نصر المجالي من لندن: بادرة لم يسبق لها أي مثيل اليوم حيث نفرة عرفة، وهي يوم الحج الأعظم، وأديت صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في مسجد نمرة حيث صعيد عرفات الطاهر في يوم الوقفة الكبرى اقتداء بسنة النبي العربي محمد بن عبد الله القرشي الأمين المؤتمن على الرسالة على يوم الدين. وفي رصد متتابع من شبكة "إيلاف" الإلكترونية من لندن عبر خطوطها المتاحة مع المشاعر المقدسة فإنه أدى الصلاة بمسجد نمرة اكثر من 300 ألف مصل فيما أداها نحو ضعف العدد خارج المسجد وأداها باقي الحجاج من داخل خيامهم. وبالمقابل فإن حالا من الطوارئ والأمن الكبير نفذته السلطات السعودية بكل نجاح حسب تعبير كثير من المراقبين، حيث حشدت الحكومة السعودية نحوا من خمسين ألفا من رجال أمنها الأقوياء لحماية هذا الميقات المهم تحت شعار لا تهاون فيه "هذه حرمات الله ومهمتنا أمنها، وللبيت رب يحميه".

وفي الصلاة بمسجد نمرة المقابل لجبل الطهر والمغفرة والتوبة، شارك في الصلاة أمير مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز كما أداها عدد من رؤساء الدول و الحكومات وكبار الشخصيات الإسلامية الذين يؤدون فريضة الحج هذا العام. وقبل الصلاة التي أقيمت بأذان واحد وإقامتين وفقا للسنة النبوية المطهرة دعا مفتى السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ المسلمين في خطبة عرفات إلى التمسك بتقوى الله في جميع الاحوال واتباع سنه نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع أعمالهم واقوالهم.

ودعا الشيخ، وهو حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في خطبته التي استمع إليها اليوم اكثر من ملياري مسلم في أرجاء المعمورة عبر بث فضائي شاركت فيه جميع الفضائيات العربية والإسلامية إلى الاعتصام بحبل الله ونبذ الفرقة والتنبه لمكائد أعداء الإسلام والدفاع عن المصالح العليا للامة الإسلامية، مشيرا إلى تحديات كثيرة تتطلب التعاون والتضامن في مواجهتها بالعقيدة الصادقة والتعاون والتضامن.

وتطرق الشيخ عبد العزيز الى الحملات الاعلامية الجائرة ضد الاسلام والمسلمين وربطهما بالارهاب وضرورة تعزيز الوحدة والتكتل في العالم الاسلامي لمواجهة الكيانات الاخرى التي تستهدف اضعاف الامة الاسلامية اقتصاديا وفكريا وعقائديا من خلال البث الفضائي الذي يتعرض مع قيم وعادات المجتمعات الاسلامية.

وحذر مفتي المملكة العربية السعودية "أمة الإسلام من مخططات أعدائها وقال انهم يريدون صرفها عن شريعتها ومنهجها الذي فيه رفعتها ومجدها ويسعون الى السيطرة عليها وجعلها أمة تابعة لهم مستنكرا بشدة الحضارة الغربية الزائفة التي تميز بين البشر وتنقض العهود وقدمت كل انواع الاسلحة الفتاكة لدمار البشرية".

وأكد آل الشيخ، على أن الإسلام حفظ للمرأة حقوقها موضحا أن أعداء الإسلام اتخذوا من الإسلام جسرا ليعبروا به الى أحقادهم ودعا في هذا الشأن رجال الإعلام الى ان يسخروا اعلامهم لخدمة الدين وقضاياه حتى يكون المسلمين على بصيرة.

وأهاب خطيب عرفة بالأمة الإسلامية جمعاء التنبه الى الظرف الصعب والدقيق والاحداث الجسيمة تمر به الامة الاسلامية مما يتطلب نظرة فاحصة لتكون امة واحدة تدافع عن عقيدتها.

وهنأ الشيخ عبد العزيز حجاج بيت الله الحرام بان من الله عليهم بالوقوف بعرفة ويسر لهم طريق أداء الركن الخامس في الإسلام ودعاهم الى أداء المناسك في سكينة وطمأنينة وعلى الوجه الذي أداها به الرسول الكريم والابتعاد عن الأعمال التي تعكر صفو الحج حتى يتقبل الله حجهم ويغفر ذنوبهم ويعودوا لأوطانهم وأهليهم كيوم ولدتهم أمهاتهم.

وكان صعيد عرفة مع إشراقة صباح هذا اليوم مئات الآلاف من جموع حجاج بيت الله الحرام الذين تدفقوا على هذا الصعيد الطاهر فى مواكب ايمانية يغمرها الخشوع والسكينة ملبين متضرعين داعين الله تعالى ان يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار فى هذا اليوم العظيم الذى لم تطلع الشمس على يوم خير منه.

ومن جهته، رحب الأمير تركي بن سلطان بن عبد العزيز مساعد وزير الثقافة والإعلام بالوفود الإعلامية العربية والإسلامية والعالمية المشاركة في تغطية حج هذا العام، وذلك لدى وصولهم مقر الوزارة في مشعر عرفات استعدادا لتغطية وقوف الحجيج على صعيد عرفات ثم نفرتهم منها الى مزدلفة.

وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) في تقرير لها من منى أنه بلغ عدد الحجاج القادمين من خارج المملكة لحج هذا العام مليونا وخمسمائة وأربعة وثلاثين ألفا وسبعمائة وتسعة وخمسين حاجا. وقالت أن الإحصائية رفعت في خطاب مرفوع للأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا من الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الذي أوضح أن عدد الذكور من مجمل الحجاج القادمين من الخارج «911 , 836» يمثلون نسبة 55 في المائة وعدد الإناث «848 , 697» يمثلن نسبة 45 في المائة.

وأفاد الأمير محمد بن نايف بأن عدد الحجاج القادمين من الخارج لهذا العام زاد عن العام الماضي بـ « 331 , 112» حاجا بنسبة قدرها 8 في المائة.

وكان دخول حجاج هذا العام على النحو التالي:

عن طريق الجو: 140 , 384 , 1 حاجا.

عن طريق البر: 428 , 125 حاجا.

عن طريق البحر: 191 , 25 حاجا.

من جهة متصلة، فإن سلطات الأمن العام السعودية ممثلة في الادارة العامة للعلاقات والتوجيه قامت بتصميم وتنفيذ أكثر من «500» ألف نشرة توعوية وارشادية تمهيدا لتوزيعها على أصحاب حملات الحج والمطوفين وموظفي قطاعات الدولة المشاركين في موسم حج هذا العام.

وأوضح العقيد الدكتور محمد بن عبدالله المرعول مدير الادارة العامة للعلاقات والتوجيه بالأمن العام في كلام لوكالة الانباء السعودي الرسمية مفيدا ان قيادة التوعية والإعلام تقوم بهذه المهمة وتستمدها من مسماها فالتوعية ذات أهمية بالغة في الحج ولها خطوات مطلوبة ومحسوسة منها ماهو موجه لشرائح الحجاج وأخرى للعاملين في الحج وبالذات من لهم التصاق بالحركة المرورية كالسائقين والمشاة وأخرى موجهة لرجال الأمن أنفسهم للتحفيز والتذكير واستشعار أهمية المناسبة وشرف الخدمة والتوعية في رسالتها تنتهج شقين توعية أمنية مرورية وأخرى توعية دينية.

وأشار المرعول إلى أن الاعلام تبرز أهميته في هذه المرحلة لكونه نافذة ووسيلة يتم من خلالها ايصال جهود الأمن العام من خلال مختلف الوسائل التوعوية لكافة الشرائح المختارة وتسخيره والاستفادة من وسائله لتغطية الحدث ونقل الصورة عن الإجراءات الأمنية الخاصة بالحج وما يصاحبها من ايضاحات وتفعيلات.

وأشار إلى أن من أهداف هذه المهمة الارتقاء بمستوى الوعي الأمني والمروري بما يتوافق مع متطلبات وخطط الحج كذلك توضيح الجهود والأعمال التي تقوم بها قوات أمن الحج وابرازها للرأي العام والاجابة على أي تساؤلات أو استفسارات والتعامل مع الأحداث.

وجريا، على عادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رياً على عادته السنوية ، وجه بتوزيع وجبات غذائية لحجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة ومنى وعرفات والمدينة المنورة لتشمل أكبر عدد ممكن وليستفيد منها المحتاجون من حجاج بيت الله الحرام وعددها 7.581.825 سبعة ملايين وخمسمائة وواحد وثمانون الفاً وثمانمائة وخمس وعشرون وجبة باردة وساخنة وهي على النحو التالي :
أولاً: عدد الوجبات الساخنة 2.962.850 مليونان وتسعمائة واثنان وستون الفاً وثمانمائة وخمسون وجبة ساخنة ستوزع على حملات الحج في مكة المكرمة والأربطة ومخيمات الحجاج بالمشاعر، وتشمل عرفات ومنى والمدينة المنورة.. ثانياً: عدد الوجبات الباردة 4.618.975 ستوزع في مزدلفة ومنى ومداخل مكة المكرمة ومراكز التوجيه والتفويج وحملات الحج غير المؤمن لهم إعاشة وحول المسجد النبوي في المدينة المنورة.

وحسب مراقبين عالميين، من رجال دين وفقهاء وسياسيين وإعلاميين وجمعيات وهيئات شعبية أو رسمية مكلفة من حكومات ، فإن الجميع أكد في على أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين هذا العام كانت هي الأكثر أمنا وراحة لضيوف الرحمن، إذ لا حوادث أمنية أو خلافها وقعت.

وعبر صحافيون رافقوا بعثات حجيج بلادهم إلى المشاعر المقدسة، في موسم الحجيج هذا العام عن تقديرهم العالي لما قدمته المملكة العربية السعودية من "حال أمن وأمان لمئات الآلاف من البشر الذين جاؤوا لتأدية الفريضة وهي الركن الخامس في الإسلام".

وأخيرا، ندد هؤلاء من جانبهم، لكل ما تتعرض له المملكة من عمليات إرهابية تنفذها فئات ضالة تناقض مبادئ الدين الإسلامي على أرض المملكة وترويع أهلها بالقتل والعمليات الإرهابية التي ضحاياها من المسلمين الأبرياء أو من أهل الذمة من الأجانب الذين كفل الإسلام حقوقهم شرعا عبر عقيدته السمحاء.