكم هو لإمارة أبو ظبي وفي نسل الراحل الشيخ زايد، ففضلا عن الحكمة والهدوء والعمل الدؤوب الذي يتمتع به رئيس الدولة الجديد، فإن أبو ظبي هي أكبر الإمارات مساحة وعدد سكان كما أنها هي التي تنفق على ميزانية جميع الإمارات السبع.

وفي معرض رده على سؤال بأنه كان ناصري التوجه (نسبة إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر) روى الشيخ سلطان علاقته بالعمل القومي وصولا إلى العودة الحقيقية إلى الإسلام، فقال إن العدوان الثلاثي ضد مصر العام 1956 قد اثر به كثيرا، حيث أنه سمع حديثا للمعلق الشهير أحمد سعيد يطالب العرب بأن يتبرعوا ولو بإبرة للمجهود الحربي المصري لرد العدوان، وقال ساعتها قلت لنفسي أنني يمكنني التبرع بأكثر من ذلك.

وتحدث كيف أنه وزميلين له كانا يدرسان معه في المدرسة القاسمية بالشارقة أحرقا مركزا للاتصالات البريطانية قرب مدينة الشارقة، كما أحرق سيارة قائد القاعدة العسكرية البريطانية انتقاما من مشاركة بريطانيا التي كانت تنتدب الإمارات آنذاك، في العدوان الثلاثي الذي شاركت فيه فرنسا وإسرائيل أيضا.

ولأول مرة يكشف حاكم الشارقة عن أنه كان عضوا في حزب البعث، حيث انخرط فيه بتشجيع من المرحوم منيف الرزاز أحد مؤسسي الحزب، حيث رافقه في زيارة له في العام 1956 بجولة في مختلف الإمارات التي لم تكن متحدة آنذاك، وأهداه كتاب الوحدة العربية لمؤسس حزب البعث ميشيل عفلق، وقال، وأعجبني الكتاب الذي يتحدث عن عالم عربي متحد من المغرب حتى البحرين"، وأشار الشيخ سلطان أنه ترك الحزب من الانفصال الذي أطاح بالجمهورية العربية المتحدية (مصر وسورية) حيث موقف البعث من الانفصال كان غريبا، حيث أحسست أن الحزب لم يتمسك بمبادئه الوحدوية.

وتابع القول "وحين ذهبت للدراسة بعد الانفصال في جامعة القاهرة، وجدت أن ما كان يدعو إليه الرئيس الراحل عبد الناصر قريبا من الأهداف التي كنت أؤمن بها، ثم أن عبد الناصر رعى طلاب دول الخليج وتكفل بهم لمساعدتهم على تحصيلهم العلمي"، ولكن الشيخ سلطان قال "لم أكن بالمعنى الحقيقي للكلمة، أنا كنت ولا زلت عروبيا إسلاميا، وكنت من المؤمنين بأفكار الرحل عبد الله الريماوي العربية".

وفي الحديث الذي أجراه معه الزميل سعد السيلاوي لقناة (العربية) رفض الشيخ سلطان أية مبادرات للإصلاح من الخارج، وقال إن هذه الدعوة مشبوهة "وهي تهدف إلى التناحر فيما بيننا وخصوصا في منطقة الخليج التي لا تزال تعيش العقلية القبلية، فنحن قبائل، ولا يمكنني كحاكم أن أتنازل عن حكم ورثته أبا عن جد، ولكن نستطيع الاستفادة من دعوات الإصلاح بما يهمنا، أما مسائل العولمة وغيرها، فإنها ستجعلنا مسخا"، وأعطى مثالا على كلامه بالموقف الفرنسي الذي عبر عنه الرئيس شيراك حين قال "دعوات العولمة والإصلاح جيدة، لكن علينا أن لا نمس الثقافة".

وتحدث الشيخ سلطان عن دور المرأة الإماراتية، مشيرا إلى أنها عامل إنجاز مهم، ولإيماننا بهذا الدور، هناك سبع نساء في المجلس الاستشاري في إمارة الشارقة، وامرأتين عضوين في المجلس التنفيذي للإمارة وهو بمثابة مجلس وزراء، فضلا عن ذلك، هناك سيدة هي لبنى القاسمي وزير للشغال العامة في الحكومة الاتحادية، وهو تقوم بعمل الرجال وتزور المواقع وتتفقدها كما يقوم الرجال بمهماتهم.

وقال حاكم الشارقة "والحق يقال أن الراحل الشيخ زايد، وزوجته الشيخة فاطمة كانا وراء فتح المجال للمرأة الإماراتية بنيل حقوقها لتعمل جنبا إلى جنب مع الرجال.

وحول موضوع النزاع مع إيران، حول الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى حيث الأخيرة من ممتلكات الشارقة، قال الشيخ سلطان "من جانبا نحن أولينا المهمة لوزارة الخارجية لتعبر عن موقف الدولة الاتحادية ككل في هذا الشأن"، وفضلا عن ذلك فنحن نتعامل مع جزيرة أبو موسى كجزء من إمارة الشارقة ونباشر شؤونها اليومية والحياتية باستمرار وهنالك مواطنونا، وكذلك توجد مدرسة تابعة لمنطقتنا التعليمية ومركز للشرطة، والأمور الأخرى نتركها لوزارة الخارجية الاتحادية "وفي هذا المجال فإن الشيخ حمدان بن زايد وزير الدولة للشؤون الخارجية رجل قادر على أداء المهمة، فهو دبلوماسي محنك وهادئ وبعيد النظر، كما أنها هو الذي قاد مسائل تعيين الحدود مع الجارات الخليجيات، وكذلك في داخل الدولة بين الإمارات مع بعضها البعض".

ودعا حاكم الشارقة إلى الحوار مع جماعات الفكر التكفيري، وقال إننا نحن الآباء نتحمل المسؤولية في انحرافهم، ولا يزال الأمر بأيدينا في محاولة الوصول إلى من تبقى منهم وإقناعهم للرجوع إلى الحق ومبادئ الإسلام الحنيف الحقيقية، وهنا اتفق مع ما استنه ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز،من قرار في التعامل مع هؤلاء الذين هم أبناؤنا الذين انحرفوا وراء شعارات من أطراف أخرى، فهذه الفئة الضالة فتح الأمير لها الباب للتوبة، أما من يرفض، فلابد من تنفيذ القصاص بحقه وهذا مبدأ إسلامي".

وفي الأخير، رفض الشيخ سلطان بن محمد القاسمي الشروع بخطوات انفتاحية في إمارة الشارقة على غرار ما يجري في إمارات شقيقة مجاورة، فقال "أنا مسؤوليتي كأب لأبناء إمارة الشارقة أن أخلق منهم جيلا قويا وقادرا عبر مؤسسات ومراكز التعليم، والتوجيه السليم، فنحن بحاجة أجيالنا لأنهم هم رجال وسيدات المستقبل، وعيهم مسؤوليات كثيرة في البناء والعطاء، ولذا حين دعوت إلى مسألة الاحتشام، كنت أعني الرجال والنساء، إلى متى يمكن أن ظل صامتين على ما نراه من سفور وابتذال،، ولا تراجع في هذه القرارات أبدا، واعتقد أن تعليمات الاحتشام النابعة من ديننا وعاداتنا تعرقل مسيرتنا فحركتنا النهضوية والتعليمية والثقافية مستمرة وبقوة، ومواطنونا يتعاملون مع احتشام بكل وقار واحترام".