عبدالله زقوت من غزة: أنهى الفلسطينيون في قطاع غزة المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية التي أجريت في عشر دوائر انتخابية ، رغم حالة الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية والمنازل والأراضي في قطاع غزة ، بسبب الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة التي طالت كل شيء فلسطيني، و صبت النتائج النهائية لمصلحة الإسلاميين و تحديداً القوائم التي تمثل حركة حماس في إشارة إلى وجود تأييد شعبي واسع لهذه الحركات الإسلامية لدى الفلسطينيين .

وتوجه الآلاف من قطاع غزة إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس البلدية، رغم نقص وانعدام الخدمات البلدية بسبب سياسات الاحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين، أملاً في مستقبل مشرق، و امتداداً لحياة جديدة تبعث الأمن و الطمأنينة في نفوس نحو مليون و نصف المليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة تحت الحصار و الإغلاق و الدمار الهائل الذي فرضه الاحتلال الاسرائيلي .

تصميم على المشاركة
وقف أبو العبد رزق ( 39 عاماً ) و بجواره زوجته و بعض أنجاله ، أمام إحدى مراكز الاقتراع في دائرة دير البلح الانتخابية وسط قطاع غزة ، و هو يبحث عن اسمه و رقمه بين أسماء الناخبين ، و قال لـ " إيلاف " ، لقد أحضرت كل أفراد أسرتي كي نشارك في الانتخابات البلدية ، رغم كل ما نعيشه من ألم و معاناة ، و انعدام في كافة الخدمات البلدية بسبب سياسة الاحتلال الاسرائيلي التي أوقفت بشكل كبير عمل المجالس البلدية الفلسطينية .

وأضاف أبو العبد الذي نجح في الحصول على اسمه و رقمه " جئت لأمارس حقي الديمقراطي ، لندلل للعالم كله أننا شعب نحب الحياة ، و نريد العيش بسلام ، و نمارس حياتنا بكل ديمقراطية أسوة بدول العالم المتحضرة ، و رغم غطرسة العدو الاسرائيلي الذي يحاول أن يجعلنا جهلة و أميين - على حد قوله - " .
وليس ببعيد عن أبو العبد ، مرت سيدة ستينية تتكئ على عكازين ، و هي تنادي على أحد المرشدين لإرشادها عن كيفية ممارسة الانتخابات ، و بينما راح المرشد يبحث عن اسم السيدة ، بادرنا بسؤالها لماذا حضرت للانتخابات ، فقالت " توجه إلي العديد من الجيران ، و طلبوا مني الذهاب للانتخابات من أجل انتخاب بلدية جديدة ، و رغم أنني متعبة و أرهقني الكهل إلا أنني صممت على المشاركة أملاً في تقديم خدمات من البلدية لكافة أهالي دير البلح ، بعد معاناتنا اليومية بسبب الاحتلال و القصف و التدمير لكل شيء فلسطيني " .

إقبال كبير
و توافد الناخبون الفلسطينيون في قطاع غزة على مراكز الاقتراع للمشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية التي بدأت في عشر دوائر انتخابية في قطاع غزة لإختيار ممثليهم في المجالس البلدية العشرة .

و شهدت مراكز الاقتراع المنتشرة في قطاع غزة إقبالاً كثيفاً من قبل الناخبين الذين توافدوا للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات بلدية تجرى في قطاع غزة ، و بعد أقل من أسبوعين من انتخابات الرئاسة الفلسطينية .

و جرت الانتخابات البلدية في مرحلتها الأولى في عشر دوائر انتخابية هي مدينة الزهراء بمحافظة غزة ، و بيت حانون في شمال قطاع غزة ، و بني سهيلا و خزاعة في محافظة خان يونس ، و الشوكة ، و النصر ، في محافظة رفح ، و أخيراً في دير البلح ، و الزوايدة ، و المغازي في محافظة الوسطى ، حيث سيتنافس ( 414 مرشحاً ) من بينهم ( 68 إمرأة ) للفوز بمقاعد المجالس البلدية البالغة عددها ( 118 مقعداً ) .


إنها تجسيد لروح العمل

وقالت المعلمة هيام إلباز إن إجراء الانتخابات البلدية بعد أقل من أسبوعين على انتخابات الرئاسة تجسد عملياً روح العمل و التفاؤل و المستقبل الذي يبني عليه الفلسطينيون أملاً في النفوس و التسلح بسلاح العزيمة لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة ، و أضافت إلباز إن العمل الخدماتي أمر يمس حياة كل المواطنين و يلامس أدق تفاصيلها ، و يتطلب دماً جديداً و أشخاصاً جدد من شأنهم إزالة ما دمره الاحتلال الاسرائيلي ، و لو بشكل معنوي ، و شحن العزيمة الفلسطينية في كل منزل .

وأشارت بهية مزهر زميلة هيام، أن الفائزين في الانتخابات البلدية عليهم مهام جسام، من أجل إعادة إعمار البلدات التي تعرضت لاجتياحات الجيش الاسرائيلي، وما لحقها من تدمير واسع في البنية التحتية.

وأوضحت لـ " إيلاف " ، أن انتخابانا لمجالس بلدية جديدة في ظل دمار كبير للبنية التحتية ، هو مدعاة للصمود و الأمل و نبذ الاستسلام و إبداء العزيمة من جديد .

عدد الناخبين
وبلغ عدد الناخبين الفلسطينيين ( 83700 ) ، اقترع منهم ( 60480 ) أي بنسبة ( 72 % ) ، حيث سجلت أعلى نسبة تصويت في بلدية المصدر و بلغت ( 96 % ) ، و أقل نسبة تصويت في دائرة دير البلح و بلغت ( 77 % ) .

وبلغ عدد مراكز الاقتراع بلغت (48 مركزاً )، منها أحد عشر مركزاً للسجل المدني، والمراكز الأخرى لسجل الناخبين، حيث بلغ عدد الناخبين المسجلين في سجل الناخبين (62433 ) اقترع منهم (52968 ) أي بنسبة (85 % )، و عدد الناخبين في السجل المدني بلغ (21267 ) اقترع منهم (6344 ) أي بنسبة ( 30 % ) .

إشادة المراقبين الدوليين
واشاد المراقبين الدوليين بالانتخابات البلدية، و أبدوا ارتياحهم لسير العملية الانتخابية ، كما أشادوا بالإجراءات التي وضعتها لجنة الانتخابات من أجل إنجاحها ، مؤكدين على مهنية الطاقم الفلسطيني الذي أدار هذه العملية .

ومن المقرر أن تجري المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية في الثامن و العشرين من شهر نيسان ( أبريل ) المقبل ، على أن تجري المرحلة الثالثة بعدها بثلاثة شهور ، مشيراً أن موعد المرحلة الثالثة يتزامن مع الانتخابات التشريعية ، حيث سيتم تحديد موعد لاحق لها بقرار من مجلس الوزراء الفلسطيني.

نتائج لافتة للإسلاميين
وأظهرت النتائج النهائية أن قائمة التغيير و الإصلاح الاسلامية المحسوبة على حركة حماس نجحت بالفوز في سبع بلديات من أصل عشرة ، فيما فازت قائمة الرئيس ياسر عرفات المحسوبة على حركة فتح باثنين من المجالس البلدية ، و بقيت البلدية العاشرة عشائرية.

وحصلت حركة حماس في دائرة دير البلح على ( 13 مقعداً من أصل 15 ) ، و في بيت حانون حصلت على ( 11 من أصل 13 مقعداً ) ، و في بني سهيلا حصلت على ( 12 من أصل 13 مقعداً ) ،و حصلت في الزوايدة على ( 11 من أصل 13 مقعداً ) ، و في الشوكة على ( 9 مقاعد من أصل 11 ) ، و في النصر على ( 9 مقاعد من أصل 11 )، و في خزاعة على ( 7 مقاعد من أصل 11 ).

وفازت عشرين سيدة من أصل ثمانية و ستين رشحن أنفسهن لعضوية المجالس البلدية ، أي ما نسبته ( 17 % ) من الأعضاء ال ( 118 ) الفائزين ، في حين سجلت مشاركة المرأة الفلسطينية ارتفاعا مذهلاً حيث وصلت إلى ( 50 % ) و هي تكاد تكون أعلى نسبة في العالم في مشاركة المرأة في الانتخابات .

ويرى مراقبون سياسيون أن نجاح حماس في الانتخابات البلدية ، يعزز دورها في الحياة السياسية الفلسطينية ، و تظهر رغبتها في المشاركة في السلطة الفلسطينية قبل الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة .