خلف خلف من رام الله: ليس هناك احد يأمل أن يكون الهدوء الذي يخيم على الفلسطينيين والإسرائيليين مؤقتا، بل الكل يبني آمالا أن يستمر الهدوء هذه المرة، لتعود الحياة إلى مجاريها، وعلى الأقل إلى الحياة الطبيعية للنزاع، وليس حياة الحرب، حسب ما قالت مصادر صحفية إسرائيلية، والتي أضافت: لم تُعلن الهدنة بعد بشكل رسمي، ولكنهم في غزة تحدثوا بأصوات ما بعد الحرب، ليس الزعماء، بل الناس البسطاء في الشارع، منذ أربعة أيام والحياة اليومية في غزة تجري على نحو طبيعي، دون أصوات جنازير الدبابات، دون مروحيات تحوم في السماء ودون أصوات الرصاص والرشاشات، الناطقون بلسان حماس والجهاد الإسلامي سارعوا إلى النفي بأنهم وافقوا على وقف النار، أما على الأرض، وهذا هو المهم، فتهب رياح أمل.
ويقول الكاتب في صحيفة يديعوت الإسرائيلية روني شكيد انه في ساعات ما بعد الظهيرة من يوم أمس شقت قافلة من الباصات، وفيها 500 نشيط من فتح، طريقها الى بلدة بيت حانون، ورجال فتح، مثل أجيال الجمعية من اجل الجندي، حملوا في أيديهم صناديق كرتونية وفيها من كعك العيد والسكاكر والكثير من الكنافة والبقلاوة للجنود من قوات الأمن الوطني الفلسطيني الذين يرابطون في الحواجز على طول الحدود الشمالية للقطاع وفي الأماكن المرشحة لإطلاق صواريخ القسام. وروى سفيان أبو زايدة من قادة فتح في غزة، الذي تجول بين الجنود ووزع عليهم هدايا عيد الأضحى "جئنا لتشجيعكم. نحن نبذل مائة في المائة جهد ونحقق مائة في المائة نتائج".
وتقول المصادر الإسرائيلية أن الرئيس الفلسطيني الجديد أبو مازن، الذي شن أمس هجوما صغيرا ضد إسرائيل بدعوى أن الجيش الإسرائيلي لم يفتح الطريق في خانيونس كما اتفق، يعرف انه من اجل تحقيق وقف النار المنشود يتعين عليه أن يتحلى بالكثير من الجرأة وربما أيضا ببعض المعونة من السماء. أما في الغرف المغلقة، كما يروي مقربوه، فيجد الرئيس الفلسطيني صعوبة في إخفاء رضاه عن أن سياسته بدأت تعطي ثمارها، ويقولون في مكتبه في رام الله انه "ما لم نفعله في ثلاثة أشهر، حققناه في ثلاثة - أربعة أيام".
وتضيف المصادر أن عدنان حسنات عاد أول أمس إلى غزة عبر حاجز رفح الذي أغلق قبل شهر ونصف الشهر في أعقاب سلسلة طويلة من العمليات وأُعيد فتحه كبادرة طيبة للرئيس الجديد، يقول حسنات: "وجدت غزة جديدة، لأول مرة منذ بداية الانتفاضة رأيت الناس مع ابتسامة على الوجه"، ماهر لُبد، نشيط حقوق الإنسان يسكن في بيت لاهيا، تراكض في الأشهر الأخيرة بين الجرحى وعائلات القتلى، يجلس في منزله ولا يفعل شيئا، حتى ولو نداء واحد لم يُسجل في جهازه اللاسلكي،؟ وهو يقول بابتسام "هذه هي أيام هدوء".
ويقول الكاتب روني شكيد في بيت لاهيا وفي بيت حانون يأملون الآن بالعودة إلى حقول التوت ودفيئات الورود، ولكن أكثر من أي شيء آخر فأنهم هناك ينتظرون فتح معبر كارني، أسعار الخضار في غزة في الحضيض، صندوق بندورة بثلاثة شواقل أي أقل من دولار، والمزارعون الذين لا يمكنهم أن يصدروا البضائع إلى إسرائيل وأوروبا يحتجون. الجميع، دون استثناء، يأملون بألا يكون الهدوء مؤقتا، أن يستمر هذه المرة، أن تعود الحياة إلى مجاريها، على الأقل إلى الحياة الطبيعية للنزاع - وليس حياة الحرب.