نصر المجالي من لندن: حسب كلام توثيقي قانوني، لوزير عدل أردني سابق، فإن ما يجري بين الحكومة الأردنية والدكتور أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي يشبه بتفاصيله الدقيقة وطول فترته من دون نهاية مثل ما يجري في أفلام كرتون الأطفال توم وجيري، حيث في مقال سابق له نشره في آب (أغسطس) من العام الماضي ويتفق فيه مع آراء قانونيين أردنيين كثيرين وذلك بعد إقامة الجلبي دعوى مدنية أمام محكمة أميركية ضد الحكومة الأردنية، فإن الدكتور حمزة احمد حداد، وزير العدل سابقا، كان اقترح حلا وديا وسطا لحسم القضية بين الجانبين التي طال أمدها.

وبالمقابل، فإنه مع الحركة النشيطة التي شهدتها بغداد وعمان في الأيام القليلة الماضية، في شأن تسليم أو عدم تسليم الجلبي لحكومة عمان لمواجهة الحكم الصادر بحقه في العام 1992 من جانب المحكمة العسكرية الأردنية بتهمة "الاختلاس وإساءة الائتمان والاحتيال" ، حيث تم إصدار الحكم بسجنه غيابيا، لمدة 22 عاما و مطالبته بغرامات مالية قيمتها 5.28 ملايين دولار. فإن ما علمته "إيلاف"، أن مسألة التسليم غير واردة أبدا، لا عبر حكومة بغداد الموقتة ولا من خلال الشرطة الدولية (إنتربول).

يشار هنا، إلى أن جهاز إنتربول حسب ميثاق قيامه يرفض أي طلب يتعلق بمطاردة أشخاص صدرت بحقهم أحكام من محاكم عرفية أو عسكرية "خشية تعرض هؤلاء إلى أفعال تعذيب من البلدان التي تطالب بهم، بغض النظر عن نوع الجريمة التي ارتكبوها"، ولا تعترف الشرطة الدولية حالها حال دول غربية كثيرة بتلك الأحكام.

ووجد الأردن، نفسه محرجا من الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الدفاع العراقي الموقت إلى عمان، قبل ثلاثة أيام، حاملا في ذهنه قرارا لطرحه على القيادة الأردنية، تتعلق بمسألة تسليم الجلبي، الذي تصادم سياسيا وإعلاميا مع الجلبي على خلفية اتهامات متبادلة بينهما، ويرى الأردنيون أن "ما بين الشعلان والجلبي قضية محض داخلية عراقية، لا تخص ما يطالب به الأردن على الدوام من ضرورة تسليم الجلبي لنفسه".

لكن الشيء الوحيد الذي استقبلت به العاصمة الأردنية، وزير الدفاع العراقي هو ترتيب زيارة له لمحكمة أمن الدولة وهي عسكرية، للتحادث مع قضاتها حول ملف الجلبي بالكامل، حيث لم يبحث معه، حسب المصادر الرسمية أي مسؤول رسمي حكومي، في ذلك الملف.

ودأب قانونيون وقضاة مدنيون أردنيون يحاولون إفهام السلطات الحكومية التي تطالب بتسليم الجلبي عبر الشرطة الدولية، بأنها "مطالبة تكاد تكون من المعجزات أو ضربا من الخيال، حيث يعرف هؤلاء القانونيون قبل غيرهم أن الإنتربول "لن يصدع لمثل هذا الطلب"، وهم أشاروا إلى طلب أردني مماثل قبل عامين لتسليم بطل فضيحة التسهيلات المالية مجد الشمايلة، ولم يتمكن من ذلك، إلا بعد تسوية مع حكومة استراليا التي سلمت الشمايلة من بعد الموافقة على بعض الشروط.

وفضلا عن ذلك، فإن الأردن الرسمي يرى حسب ما تعتقده مصادر قريبة من القرار الأعلى، أنه ليس في مصلحته تفجير القضية مجددا، وخصوصا أن الجلبي يعتبر أحد حلفاء إيران المهمين على الساحة العراقية في الوقت الراهن حيث لا ترغب عمان بالزج بنفسها في معركة جديدة مع طهران التي اغضبتها تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قبل أكثر من شهر، حول مقولة الهلال الشيعي الذي تسعى إيران الإسلامية الى بنائه في العراق وسورية وصولا إلى لبنان"، ولكن يبدو أن الأمور تسير في طريقها إلى التهدئة بين العاصمتين للعودة بالعلاقات إلى سابق عهدها وأيضا لتمكين الشعب العراقي الجار للبلدين من خوض معركته الانتخابية نهاية هذا الشهر.

ومع دخول القضية عامها السادس عشر من غير حسم لمصلحة أي من الطرفين، فإنه من نافلة القول التذكير بخلفياتها منذ أن بدأت في العام 1989 ، حيث في آب (أغسطس) من ذلك العام أصدرت لجنة الأمن الاقتصادي (أثناء الأحكام العرفية) قراراً بدمج بنك البتراء وبنك الأردن والخليج معا، وحل مجلس إدارة كل منهما، وتعيين لجنة إدارة واحدة لهما، كان أحد أعضائها الدكتور أحمد الجلبي، الذي كان المسؤول الإداري الأول (وربما الوحيد عملياً) لبنك البتراء، من تاريخ إنشائه سنة 1977 وحتى تاريخ القرار المذكور. ولم تمض أربعة أيام على القرار، حتى غادر الدكتور الجلبي الأردن ( في7/8/1989) ولم يعد للبلاد منذ ذلك التاريخ. و أثناء ذلك، تمت إحالة القضية للقضاء العسكري الذي أصدر بتاريخ 9/4/1992 حكماً غيابياً بحق الجلبي، أدانه فيه بتهم الاختلاس وإساءة الائتمان والاحتيال، والحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة (22) سنة، مع غرامات مالية بلغت حوالي (28.5) مليون دولار أميركي.

ومنذ ذلك التاريخ، والحرب الإعلامية بين الحكومة الأردنية وأحمد الجلبي دائرة، تثور تارة وتهدأ لفترات طويلة، فأحمد الجلبي المعارض الاسبق الذي اقنع الإدارة الأميركية بوضع قانون تحرير العراق، وساهم مساهمة فاعلة في إسقاط حكم صدام حسين، ظل يهاجم الأردن ويلصق به التهم السياسية المختلفة، وخاصة تقرّبه من صدام حسين، وتمويله له بمعدات عسكرية أثناء الحرب العراقية الإيرانية، خلافاً للحظر المفروض من الولايات المتحدة الأميركية.

ومن جهته، فإن الأردن ظل يثير مسألة تسليمه له باعتباره مجرماً فاراً حسب تعبير القانون الأردني. ولكن يبدو أن الجلبي لا يريد أن يتجاوز خطوطاً رسمها هو نفسه، أو رسمت له حول الأردن، كما أن الحكومات الأردنية المتعاقبة غير جادة بطلب تسليمه، بل ربما أيضاً غير قادرة على إلزام الآخرين بتسليمه، ويبدو كذلك أنه لا نهاية قريبة لهذه الصيحات في مكان ما، وردود الفعل عليها بصيحات متقابلة في مكان آخر، خاصة بعد أن رفع أحمد الجلبي بتاريخ 11/8/2004، دعوى مدنية لدى محكمة مقاطعة كولومبيا في الولايات المتحدة، ضد الأردن (كدولة وحكومة)، والبنك المركزي، والدكتور محمد سعيد النابلسي محافظ البنك المركزي سابقاً، والسيد مضر بدران رئيس الحكومة سابقاً.

وفي معرض مقاله الذي يختتم به المطالبة من وجهة نظره كمحام ورجل قانون، فإن الدكتور حمزة حداد وزير العدل الأردني الأسبق يقول "ومن الملاحظ على هذه الدعوى، أن الجلبي رفعها باسمه الشخصي وباسم كل من بنك البتراء – عمّان، وبنك البتراء – واشنطن، بافتراض أن إدارة هذين البنكين معيّنة بطريقة غير قانونية، وهي تمثل المدعى عليهم. وبناء عليه، من غير الممكن أن ترفع هذه الإدارة دعوى ضد نفسها. وبمعنى آخر، فإن الجلبي لا زال يرى نفسه بأنه الممثل الشرعي والوحيد لهذين البنكين. كما يلاحظ عليها أنها دعوى مدنية وليست جزائية، على الرغم من أن المدعى عليهم، من وجهة نظر الجلبي، ارتكبوا جرائم عدة بحقه، أهمها محاولة خطفه وتسليمه لصدام حسين لتعذيبه وقتله. ومن حيث النتيجة، يطالب الجلبي بتعويض مالي يساوي ثلاثة أضعاف ما يتم إثباته من ضرر".

ويتابع القول "ويستعرض الجلبي في دعواه سمعة عائلته الطيبة، وتاريخها الحافل بالعطاء سياسياً واقتصادياً، مثل جدّه عبد الحسين الذي كان وزيراً في العراق، ووالده عبد الهادي الذي كان نائباً لرئيس مجلس الأعيان في العراق، ثم انتقال العائلة إلى لبنان بعد انقلاب 1958 في العراق، ثم قدومه هو شخصياً إلى الأردن سنة 1977، حيث أسس بنك البتراء، الذي أصبح ثاني بنك في الأردن بفضل جهوده الشخصية وحسن إدارته، إلى أن تم الاستيلاء عليه من قبل البنك المركزي في 3/8/1989 بموجب قرارات عرفية. ومن وجهة نظر الجلبي، فإن هذا الاستيلاء لا علاقة له بالقانون ولا بالحفاظ على الاقتصاد الوطني الأردني، و إنما يرجع لعوامل سياسية، خلاصتها وجود تعاون تام بين السلطات الأردنية وصدام، وخاصة في مجال شراء الأردن لأسلحة للعراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية، عى الرغم من حظر ذلك من قبل الولايات المتحدة. ونظراً لقيام أحمد الجلبي بكشف ذلك علناً، بالإضافة الى معارضته لصدام وكشفه لجرائم الأخير ضد الإنسانية، بما فيها قتله لعشرات الألوف من العراقيين، فقد كانت هناك مؤامرة ضده، طرفاها صدام والأردن، وموضوعها تدميره مالياً والإساءة لسمعته التجارية الطيبة، والتخطيط لخطفه وتسليمه للعراق. وكانت نتيجة هذه المؤامرة، الاستيلاء بالقوة العسكرية على بنك البتراء في عمّان، وما أعقب ذلك من الاستيلاء على تابعه بنك البتراء في واشنطن. أما مؤامرة الدولتين على خطفه، فقد باءت بالفشل حيث علم الجلبي بذلك مسبقاً، فغادر الاردن في 7/8/1989 ولم يعد منذ ذلك التاريخ".

ويشير القاضي والوزير الأسبق إلى أن " هذا هو محور دعوى أحمد الجلبي، الذي كرره أكثر من مرة في لائحة دعواه بشكل ملفت للنظر. والمتمعّن في الدعوى، يجد نفسه أمام حمل وديع مسالم، يقابله وحشان مفترسان: الأردن والعراق، بجيشهما وأسلحتهما وأجهزتهما الأمنية المختلفة، يريدان الانقضاض عليه. ومع ذلك، يفلت منهما على الرغم من أنه كان طوال ما يزيد على عشر سنوات في حضن أحدهما الذي لم يمانع، عملياً، بمغادرة هذا الحمل إلى خارج الأردن، بل ربما سهّل له ذلك".

ويستطرد المحامي حمزة حداد في كلامه الذي يشبه المرافعة القانونية، ولكن عبر مقال صحافي قائلا الآتي"فالدعوى، بعيداً عن القانون والحقائق، محرّكة للعواطف الإنسانية، مما قد يثير الشفقة فالبكاء، ليس فقط من صاحب القلب العاطفي الرقيق، بل ربما أيضاً من صدام حسين نفسه لو اطلع عليها قبل سقوطه، وحبه للانتقام من الاردن والمسؤولين الأردنيين (آنذاك)، لما لحق هذا الإنسان الوطني الشريف، صاحب المشاعر الإنسانية النبيلة، من قهر وظلم يصعب تحمله إلا من شخص مثله".

ويضيف" والدعوى، من جانب آخر، لم تغفل الضرب على وتر الطائفية في العراق من شيعة، وهم أغلبية، وسنة وهم أقلية. فطائفة السنة كانت مفضلة لدى صدام حسين وحزب البعث الحاكم، وهو ما رفضه الجلبي، كما أنه يعلن الآن رفضه وشجبه لمحاولة الولايات المتحدة، تفضيل السنة على الشيعة والتقليل من مرتبة مصالح الأغلبية الشيعية".

وعلى أي حال، يقول الدكتور حداد "فإن وجهة نظرنا في الأردن مختلفة تماماً عن وجهة نظر أحمد الجلبي، لدرجة عدم الالتقاء معه في أي نقطة. فلا علاقة لصدام حسين ولا للعراق بما حصل لبنك البتراء في 3/آب/1989، و إنما الأمر يتعلق بمسألة فنية مالية بحتة. وكما حصل مع بنك البتراء سنة 1989، حصل مع غيره من البنوك والمؤسسات المالية، بطريقة أو بأخرى، منذ ما قبل تلك السنة وحتى الآن. فالبنك، كان يعاني أزمات مالية حادة لم تؤثر عليه فحسب، و إنما على بعض المؤسسات المالية الأخرى، بل أثرت سلباً حتى على الاقتصاد الوطني. وكان بنك البتراء وتصرفات إدارته، أحد الأسباب الرئيسة للأزمة الاقتصادية الحادة التي لحقت بالأردن سنة 1989، والتي لم يشهد لها الأردن مثيلاً منذ عشرات السنوات السابقة. وقد رافق هذه الأزمة، المضاربة على الدينار والدولار في السوق، واقتربت سوق النقد من حافة الانهيار، حيث قارب سعر الدولار نتيجة المضاربات إلى (900) فلس لكل دولار، بعد أن كان سعره الاعتيادي على مدى فترة طويلة سابقة، يتراوح بين 270 – 320 فلسا تقريباً. وبعد جهاد إداري ومالي كثيف بمختلف المفاهيم، استطاع البنك المركزي أن يثبَت سعرين للدولار: أحدهما للاستيراد (حوالي 780 فلسا)، والآخر للمعاملات الأخرى (حوالي 600 فلس)، ليتم بعد ذلك توحيد سعر الصرف بحوالي (710 فلسات)، خاضع لذبذبة الأسعار العادية في السوق. وهذا هو الأمر منذ ما يقرب (13) عاماً. أي أن سعر الدينار الأردني انخفض بنسبة تقارب الـ 60% عن السعر المعتاد قبل أزمة 1989، وما ترتب على ذلك من ارتفاع فاحش للأسعار لا زلنا نعانيه حتى يومنا هذا".

وهنا يشير وزير العدل الأسبق إلى رأي محايد في القضية ما بين الجلبي والأردن" وحتى لا يأخذنا الحماس العاطفي البعيد عن الأسس العلمية والموضوعية، سنسترشد برأي فني حيادي لا تربطه بالحكومة الأردنية والبنك المركزي، ولا بالسيد أحمد الجلبي أي رابطة خاصة، وهو رأي مدقق الحسابات (المستقل) آرثر أندرسون / دجاني وعلاء الدين في تقريره حول الوضع المالي لبنك البتراء، كما هو في 2/8/1989، وهو يوم السيطرة على بنك البتراء بموجب قرارات لجنة الأمن الاقتصادي. ومما جاء في هذا التقرير، الذي لم يغفل الجلبي انتقاده له في دعواه، ما يلي باختصار شديد:

1- بلغ عجز حقوق المساهمين حوالي (157.2) مليون دينار، وهناك خسائر مالية محتملة الحدوث تقدر بمبلغ حوالي (93.4) مليون دينار. فيكون العجز في حقوق المساهمين حوالي (250.6) مليون دينار. وبناء عليه، تتوقف قدرة البنك على الاستمرار في أعماله بشكل اعتيادي، على توفير التمويل اللازم له.

2- وجود قيود في البنك من دون أي وثائق ثبوتية حول النقد في الصندوق، وإجراء عمليات مقايضة للعملات مع بعض البنوك ( حوالي 5.9 ملايين دينار) من دون إثباتها في السجلات، بالإضافة الى عدم وضوح هذه العمليات وعدم تبادل فعلي لها. ووجود شيكات معادة بحوالي (893) ألف دينار غير مسجلة في الحسابات الخاصة بها، ووجود أخطاء محاسبية في إثبات بعض المعاملات بلغت حوالي (4.6) ملايين دينار تقريباً، واضافة البنك لحوالي (1.8) مليون دينار لقيمة استثماره في بنك بتراء واشنطن،من دون وثائق ثبوتية.

3- وجود انخفاض في قيمة استثمارات البنك طويلة الأجل بحوالي (1.5) مليون دينار، ووجود خسائر رأسمالية في بعض الشركات التي يساهم بها البنك، بحوالي (515) ألف دينار، وقيام البنك ببيع العقارات مع عدم تثبيت عمليات البيع بطريقة صحيحة.

4 ـ لم يتم في كثير من الحالات الحصول على موافقة البنك المركزي المسبقة على منح تسهيلات ائتمانية تزيد على (500) ألف دينار، ولا على امتلاك العقارات (خلافاً للقانون)، وكذلك عدم دقة وصحة المعلومات المالية المقدمة للبنك المركزي".

ويقول حداد "ومهما يكن من أمر، من الواضح أن قضية بنك البتراء وأحمد الجلبي التي بدأت سنة 1989، لانهاية لها على المدى المنظور. فالبنك، لا زال يتمتع بالشخصية الاعتبارية، ولكن تحت التصفية التي دامت حتى الان حوالي (14) سنة. ويبدو أنها ستستمر سنوات أخرى غير محددة. ومن وجهة نظري التي عبرت عنها أكثر من مرة، يجب وضع حدِ سريع وفعال لهذا البنك، وإغلاق ملفه نهائياً، سواء في الاردن أو واشنطن، بقرار جريء من الجهات المعنيّة، بالتعاون والتنسيق في ما بينها، وليس بالتطاحن والظنون والشكوك وافتراض سوء النية. كان يمكن، مثلاً، بيع ما تبقى من حقوقه لشركة ترغب في ذلك ولو بسعر رمزي، أو نقل هذه الحقوق للبنك المركزي مقابل دينه على بنك البتراء، بل يمكن حتى إهلاك هذه الحقوق، وإعلان فسخ البنك بعد جهاد لا زال قائماً منذ (15) عاماً. أما أن يبقى البنك بحجة وجود دعوى قضائية هنا وأخرى هناك، فهذا مسلسل لا نهاية له، مع ما يترتب على ذلك من إضاعة للوقت والجهد والمال والعقل. وبإصدارنا هكذا قرار، لا بد من التفكير، ولو قليلاً، بأن الأمور بالنسبة الى الدولة، لا تحسب دوماً بمقاييس الكسب المالي، خاصة إذا كان بعضها، إن لم يكن معظمها، احتمالا غير محقق الوجود".

وأخيرا، يتوصل الوزير الأسبق والمحامي حمزة حداد إلى ختام كلامه بالقول" أما بالنسبة الى الدكتور أحمد الجلبي، وهو الطرف الآخر في معادلة بنك البتراء، فإننا أيضاً بحاجة إلى قرار جريء وواضح بشأنه: إما تسوية الأمر ودياً معه وإعادة الاعتبار له، بطريقة قانونية أو بأخرى؛ أو الإعلان رسمياً وعلنياً بأن له حق العودة إلى الأردن، وإعادة محاكمته مدنياً وجزائياً (في حدود المتاح من القانون)، مع إعطائه الضمانات (القانونية) اللازمة لسلامته، وحقه بإقامة ما يشاء من دعاوى في الأردن، وتوكيل من يشاء من المحامين الأردنيين أو غيرهم؛ أو، أخيراً وليس آخراً، السعي جدياً الى تسليمه للأردن بناء على التهم المسندة اليه، والأحكام الجزائية الصادرة بحقه. وبغير ذلك، ستبقى علاقتنا به، من وجهة نظري، ليست بعيدة كثيراً عن علاقة توم وجيري ببعضهما البعض".