لتمرير التمديد دون تعديل الدستور
مصر تدعو المعارضة لحوار شامل


نبيل شرف الدين من القاهرة: حشد الحزب الوطني (الحاكم) في مصر عدداً من الأحزاب الصغيرة، خاصة تلك التي جرى التصريح لها خلال الفترة الأخيرة، لضمان انطلاق حوار وطني، سبق أن تحفظ "توافق المعارضة" على كثير من عناصره، لهذا فقد أعلن صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، وأمين عام الحزب الحاكم أنه وجه دعوة إلى كافة الأحزاب المصرية، لحضور الاجتماع الموسع الذي سيعقد 31 كانون الثاني (يناير) الحالي، للاتفاق علي قضايا الإصلاح في المرحلة المقبلة، موضحاً أن أربعة عشر من رؤساء الأحزاب سيطرحون رؤيتهم لقضايا الإصلاح، وفي ضوء هذه التصورات سيتم تحديد القضايا وموعد الاجتماع الثاني لاستكمال مناقشة الموضوعات التي توافق عليها الأحزاب طبقا للأولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، حسب تعبير الشريف .

الشريف والشاذلي وجمعة
وفقاً لرؤية الحزب الحاكم في مصر فمن المزمع أن يعقد الاجتماع الثالث خلال شهر شباط (فبراير) المقبل لطرح ما اتفق عليه رؤساء الأحزاب من رؤى، خاصة تلك القضايا المزمع تحويلها إلى مشروعات قوانين لإقرارها في مجلس الشعب (البرلمان)، وفي مقدمتها مشروعات القوانين السياسية، كقانون مجلس الشعب، وممارسة الحقوق السياسية، والانتخابات العامة وغيرها .

من جانبه قال نعمان جمعة رئيس حزب (الوفد) أكبر أحزاب المعارضة المصرية وأقدمها، إنه ناقش خلال لقائه مع صفوت الشريف، ووزير الشؤون البرلمانية كمال الشاذلي، عدداً من القضايا الداخلية التي سيتم بحثها خلال جلسة الحوار الموسع، على أن تكون أول جلسة للمسائل الإجرائية، والاتفاق على جدول أعمال الحوار الوطني، مشيراً إلى انه ابلغ الشريف والشاذلي أن حزب الوفد يتمسك بجدول الأعمال الذي أقره مكتبه التنفيذي، لافتاً إلى أنه يشكل "أجندة متكاملة" تستهدف إقرار الإصلاح السياسي الشامل في البلاد، كما يراها حزب (الوفد) الذي كان ليبرالي النشأة، وإن كان واقعه السياسي الراهن قد تغير كثيراً .

وحول مشاركة حزب (الوفد) في الانتخابات البرلمانية القادمة، قال جمعة إن ذلك أمر تقرره مؤسسات الحزب، موضحا انه لم يناقش هذا الموضوع في لقائه بالشريف والشاذلي، ولفت إلى أنه سوف يعرض وجهة نظر حزب الوفد في هذا الصدد في أول جلسة للحوار الموسع، الذي يبحث كافة القضايا الخاصة بالإصلاح، موضحا انه تم الاتفاق على أن يعلن كل حزب رأيه بصراحة في أي قضية مطروحة للنقاش، وأبدى جمعة تفاؤله حيال هذا الحوار، قائلاً "إننا نسعى إلى مصلحة عامة، ويجب أن نكون عند حسن ظن الشعب المصري وثقته في رموزه في المرحلة التي نعيشها" .

صخب المعارضة
ويبدو أن نشاط المعارضة المصرية على الصعيدين الإعلامي والجماهيري من خلال المظاهرات الرمزية والمؤتمرات للترويج للإصلاح السياسي والدستوري، دفعت قادة الجيل الجديد في الحزب الحاكم إلى التحرك، وحض أنصاره على تفعيل تواجدهم بين الناخبين، بعد أن كان الحرس القديم يحرص على تجاهل هذه الأحداث، مكتفيا بهيمنته على الدولة وأدواتها الإعلامية في إخماد "صخب المعارضة"، ويرى مراقبون أن هناك دلائل على رغبة قادة الحزب الحاكم الجدد في خوض منافسات انتخابية بتدابير حديثة، يمكن في حال تطبيقها مغايرة الأوضاع السياسية في البلاد إلى وجهة مخالفة تماما، إذ يحرص هؤلاء على تعبئة كوادر الحزب وأنصاره لمواجهة المعارضة، و"كشف مواقفهم المزايدة، ومواجهتهم أمام الناخبين بدلا من الاكتفاء بالدفاع عن الحزب والحكومة"، على حد تعبير مراقبين محسوبين على الحزب الحاكم في مصر .

وكانت هيئة المكتب بالحزب الوطني الحاكم قد أعلنت الانتهاء من إعداد كافة محاور الحوار المرتقب مع أحزاب المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني، قائلة على لسان الأمين العام صفوت الشريف، إنها تستهدف خلق أرضية مشتركة تحدد قضايا هذا الحوار والأولويات التي ستجري مناقشتها، قائلاً إن هيئة المكتب انتهت من إقرار أوراق العمل الخاصة بالإصلاح السياسي والاقتصادي المقرر طرحها للمناقشة مع قيادات أحزاب المعارضة .

مبادرة ثلاثية
من جهة أخري أعلنت ثلاث منظمات لحقوق الإنسان عن تأسيس تحالف جديد باسم "التحالف من أجل الديمقراطية والإصلاح"، شارك فيه ممثلون عن كل من "جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء"، و"جماعة تنمية الديمقراطية"، و"المركز الغربي لاستقلال القضاء"، ودعت هذه المبادرة الثلاثية إلى تشكيل لجنة عليا لإجراء تحقيق علني في أعمال الفساد، وغيرها من الجرائم التي ارتكبت بين عامي 1975 و 2004، وكذلك انتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، يكفل التخلص من كافة عيوب الدساتير السابقة، وتجرى على أساسه انتخابات برلمانية جديدة .

ودعا التحالف المشار إليه إلى إلغاء كافة القيود القانونية على تملك الصحف ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية وغيرها وإباحة الحق في الأحزاب والتظاهر بشكل مفتوح ومطلق، وإلغاء كافة القيود على كافة وسائل التعبير من جمعيات ونقابات واتحادات أو تجمعات مختلفة، على أن تمارس نشاطها بحرية واستقلال، كما دعا التحالف أيضاً إلى ترتيب انتقال حقيقي للديمقراطية عبر ثلاث مراحل تبدأ بلجان مستقلة ومنتخبة وتنتهي بالاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد، كخطوة أولى على طريق الإصلاح الشامل في البلاد .

كما طالب تجمع المنظمات بإطلاق حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات وكافة أشكال التنظيمات السلمية المدنية، ووضع الضمانات القانونية والسياسية الكفيلة بحماية استقلاليتها، وإطلاق حرية الصحافة وتحرير أجهزة الإعلام من سيطرة الحكومة، وإطلاق حرية التعبير على كافة الصعد، وبشتى الوسائل المشروعة، والفصل الكامل بين الحزب الوطني (الحاكم) وبين الدولة وأجهزتها المختلفة .

وعقدت عدة منظمات حقوقية وأهلية تحالفات ثنائية وثلاثية، وتجمعات كبرى من أجل المطالبة بالإصلاح السياسي الشامل، وكان آخر هذه التحالفات تجمع منظمات حقوق الإنسان، المكون من 20 منظمة، الذي طالب بتعديل كافة التشريعات، بما يتواءم مع اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية، ومنها إلغاء حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ أكثر من ربع قرن مضى، ووضع تشريعات تضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، لفتح المجال أمام التعددية السياسية وتداول السلطة سلمياً .

من جانبه قال الناشط الحقوقي أمير سالم رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والتنمية البشرية إن مؤسسات المجتمع المدني طرف أساسي في مبادرة الإصلاح السياسي وذلك منذ نهاية الثمانينيات حتى اليوم، لكن على الرغم من ذلك فلم تتحرك الدولة باتجاه التغيير أو الإصلاح بأي صورة من الصور، وعلي العكس من ذلك تسعى الدولة إلى تكريس سلطتها وإحكام قبضتها من خلال محاولات تستهدف احتواء ملف حقوق الإنسان، وذلك بإنشائها المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي أصبح بتقديره "مجرد هيئة بريد تتلقى الشكاوى"، على حد تعبيره .