أبو قتادة أصدر فتوى من سجنه البريطاني بقتله انتقاما
صحافي جزائري: سلمت "سفير بن لادن" للاستخبارات

نصر المجالي من لندن: اعترف صحافي جزائري فر من بلاده طلبا للنجاة في التسعينات الفائتة أنه تجسس لصالح جهاز الاستخبارات الداخلي البريطاني (إم آي 5) على المتشدد الفلسطيني الأصل (الأردني الجنسية) أبو قتادة الأمر الذي أدى إلى اعتقال الأخير قبل أربع سنوات، وسيفرج عن أبي قتادة الذي يطالب الأردن بتسليمه لتورطه في عمليات إرهابية في وقت قريب مع مجموعة تضم 11 آخرين، ويحتمل ترحيلهم إلى البلدان التي تطالب بتسليمهم عبر اتفاقيات مع السلطات البريطانية تكفل عدم تنفيذ حكم الإعدام فيهم أو تعذيبهم.

وقال رضا حاسين الذي غادر الجزائر خوفا على حياته من القتل على أيدي الجماعات المتشددة الجزائرية وحاز على اللجوء في بريطانيا، إنه تجسس لسنوات طويلة على المتشدد أبو قتادة وغيره من المتشددين الإسلاميين الآخرين لصالح جهاز الاستخبارات الداخلي البريطاني (إم آي 5)، حيث تم اعتقال أبو قتادة (44 عاما) ، استنادا إلى المعلومات التي قدمها لذلك الجهاز.

وأبلغ الجزائري حاسين صحيفة (ايفنينغ ستاندرد) المسائية البريطانية في مقابلة معها نشرت هذا المساء أنه يعيش في رعب دائم، حيث نقل إليه أن "المتشدد أبو قتادة أقسم من سجنه أنه سيقتله انتقاما لما فعله تجاهه"، وقال "والآن سيخرج من السجن حرا وسينفذ قسمه".

وتعتبر السلطات البريطانية المتشدد أبا قتادة بأنه سفير بن لادن في أوروبا، كما تشير التحقيقات إلى ارتباطه بانتحاريي هجمات 11 سبتمبر 2001 وعدد من عناصر شبكة (القاعدة)، ورغم مطالبات عديدة من جانب الأردن بتسليمه إلا أن الحكومة البريطانية رفضت ذلك، خشية تنفيذ حكم الإعدام فيه، وفضلا عن ذلك منحته هو وزوجته وأبناءه الثلاثة حق اللجوء ونفقات معيشية وسكن تقدر بحوالي ألف جنيه إسترليني في الشهر.

وكشف حاسين (43 عاما) في المقابلة كل التفاصيل الدقيقة التي حققت لجهاز الاستخبارات البريطاني وفرع مكافحة الإرهاب بشرطة سكوتلانديارد كل المعطيات التي تؤكد تورط أبو قتادة الذي اختفى العام 2000 لكن في الأخير تم إلقاء القبض عليه وتم اعتقاله في سجن بيلمارش الحصين المخصص للمتشددين وذوي السوابق من عتاة المجرمين في بريطانيا.

وتحدث حاسين عن فراره من الجزائر طلبا للنجاة، حيث كان المتشددون المناهضون للحكم يستهدفون الصحافيين بالقتل، مشيرا إلى أنهم قتلوا مئات الآلاف من الأشخاص المدنيين شيوخا وأطفالا ونساء "على اعتبارهم أنهم من الكفار".

وقال حاسين، إنه حين جاء إلى لندن، ذهب ليعيش حيث غالبية الجالية الجزائرية حيث أبلغوه أن هنالك مسجدا في منطقة سيفين سيسترز بإمكانه الصلاة هناك ومن ثم متابعة أخبار الجزائر بدقة، وهذا المسجد ليس بعيدا عن مسجد فينزبوري بارك الذي أصبح معقلا للمتشددين الإسلاميين من أمثال أبو حمزة المصري وأبو قتادة وغيرهم.

وأضاف أن بداية تعاونه مع جهاز الاستخبارات البريطانية، جاء من بعد تقديمه طلبا للقنصلية الفرنسية في العاصمة البريطانية للحصول على جواز سفر بريطاني، حيث في القنصلية التقاه ضابط من جهاز الاستخبارات الفرنسية، حيث أبلغه أن الحكومة البريطانية غير معنية كما هو الحال في فرنسا بمطاردة ومراقبة المتشددين، وطلب مني أن أتعاون معه في تقديم معلومات عن نشاط هؤلاء على الأراضي البريطانية".

واستطرد يقول "هذا الضابط قدمني إلى نظير له في الفرع البريطاني الخاص بمكافحة الإرهاب، ومن هناك بدأ ارتباطي بجهاز الاستخبارات لتزويده أية معلومات عن تحركات المتشددين ومن بينهم أبو قتادة وغيره، حيث طلب إلي أن أقوم بدور المسلم الجزائري المتشدد الذي يدعو للجهاد، وكذا تقمصت تلك الشخصية، وأديت مهمتي، حيث واظبت على جميع اللقاءات والندوات والصلوات التي يحضرها أبو قتاده الذي اقتنع بأنه صار واحدا من أتباعه".

وروى حساني للصحيفة البريطانية كيف كان يكتب جميع الملاحظات والمعلومات ليمررها لضابط استخبارات كان يلتقيه عادة في أحد فنادق الخمس نجوم في لندن، وقال إن أبا قتاده كان يدعو لقتل اليهود فلا فرق بينهم وبين البريطانيين والأميركيين الذين يعتبر قتلهم جهادا في سبيل الله.

وقال كان ابو قتاده وأنصاره يتحدثون لا بل يخططون لكيفية تنفيذ هجمات ضد محطات قطارات الأنفاق والأماكن العامة في لندن، وتفجير سيارات وتنفيذ عمليات انتحارية في المناطق المأهولة، وأشار حساني أن هذه الدعوات والخطط كانت تستميل كثيرا من الشباب المسلم المراهق، الذين كانوا يقتنعون بمقولته إن "أبواب الجنة مغلقة بسيفين، ومهمة المسلم هي تناول أحد السيفين والشروع بقتل الكفار، ساعتها تفتح الجنة أبوابها".

يذكر أن المعلومات التي قدمها حساني للاستخبارات كانت من أهم الأدلة الدامغة ضد أبو قتادة حين مثل أمام قاضي التحقيق، حيث من بينها أنه هو رجل القاعدة الأول في بريطانيا، وكانت النتيجة أنه تم التحفظ عليه من دون محاكمة في سجن بيلمارش. لكن سجن أبو قتادة لم يشفع لحساني من أنصاره الآخرين الذين كان ينقل معلومات عنهم مثل ريشارد ريد الذي اعتقل وكان يخفي قنبلة في حذائه على متن طائرة مدنية أميركية وزكريا موسوي المسجون حاليا في الولايات المتحدة، حيث بعد اعتقال أبو قتاده صار الجميع الذين يشاركهم الصلاة في مسجد فور فيذرز يشكون فيه، حتى أنه غادر المسجد إلى غير رجعة.

وفي الأخير، يقول حساني "بعد سجن أبو قتادة بدأت أحس بالاطمئنان لكنني وجدت نفسي مرة ثانية أواجه الهلع والخوف حيث بلغني أنه اصدر فتوى من سجنه بقتلي، جزاء على ما فعلته به، ومصدر خوفي هو أن أنصاره ممكن أن ينفذوا الفتوى، ومن الصعب علي التفكير الآن في أية خطة مستقبلية، وخصوصا أنني لا أفكر إلا في شيء واحد وهو أنني رجل ميت".