علي الشطي من الكويت: في الوقت الذي صدر في الكويت قرار بتعيين وزير الإعلام المستقيل محمد ابو الحسن مستشارا في ديوان رئيس الوزراء الشيخ صباح الأحمد بدرجة وزير، تحدث مصدر عليم عن صعوبة التكهن باسم الوزير الذي قد يخلف ابو الحسن في الوزارة، وأشار المصدر الذي يشغل منصبا رفيعا في الوزارة، إلى استحالة تعيين الوزير السابق المثير للجدل والمناهض للتيار الديني الشيخ سعود الناصر الصباح في المنصب، وذلك باعتباره يشكل مشروع "أزمة" بين التيار الديني وبين الحكومة، وهو الأمر الذي لا يسعى إليه الشيخ صباح في ضوء مساعيه الدؤوبة الى تحقيق انجازات حكومية على مختلف الصعد. كما تحدث المصدر أيضا عن استحالة تعيين وزير ليبرالي في المنصب كالوزير السابق سعد بن طفلة أو الكاتب الصحافي محمد الرميحي.

وعلى الرغم من أن المصدر أشار إلى إمكانية تحويل وزارة الإعلام في المرحلة المقبلة إلى مؤسسة، إلا أنه أكد أن هذه الخطوة إن أقدمت عليها الحكومة فإنها ستكون بمثابة خطوة إصلاحية جبارة ستتبعها خطوات إصلاحية أخرى على المستوى نفسه. ومما يعزز الإشارة إلى هذه الخطوة ما تردد على لسان الشيخ صباح بعد إعلان ابو الحسن استقالته في الثاني من الشهر الجاري من نفيه وجود نية لدى الحكومة لإجراء تغيير حكومي. وكانت مصادر حكومية رفيعة اعتبرت أن قرار تحويل وزارة الاعلام إلى مؤسسة في مراحله الأخيرة وقالت ان المؤسسة ستتبع رئاسة مجلس الوزراء وتكون تحت مسؤولية وزير كي لا يتكرر سيناريو الشد والجذب السياسي الحاصل حولها حاليا.

لكن مسؤولا كبيرا في وزارة الإعلام قال لصحيفة "القبس" غداة استقالة ابو الحسن ان ابقاء الوضع على ما هو عليه في وزارة الإعلام مستحيل ولا بد من خطوة انقاذية تنتشل هذه الوزارة السيادية من مستنقع التجاذبات السياسية والقبلية والطائفية ايضا.

واضاف ان السؤال الكبير هو: لماذا استقال ابو الحسن ولماذا خرج وزير الاعلام الاسبق سعود الناصر على الرغم من بصماته الايجابية الواضحة؟ ويجيب المسؤول عن سؤاله بالقول "هناك تيارات تضغط على الحكومة لتحقيق مآرب واهداف سياسية، ووزارة الاعلام هي الحلقة التي تتأثر بشكل مباشر بأي تجاذبات او «ضرب تحت الحزام»، حسب لغة الشارع، وبالتالي فإن هذه الوزارة عرضة لكثير من الشد والجذب.. وتغيير الوزراء".

واكد المسؤول ان وزارة الاعلام تحتاج الى وزير يملك قرارا بعدم دخول صفقات ومساومات مع التيارات الاسلامية على حساب الدستور والحريات والتقاليد والعادات، ولكن المطلوب ايضا حكومة تحمي ظهر هذا الوزير المفترض ان يكون في خندق المواجهة الامامية مع التيارات الاسلامية.

ورأى المسؤول ان افضل حل في هذه المرحلة هو تخصيص الاعلام، لأن تحويلها الى هيئة او مؤسسة حكومية يعني انها ستتبع بالتالي لوزير وهذا لن يغير في الامر شيئا، طالما ان هذه الهيئة او المؤسسة لن تتبع لرئيس الوزراء مباشرة.

واشار المسؤول الى امكان انشاء جهاز اعلامي خاص بالنظام، ويكون على تواصل دائم مع الاعلام لتحقيق الاهداف المرجوة منه، مشددا على ضرورة الا يكون هذا الجهاز حكوميا بل جهازا مستقلا وخاصا بالنظام، لأن النظام هو الباقي والحكومات تتغير.

وكان وزير الاعلام السابق سعد بن طفله أكد في وقت سابق من هذا الشهر أنه اول من طرح برنامج الغاء وزارة الاعلام وتحويل قطاعي الاذاعة والتلفزيون الى مؤسسة مستقلة ومنح القطاع الخاص فرصة للقيام بالعمل الاعلامي، مشيرا الى ان فكرة وزارة الاعلام عفا عليها الزمن وهي فكرة تعكس السلطوية في منح التراخيص.

وأكد بن طفله ان عقلية الادارة هي التي تقف عائقا امام تحقيق ذلك، مشيرا الى انه متى استوعبت اهمية هذا التغيير الجذري فسيزول هذا العائق. واشار الى ان هناك عقلية تريد ان تهيمن على الاعلام وتحتكره، وهناك قوى ايضا لها مصلحة، لابقاء الاعلام محتكرا بأيدي اشخاص معينين وبتوجيه اشخاص معينين.

وشدد على انه يؤيد خصخصة الاعلام وليس التخصيص، موضحا ان التخصيص يعني ان نخص شخصا او طرفا بعينه، لكن الخصخصة تعني منها لفرد او مجموعة ضمن ضوابط معينة، وهناك فارق كبير بين الاثنين، واعتقد انه لا مناص من ان يكون هناك ضوابط ومبدأ لتكافؤ الفرص وتوزيع الاعلام على القطاع الخاص افرادا وشركات وان لا يكون.

وعلى الرغم من أن التيار الإسلامي (وبالذات السلفي) كان السبب الرئيس في استقالة ابو الحسن بعد أن قدم ثلاثة من نوابه وهم وليد الطبطبائي وفيصل المسلم وعواد برد استجوابا ضد الوزير المستقيل، إلا أن بورصة تغيير الوزراء الذين يعاديهم التيار الديني ويتمنى الاستحواذ على وزاراتهم ومناصبهم الوزارية قد ازدادت بعد إعلان وزير التربية رشيد الحمد نيته الاستقالة من منصبه بسبب آلام في القولون. ومعروف أن التيار الديني يخوض صراعا شرسا مع الحكومة للاستحواذ على وزارتي الإعلام والتربية.