حازم الشعلان، وزير الدفاع العراقي

كل الكيانات والشخصيات العراقية المخلصة، تتطلع اليوم الى إخراج العراق من أزمته، ووضعه على المسار الصحيح باتجاه البناء الديمقراطي، فهي تتحسس مشاعر الناس وتطلعاتهم، وتعيش هموم الشارع وآلامه التي أصبحت جرحاً عميقاً في وجدان الجميع.

لقد ناضلت هذه الحركات والشخصيات طوال فترات طويلة، وقدمت التضحيات وتحملت المشاق في رسالتها الوطنية الساعية الى إزالة الدكتاتورية وبناء عراق حر يعيش فيه الجميع في خير ووئام ومحبة، ليبنوا وطنهم الغالي.

وعلى هذا لا يحق لأحد أن يثير الشكوك على الكيانات التي قدمت وضحت وناضلت من أجل إنقاذ الشعب والعراقي، فذلك أصبح تأريخاً غير قابل للتزوير والتشويه، فتلك المقابر الجماعية الشاهد الكبير على التضحية العراقية الرائعة، وعلى الظلامة التي لحقت بفئات كبيرة من الشعب العراقي، كما أن أحداً لا يمكن أن يتجاهل البطولة التي قامت بها
المعارضة العراقية وبالخصوص أفراد حزب الدعوة الإسلامية حيث أصدر النظام الصدامي بحق هذا الحزب قراراً دموياً يقضي بإعدام كافة أفراده والمتعاطفين معه والحاملين لأفكاره، فأنه فليس كثيراً على هذا الحزب أن يمثل في الحكومة العراقية المؤقتة بالدكتور إبراهيم الجعفري نائب رئيس الجمهورية، الذي نكن له كل الإحترام والتقدير. كما أنه ليس كثيراً على حركات وشخصيات أخرى أن تكون لها المشاركة في الحكومة، فما قدمته يفوق المنصب الحكومي، ولا يمكن أن نعتبر المنصب مكافأة على التضحيات بأي حال من الأحوال.

لكن الذي يحز في النفس أن نرى بعض الكيانات والشخصيات التي كان لها شرف التضحية والنضال من أجل الشعب العراقي، تعيش حالة من الحساسيات فيما بينها، على الرغم من تربص أعداء العراق من القوى الإرهابية، لكل القوى الخيرة، ورغبتها في حصول التنازع والتفتت بين المكونات السياسية العراقية، لأن فرصة الإرهاب هي في تشتت الصف العراقي، وتحول المنافسة الإنتخابية الشريفة الى صراعات تسقيطية، ينال فيها البعض من البعض الآخر.

إننا نعيش أياماً حاسمة، ومن الطبيعي في ظروف كهذه، أن ترتفع سخونة الجو السياسي، ويزداد نبض الشارع، فالإنتخابات ستجري خلال أيام معدودات، لكن علينا التفريق بين الترويج وبين التسقيط، فمن حق كل طرف وجهة وشخص، أن يروج لنفسه ويطرح برنامجه لنيل ثقة الناخبين، لكن من المرفوض إعتماد أساليب التسقيط والتشهير.
هذه الكلمة أقولها بصدق، راجياً من كافة الأطراف التمسك في هذه الأيام القليلة التي تفصلنا عن الإنتخابات بأهمية الإلتزام بالمعايير والثوابت الوطنية التي يتحقق من خلالها التماسك الوطني المطلوب، لا سيما وأن المرجعية الدينية بزعامة السيد السيستاني بذلت جهودها المشكورة في توحيد الصف العراقي، ودعت الجميع الى بذل كافة الجهود من أجل إنجاح الإنتخابات، وهو موقف تأريخي مشكور، سيبقى ثابتاً في صفحات التاريخ العراقي الجديد.

أدعو الجميع الى تجميد الخلافات، وتجاوزها الى القضايا الأهم، فالعراق اليوم يعيش أياماً حساسة وفاصلة، وبإمكان المخلصين وحدهم أن يصنعوا العراق كما تطلعت له جماهيره الصابرة التي عانت ما لم يعانه شعب آخر في العالم، وهي تأمل برجاله أن تعوض لها ما ضاع منها، وأن تبني لها العراق الذي تحلم به.. عراق ديمقراطي جديد.