واشنطن :تنفس الرئيس الاميركي جورج بوش وادارته الصعداء بعد ان اعلنوا ان الانتخابات العراقية حققت "نجاحا باهرا" وبعد ان اجتازت سياساتهم في ذلك البلد المضطرب امتحانا صعبا.
ورغم ان نتائج الانتخابات لاختيار مجلس وطني لن تظهر قبل اسابيع، ظهر بوش على شاشات التلفزيون بعد ساعات من اغلاق مراكز الاقتراع امس ليعلن ان العملية الانتخابية "لحظة عظيمة وتاريخية".
وبدا التفاؤل واضحا في تصريحات الرئيس وكبار مساعديه بعد تمسكهم باجراء الانتخابات في موعدها وسط حملة من القتل والارهاب شنها المسلحون ووسط دعوات المسلمين السنة بمقاطعة الانتخابات.
وتمسك بوش باجراء الانتخابات رغم علامات الاستفهام حول مصداقيتها وتوقعات بعض المحليين بانها ستسهم في تصعيد اعمال سفك الدماء لانها ستدق اسفينا بين الاغلبية السنية والاقلية السنية.
وسعى مسؤولو الادارة الاميركية على مدى اسابيع الى التقليل من التوقعات المتعلقة بالانتخابات ورفضوا وضع حد ادنى لنسبة المشاركة المقبولة. وقال بوش الاسبوع الماضي ان مجرد اجراء الانتخابات هو نجاح بحد ذاته.
ولكن ومع بلوغ نسبة الاقتراع حوالي 60 بالمئة، اي افضل من نسبة الاقبال التي سجلتها معظم الانتخابات الاميركية، وذلك رغم اعمال العنف التي راح ضحيتها 37 شخصا، وبعد اعلان الخبراء الاجانب ان عملية الاقتراع طابقت المعايير الدولية، تنفست الادارة الاميركية الصعداء.
وفي حين قال بوش ان "الشعب العراقي نفسه جعل من هذه الانتخابات نجاحا باهرا"، رأت وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس انها نصر لقوة الولايات المتحدة.
وقالت رايس لشبكة "فوكس نيوز" "ان هذا يوم عظيم لاميركا التي ارتبط اسمها دائما بمسيرة الحرية ومحاولاتها لمساعدة من يريدون الحصول على الحرية".
ومع انقسام الشعب الاميركي حول الغزو الاميركي للعراق في اذار(مارس) 2003، ووصول عدد القتلى الاميركيين في العراق الى اكثر من 1400 قتيل والضغوط لسحب القوات الاميركية البالغة 150 الف جندي من البلد المضطرب، قام بوش بنفسه بالترويج لاجراء الانتخابات في العراق.
ورفض كافة الاقتراحات بتاجيل الانتخابات واجرى عدة محادثات في الاسابيع الاخيرة مع رئيس الوزراء العراقي المؤقت اياد علاوي لضمان التزامه بموعد الانتخابات.
ويبدو بوش الان في موقف يؤهله جني بعض المكاسب السياسية داخل بلاده وخارجها بعد الانتقادات الشديدة لغزوه العراق.
اما رايس التي من المقرر ان تزور اوروبا الاسبوع المقبل للتحضير للجولة التي يقوم بها بوش الى اوروبا الشهر المقبل لاصلاح العلاقات الاميركية الاوروبية، فقد تنبأت بان الانتخابات العراقية ستساعد في تخفيف التوتر الذي احدثته الحرب على العراق في العلاقات بين الولايات المتحدة وحليفاتها.
وقالت ان اي بلد يدعم الديموقراطية "يجب ان يكون مسرورا بما رأيناه اليوم ويجب ان يدرك ان من واجبنا مواصلة نشر الحرية في العالم".
وكان للانتخابات التي سارت بسلاسة نسبية في بغداد تاثير في تهدئة حتى الشخصيات الديموقراطية البارزة التي انتقدت العملية العسكرية على العراق.
وصرح السناتور جوزف بيدين، المتحدث الديموقراطي البارز في مجال السياسة الخارجية، لشبكة "سي بي اس" الاخبارية من باريس ان الانتخابات منحت "مشروعية حقيقية" للحكومة العراقية ويجب على العالم المساعدة في تدريب قوات الامن العراقية.
واضاف بيدين الذي من المقرر ان يلتقي الرئيس الفرنسي جاك شيراك غدا الاثنين، "ساقول له بأدب ان الوقت قد حان لكي تتدخل فرنسا. لقد قمنا بكل شيء قال انه يرغب في ان نقوم به".
وصرح السناتور الديموقراطي عن ولاية انديانا ايفان بايه "ان هذا يوم عظيم للديموقراطية" حتى لو كان "خطوة واحدة فقط فيما سيكون عملية طويلة وصعبة".
اما السناتور الديموقراطي عن ولاية ماساشوستس جون كيري الذي هزم في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني(نوفمبر) امام بوش، فقد وصف الانتخابات بانها خطوة "هامة" لا تزال تتطلب "جهدا دبلوماسيا هائلا" لتحقيق المصالحة بين مختلف الطوائف في العراق.
ورفض الديموقراطيون الثلاثة دعوة السناتور الديموقراطي ادوراد كنيدي البدء في سحب القوات الاميركية فورا من العراق واستكمال عملية الانسحاب العام المقبل.
وقال بيدين "اعتقد ان هذا الامر سابق لاوانه".
وقال مسؤولون في الادارة الاميركية ان الانتخابات هي الخطوة الاولى نحو الديمقراطية حيث من المقرر ان يقوم المجلس بتشكيل الحكومة ووضع الدستور وتنظيم انتخابات حاسمة بحلول كانون الاول(ديسمبر).
وسيواجه بوش كذلك تحديا بالتعامل مع حكومة عراقية من المرجح ان يسيطر عليها الشيعة، في الوقت الذي سيحاول تسريع عملية تدريب قوات الامن العراقية لمواجهة التمرد المتصاعد.
ولكن وسط كل الانباء السيئة التي تخرج من العراق، جاء يوم الانتخابات ليكون يوم تنفس فيه بوش الصعداء واعلن ان "الشعب العراقي تحدث الى العالم واستمع العالم الى صوت الديموقراطية من قلب الشرق الاوسط".