عادل درويش من لندن: : إيران ستتمكن من تصنيع السلاح النووي في خلال عام، وهو التهديد الأكبر لسلام المنطقة، والغرب، في تقدير وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال شاؤول موفاز، الذي ألح على الأوروبيين والأميركيين باتخاذ إجراءات دبلوماسية قوية واللجوء الى عقوبات اقتصادية قبل أن " تصل إيران نقطة اللاعودة" في خلال عام.
وكان موفاز يتحدث إلى مجموعة من الصحافيين البريطانيين في لندن اليوم (الاربعاء) قبل لقائه نظيره البريطاني جيف هون، ورئيس الوزراء توني بلير، غدا حيث يمثل بلاده في مراسم ذكرى الهولوكوست. وحاولنا الاستيضاح منه عما يقصده، بنقطة اللاعودة، فقال إنها المرحلة التي يكون قد فات الأوان عندها في تمكن المجتمع الدولي من منع إيران من إنتاج السلاح النووي. وأضاف ان امتلاك النظام الحالي في إيران سلاحا نوويا، هو خطر ليس فقط على امن المنطقة " لا تستطيع إسرائيل التعايش معه،" بل هو خطر على الغرب، أوروبا والمصالح الأميركية.
وكرر عدة مرات أن تقديره هو وصول إيران هذه القدرة في إطار عام. ولوحظ ان موفاز كرر وضع المشكلة أمام الأميركيين والأوروبيين، معربا عن أمله في أن تتمكن الضغوط والجهود الدبلوماسية الأوروبية من إثناء إيران عن عزمها في إنتاج السلاح النووي، حيث يرى انه من العبث الثقة بإيران أو بتأكيداتها ان البرنامج النووي هو لأغراض سلمية فقط.
وترك موفاز السؤال معلقا، عما اذا كانت اسرائيل ستتخذ عملا عسكريا في شكل ضربة اجهاضية ضد المنشآت النووية الأيرانية كما حدث مع الغارة الإسرائيلية على المفاعل النووي العراقي في اوزيراك عام 1981. وتجيء تحذيرات إيران بعد اقل من اسبوع من تحذير نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني بان على العالم التحرك والحيلولة دون حصول ايران على السلاح النووي، " والا تحرك الإسرئيليون اولا."
وفسر عدد من الزملاء من المعلقين والصحافيين رفض موفاز التعليق بالنفي او الإيجاب حول الإجراءات التي قد تتخذها اسرائيل اذا ما فشلت الدبلوماسية الأوروبية في منع ايران من امتلاك السلاح النووي خلال عام، بانها رسالة من اسرائيل الى العالم بانه اذا لم يتحرك المجتمع الدولي- خاصة وان موفاز طالب مجلس الأمن بالتحرك وصياغة مشروع قرار لفرض العقوبات على ايران اذا لم تفكك برنامجها النووي- فإن اسرائيل قد تتحرك لتدمير المنشآت الإيرانية.
وتقول مصادر دبلوماسية غربية هنا، ان الأميركيين، الذين ليس لديهم قنوات تفاوض مباشرة مع ايران، يتمنون ان يقوم الإسرائيليون بالمهمة ، خاصة وان الأميركيين يدركون مدى صعوبة المهمة، كما انهم يفتقرون الى مصادر الاستخبارات على الأرض من داخل ايران. وفي الوقت نفسه، ترى المصادر نفسها، ان اسرائيل تسعى الى ان يقوم الأميركيون، بالمهمة بدلا عنهم.ويقول خبراء عسكريون هنا، ان المنشآت النووية الإيرانية منتشرة ومبعثرة في مساحات جغرافية واسعة في ايران، كما ان كثيرا منها تحت الأرض، ويكاد يكون من المستحيل على اسرائيل ان تقضي عليها في غارة واحدة او عدة غارات.وشككت مصادر دبلوماسية اوروبية في معلومات اسرائيل ودقتها مضيفة بانه ليس لها مصادر معلومات يمكن الثقة بها داخل ايران.
لكن الدكتور جاري سامونز، مدير الدراسات في قسم منع انتشار السلاح النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، خالفت تقديراته، تقديرات الجنرال موفاز، في محاضرة القاها في المعهد اليوم للأعضاء ولعدد من المتخصصين. واستعان الدكتور سامونز بصور التقطتها الأقمار الصناعية للمنشآت النووية الإيرانية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ليوضح ان الايرانيين لديهم 164 جهازا من اجهزة القوة الطاردة المركزية، وهي وسيلة بدائية لتخصيب اليورانيوم بطريقة ميكانيكية، ليصل الى مستوى صناعة الأسلحة. وقال ان الإيرانيين لم يتمكنوا بعد من تشغيل اقل من ثلث هذا العدد، كما ان البرنامج " مجمد موقتا" حسب الاتفاق مع اللجنة الثلاثية من الاتحاد الأوروبي، ومع الدكتور محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويرى سامونز ان الإسرائيليين ربما يقدرون مدة العام ابتداء من تشغيل كل الأجهزة ال 164 حيث تتمكن من انتاج عشرة كيلوغرامات فقط في العام. واضاف أن اجهزة الطرد المركزي عادة ما تتعطل كل يومين او ثلاثة، مما يعني ان ايران لاتزال بعيدة القدرة على انتاج السلاح النووي بالشكل الذي يقدره الإسرائيليون، وكرر مرة اخرى ان مصدر المعلومات الوحيد الموثوق به هو تقرير وكالة الطاقة الذرية " لأن مفتشيها هم الذين ذهبوا الى ايران وقاموا بالتفيش على المنشآت النووية هناك".
ويقدر الخبراء هنا ان الإسرائيليين، وقسما كبيرا في الإدارة الأميركية – يتزعمهم المحافظون الجدد – ينتمون الى مدرسة المتشائمين، بان المحادثات الثلاثية بين الاتحاد الأوروبي ستمنى بالفشل، وان ايران تحاول كسب الوقت حتى تتمكن من انتاج سلاح نووي، وعندها لايكون امام العالم الا التعامل مع الأمر الواقع كما حدث مع الهند وباكستان. ويرى المعتقدون في هذا السيناريو المتشائم، ان ايران ستواجه الأوروبيين بمطالب غير معقولة كجزء من عملية اضاعة الوقت، وبالتالي قد يلجأ الاميركيون او الاسرائيليون للعمليات العسكرية.
اما الأوروبيون والبريطانيون فهم أكثر تفاؤلا وبراغماتية مع ايران. ويوافق الدكتور سامونز ، بان الايرانيين – بعكس كوريا التي يمتثل السلاح النووي لها امن البقاء- يريدون السلاح النووي كنوع من الهيبة القومية والنفوذ في المنطقة، وبما ان التهديد العسكري لهم من افغانستان والعراق، انتهى باختفاء الطالبان، وسقوط صدام حسين، فانه قد يمكن اقناعهم بانهم المتفوقون الآن في السلاح التقليدي وانهم القوة العظمى الاقليمية، مع تقديم ضمانات لهم في شكل معاهدات او اتفاقات، وتزويدهم بمفاعلات انتاج الماء الخفيف – بدلا من مفاعل ابحاث الماء الثقيل الذي تحاول ايران بناءه-، قد يقنع النظام الايراني، وهو نظام لايريد المواجهة العسكرية مع الغرب، او العقوبات الاقتصادية من مجلس الأمن، بالتخلي، في المستقبل المنظور، عن فكرة انتاج السلاح النووي.
ويقول خبراء هنا ان الأمل الأكبر هو في نجاح الدبلوماسية الأوروبية، امام خلفية من التهديدات الأميركية، لكن بشرط ان " تمنح واشنطن الأوروبيين اوراق الضغط وصلاحيات استخدام هذه الأوراق،" باعتبار اوروبا وسيطا للتفاوض بين الطرفين الايراني والأميركي خاصة وان واشنطن ترفض التفاوض المباشر مع طهران، بينما يقدر الخبراء ان التفاوض المباشر لن يحقق النتائج المرغوبة في المناخ الحالي. ويوافق الدكتور سامونز على ان منح واشنطن الاتحاد الأوروبي الأوراق المطلوبة التي تستطيع استخدامها كوسيلة للضغط على ايران، او منحها ما تراه بديلا عن الطاقة النووية، او مكافأة على تخليها عن البرنامج النووي، سيكون وسيلة أكثر فاعلية من العقوبات الاقتصادية، او العمل العسكري المباشر الذي قد يؤدي الى اضرار كبيرة باستقرار المنطقة، خاصة وان البلدان العربية ايضا "لاتريد ان ترى سلاحا نوويا بيد الايرانيين."