نبيل شـرف الدين من القاهرة: عززت اتصالات مكثفة شهدتها القاهرة أنباء، أكدتها اليوم صحيفة "الأهرام" المصرية شبه الرسمية عن سلسلة تحركات سياسية ستبادر بها القاهرة خلال الفترة المقبلة، وتشمل سلسلة من زيارات والاتصالات مكثفة مع الولايات المتحدة والجانبين الفلسطيني والإسرائيلي‏,‏ وتتوج بزيارة للرئيس حسني مبارك إلى واشنطن خلال العام الحالي.
وكان الرئيس الأميركي جورج بوش طرح في حزيران (يونيو) 2002 خطة للسلام في الشرق الأوسط تتعهد إقامة دولة فلسطينية، ووصف بوش الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات بأنه عقبة في طريق السلام، ومنذ بدأت إدارة بوش العمل على استبعاده، لم تبذل إلا محاولات متفرقة لإعادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى مائدة التفاوض، لكن مسؤولين أميركيين أكدوا عزم بوش على تعزيز جهوده خلال المرحلة المقبلة، موضحين أن واشنطن تعول على دور مصري وأردني فاعل في هذا الصدد

محور واشنطن

وتستهدف هذه التحركات بصفة أساسية ‏ـ‏ الحوار مع الولايات المتحدة لوضع الخطوط الاستراتيجية للعلاقات الثنائية المصرية ـ الأميركية‏,‏ وخطة العمل خلال ‏2005‏ لقضايا فلسطين‏,‏ والعراق‏,‏ والسودان‏,‏ حيث تركز الرؤية المصرية على ضرورة إيجاد حلول سلمية لهذه المشكلات تضمن حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة‏,‏ وإقامة دولته المستقلة‏,‏ وتمكين العراق من استعادة سيادته‏,‏ وتعزيز خيار الوحدة في العراق والسودان‏ .
ـ‏ العمل مع الولايات المتحدة‏,‏ والجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لاستئناف عملية السلام‏,‏ وفقا لاستراتيجية عملية يتم تنفيذها حسب برنامج محدد‏,‏ وليس مجرد تحركات تكتيكية .
وقال المحرر السياسي للأهرام، وهو هنا رئيس مجلس إدارتها وتحريرها إبراهيم نافع، المعروف بصلاته الوثيقة مع الرئاسة المصرية إن تحرك القاهرة مع واشنطن سيبدأ الشهر المقبل‏,‏ كما يتواصل في آذار (مارس) المقبل‏,‏ تمهيدا لزيارة مبارك لواشنطن خلال العام الحالي، حيث يقوم أولا كل من أحمد أبو الغيط وزير الخارجية‏,‏ وعمر سليمان رئيس المخابرات بزيارة واشنطن خلال أيام‏13‏ و‏14‏و‏15من شباط (فبراير) المقبل، للتفاوض حول وضع خطة تشمل العلاقات الثنائية‏,‏ وقضايا فلسطين‏,‏ والعراق‏ والسودان, ‏فضلاً عن عرض الخطوط الاستراتيجية لدور مصر في هذه القضايا‏,‏ والدعم المطلوب لاستكمال عمليات التنمية في مصر، على أن يعقب ذلك قيام أحمد نظيف رئيس الوزراء، بزيارة واشنطن في آذار (مارس) أو نيسان (أبريل) المقبلين‏,‏ لتتوج كل هذه الزيارات بجولة مبارك التي يبدأ خلالها حواراً استراتيجياً مع الإدارة الأميركية الجديدة، تتصدره خطة عمل مشتركة للعام ‏2005‏ على الصعيدين الإقليمي والثنائي‏، "بما يكفل وضع الحلول العملية للمشكلات القائمة‏,‏ وعدم ترك الساحة خالية‏,‏ وإنهاء كل العمليات الخاصة بالإساءة للعرب والمسلمين‏".

محور فلسطين

أما على الصعيد الفلسطيني فمن المقرر أن يصل إلى مصر مطلع شباط (فبراير) المقبل ‏42‏ ضابطا فلسطينيا للتدريب في مصر‏,‏ وذلك في إطار دعم مصر للأجهزة الفلسطينية‏,‏ وإعادة بنائها وتأهيلها حتى تكون قادرة على القيام بمتطلبات سيادة النظام العام والقانون في الأراضي الفلسطينية‏,‏ خاصة مع الانسحاب الإسرائيلي المزمع من قطاع غزة‏,‏ وأجزاء من شمال الضفة الغربية‏,‏ وذلك في إطار خطة فك الارتباط‏,‏ التي تعتزم تنفيذها الحكومة الإسرائيلية برئاسة آرئيل شارون‏,‏ وبالشكل الذي يضمن تقوية السلطة الفلسطينية كشريك قادر في المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي‏,‏ وصولاً إلى تنفيذ خطة "خارطة الطريق"‏,‏ وبما يكفل الانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة‏,‏ وفتح المجال أمام إقامة الدولة الفلسطينية‏ المستقلة .
ووفق ذات المصدر فمن المقرر أيضاً أن يزور وفد أمني مصري رفيع الأراضي الفلسطينية في آذار (مارس) المقبل‏,‏ لإجراء مشاورات مع الفصائل الفلسطينية لدعم الحوار بينها، بعد أن انطلقت جولة جديدة منه خلال الأيام الماضية في غزة بقيادة الرئيس الفلسطيني الجديد محمود عباس‏(‏ أبو مازن‏),‏ بغية تعزيز وحدة الصف الفلسطيني‏,‏ وسد أي ذرائع أمام الجانب الإسرائيلي‏,‏ وأضاف المصدر قائلاً "ليس سراً أن مصر تطالب قيادات الفصائل الفلسطينية المقيمة في دمشق‏,‏ وفي مقدمتها حركة حماس بالتهدئة في هذه المرحلة بهدف تمهيد المجال لتحقيق السلام‏,‏ والانتقال إلى مائدة المفاوضات‏" .

محور إسرائيل

أما على صعيد التحرك المصري على المحور الإسرائيلي‏, وحسب ذات المصدر، فمن المقرر أن يقوم كل من أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، وعمر سليمان رئيس المخابرات العامة، بزيارة إسرائيل في آذار (مارس) المقبل للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي لبحث تفاصيل خطة جديدة تستهدف الدفع نحو إقرار السلام خلال العام الحالي‏,‏ على أن تكون هذه الخطة عملية‏ وقابلة للتنفيذ، وتشمل استراتيجيات وبرامج محددة للتنفيذ‏,‏ وبحيث يكون الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة‏,‏ وأجزاء من شمال الضفة الغربية بشكل كامل‏,‏ وأن يكون خطوة لتنفيذ بقية مراحل خطة خريطة الطريق‏,‏ وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تعيش في علاقات سلام إلى جانب إسرائيل‏، كما تعهد ذلك الرئيس الأميركي جورج بوش .
وكان الرئيس المصري قد أكد في أكثر من مناسبة ضرورة البدء في مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين ‏والإسرائيليين، بهدف تدعيم التوجه نحو السلام، والابتعاد عن الممارسات الاستفزازية ‏"خاصة في الظروف الحالية التي تمر بها القيادة الفلسطينية الجديدة" .