نبيل شرف الدين من القاهرة: نفت القاهرة اليوم الاثنين على لسان أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، أنباء تداولتها مصادر غربية عن زيارة مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي لتفقد مختبر "أنشاص"، الذي تحدثت ذات المصادر عن قيام مصر بتطوير برنامج نووي سري من خلاله، وربط مراقبون بين إثارة هذه القضية الآن وبين المعركة الدائرة حول تمديد منصب رئيس هيئة الطاقة النووية الدكتور محمد البرادعي، المصري الجنسية، وفي هذا الصدد نفى الدكتور علي إسلام رئيس هيئة الطاقة الذرية في مصر وجود أي نوايا أو مساع لدى بلاده بغية إنتاج أي قدرات نووية، قائلاً إن مصر وقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وأن الرئيس المصري حسني مبارك صاحب مبادرة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، ووصف ما تردد عن قيام مصر بالإعداد لإنتاج قدرات نووية ووجود آثار تدل على نشاط في هذا الاتجاه، بأنها افتراءات غير صحيحة ولا يستسيغها العقل، وان مصر خلال نصف قرن من التعاون مع الوكالة الدولية لم يثبت أحد يوما خروجها عن الاتفاقية الدولية الخاصة بمنع انتشار الأسلحة النووية، وطالب الوكالة بالتوجه إلى إسرائيل بدلا من توزيع الاتهامات جزافاً"، على حد تعبيره .
وفي معرض تعقيبه على تلك الأنباء أكد أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري تعاون بلاده مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيراً إلى أن هناك بروتوكولات واتفاقا بين الجانبين على تعاون مشترك وزيارات متبادلة وأنه يحق للوكالة أن توفد فريقا للبحث والتقصي، كما يحق لمصر أن توفد فريقا إلى الوكالة للإجابة على أية تساؤلات، ولفت إلى أن هناك عملية مستمرة مضى عليها حوالي 21 عاما منذ انضمام مصر لمعاهدة منع الانتشار النووي، وأن هناك أسئلة تطرح وإجابات تقدمها مصر، موضحاً أن هذا هو نمط العلاقة في إطار هذه المعاهدة وفى إطار العلاقة بين مصر والوكالة .

البرنامج المصري
وقال دبلوماسيون غربيون يوم الجمعة إن مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية زاروا القاهرة في هذا الوقت بعد أن علموا بان علماء مصريين اجروا تجارب سرية باستخدام اليورانيوم، إلا أن علي إسلام رئيس هيئة الطاقة الذرية المصرية نفى ذلك قائلاً إنه في التاريخ المذكور لم يكن هناك أي مفتشين في مصر، ولا يوجد مفتشون في مصر حاليا"، موضحاً أنه بصفته رئيسا لهيئة الطاقة الذرية فلابد من إبلاغه بأي عمليات تفتيش من هذا القبيل، مؤكداً التزم بلاده باتفاق السلامة مع الوكالة، "وليس لدينا ما نخفيه، فجميع أنشطة البحث في مصر تهتم بالاستخدام السلمي للطاقة الذرية" .
ومضى رئيس هيئة الطاقة الذرية المصرية قائلاً إنه تجري عمليات تفتيش روتينية في مصر، لكن الاتفاقات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنص على أن الكشف عن أي معلومات حول الزيارات أو التفاصيل الفنية الأخرى يأتي فقط من الوكالة التي تتخذ من فيينا مقرا لها، ورفض المسؤول الخوض في أية تفاصيل فنية تتعلق بوجود أو عدم وجود مختبر لإعادة معالجة البلوتونيوم في مصر بسبب الاتفاقات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنه استدرك قائلاً إننا لا نعمل في أي مجال ينتهك أو يتعارض مع الاتفاقيات مع الوكالة الدولية، التي رفضت من جانبها التعليق على تصريحات دبلوماسيين الغربيين المشار إليها، التي قالت "إن زيارة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدخل في إطار المتابعة عقب الكشف عن قيام مصر بتجارب نووية سرية" .
تجدر الإشارة إلى أن اتفاقيات السلامة النووية بين الدول الأعضاء والوكالة الدولية للطاقة الذرية التي يترأسها المصري محمد البرادعي، تنص على ضرورة الكشف عن المواد النووية وإجراء عمليات تفتيش دورية للتأكد من الالتزام بالاتفاقية، وتهون مصادر دبلوماسية غربية من خطورة زيارة مفتشي الوكالة الدولية لمنشأة "أنشاص" النووية المصرية القريبة من العاصمة‏ .
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن تعامل حكومة القاهرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول برامجها للطاقة يتسم بالشفافية، مشيراً إلى وجود اتفاقية تعاون شاملة بين مصر والوكالة الدولية .
ومن المعلوم أن لدى مصر مفاعلين بحثيين أولهما قدرته 2 ميجاوات وبدأ العمل منذ عام 1961، والثاني تم التعاقد عليه في شهر سبتمبر (أيلول) عام 1992 ودخل الخدمة في شهر شباط (فبراير) عام 1998، وقدرته 22 ميغاوات، وتعرضت مصر باستمرار إلى حملات دعائية للترويج لامتلاكها قدرات نووية وصاروخية متقدمة عبر تعاونها مع عدة دول غير أوروبية في مقدمتها كوريا الشمالية والصين والأرجنتين. واتخذ الرئيس المصري حسني مبارك قرارا بعدم استخدام المفاعلات النووية في توليد الكهرباء بعد حادث انفجار مفاعل تشرنوبيل بالاتحاد السوفيتي السابق في شهر نيسان (أبريل) عام 1985، علما بأن مشروع البرنامج النووي المصري قد بدأ منتصف الخمسينات بالتزامن مع برامج مشابهة قامت بها الهند وإسرائيل وغيرهما .‏