*لعبة الكراسي الموسيقية بين الفصائل والمنظمات غير الحكومية

* الفصائل أسست المنظمات غير الحكومية فانقلبت عليها

أسامة العيسة من القدس :بعد تحقيق الدكتور مصطفى البرغوثي، رئيس لجان الإغاثة الطبية، في انتخابات الرئاسة الفلسطينية لنسبة خولته ليكون الثاني بعد محمود عباس، عاد النقاش من جديد في الأراضي الفلسطينية حول المنظمات غير الحكومية التي يعتبر البرغوثي احد رموزها، وتجدد الاتهامات لهذه المنظمات خصوصا لجهة تمويلها الثري، من جهات أوروبية وغربية، وطرحت من جديد تساؤلات عن دورها وأهدافها وشفافيتها.

وهو نقاش قديم يتجدد حول علاقة هذه المنظمات بالسياسة، ففي احد أيام صيف عام 1915م، أسست مجموعة من الفلسطينيين وأفراد من الطائفة اليهودية، جمعية الهلال الأحمر العثماني، وتولى رئاستها الفخرية حسين أفندي الحسيني، احد ابرز أعيان القدس ورئيس بلديتها، وكان هدف الجمعية جمع تبرعات للمجهود الحربي العثماني ضد البريطانيين والفرنسيين، في الحرب العالمية الأولى .

ولم يكن الهدف المعلن هو أول إشارة على علاقة الجمعية بالعمل السياسي المباشر، ولكن وجود عضوات يهوديات في الجمعية، لهن أهداف معينة أشار بشكل واضح، لما سيميز عمل الجمعيات الخيرية في فلسطين طوال العقود التالية وفي مختلف العهود .

وشهد على نشاط الجمعية مواطن مقدسي هو واصف جوهرية الذي ترك لنا يوميات عن تلك المرحلة، ومنها نعرف كيف نسجت عضوات الجمعية علاقات حميمة وأصبحن خليلات لكبار الضباط العثمانيين وأبرزهم جمال باشا (السفاح) قائد الجيش الرابع العثماني في بلاد الشام، والهدف تحقق مصالح صهيونية، وكان كل ذلك يتم، عبر مخطط يشرف عليه شخصيات يهودية بارزة .

نضال واغتيال

وبعد نحو عامين كان على حسين أفندي الحسيني، الذي لم يكن بعيدا عن الأجواء التي صنعتها الخليلات اليهوديات، أن يسلم المدينة المقدسة للجنرال اللنبي، لتكون فلسطين على موعد مع صفحة جديدة مؤلمة من تاريخها.

وخلال العهد البريطاني، ونمو الحركة الوطنية الفلسطينية، عمدت هذه الحركة ونشطاء مستقلون إلى تأسيس جمعيات لتكون واجهة لعمل وطني، مثل النوادي الإسلامية والنوادي الأرثوذكسية وأخرى لنشاطات اجتماعية ودينية مثل النادي السرياني .

واستضافت هذه النوادي والجمعيات الخطباء والمحاضرين المفوهين وشعراء حملوا لواءات الوطن والقومية .

وعكس تأسيس هذه الجمعيات والنقابات أيضا الخلافات الحادة في أوساط فرقاء الحركة الوطنية، وانعكس ولاء هذه الجمعية أو تلك لطرف دون آخر على نشاطاتها .

وفي مرات كثيرة تميز الصراع في هذه الجمعيات بالحدة، مثل ما شهدته النقابات العمالية ووصل إلى اغتيال النقابي سامي طه، والذي لم يكن حادثا منفردا ولكن ضمن سلسلة ليست قصيرة من حوادث الاغتيال كانت مبرراتها دائما جاهزة .

أحزاب وجمعيات

وعندما حكم الأردنيون الضفة الغربية كجزء من المملكة الأردنية الهاشمية، كان لدى فصائل الحركة الوطنية تجربة في العمل العلني من خلال الجمعيات، فأسس الشيوعيون مثلا لجان لدعم السلم العالمي، وسجلت جماعة (الأخوان المسلمون) كجمعية، ويمكن الإشارة هنا إلى أن هذه الجماعة كانت أسست لها فروعا في مدن فلسطينية رئيسة قبل النكبة، ففي عام 1945 كان هناك شعب لهذه الجماعة في القدس وبيسان ونابلس وغيرها من مدن .

ولا يعرف كثيرون أن الشيخ تقي الدين النبهاني، الذي انشق عن الأخوان المسلمين ليأسس حزب التحرير، قدم طلبا للسلطات الأردنية لتسجيل الحزب كجمعية علنية، وأمام الرفض المتكرر، أعلن عن تأسيس حزب التحرير على صورته كما عرف فيما بعد، مكفرا لجميع الأنظمة حاملا لواء إعادة الخلافة الإسلامية، وتشهد مدن فلسطينية حتى الان احتفالات يشرف عليها الحزب في ذكرى انهيار الدولة العثمانية وتأسيس تركيا الحديثة على أنقاضها .

وشهد العهد الأردني نوعا من الجمعيات نشطت في الأهداف التي أنشئت من اجلها مثل جمعيات إنعاش الأسرة والاتحادات النسوية وجمعيات مشابهة، ولكن لم يمنع هذا الأحزاب من دفع أعضائها للمشاركة فيها وأنشطتها .

الشيوعيون ينفردون

وبعد هزيمة عام 1967م واحتلال ما تبقى من فلسطين، لم تكن الفصائل الوطنية مستعدة للدخول في العمل الاجتماعي والنقابي، لأسباب ذاتية، تتعلق بقوة هذه الفصائل في الأراضي المحتلة وخياراتها المسلحة، وموضوع يتعلق بمدى صحة خوض مثل هذا العمل تحت الاحتلال، وشمل النقاش حول العمل في ظل الاحتلال أيضا أمور حياتية أخرى كإصدار الصحف مثلا، أو تأسيس أحزاب وحركات سياسية وكذلك العمل لدى أرباب عمل إسرائيليين، ونفذت بعض الفصائل عمليات تفجير ضد مجموعات من العمال الفلسطينيين لإثنائهم عن العمل داخل إسرائيل .

ولكن كان لدى الفرع الفلسطيني للحزب الشيوعي الأردني، الذي لم تكن على أجندته ممارسة أي عمل مسلح، استعدادا للعمل شبه العلني تحت الاحتلال، ولكن كيف؟

تنبه الشيوعيون مبكرا إلى وجود جمعيات ومؤسسات، من العهد الأردني، ما زالت تعمل بقوة دفع ذاتية فنشطوا فيها .

ولعل أبرزها اتحاد النقابات الذي كان مقره الرئيس يفي مدينة نابلس، فوضعوا ثقلهم فيه، ونشّطوا فروع النقابات المرخصة في المدن المختلفة، وعملوا على تأسيس نقابات جديدة في ظل ظروف الاحتلال الذي كان يراقب كل شيء ولم يبد تساهلا مع هذا النوع من النشاطات في مرات كثيرة ، فكانت مقرات النقابات تتعرض للمداهمة والاقتحام .

واستعان الشيوعيون بنقابي قديم هو عادل غانم الذي تولى رئاسة الاتحاد ودفعوا بكوادرهم للعمل معه في اللجنة التنفيذية للاتحاد وفي النقابات الفرعية .

ولم يتأخر نقابيو الحزب الشيوعي، الذين يأتون من مدن بعيدة، عن حضور الجلسات الدورية للجنة التنفيذية لاتحاد النقابات، وعندما يصلون نابلس كانوا في معظم الأحيان يجدون عادل غانم ينتظرهم على المقهى الشعبي القريب من مقر اتحاد النقابات .

لاعبون في الميدان

ولم تكن المتاعب التي واجهها الشيوعيون كلها تأتي من قبل الاحتلال ولكن أيضا من الفصائل الفلسطينية، التي هاجمت العمل النقابي تحت الاحتلال .

وصدرت بيانات وحبرت مقالات وسجلت حوادث مؤسفة بين الفرقاء على خلفية الخلاف حول العمل الاجتماعي والنقابي في ظل الاحتلال .

ولم يكن الملعب خاليا تماما للشيوعيين، فكان هناك لاعب أخر في مجال الجمعيات الخيرية ولكنه غير منافس للشيوعيين، وهم أنصار النظام الأردني، حيث قاد رموز منهم عشرات الجمعيات الخيرية .

ولم يستمر الملعب خاليا لسنوات طويلة، ففي بداية الثمانينات من القرن الماضي، دخل لاعب جديد متحمس ومتعطش للعمل شبه العلني هو الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وبرز منها كوادر شابة مستعدة لدخول هذا المجال بقوة وأبرزها علي أبو هلال ومحمد اللبدي وهما من بلدة أبو ديس شرق القدس .

لم ينقص أبو هلال واللبدي الحماس والاستعداد لتحمل ثمن نشاطهما من الاحتلال أو من الطرف الذي دخلوا لينافسوه بشكل مفاجئ، بينما تكفل بالتنظير لخطوة الجبهة هذه بالعمل في النقابات منظرو الجبهة في الخارج مثل الدكتور مصطفى جفّال، الذي أصدر كتابا حول النقابات والعمل داخل الأرض المحتلة أعيد طبعه مرارا في القدس وأصبح هاديا لأبي هلال واللبدي ورفاقهما ورفيقاتهما.

وتحول توجس الحزب الشيوعي من دخول لاعبين جدد، إلى النقابات، إلى صراع محتدم، لم يقتصر على الجانب الفكري، حيث سخرت صحيفة الطليعة الأسبوعية برئاسة بشير البرغوثي، لمحاربة القادمين الجدد، ولكن أيضا إلى ما يشبه المعركة، واستعد الفرقاء بالأسلحة البيضاء تحسبا لأي تصادم، ووجد قادتها أنفسهم يتجهون إلى المخارط ويسألون عن نفس الأسلحة البيضاء التي يستخدمها أبناء العالم السفلي .

وشجع دخول الديمقراطية للعمل النقابي أطراف أخرى مثل حركة فتح، مع تدفق أموال اللجنة الأردنية- الفلسطينية لدعم الصمود، والتي شكلت في مؤتمر بغداد بعد زيارة الرئيس المصري محمد أنور السادات للقدس .

وشهدت سنوات أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي، ما يمكن أن يوصف بأنه اكبر عملية لشراء الذمم، يعتقد أنها مولت من أموال الصمود تلك، ومن ميزانيات باقي التنظيمات والفصائل، وشهدت تلك المرحلة أيضا تبدل ولاءات عدد كبير من القيادات النقابية في الضفة الغربية .

وأصبحت الانتخابات التي تجري لبعض النقابات أو الجمعيات الأخرى، وكأنها انتخابات مصيرية مثلما أصبح يجري في نقابة عمال وموظفي الفنادق في القدس ونادي الموظفين في نفس المدينة، وكان يصل في حافلات مؤيدو الفصائل إلى القدس والعمل من اجل حشد المؤيدين، والانتظار حتى الصباح لمعرفة النتائج والاحتفال بها .

ولم تكن متابعة ذلك تقتصر على الأراضي الفلسطينية ولكن أيضًا على متابعة ودعم وتوجيه القيادات الفلسطينية في الخارج وأيضًا على مؤيدي الفصائل داخل الخط الأخضر، مثل خليل الوزير (أبو جهاد) وتوفيق زياد .

استثناء

ويمكن الإشارة هنا إلى أن بعض الجمعيات، بذلت جهدا ملحوظا لتنأى بنفسها عن صراع الأحزاب مثل جمعية الملتقى الفكري بالقدس، وهي جمعية عثمانية ترأسها المهندس إبراهيم الدقاق، وهو شخصية مستقلة مقربة من اليسار .

ولكنه حاول بنظرة ثاقبة، وبجهد السائر بين حبات المطر، أن يختط لجمعيته خطا يختلف عن صراعات السائد التي وصلت حدًّا غير مقبول ولا رجعة عنه وأدى إلى سقوط جرحى وأحيانًا قتلى بين المتخاصمين .

وكشف الدقاق حول رؤيته لدور جمعيته خلال اجتماع حضره كتاب الضفة والقطاع ليأسسوا ما عرف باسم دائرة الكتاب في الملتقى الفكري .

ورغم أن معظم إدارة هذه الدائرة كانوا من المحازبين، إلا أنها تميزت بنشاط لافت كان من الصعب الإطلاع به لولا مظلة الملتقى الفكري غير الحزبية، ومن ذلك النشاط تنظيم مهرجان أدبي سنوي في قلب القدس، كان حدثا ثقافيا كبيرا .

ودافعت مؤسسات عريقة، أيضًا عن وجودها في وجه الرياح الحزبية العاتية مثل الاتحاد النسائي العربي في بيت لحم وهو مؤسسة ناجحة، حين أغلق باب الانتساب أمام عضوات جدد دفعت التنظيمات الفلسطينية بهن .

وبرزت مؤسسة ناجحة نأت بنفسها عن صراع الفصائل وان كانت اتخذت وجها وطنيا واضحا، وهي جمعية إنعاش الأسرة في البيرة برئاسة سميحة خليل، التي أصدرت مجلة ناجحة حملت اسم (التراث والمجتمع) وكانت تجربة هامة لباحثين جدد في الفلكلور والتراث، لم تتكرر في الصحافة الفلسطينية فيما بعد .

الانشقاق

وميز الصراع ليس فقط الجمعيات والنقابات والنوادي، ولكن أيضا الحركة الطلابية، حيث سارع كل فصيل لتأسيس كتل طلابية تتماهى مع سياسته، وقصة هذه الكتل والحركة الطلابية فيها الكثير من البطولة والألم والكوارث، والأمر لا يختلف كثيرا عن الجمعيات النسوية التي أقدمت الفصائل على تأسيسها .

ولكن مع احتدام الصراع الفئوي على الاستئثار بهذه الجمعيات والنقابات، بدأت ظاهرة جديدة وهي الانشقاقات، وأخذت الفصائل تستقل بمؤسساتها رغم أنها تحمل نفس الاسم، وهكذا مثلا أصبح هناك ثلاثة اتحادات للنقابات العمالية: واحد للشيوعيين وآخر لفتح وثالث للديمقراطية، وكان كل منهما يروج انه الشرعي والقانوني والذي يضم أغلبية العمال .

وفتح الانشقاق وشعور كل فصيل بالراحة في إدارة جمعيته ونقابته واتحاده الطلابي ومنظماته النسائية والتطوعية بدون إزعاج الآخرين، إلى البدء بتأسيس جمعيات جديدة محددة الهوية الحزبية مسبقا مثل لجان الإغاثة الطبية، التي أوكل الشيوعيون تأسيسها لطبيب متخرج حديثا من الاتحاد السوفييتي وهو مصطفى البرغوثي، والأمر مشابه بالنسبة للجان الإغاثة الزراعية ولجان العمل الصحي ولجان المراة ولجان الشبيبة .

وكانت هذه المنظمات، مخزون للأحزاب في مواجهتها مع الاحتلال والمواجهة البينية أيضًا .

القطط السمان

ولم تمض سنوات حتى أصبحت هذه الجمعيات التي قامت على التطوع، تتمتع بثراء لم يعد خافيا، وبدأ قياديو هذه الجمعيات بالاستقلال النسبي عن الأحزاب والتحول فيما يشبه الانقلاب على تلك الأحزاب .

وتضخمت المنظمات غير الحكومية بشكل كبير خلال الانتفاضة الأولى، وعملت في الفراغ الناشئ أساسا بسبب غياب لأي شكل من أشكال السلطة الوطنية و لكن الكثير منها أصبح عبارة عن نسخ كربونية عن غيرها من حيث الأهداف والاهتمامات والفرق تبعيتها لهذا الفصيل أو ذاك .

و لكن أغلبية هذا المنظمات، التي أصبح لها آليات عمل داخلية مستقلة نسبيا، شبت على طوق الفصائل التي تتبعها وأصبحت تتبع الذين يديرونها،وساعد في ذلك التمويل الأجنبي السخي لهذا المنظمات والذي وصف بأنه شراء للانتلجنسيا الفلسطينية وترويضها، فالمناضلون السابقون ضد الصهيونية والإمبريالية، اخذوا يتلقون الأموال الكثيرة وبدون حساب من ممولين غربيين ويقيمون مشاريع مشتركة مع أطراف إسرائيلية وكان ذلك أحد شروط التمويل .

وأصبحت هذه المنظمات توصف بأنها فقاسة للقطط السمان في الأراضي المحتلة، ولا يبتعد هذا الوصف عن الحقيقة كثيرا، إذ أصبحت هذه المنظمات، كما رآها منتقدوها بأنها عبارة عن دكاكين للأبحاث أو حقوق الإنسان فتحت البوابات العريضة للإثراء غير المشروع.

وما يميز هذه المنظمات، تمويلها الثري وضعف الرقابة عليها أو انعدامها على القنوات التي تذهب إليها الأموال، وأصبحت هذه المنظمات تعرف بأسماء مدرائها أو مسؤوليها .

وحاولت السلطة الفلسطينية بعد تأسيسها، التدخل في شؤون هذه المنظماتن وفي سنوات السلطة الأولى طلبت منها إعادة تسجيل نفسها لتخضع لإشراف ورقابة السلطة، وأثارت هذا المنظمات ضجة متهمة السلطة بأنها تهدف إلى احتوائها .

و لكن عدد من المراقبين رأوا أن الضجة في الحقيقة تعكس مخاوف المستفيدين من الأموال التي تتدفق بالعملات الأجنبية بلا حساب، من إخراج ملفاتهم من الظلام إلى النور .

وتكررت الحكاية بين السلطة وهذه المنظمات، عدة مرات، كانت تنجح خلالها هذه المنظمات في كسب جولاتها، إلى حد جعل البعض يصفها بأنها السلطة الخامسة، ولم يخل التعبير من تورية تتقاطع مع مصطلح يسكن الأذهان عن الطابور الخامس .

لعبة مستمرة

استمرت لعبة الكراسي الموسيقية بين المنظمات غير الحكومية والأحزاب والسياسيين في ظل السلطة الفلسطينية، وشهدت سنوات السلطة تأسيس مزيدًا من المنظمات غير الحكومية وانتشرت الظاهرة بشكل واسع ووصلت حتى الأرياف والمواقع البعيدة، وتنوعت، بشكل كبير، الأهداف التي يمكن أن تشكل من اجلها منظمة غير حكومية مثل النشاط الأدبي والمسرحي والإعلامي، وهي نشاطات بقيت بعيدة إلى سنوات طويلة عن اهتمام الحزبيين، فقاد منظمات من هذا النوع شخصيات تمتعت بقدر من المهنية، عملت في ظل الصورة المشوهة عن المنظمات غير الحكومية والتمويل الأجنبي .

وتحول سياسيون إلى أرباب منظمات غير حكومية والعكس أيضًا صحيح، حيث كانت هذه المنظمات سببا لنجاح بعض قادتها في العمل السياسي .

وفي مثل هذه الأجواء، انتقل مثلا الدكتور رياض المالكي من صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي مثلها سياسيا في الأراضي المحتلة، إلى إدارة مركز بانوراما في القدس، وخرجت الدكتورة حنان عشراوي من الوزارة إلى تأسيس مؤسسة مفتاح .

وعلى الجانب الآخر، شكل تحقيق الدكتور مصطفى البرغوثي لنسبة معينة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أعرب عن سعادته بها، إشارة لا تخلو من مغزى عن دور المنظمات غير الحكومية في إيصال رموز منها إلى مراتب سياسية معينة .

وقبل ذلك انشق البرغوثي عن حزب الشعب (الشيوعي سابقا) الذي كان قياديا فيه، بسبب المنظمة غير الحكومية التي يترأسها وهي لجان الإغاثة الطبية، فرفض تقديم تقارير عن ميزانيتها التفصيلية وتلقي أوامر حزبية حول عملها.

وأعلن مرشح حزب الشعب بسام الصالحي، انه يخوض الانتخابات ليس فقط باسم حزبه ولكن أيضا وفق برنامج توافق عليه منظمات في المجتمع المدني، قال أنها دعمت ترشيحه .

وليس من المتوقع أن تنتهي لعبة أطرافها المال والسياسة والسلطة والنفوذ والقطط السمان، بدأت منذ أوائل القرن العشرين، قريبًا.