خلف خلف من رام الله: الهدوء المتبلور بين السلطة وإسرائيل هش وقابل للانفجار لأنه قرار تكتيكي من حركة حماس، وصناعة الصواريخ ما زالت متواصلة، كما أن التوتر في صفوف حركة فتح مستمر، حسبما أفادت مصادر إسرائيلية، والتي برهنت ذلك بقولها أن محمود الزهار، القيادي البارز في حركة حماس في قطاع غزة، الذي ظهر في خطبة عيد الأضحى في مسجد غزة في نهاية الأسبوع الماضي، أدلى بتصريحات واضحة جدا حول المفاوضات الآخذة في الاستكمال بين حركته وبين رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الذي قضى أيام العيد في غزة.
وتقول صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الزهار تطرق للتسوية المتبلورة بين الفصائل الفلسطينية حول فك الارتباط (الانسحاب) الإسرائيلي من قطاع غزة، وان أسلوبه في الحديث كان صارما: "نحن مستعدون للتهدئة (وليس وقف اطلاق النار)، ولكن لهذا الأمر ثمنه: إطلاق سراح السجناء وإيقاف كل العمليات الإسرائيلية، وكمل الزهار حسب الصحيفة بالقول: لن نوافق على تحليق أية طائرة في أجوائنا ولا دخول أية دبابة إلى أراضينا، ولا أي جندي على المعابر، ولن ننسى الضفة الغربية ولا حدود 1948". وأردف: "لن نتنازل عن متر واحد من أراضينا ولا عن الجهاد ولن نُسلم أسلحتنا لان السلاح القانوني الوحيد هو سلاح المقاومة وليس سلاح الفارين من ارض المعركة".
وتقول مصادر إسرائيلية أن من خلف هذه العبارات الحماسية يبرز بوضوح استعداد حماس للتوصل إلى تسوية مع السلطة وأبو مازن "من منطلق المنتصر"، حسب قول الزهار، سبب أقواله هو أن أمام حماس الآن خيارين اثنين: الأول، التمسك بالسلاح في مواجهة النظام القائم أي السلطة الوطنية الفلسطينية، وهذا ليس مقبولا، والثاني، "التطلع للوصول إلى الحكم ليس من خلال نهم ورغبة الحكم والسلطة وإنما من أجل خدمة الشعب، والانتخابات هي الوسيلة إلى ذلك".
ويقول المحلل الإسرائيلي الخبير للشؤون الفلسطينية بصحيفة هآرتس داني روبنشتاين أن استراتيجية حماس هي إذا الموافقة على الهدوء حتى تتيح المجال أمام الانسحاب الإسرائيلي، ومن ثم إعادة الأعمار في غزة والمشاركة في انتخابات البرلمان بعد ذلك، ويضيف أن حماس تطالب بتغيير طريقة الانتخابات، من طريقة الدوائر المتبعة اليوم في السلطة إلى الطريقة المتبعة في إسرائيل والتي تسمح بنجاح الأحزاب الصغيرة، أقواله تؤكد ما هو معروف منذ مدة من الزمن، وهو أن حماس تسير على طريق التحول إلى حزب سياسي يسعى إلى الحصول على الحكم.
ويسهب المحلل بالقول: هذه الأمور قد تثير الأمل بحدوث هدوء نسبي في الفترة القادمة، ولكن هذا الهدوء قد ينتهي في كل لحظة لعدة أسباب أحدها على سبيل المثال لا الحصر هو الحقيقة التي يتوجب أن تكون واضحة للجميع، انه في فترة الهدوء المأمول ما زالت صناعة الصواريخ والقذائف الصاروخية في غزة مستمرة بكل عنفوانها وطاقتها. هذه صناعة سرية قامت في الآونة الأخيرة بتصنيع مئات الصواريخ وآلاف قذائف الهاون التي أطلقت على أهداف إسرائيلية، والآن أيضا عندما لا يقومون بإطلاقها، فما زالوا بالتأكيد مستمرين في صناعتها وإنتاجها.
وتقول مصادر اسرائيلية انه عاجلا أو آجلا ستتراكم لدى الاستخبارات الإسرائيلية معلومات حول عمليات أنتاج الصواريخ وتخزينها ومعلومات أخرى حول الأنفاق أو المقاومين، وستكون لدى جيش الدفاع فرص سانحة لإبادة وتدمير المخازن والمصانع وتصفية المقاومين الكبار من أمثال محمد ضيف المطلوب الأول لدى إسرائيل في قطاع والذي تطارده اسرائيل منذ الانتفاضة الأولى عام 1987، وتقول المصادر انه عندما يضيق الإسرائيليون ذرعا ويفقدون صبرهم ستنتهي فترة الهدوء السانحة.
وتقول صحيفة هآرتس انه في الجانب الفلسطيني أيضا يتوقع أن تكون هناك لحظات اختبارية، أبو مازن لم يبدأ بإصلاح الأجهزة الأمنية في غزة بعد، الإصلاح يتطلب تعيينات وإقالات للقادة القدامى والجدد، وان مثل هذه الخطوات لا تمر بهدوء في العادة، حركة فتح تمر في أزمة قيادية مستمرة وقد ازدادت حدة بعد موت ياسر عرفات، لم يعينوا بعد ممثلين عن فتح بدلا من عرفات في اللجنة المركزية للحركة واللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف. أجهزة حركة فتح مشلولة، والجميع بانتظار مؤتمر الحركة القادم المزمع عقده في الرابع من آب القادم (في ذكرى مولد عرفات كما حدده أبو مازن).
وتنهي الصحيفة بالقول: الانتظار المتوتر لمؤتمر حركة فتح هو صيغة أكيدة لصراعات القوة التي قد تؤدي إلى انفجارات عنيفة وعمليات، هناك احتمالية للهدوء إذا، إلا أنها احتمالية هشة وضعيفة.