نصر المجالي من لندن: يتم اليوم الإفراج عن 12 متشددا إسلاميا كانت اعتقلتهم السلطات البريطانية تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب من بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) في نيويورك، وينتظر أن يعلن وزير الداخلية البريطاني الجديد تشارلز كلارك اليوم أيضا عن إخلاء سبيل عشرات آخرين من المتشددين الذين تعتقلهم السلطات في سجني بيلمارش و وود يل الحصينين، وقالت المصادر البريطانية إن هؤلاء سيتم ترحيلهم الى بلدانهم الأصلية بعد اكتمال إجراءات الاتفاقيات التي ستعقد مع هذه البلدان التي يتعين عليها احترام حقوق الإنسان. وينتمي المفرج عنهم إلى كل من مصر والجزائر والأردن وتونس.

وحسب المصادر البريطانية، فإن الذين سيفرج عنهم سيخضعون إلى إقامة جبرية في منازلهم تحت طائلة القانون الذي يمكن أن يعيد اعتقالهم إلى حين تسوية أوضاعهم نهائيا. ومن بين هؤلاء مجموعة كانت تطالب بلدانهم من الحكومة البريطانية بتسليمهم إليها لارتباطهم بشبكات إرهابية أو انهم تورطوا بالتخطيط لعمليات بالتعاون مع تلك الشبكات.

وحتى اللحظة فإن بريطانيا ترفض مبدأ تسليم هؤلاء المطلوبين، خشية تعرضهم إلى الإعدام أو التعذيب من جانب البلدان التي تطالب بهم، ولهذا فإن حكومة لندن وجدت خيار التفاوض مع تلك البلدان لضمان سلامة المطلوبين. وكان مجلس اللوردات البريطاني وهو أعلى سلطة قضائية في المملكة المتحدة قرر بغالبية أعضاء محكمته العليا أن استمرار اعتقال هؤلاء الأشخاص من دون محاكمة يعتبر خرقا لجميع القوانين وكذلك لميثاق جنيف الخاص بحقوق الإنسان.

وعارض زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين المعارض تشارلز كينيدي مبدأ تسليم سجناء بيلمارش من المتشددين إلى بلدانهم على الرغم من كل التعهدات التي ممكن أن تحصل عليها الحكومة البريطانية من أنهم لن يواجهوا أحكاما بالإعدام أو التعذيب.

وقال كينيدي إنه يتعين على "حكومتنا أن تفكر مرة ومرتين في مسألة ضمان سلامة هؤلاء الأشخاص، لا أن تعتبر رسائل الضمانات التي تلقتها من حكومات عربية في شمال إفريقيا مبررا حقيقيا لتسليمهم إليها"، وأضاف "قرار تسليم هؤلاء سيعرض سمعة عدالتنا إلى الخطر". ورحب زعيم ثاني أكبر حزب معارض بقرار وزير الداخلية الإفراج الفوري عن المعتقلين الـ 12 اليوم.

وأبلغ وزير الداخلية البريطاني كلارك مجلس العموم اليوم أنه "لم يكن أي خيار آخر بل إخلاء سبيل هؤلاء المعتقلين من دون محاكمة منذ سنين عديدة، وخصوصا بعد قرار مجلس اللوردات الذي اعتبر استمرار احتجازهم يمثل تمييزا عنصريا ومخالفا لميثاق حقوق الإنسان".

ووعد الوزير في كلامه أمام البرلمان أنه سيتم ترحيل العديد من المفرج عنهم حاليا أو لاحقا إلى بلدانهم الأصلية عبر اتفاقيات تمت مع هذه البلدان تضمن سلامة المعتقلين عملا بأحكام مواثيق حقوق الإنسان. مؤكدا أن القرار الذي اتخذه "يصب في خانة أمن بريطانيا القومي بالدرجة الأولى"

ومن بعد الإفراج عن هؤلاء سيجري اعتقالهم منزليا مع استخدام أجهزة مربوطة على أقدامهم لمراقبة المساحة التي يمكن أن يتحركوا في حدودها، حسب شروط إخلاء سبيلهم، وذلك لتسهيل عملية اعتقالهم ثانية "إن عادوا لممارسة نشاطات مشبوهة".

يشار في الختام، إلى أن القرار البريطاني الجديد، يأتي غداة وصول أربعة بريطانيين كان أفرج عنهم من معتقل مخيم إكس في قاعدة غوانتنامو الأميركية حيث كانوا أمضوا هناك ثلاث سنوات من دون محاكمة، وكانت تتهمهم السلطات الأميركية بالارتباط بشبكة (القاعدة) الإرهابية من بعد أن اعتقلتهم في أفغانستان أو باكستان.