الأسد في موسكو اليوم وسط احتمال بروز معادلة جديدة
شبح الحرب الباردة يلوح في أفق المنطقة

بهية مارديني موفدة "إيلاف" إلى موسكو: يبدأ الرئيس السوري بشار الأسد اليوم زيارة الى روسيا الاتحادية وهي الزيارة الأولى منذ توليه السلطة. وتؤكد الأنباء هنا في موسكو ان اللجان والوفود المسبقة التي التقت على مدى اجتماعات متعددة نظراءها من الجانب الروسي وصلت إلى التفاهم الكامل على مختلف القضايا المطروحة بما فيها مسألة الديون التي ورثتها روسيا عن الاتحاد السوفيتي على روسيا.

وكانت سبقت الزيارة أنباء حول رغبة دمشق في الحصول على صفقة صواريخ من طراز "اسكندر أي" وهو ما أثار حفيظة إسرائيل والولايات المتحدة ‏معًا، وسرعان ما نفى سيرغي إيفانوف وزير الدفاع الروسي صفقة الأسلحة، واعتبر فاروق الشرع وزير الخارجية السوري النبأ بأنه انتشر في إطار حملة مفبركة ضد سورية، بينما تساءل مسؤولون سوريون لماذا لايحق لسورية امتلاك اسلحة دفاعية في مواجهة الترسانة الاسرائيلية؟

ونبهت صحف روسية الى خطورة التسريبات الصحافية بخصوص صفقات الأسلحة والمعلومات العسكرية إلى إسرائيل. ولفت محللون إلى أنه إذا ما نجحت زيارة الرئيس الأسد، الذي سيجري مباحثات مكثفة مع الرئيس الروسي بوتين، في ترسيخ تحالف استراتيجي بين موسكو ودمشق، وهو أمر غير مستبعد في ظل الاستياء الروسي من سياسات واشنطن، فان الأسد بإمكانه أن يرد على إسرائيل ويواجهها، وربما كان بإمكان سورية أن تبادر بالتحرش ما تشاء عبر حزب الله في جنوب لبنان وحتى في الجولان.

وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف
وأكد محللون أن دمشق لم تعد تطيق صبرًا على نهج إسرائيل وغطرستها تجاهها، فهي ضربت أهدافا قرب العاصمة السورية ولا تبعد أكثر من ثلاثين كيلومترًا عن قلب دمشق، كما أن الطائرات الإسرائيلية حلقت فوق أجوائها وهو ما شكّل تحديًا سافرًا لسورية، وربما كانت إسرائيل تقصد من وراء ذلك إحداث معادلة جديدة على مبدأ "القوة تفعل ما تريد ومتى أرادت".

وإذا ما استطاع الأسد إقناع القيصر الروسي "بوتين" بفتح خزائن الترسانة الروسية أمام دمشق فإن هذا الإنجاز سيعطي النظام السوري حرية غير مسبوقة في العمل داخل الشرق الأوسط واستعادة الدور الذي تلعبه دمشق في المنطقة منذ السبعينات.

وأشار محللون إلى أن التعاون السوري الروسي لم ينقطع أبدًا حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وميناء طرطوس هو الميناء الوحيد في شرق المتوسط الذي ترسو فيه السفن الحربية الروسية دون أجور. ولكن وبالطبع يجب ألا تعتري دمشق الأوهام حول علاقاتها بموسكو التي تجد نفسها مثقلة بمشاكل داخلية وخارجية ورفع سقف التوقعات ربما لن يتعدى الناحية المعنوية.

وواشنطن إذا ما ألقت بثقلها وأرغمت موسكو على تقليص علاقاتها مع دمشق، أو بالأحرى عدم تطويرها بما يزعج إسرائيل فإن دمشق لابد لها في هذه الحالة أن تؤمن طريق العودة عبر التأكيد على مقولة السلام العادل والشامل والعودة إلى المفاوضات وانتهاج لغة الحوار. ولكن مهما يكن فان هذا الشتاء البارد قد يعيد الشرق الأوسط مع زيارة الأسد إلى موسكو إلى أجواء الحرب الباردة.

صاروخ اسكندر الذي تتهم اسرائيل روسيا بأنها تسعى لبيعه لسورية

وسيطرة عبارة "تحية إلى المعسكر الاشتراكي الصديق" على الخطابات الرسمية السورية خلال العقود الماضية، ولكن أتت الرياح العالمية على جميع خيام "المعسكر الاشتراكي الصديق" - المتمثل بالاتحاد السوفيتي وبقية دول أوروبا الشرقية - فأجبرته على خلع "معطفه الاشتراكي". وعندئذ غيّرت سورية خطابها وتبخّرت "التحية" من مقدمة الخطابات وأصبحت تبحث اليوم عن علاقات شراكة مع الصديق الروسي الجديد. وقال الدكتور فائز الصائغ، رئيس الوفد الإعلامي السوري المرافق للرئيس الأسد إلى موسكو، إن العلاقات السورية – الروسية على الصعيد العسكري "مؤجلة وغير مطروحة الآن قبل أن تعاد بنية العلاقات السياسية و الاقتصادية".( سورية تعود إلى أحضان الصديق الروسي وما أجمل الرجوع! - حيان نيوف من دمشق)