نصر المجالي من لندن: وجد زعيم حزب العمال البريطاني ورئيس الوزراء اليوم نفسه في وضع لا يحسد عليه مع إطلاق أول ملصق دعائي في حملة الحزب للانتخابات المقبلة في الربيع، حيث بدأت ضده حملة عنيفة تتهمه باللاسامية، وحمل الملصق صورتين لوجه زعيم حزب المحافظين المعارض
مايكل هوارد ووزير الخزانة في حكومة الظل أوليفر ليتوين، وصورتين لخنزيرين طائرين، واعتبر الملصق بمثابة إهانة للرجلين ليس لأنهما من الزعامات السياسية في البلاد، بل لأنهما يدينان باليهودية. يذكر أن هذه الديانة حالها حال الدين الإسلامي تحرم لحم الخنزير وتعتبره حيوانا كريها قذرا. كما أن البريطانيين حين يحطون من قدر أي شخص يصفونه بالخنزير رغم أنهم يأكلون لحمه ويربونه في مزارعهم.

ويأتي إطلاق الملصق الانتخابي بعد يوم واحد من الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء في الذكرى الستين لضحايا النازية على أيدي النازية الألمانية وكان غالبيتهم من اليهود، حيث قضى منهم ما لا يقل عن ستة ملايين شخص قتلا أو حرقا عبر أفران الغاز.

وعلق سياسيون كثيرون على الملصق الدعائي الذي هو من أصل 1900 ملصق تتكلف مليون جنيه إسترليني مع الحملة الانتخابية بأنه "بذيء ولا طعم له، مثله مثل مواقف واستراتيجيات السيد بلير نفسه"، كما حمل الملصق شعارات تتهكم على حزب المحافظين الذي يحاول جاهدا العودة للسلطة التي أقصاها عنهم حزب العمال في انتخابات العام 1997 وظل محتفظا بالنصر في انتخابات 2001 .

وحذر أندرو مينير مرشح حزب المحافظين لمنطقتي فينشلي وغولدرز غرين في شمال لندن، حيث غالبية يهودية تسكن من أن الملصق العمالي سيثير أعمال عنف، وخصوصا أنه يربط بين اليهود والخنازير. وقال "صعقت لما فعله حزب العمال حين اختار أهم شخصيتين سياسيتين يهوديتين لتشبيههما بالخنازير.

وطالب السياسي البريطاني اليهودي حزب العمال بسحب الملصق الاستفزازي على الفور، وكان حزب العمال نشر الملصق على موقعه الالكتروني طالبا من الجمهور التصويت عليه إضافة إلى مئات من الملصقات الأخرى..ومن بينها ملصق يشبه زعيم حزب المحافظين بتاجر البندقية شايلوك صاحب القصة الشهيرة، الذي طالب باقتطاع جزءا من لحم مدين له بمقدار الدين المالي عليه.

وفي رد فعله على موجة الاستنكار تجاه ملصق حزبه الانتخابي، لم يقدم المتحدث الرسمي باسم العمال الحاكم أي اعتذار رافضا اتهام حزبه باللاسامية، وقال "نحن معادين لحزب المحافظين ولا غيره"، وحين سئل عن لماذا استخدم حزبه صورتين لخنزيرين طائرين لوجهين بشريين، قالت المتحدث"هذان الرجلان ـ يقصد هوارد ووزير خزانة الظل ـ أهم اثنين معنيين بسياسات حزب المحافظين حول الميزانية ونفقات الدولة، لهذا تم تصميم الملصق على هذا النحو". يذكر أن حزب العمال البريطاني كان طرح خلال مؤتمره السنوي الماضي شعارا يعمل تحت مظلته يقول "بريطانيا تعمل فلا تدعوا حزب المحافظين يدمر ذلك".

وفي خطابه أمس، حذر رئيس الوزراء البريطاني العمالي في ذكرى الهلوكوست من مخاطر اللاسامية، وقال أن الهولوكوست لم تبدأ بأفران الغاز "ولكن بتدمير أعمال اليهود الاقتصادية، وتدمير أماكن عبادتهم وكلام ناب وشتائم عنصرية يسمعونها في الشوارع العامة".

يشار في الختام، إلى ثلاثة من كبار رجال حزب العمال وهم منسق عام الانتخابات آلان ميلبورن ونائب رئيس الوزراء جون بريسكوت ووزير الخزانة من ضمن لجنة تشرف على وضع تصميمات الملصقات والشعارات استعدادا للانتخابات المتوقعة في الخامس من مايو (أيار) المقبل، والملصق المثير للجدل حول قضية الخنزيرين الطائرين كان من تصميم الرسام المعروف تريفور بيتي الذي يمتلك شركة كبرى للدعاية والإعلان تحمل اسمه في لندن.