نصر المجالي من لندن: تسعى بريطانيا التي تعتقل عددًا من المتشددين الإسلاميين، إلى تسليم هؤلاء إلى بلدانهم الأصل الذين كانوا أتوا منها شرط ضمان محاكمات عادلة لهؤلاء وضمان أمنهم، وان لا يتعرضوا إلى عقوبات منها الإعدام لاتهامات كانت وجهت إليهم في تلك البلدان من ذي قبل، ومن بين هؤلاء مجموعة متحفظ عليها حاليًا من دون محاكمة في سجن بيلمارش الحصين في جنوب شرق لندن حيث يحتجز كل من يشتبه بان له علاقة بالجماعات الإرهابية. ومن بين هؤلاء المتشددين الإسلاميين أبو قتادة وأبو حمزة المصري وآخرون ينتمون إلى دول عربية شمال إفريقية.

ويأتي القرار الرسمي البريطاني الذي جاء على لسان وزير الداخلية الجديد تشارلز كلارك، من بعد أن قرر مجلس اللوردات وهو أعلى هيئة قضائية في المملكة المتحدة بأن احتجاز هؤلاء من دون محاكمة يتعارض مع الأعراف والقوانين البريطانية.

وقالت المصادر البريطانية اليوم إنه بناء على قرار تلك الهيئة التشريعية العليا يتعين على وزير الداخلية المبادرة إلى التحادث مع الدول التي ينتمي إليها هؤلاء وغالبيتهم من دول عربية وشمال إفريقية وكذلك مصر والأردن، بترحيل هؤلاء مع ضمان أن لا يتعرضوا إلى التعذيب أو الحكم بالإعدام جراء جرائم إرهابية ارتكبوها أو كانوا مشتبهين بها في تلك البلدان.

وحسب التقارير، فإن وزير الداخلية البريطاني سيشرع في اتصالاته مع تلك الدول المعنية في غضون ثلاثة أسابيع لتنفيذ الخطة التي كانت وضعت بمشاركة من وزير الخارجية جاك سترو.

يذكر أن عديدًا من المعتقلين الإسلاميين المتشددين عالقين في السجون البريطانية، وخصوصًا سجن بيلمارش "السيئ السمعة عند الجماعات الإسلامية في بريطانيا" من دون محاكمة، حيث تقف السلطات البريطانية عاجزة عن اتخاذ أي قرار في تحديد مصيرهم، سواء لجهة محاكمتهم تحت طائلة قانون الإرهاب المعمول به منذ العام 2002 ، حيث سيتم تسليمهم لبلدان تطالب بهم أو تنفيذ عقوبات قاسية بحقهم في الاشتباه فقط بعلاقاتهم مع شبكات إرهابية، ويشار إلى أن من المعتقلين ألـ 12 المتهمين، لم تثبت عليهم تهمة التورط بعمل إرهابي على الأراضي البريطانية، أو حتى التخطيط لها.

ومجموعة ألـ 12 التي تعتقلها السلطات البريطانية حاليًا في سجن بيلمارش منذ شهور عديدة، تنتمي في جنسياتها إلى كل من الجزائر وتونس ومصر والأردن، وهذه البلدان العربية سبق وأن طالبت السلطات البريطانية بتسليمهم إليها لمتورطين في جرائم مرتبطة بالإرهاب جرت على أراضيها.

ويبدو أن خشية بريطانيا، من عملية تسليم سريع لهؤلاء على بلدانهم الأصل، كما عبر عن ذلك وزير الداخلية تشارلز كلارك، هو ما يمكن اتهام الحكومة البريطانية به من أنها اخترقت ميثاق جنيف لحقوق الإنسان "ولهذا فإن وزير الخارجية جاك سترو معني بالاتصالات مع تلك الدول المعنية".

وقال وزير الداخلية البريطاني في أول تصريحات صحافية له من بعد تسلمه المنصب بعد استقالة الوزير الضرير ديفيد بلانكيت "صاحب قوانين مكافحة الإرهاب الشهيرة" أنه يتعين علينا أن نتخذ قرارًا عمليًا وسريعًا في شأن حسم قضية هؤلاء المحتجزين، ليس فقط تنفيذًا للقرار التشريعي الذي أصدره مجلس اللوردات قبل أسابيع، بل لأننا ملتزمون بمواثيق حقوق الإنسان"، وقال "احتجاز رعايا أجانب من دون محاكمة قد يعتبر عملا عنصريًا".

يشار في الختام، إلى أن تصريحات وزير الداخلية البريطاني، تأتي غداة شروع إدارة مكافحة الإرهاب في شرطة سكوتلانديارد تحقيقاتها مع المتشدد الإسلامي السوري الأصل عمر بكري محمد، الذي كشف تقارير صحافية وأمنية عن أنه يدعو إلى أن تكون بريطانيا "دار حرب للإسلام"، وتعتبر السلطات البريطانية مثل هذه الدعوة مثيرة للعنصرية والكراهية والحقد الطائفي الذي تنكره القوانين والأعراف البريطانية "تحت طائلة معاقبة من يثيرها بموجب القوانين المرعية".