"ابن خلدون" يرصد التطورات بمصر

نبيل شرف الدين من القاهرة: يستهل تقرير مركز "ابن خلدون" باستعراض الوضع في مصر بمقدمة يرصد فيها جانباً من تاريخها المعاصر قائلاً إنها حصلت على استقلالها الاسمي عن المحتل البريطاني عام 1922، وفي عام 1952 قاد البكباشي جمال عبد الناصر ثورة على الحكم الملكي محولا البلاد إلى حكم عسكري ديكتاتوري تميز بالدعوة للقومية العربية ومعاداة الغرب. وقد دخول في حربين متتاليين مع إسرائيل في 1956 و1967. وبموت عبد الناصر في 1970 كانت دعائم النظام السياسي الشمولي التي صادرت كافة أوجه الحياة المدنية قد تدعمت، ولم تفلح محاولات الرئيس التالي له، أنور السادات، في الانفتاح السياسي والاقتصادي في تغيير الوضع القائم، فقد حاول السادات تبنى سياسة تحالفية مع الغرب وإقرار سلام متوازن مع إسرائيل بعد الانتصار عليها في حرب 1973. ولكن ميوله الدينية ومغازلته للجماعات الدينية كانت سببا في اغتياله من قبل جماعة الجهاد المصرية عام 1981.
بمجيءالرئيس مبارك إلى الحكم إثر اغتيال السادات فقد أعلن قانون الطوارئ للسيطرة على الجماعات الإرهابية خلال عقدي الثمانينات والتسعينات. وبانتهاء عقد التسعينات كانت الحكومة قد نجحت في السيطرة على ظاهرة الإرهاب، ولكن مازالت الحياة المدنية المصرية مقيدة، ومازال الوضع الاقتصادي يتدهور بشكل تدريجي وترتفع معدلات البطالة والفساد.

مؤشرات التحول الديمقراطي في مصر
1- السلطة التنفيذية والتشريعية
شهد عام 2004 تكالب مجموعة من التحديات المتتالية على السلطة المصرية، تمثل أهمها في اعتلال صحة الرئيس مبارك، وتمثل أخطرها في استمرار مشكلة تباطؤ النمو الاقتصادي للعام السابع على التوالي وهو ما نتج عنه خروج مظاهرات نادرة انطلقت منتصف يناير 2004 لتهتف ضد الغلاء ثم ما لبثت أن تحولت الى هتافات عدائية ضد النظام . وتمثل أكثر هذه التحديات ازعاجا في الضغوط المتزايدة من الداخل والخارج للدفع نحو التغيير والاصلاح وقد أدى فشل تعامل السلطة المصرية مع هذه التحديات الى شيوع الضيق والتذمر الذي وصل الى مستويات غير مسبوقة نتيجة الملامح "البعثية" التي طالت الحياة السياسية المصرية والتي تمثلت في:
1- تمترس السلطة وراء الدستور الشمولي : الدستور المصري يحتوي على 211 مادة، تختص 30 مادة منها بحقوق وسلطات رئيس الجمهورية، وهي حقوق واسعة ومتشعبة. منها أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويرأس المجلس الأعلى للشرطة، والمجلس الأعلى للهيئات القضائية ويعين نائباً أو أكثر له، وعشرة من أعضاء مجلس الشعب، وثلث أعضاء مجلس الشورى، ورئيس الوزراء، والمحافظين، والسفراء، وغيرهم من كبار موظفي الدولة وممثليها. وله سلطة عزلهم أو إنهاء أو تمديد خدمتهم. كما أن من سلطاته إعلان الحرب وحالة الطوارئ وإصدار مرسومات وقرارات جمهورية وأوامر عسكرية لها قوة القانون. ورئيس الجمهورية له سلطة حل مجلس الشعب، والدعوة إلى الانتخابات والاستفتاءات العامة وتحديد موعدها.
وفي مقابل هذه السلطات الواسعة، لا توجد إلا مادة واحدة (رقم 85) تتعلق بمحاسبة رئيس الجمهورية، وحتى هذه المادة ظلت حبراً على ورق، حيث لم يصدر القانون المنظم لهذه المحاسبة . كما تجدر الاشارة الى أن الرئيس حسني مبارك لم يعين نائباً له طيلة مدة رئاسته التي قاربت ربع قرن، رغم أن المادة 85 من الدستور، والمواد الثلاث السابقة لها تفترض وجود نائب للرئيس. وهو الأمر الذي اشتد الإلحاح عليه من المعارضة وفئات عديدة من الشعب خصوصًا خلال الأزمة الصحية التي مر بها الرئيس في منتصف العام. ومن العيوب الأخرى في الدستور المصري الحالي طريقة اختيار رئيس الجمهورية (المواد 75-78)، وهي من خلال الاستفتاء على مرشح واحد بـ "نعم" أو "لا" والذي يجري اقتراحه من قبل ثلثي مجلس الشعب، كما تحدد المادة 77 "مدة الرئاسة بست سنوات ميلادية" ويجيز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية "لمدد أخرى"، بدون تحديد حد أقصى. وقد أدى هذا الوضع إلى بقاء الرئيس مبارك لمدة 23 عاما متتالية محققا بذلك رقما قياسيا منذ عهد محمد علي في القرن التاسع عشر.
ورغم تلاقي جميع أحزاب المعارضة والقوى الوطنية ومنظمات وهيئات المجتمع المدني حول ضرورة تعديل دستور الجمهورية كمدخل أساسي للاصلاح السياسي، إلا أن النظام المصري داوم على تجاهل هذه المطالب معللا ذلك بأن "الجو" غير مهيأ لمثل هذا التعديل وأن الظروف الاقليمية غير مناسبة، كما قام رموز النظام الحاكم بإطلاق تصريحات تمهد لاعادة انتخاب الرئيس محمد حسني مبارك في سنة 2005 لولاية خامسة عن طريق الاستفتاء، مثلما صرّح مصطفي الفقّي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب بداية نوفمبر 2004 قائلا لقد قبلنا الاستفتاء على رئاسة الجمهورية في الفترات السابقة، ومستعدون أن نقبله في الولاية القادمة شرط أن تكون الأخيرة. ؟!
2- توريث السلطة وتحالف الحزب والحكومة : صرح الرئيس مبارك في أول يناير 2004 بأنه لا توريث للحكم في مصر،ولكن هذا التصريح كان نهاية للإشاعة ولكن ليس نهاية للقلق المثار حول توريث السلطة في ظل التزام الرئيس مبارك الصمت رسمياً حيال مسألة إعادة ترشيحه لفترة خامسة من عدمه. وهناك دلائل صارخة مناقضة لهذا التصريح، فمازال نجل الرئيس جمال مبارك رئيسا لـ "أمانة السياسات" في الحزب الوطني، وهو منصب رفيع استحدث خصيصا له، وهو الموقع الذي وصف -بصدق- بأنه "القلب النابض" للحزب، فقد لعبت هذه الأمانة التي يرأسها جمال مبارك، دورًا مؤثرا في تشكيل الحكومة المصرية الجديدة برئاسة د. أحمد نظيف في يوليو 2004، وهو لا يحمل أية ماضى سياسي او توجهات سياسية، كما عين ثمانية من أعضاء لجنة السياسات هذه كوزراء في الحكومة الجديدة. كما أن أول جلسة للحكومة الجديدة عقدت داخل مقر الحزب الوطني الحاكم وظهر فيها نظيف جنبا الى جنب بجوار جمال مبارك وبدا واضحا للعيان أن كلا الرجلين يعرف حدود عمله جيدا، حيث تولى لجنة السياسات مهمة تقديم مشاريع القوانين الى الحكومة لمناقشتها ثم تقوم الحكومة بالتقدم بها الى مجلس الشعب، وهو ما انتقده البعض بالحديث عن معادلة مصرية جديدة تحتوى على "حكومة الحزب" لا "حزب الحكومة". وقد عبرت هذه المعادلة عن نفسها في الدفع بقرارات الحزب الوطني في مؤتمره السنوي 23 /7/2004والمتعلقة بخفض مجموعة من الضرائب والجمارك الى البرلمان، وفيما أعلنه جمال مبارك في مؤتمر الحزب الوطني بأسيوط 25/11/2004 أن الحكومة ستتقدم للبرلمان بمجموعة من مشروعات القوانين بغية تحقيق ما وصفه بتعبير "الإصلاح بمفهومه الشامل" تتعلق بمباشرة الحقوق السياسية، والنقابات المهنية ومجلس الشعب والأحزاب السياسية، وهي نفس مشاريع القوانين الذي أعلن سابقا أن الرئيس مبارك سيعلن عنها في افتتاح مؤتمر الحزب الوطني لمناقشتها ولكن رغم تصريحات مبارك الأب والإبن لم يتم الدفع بهذه القوانين حتى نهاية عام 2004. كما لم يعد مثيرا للإستغراب رؤية جمال مبارك في اجتماعات رئاسة الوزارء عند بث مشاهد اجتماع الحكومة الجديدة في التليفزيون أومطالعة صحيفة الأهرام تعلن،دون مواربة، في صفحتها الأولى أن جمال مبارك يطرح "رؤية مصر للمستقبل" أمام البرلمان الألماني في بداية شهر ديسمبر2004 في وضع وصفته أحزاب المعارضة المصرية بأنه غير قانوني أو دستوري وانما يعبر عن فرض الأمر الواقع.
3- الاحتماء بقانون الطوارئ : ارتبط الحديث عن حكم الرئيس مبارك الذي بدأ عام 1981 بتطبيق قانون الطوارئ الذي مازال العمل به ساريا للعام الثالث والعشرين على التوالى، ورغم اعلان النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد عن تقليص نطاق تطبيق قانون الطوارئ في منتصف أغسطس 2004 بحيث يقتصر على "القضايا التي تمس أمن الدولة في الخارج والداخل"، إلا أن قادة الأحزاب وخبراء القانون الدستوري رأوا في هذه الخطوة التفافا حول مطالب الشارع المصري بالتغيير الكامل والإلغاء التام لقانون الطوارئ. حيث أن هذا التوجه يبقي القضايا ذات الطبيعة السياسية تحت ولاية مباحث ومحاكم أمن الدولة.
وفي اكتوبر 2004 أقام أكثر من ألف معتقل سياسي في السجون المصرية عددًا من الدعاوى القضائية ضد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب تطالبهما بالتعويض المادي والأدبي؛ بسبب تمديد قانون الطوارئ لمدة 23 عامًا متواصلة، واعتبر المعتقلون أن تمديد قانون الطوارئ يعتبر تعسفًا في استخدام السلطة، حيث اعتبرت مناقشات مجلس الشعب حول التمديد الأخير بسبب حالة الحرب في العراق تجاوزا تعسفيا، وهو مدخل قضائي جديد لمحاربة الطوارئ أسهل من الدفع بعدم الدستورية،ولكن في 27/12/2004، رفضت محكمة جنوب القاهرة هذه الدعوى لأن تطبيق قانون الطوارئ يعد من أعمال السيادة التي يختص بها رئيس الجمهورية‏،‏ موضحة أن مناقشات مجلس الشعب (البرلمان) بشأنه هي من الأعمال البرلمانية‏،‏ وبالتالي يمتنع على القضاء البحث فيها.كما أشارت المحكمة في حكمها إلى أن "السبيل الوحيد لإلغاء أو وقف العمل بقانون الطوارئ هو اللجوء إلى مجلس الشعب أو الطعن على هذا القانون أمام المحكمة الدستورية‏ العليا. واستنادا لقانون الطوارئ فقد رفضت سلطات الأمن خمسة مرات متتالية التصريح بمؤتمر شعبي لجبهة توافق أحزاب المعارضة المصرية للحديث في ميدان عام حول الإصلاح السياسي والدستوري، في نفس الوقت التي سمحت للحزب الحاكم بعقد عشرة مؤتمرات جماهيرية خلال الفترة نفسها .
والسلطة التشريعية المصرية في يد مجلس الشعب المؤلف من 454 عضوا ينتخب الشعب 444 منهم ويعين الرئيس 15 عضوا، ويتمتع مجلس الشعب دستوريا بمعظم الصلاحيات المتاحة لبرلمانات الدول الديمقراطية الغربية أما في الواقع فإن السلطة التنفيذية تسيطر تماما عليه، حيث يحتل نواب الحزب الحاكم والمستقلين التابعين له أغلبية ساحقة مكنت الحزب من تمرير أى قانون تريده السلطة التنفيذية ومنع أي قانون تتقدم به المعارضة . ويتم تمرير الميزانية العامة للدولة بدون مناقشة حقيقية في ظل وجود بنود سرية كثيرة فيها. ولم يحدث أية حوادث حجب ثقة للوزراء وأعضاء السلطة التنفيذية، و أخيرا تظهر هذه السيطرة بصورة واضحة في التصويت المتكرر لمجلس الشعب لمصلحة تمديد حالة الطوارئ طبقا لطلب الرئيس مبارك والتي كان آخرها في 23 فبراير 2003 بحجة بحجة مرور البلاد أو المنطقة بحالة اضطراب.
وقد تم إنشاء مجلس الشورى عام 1980 لكنه يؤدي دورا استشاريا فقط،ويتألف المجلس حاليا من 264 عضوا ينتخب ثلثيهم ويعين رئيس الجمهورية الثلث المتبقي. ومدة العضوية في مجلس الشورى ست سنوات، ويجري تجديد نصفي كل ثلاث سنوات لأعضاءه.
وبعد 5 سنوات من الجدل تم منتصف عام 2004 أدراج مشروع قانون لمحاكمة الوزراء على جدول أعمال لجنة الاقتراحات للمناقشة بمجلس الشعب، ويعتبر المشروع أول قانون لمحاكمة الوزراء منذ إقرار قانون صدر أيام الوحدة مع سوريا عام 1958. وقد نجحت الحكومة الجديدة برئاسة نظيف في تجنب تمرير مشروع القانون عن طريق إرضاء مجلس الشعب والشورى بتخصيص يوم الاثنين أسبوعيا لمناقشات ما يرد منهم من شكاوى او اقتراحات وتخصيص مكتب في مجلس الوزراء للرد عليها، كما قامت الحكومة باستحداث منصب المتحدث الرسمي بإسم كل من الوزراء كخطوة جديدة لمكاشفة الرأي العام المصري ومخاطبته.
ومع بداية الدورة البرلمانية الجديدة في شهر نوفمبر وفي أول سابقة في الحياة النيابية المصرية، طلب أكثر من 70 نائبا في مجلس الشعب تخصيص جلسات خاصة لمناقشة علنية لتقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي سيصدر في يناير 2005. وطالبوا بإذاعة الجلسات على الهواء مباشرة على شاشات التلفزيون عبر المحطات الأرضية والفضائية إعمالا لمبدأ الشفافية بشرط حضور الوزراء المختصين، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة للرد على استفسارات النواب.وترجع أصداء هذا التحرك الى يونيو 2004 عندما أثار أعضاء البرلمان من الإخوان قضية تعذيب معتقلي الإخوان اثر القبض على ستين معتقل اخواني ووفاة أحدهم داخل السجن اواخر مايو 2004.
هذا وقد شهد شهر أغسطس 2004 حسم البرلمان المصري لجدل شهدته الحياة السياسية حول السماح لمزدوجي الجنسية بالترشيح لعضوية البرلمان والمجالس الأخرى المنتخبة، حيث اعتبر البرلمان أن حرمان ترشيح مزدوجي الجنسية حكم دستوري ثابت ولا يجوز مخالفته أو تعديله.
وقد أثار البرلمان المصري مجموعة من الحملات ضد الحكومة المصرية كان أكثرها ضجة في قضية عرفت بـ"صفر المونديال" حين خرجت مصر صفر اليدين من المنافسة على تنظيم بطولة كأس العام لعام 2010، حيث استجوبوا وزير الشباب السابق د. علي الدين هلال وطالبوه بتقديم استقالته مؤكدين أنه يتحمل شخصياً مسئولية هذا الفشل الذريع وطالبوا بتقديم كشف حساب مفصل حول المبالغ التي تم انفاقها وكونوا لجنة تقصي حقائق حول هذا الموضوع مما أدى الى خروجه في الوزارة الجديدة . كما شهدت قضية ارتفاع أسعار حديد التسليح والاتهامات المثارة باحتكاره من قبل بعض الأشخاص منتصف العام جدلا كبيرا بين النواب امتد الى حد التشابك بالأيدي بين نواب الأغلبية والمعارضة والمستقلين وبين بعض نواب الحزب الوطني الحاكم في ظل تغيب الوزراء المعنيون وممثلو جهاز المحاسبات عن الاجتماع.
و"هيئة الرقابة الإدارية" هي الجهاز الحكومي المصري المسؤول عن التحقيق في قضايا الفساد في القطاع العام. وتحيل هذه الهيئة اتهاماتها إلى "محاكم أمن الدولة العليا" . وقد أدانت هذه المحاكم عددا من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين سنة 2002، بمن فيهم وزير مالية سابق ونائب عام سابق ومحافظ الجيزة السابق، وبعض أعضاء مجلس الشعب. وتضمنت الأحكام في هذه القضايا عقوبات بالسجن لسنوات طويلة وغرامات مالية كبيرة. وفي 1/11/2004 وافق مجلس الشعب على التوقيع على اتفاقية الامم المتحدة لمحاربة الفساد وتتضمن الاتفاقية تدعيم التدابير التي تؤدي إلى مكافحة كافة صور الفساد وملاحقه مرتكبيه.
2- استقلال القضاء والاعتقال
يتمتع القضاء المصري -باستثناء محاكم أمن الدولة العليا التي تعتبر الى حد كبير امتدادا لمباحث أمن الدولة- بقدر كبير من الاستقلالية كما تشهد بذلك العديد من الأحكام التي جاءت في غير صالح الحكومة. يقوم النظام القضائي المصري على مزيج من تقاليد "القانون المدني" ومبادئ الشريعة الإسلامية. وتطبق الشريعة الإسلامية أساسا على المسلمين في الأمور العائلية والأحوال الشخصية والميراث. وعلى الرغم من إخضاع غير المسلمين لقوانين الشريعة فيما يتعلق بالميراث، فقد سمح لهم بالاحتفاظ بقضاء مستقل في جميع المسائل العائلية الأخرى. وقد أطلق المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة في بداية ديسمبر 2004 حملة من أجل الإصلاح القضائي في مصر تستهدف تبسيط اجراءات التقاضي وتحقيق العدالة الناجزة وتحديث التشريعات القضائية بما يلائم المعايير الدولية.
وقد شهد عام 2004 مجموعة من الاحكام القضائية المشرفة بدأت في فبراير بالحكم بإعادة شعار "الشرطة في خدمة الشعب" الذي كان قد استبدل بشعار شمولى بوليسي آخر هو "الشرطة والشعب في خدمة الوطن"؟!، كما حكم القضاء الإداري بمجلس الدولة بإشهار جمعية أولاد الأرض لحقوق الإنسان بعد رفض وزارة الشئون الاجتماعية الترخيص لها بناء علي "تحريات أمنية" كما صدر حكم بإلغاء قرار تجميد حزب العمل المصري في 3/11/2004 . وأصدرت أحد المحاكم في منتصف مارس حكما -يعد الأول من نوعه - بحبس 3 ضباط شرطة بسبب تعذيب مواطن. وقد مني البوليس السياسي المصري بهزمية جديدة بالحكم ببراءة المتهمين في قضية تنظيم الاشتراكيين الثوريين في 11 مارس 2004 . ولكن في نفس الشهر تصدر محكمة أمن الدولة حكما بالسجن ضد 26 متهمي حزب التحرير.
كما شهدت محكمة القضاء الاداري منتصف مايو قضية مثيرة تدعولإلزام الرئيس مبارك بتعيين نائب له للحكم أقامها المحامي عصام الاسلامبولي اكد فيها أن تعيين نائب لرئيس الجمهورية لا يعد عملاً من أعمال السيادة وانما يدخل في نطاق رقابة القضاء باعتبار ان الدستور ملزم لرئيس الجمهورية. وأيضًا في 19 مايو حكمت محكمة القضاء الإداري بالإفراج عن طارق الزمر أحد المتهمين في قضية إغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 بعدما أمضى 22 عاما داخل السجن بدون الافراج عنه. وتصدر محكمة القضاء الاداري في 13/12/2004 يقضي بإلغاء تحصيل رسوم النظافة على فواتير التليفون. و أخيرا في 23/12/2004 قضت محكمة الجنايات بالقاهرة على أحد مساعدي يوسف والى وزير الزراعة السابق وأحد أعضاء الحرس القديم في الحزب الوطنى الحاكم بالسجن عشر سنوات لادانته بتقاضي رشاوى في واحدة من أحدث قضايا الفساد التي شهدتها مصر في السنوات الاخيرة.وطالب القاضي في الحكم بالتحقيق مع والي فيما يتعلق بوقائع القضية التي تشمل استيراد مبيدات تسبب السرطان.
ومن جهة أخرى فقد شهد عام 2004 مجموعة من الاجراءات الجيدة في مجال حقوق الإنسان، مثل التوقيع على الميثاق العربي لحقوق الإنسان في 9/8/2004 كما قرر حبيب العادلي وزير الداخلية تعديل لائحة السجون بإلغاء الحاجز السلكي اثناء الزيارات المقررة للمحكوم عليهم بالسجن في 9/11/2004 وقام برعاية دورة تدريبية لضباط السجون في مجال حقوق الانسان في 9/3/2004، كما أعلن عن بدء تدريس حقوق الإنسان بالجامعات المصرية لأول مرة في 22/3/2004، وفي 16/4/2004 وافق البرلمان المصري على مشروع قانون يشدد على عقوبة إستخدام القسوة في التحقيقات . وكان وزير الداخلية قد أعلن في بيان له الى البرلمان المصري عن تتبني الوزارة مشروعا لاعادة النظر في المعتقلين الدينيين وللإفراج عنهم وتأهيلهم في الحياة العامة في فبراير 2004 وهو ما انتهى في 19/11/2004 بالافراج عن 200 من المعتقلين الدينيين ممن انتهت فترة احتجازهم.
وعلى الجانب الآخر فقد شهد نفس العام انتهاكات خطيرة في موضوعات التعذيب، فحين أصدرت منظمة "هيومان رايتس ووتش": تقريرا عن مصر نهاية فبراير تحت عنوان "التعذيب شائع بمصر"، تفجرت في مصر قضيتي مقتل المهندس أكرم زهدي أحد معتقلي الإخوان أثناء حبسه في مايو، ونهاية أغسطس أزمة أخرى نتيجة وفاة شخصين و إصابة 15 آخرين داخل سيارتين للترحيلات ، كما تم تعذيب أحد المتعاونين مع مركز ابن خلدون نهاية اكتوبر لمساعدته في تنظيم مؤتمر شعبي بإمبابة، وفي بداية نوفمبر يعلن 120 سجينا مصريا الاضراب عن الطعام في سجن أبو زعبل شمال القاهرة احتجاجا على ظروف معيشتهم غير الإنسانية.
ولكن أسوأ انتهاكات حقوق الانسان اقترفتها مباحث أمن الدولة في منطقة العريش والشيخ زويد خلال شهري اكتوبر ونوفمبر 2004 إثر تفجيرات طابا، حيث أعلنت بعثة تقصي الحقائق التي شكلتها ثلاثة جمعيات حقوقية مصرية في تقريرها "صرخة للضمير المصري" حول حوادث التعذيب هناك أكدت فيه أن رجال الأمن المصريين اقتحموا بيوت الأهالي وهم ملثمون وألقوا القبض علي الآلاف من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ وعرضوهم لأبشع أنواع التعذيب بدعوى البحث عن متهم هارب يشتبه في وجود علاقة بينه وبين أحداث التفجيرات.
3- الأحزاب والانتخابات
الانتخابات
لا يوجد انتخابات رئاسية تنافسية مباشرة في مصر وانما يتم اختيار رئيس الجمهورية عن طريق تسميته من قبل ثلث أعضاء مجلس الشعب وموافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس على الترشيح ثم بطرح اسمه على الاستفتاء الشعبي لإقراره بالتصويت بـ"نعم" أو "لا". وفي الاستفتاء الرئاسي الأخيرة في سبتمبر 1999 فاز الرئيس حسنى مبارك بولاية رابعة بنسبة 93.8% من مجموع الأصوات الانتخابية.
تعتبر الانتخابات النيابية التي جرت في أكتوبر ونوفمبر2000، رغم ما شابها من عيوب، أكثر الانتخابات المصرية نزاهة في العقود الأخيرة نظرا للإشراف القضائي عليها. وتنافس في تلك الانتخابات 15 حزبا سياسيا على 444 مقعدا. وفاز الحزب الوطني الديمقراطي بـ 388 مقعدا (87%) وكان نصيب الأعضاء الذين ترشحوا رسميا باسم الحزب 175 مقعدا(42%)، بينما انضم اليهم 213 عضوا (46%) من أعضاء الحزب ترشحوا بصفة مستقلين أو انضموا الى الحزب بعد أن فازوا في الانتخابات . وفازت أحزاب المعارضة الصغيرة التي تضم حزب الوفد الجديد، وحزب الاتحاد، وحزب الأحرار، والأحزاب الناصرية مجتمعة بـ 17 مقعدا(0.3%). وفاز مرشحون مستقلون بـ 37 مقعدا(0.9%)وينتمي 19(0.4%) مرشحا منهم إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وظل هناك مقعدان شاغران.
وقد جرت آخر انتخابات محلية في مصر في إبريل 2000. وفاز الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بـ 97 % من المقاعد البلدية، وجاء فوزه في 52 % من تلك المقاعد بالتزكية.
وقد أجريت الانتخابات التكميلية لمجلسي الشعب والشورى يوم 25/12/2003، لملء المقاعد التي شغرت باستقالة نواب التجنيد ووفاة البعض الآخر، لاختيار 20 عضواً للشعب وعضوين للشورى.وقد أسفرت عن فوز الحزب الوطني بـ 15 لمجلس الشعب ومقعد للشورى بالتزكية، في حين حصلت المعارضة (حزب الأحرار) على مقعد واحد بمجلس الشعب، بينما فاز المستقلون بأربعة مقاعد في مجلس الشعب ومقعد في مجلس الشورى.وتحت عنوان "الحق في المشاركة السياسية" رصدت المنظمة المصرية لحقوق الانسان جملة من الانتهاكات الواقعة في هذه الانتخابات بالتدخل الأمني لصالح مرشحي الحزب الوطني.
وكانت هذه الانتخابات قد قوطعت من معظم الأحزاب المصرية بقيادة حزب الوفد تشكيكا في عدم دستوريتها، وتم احالة الموضوع الى المحكمة الدستورية العليا للفصل في الموضوع، وفي منتصف مارس 2004 حين حسمت المحكمة الجدل الدائر حول الهيئات القضائية المنوط بها الاشراف علي الانتخابات بأن أفادت أن تفسير المادتين‏5‏ و‏18‏ من القانون‏38‏ لسنة‏72‏ بشأن مجلس الشعب اقر مبدأ فتح باب الترشيح أمام جميع من تتوافر فيهم شروط الترشيح في الانتخابات التكميلية وذلك إذا خلا مكان أحد المنتخبين بسبب الوفاة أو بطلان العضوية‏.‏ كما أكدت ان المقصود بعبارة الهيئات القضائية الواردة في القانون كل هيئة يسبغ عليها الدستور أو قانون انشائها صفة الهيئة القضائية وهو ما يشمل هيئة قضايا الدولة والنيابة الادارية‏.‏
ومن جهة أخرى فقد اجريت انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى على ثلاث مراحل فيما بين 23 مايو وحتى 9 يونيو 2004 للتنافس حول 88 مقعدا واستطاع خلالها الحزب الوطني الفوز بـ 70مقعد من المقاعد والمستقلون على 17 مقعد وحزب التجمع بمقعد واحد . وكان اكتساح الحزب الوطني لأحزاب المعارضة لأن الأحزاب الأخرى أصبحت عاجزة عن منافسة مرشحي التنظيم الحكومي الذين ينعمون بدفء السلطة ويحتمون بعباءتها، ويساندهم المحافظون والعمد وأجهزة الحكم المحلي والشرطة وشركات قطاع الأعمال والوزراء وأجهزة الإعلام الحكومية . وشهدت مدينتا الفيوم ونجع حمادي احداث عنف، عقب اعلان فوز مرشحي الحزب الوطني في انتخابات الشوري بالدائرتين احتجاجا علي النتيجة التي وصفوها بأنها ظالمة. ورشق المتظاهرون مقر الحزب الوطني بالحجارة ورددوا الهتافات التي اتهموا فيها الحكومة والحزب الوطني بالتزوير. مما دفع قوات الأمن الى القبض علي عشرات المواطنين داخل مركز شرطة نجع حمادي.
وسوف تجري الانتخابات النيابية القادمة في نوفمبر 2005، وسط تكهنات بأن يتم اعتماد مشروع قانون الانتخاب الجديد في مصر يجمع بين نظامي الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة.
الأحزاب
تختص "لجنة الأحزاب السياسية" التي شكلها الرئيس أنور السادات عام 1976، بالنظر في طلبات الترخيص للأحزاب السياسية الجديدة. ولجنة الأحزاب الحالية يترأسها صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى وأمين عام الحزب الوطني الحاكم وتضم في عضويتها وزراء الداخلية والعدل وشئون مجلس الشعب، إضافة إلى 3 قضاة متقاعدين، كما أن محكمة الأحزاب التابعة للمحكمة الإدارية العليا نصف أعضائها من الموظفين بالدولة. وكانت لجنة الأحزاب قد وافقت مرتين فقط منذ انشائها على قيام أحزاب جديدة، وهما: حزب "الوفاق" عام 2000، و"الجيل الديمقراطي" عام 2001. في حين أنشئت في منتصف سبعينيات القرن الماضي 3 أحزاب بقرارات جمهورية قبل تشكيل اللجنة، وهذه الأحزاب هي: الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، وحزب التجمع (يسار)، وحزب الأحرار (يمين ليبرالي). أما بقية الأحزاب فقامت جميعها بأحكام قضائية بعد رفض لجنة الأحزاب التصريح لهم. ودائما ما تستند الجنة على تشابه البرامج المقدمة جديدا لرفض طلبات الأحزاب الجديدة نظرا لأن قانونها يفرض على الأحزاب المقدمة ان تقوم بعمل برنامج جديد مختلف عن بقية الأحزاب الموجودة.
وقد شهد عام 2004 تحسنا ملحوظا في آداء اللجنة حيث قامت بالموافقة على قيام حزب "الغد" في 26/10/2004 ثم بعدها بعدة أسابيع قامت بالموافقة على قيام الحزب "الدستورى الاجتماعي" وبذلك يصبح عدد الأحزاب في مصر 19حزبا. وهو ما يعطي أملا كبيرا لمجموعة كبيرة من طلبات التأسيس لأحزاب أخرى لم يتم الموافقة عليها أهمها : حزب الوسط بزعامة أبو العلا ماضي ذو التوجه الإسلامي.وحزب آخر ديني التوجه اسمه حزب "الشريعة" وتضم قائمة مؤسسيه بعض المنتمين إلى تنظيم "الجهاد" المصري. وهناك أيضا حزب الكرامة و حزب "مصر الأم" الذي يعرف الحزب أيضا باسم "الحزب الفرعوني" بسبب برنامجه الذي ينص على الفصل بين الدين والدولة والمعارض لفكرة "عروبة مصر". وهناك حزب شباب مصر الذي تقدمت مجموعة من الشبان المصريين ورفض عضوية السياسيين البارزين وأصدر وثيقة حزبية للإصلاح الشامل في 23 /8/ 2004.
كما أعادت لجنة شئون الأحزاب "الحزب العربي الاشتراكي" للعمل بعد تجميده، وأعادت الاعتبار لرئيس حزب "الوفاق الوطني" المجمد أحمد شهيب. وفي 23/12/2004 حسمت اللجنة النزاع حول رئاسة حزب الأحرار باعتماد حلمى أحمد سالم رئيسا للحزب بناء على اقرارالحزب تسميته رئيسا في 6/12/2004 . بيد أن مؤشرات أخرى سلبية ظهرت، منها تسليم حزب "الوفاق" لمنشقين على رئيس الحزب الشرعي عقب وفاته مباشرة.
وباستثناء الحزب الحاكم وحزبي اليسار (التجمع والناصري) وحزب الوفد، وحزب الغد الذي ووفق عليه حديثا، فإن بقية الأحزاب هي تشكيلات صغيرة، معظمها ورقية ليس لها أى جذور شعبية وينحصر كل نشاطها على اصدار صحيفة وتعتمد على الدعم التي تقدمه لها الدولة المصرية.
* الأحزاب "الشرعية":
جبهة وفاق وعمل مشترك : بعد سلسلة طويلة من المداولات وعلى خلفية تجاهل المطالب المنفردة التي تقدمت بها أحزاب المعارضة في الحوارات الثنائية مع الحزب الوطني قررت أحزاب المعارضة المصرية مقاطعة الحوار مع الحزب الوطني والسلطة الحاكمة والتحاور فيما بينها لتوحيد مطالبها والعمل سويا " لتحرك جاد ومتواصل لتحديد مسار للخروج بالبلاد من الازمة الخانقة التي تمر بها في جميع المجالات نتيجة لسياسة الحزب الوطنى (الحزب الحاكم) واصراره على الاستمرار في سياساته الخاطئة ".وجاءت هذه الخطوة ليتبعها خطوة أخرى أعلنت فيها تسعة أحزاب مصرية شرعية تضم الحزب الناصري وحزب الوفد الليبرالي، وأحزاباً صغيرة أخرى مثل حزب الوفاق، وحزب الأمة، وحزب الجيل، بالإضافة إلى حزب العمل الإسلامي المجمدة أنشطته اقامة "جبهة للوفاق الوطني" بداية سبتمبر 2004.
وقد قررت الجبهة استبعاد ادماج الاخوان المسلمين المحظورة لحركتهم لسد الطريق أمام احتمال السلطة لنزع الشرعية عن هذا التحالف، كما قامت الجبهة بتنظيم مؤتمر موازى للمؤتمر السنوي للحزب الوطني أحرجت فيه النظام عن طريق اعلانها عن "الوثيقة الحزبية للإصلاح" والتي انطوت على مشروع اصلاحي تضمن خمسة مطالب أساسية للإصلاح السياسي، أهمها تعديل الشرعية الدستورية عبر اختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب الحر المباشر من بين أكثر من مرشح على ألا تزيد مدة الرئاسة عن 5 سنوات قابلة للتجديد لدورة واحدة. وضرورة إلغاء المادة 74 من الدستور التي تعطي لرئيس الجمهورية سلطات استثنائية، بجانب تخلي رئيس الجمهورية عن انتمائه للحزب طوال فترة الرئاسة.كما شدّد المشروع على أهمية قيام نظام جمهوري برلماني يكفل إعادة توزيع الاختصاص داخل السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. وطالب المشروع بضمانات لتحقيق نزاهة الانتخابات العامة والاستفتاءات تضمنت إنشاء هيئة عليا للانتخابات من قضاة تختص بإجراء الانتخابات العامة والاستفتاءات بدءاً بإعداد كشوف الناخبين وانتهاء بإعلان النتائج، على أن يوضع تحت تصرفها الأجهزة الإدارية اللازمة بما في ذلك قوات الشرطة.وشدّد المشروع الخاص بالإصلاح على أهمية تعديل قانون الانتخاب بحيث يصبح بالقائمة النسبية غير المشروطة على مستوى الدائرة الانتخابية على أن يكون القضاء وحده هو المختص بالفصل في الطعون الانتخابية وتقرير صحة العضوية بأحكام ملزمة للجميع. وفي مجال الحريات العامة، شدد المشروع على ضرورة إطلاق حرية تشكيل الأحزاب السياسية ورفع الحصار القانوني والسياسي المفروض عليها، بجانب حرية إصدار الصحف وملكية وسائل الإعلام وتحرير أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والصحافة القومية من سيطرة السلطة التنفيذية والحزب الحاكم.
وازاء رفض السلطات الأمنية المتواصل لتنظيم جبهة الوفاق لمؤتمرات شعبية فقد أعلنت هذه الأحزاب أنها سترفع دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية إنطلاقاً من نصوص قانونية ـ معطلة حاليا ـ تقر بأحقية الأحزاب والقوي الشرعية في عقد مؤتمراتها جماهيريا.كما بدأت الأحزاب في نقل معركتها مع الحكومة إلى ساحة البرلمان. حيث تسعى إلى تكوين تحالف بين النواب المنتمين لأحزاب المعارضة ـ وعددهم 12 نائبا ـ ومجموعة المستقلين في مجلس الشعب ـ وهم 59 نائبا 16 منهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين. وتنوى قوى المعارضة دفع هذا التحالف النيابي للتقدم بروشتة إصلاح سياسي عاجلة إلى البرلمان، خلال الدورة البرلمانية الحالية التي بدأت في السابع من نوفمبر2004.
وفي خطوة أخرى مثيرة للجدل اعتبرها البعض ضربا تحت الحزام للضغط على الحكومة المصرية وافق رفعت السعيد المتحدث باسم تجمع أحزاب المعارضة المصرية على لقاء السفير الأميركي بالقاهرة ديفد وولش يوم 3/12/2004 في سابقة مهمة لتخاطب المعارضة المصرية مع أطراف أجنبية حول قضايا الديمقراطية التي كانت دائما ما يعتبرها الجميع أمرا داخليا. ورد روؤساء الأحزاب على انتقاد صفوت الشريف للقاء بحجة عدم استئذان لجنة شئون الأحزاب بأنهم من حقهم لقاء جميع السفراء الأجانب، لشرح وجهة نظرهم حول الديمقراطية،عدا السفير الاسرائيلي ؟!-.
من جهة فقد شهد عام 2004 تداعيات أزمة حزب العمل ذوالتوجه الإسلامي والمجمد نشاطه بقرار حكومي منذ 4 أعوام، حيث أصدرت المحكمة الإدارية العليا في 2/11/2004 حكما أقرت فيه أحقية المهندس إبراهيم شكري في رئاسة الحزب وبأحقية حزب العمل في إصدار وطبع وتوزيع جريدة "الشعب" الناطقة بلسانه، وذلك وسط مؤشرات رسمية على رفض تنفيذ الأحكام الثلاثة عشر التي سبق أن أصدرتها المحاكم لصالح الحزب وجريدة الشعب ولم تنفذ. وكانت لجنة شئون الأحزاب التابعة لمجلس الشورى المصري قد جمدت الحزب وطالبت بحظره بعد حملة عنيفة شنتها صحيفته (الشعب) على وزارة الثقافة المصرية لطبعها رواية اعتبرها قادة الحزب والتيار الإسلامي في مصر تتضمن سبا في الذات الإلهية وسخرية من نبي الإسلام. وساهمت هذه الحملة في مظاهرات طلابية في الجامعات ومصادمات مع قوات الأمن في جامعة الأزهر.
ومن جهة أخرى فقد شهد عام 2004 عودة حـزب الأحـرار للبرلمان بعد غياب عام بدخول طلعت السادات نائبا فوزه في الانتخابات التكميلية التي جرت نهاية عام 2003 عن دائرة تلا في محافظة المنوفية.
* الأحزاب الجديدة : سوابق جديدة ودور منتظر :
في خطوات جديدة مبشرة بالأمل قام حزب الغد بعقد مؤتمره الشعبي الأول في منتصف شهر نوفمبر والذي تم خلاله انتخاب الدكتور أيمن نور رئيسا للحزب بحضور عدد من المراقبين المحليين والدوليين، وفي أول قرار له بعد انتخابه رئيسا للحزب أعلن أيمن نور رفض الحزب قبول التمويل الذي تدفعه لجنة شؤون الأحزاب واعتماد الحزب على موارده الذاتية كمصدر لتمويل أنشطته. كما قرر المؤتمر العام للحزب عدم جواز تولي رئاسة الحزب لأكثر من دورتين مدة كل منهما خمس سنوات غير قابلة للتجديد.
هذا وقد أثار حزب الغد أولى أزماته في البرلمان المصري حول زعامة المعارضة في البرلمان حيث تقدم أيمن نور بمذكرةً طالب فيها بأن يحتل حزبه موقع زعامة المعارضة بدلاً من حزب التجمع اليساري؛ باعتبار أن حزبه الجديد أكبر الأحزاب المعارضة عددًا داخل البرلمان حيث يضم 6 نواب.وهو الطلب الذي رفضه الدكتور فتحي سرور رئيس البرلمان؛ باعتبار أن لائحة البرلمان لا تعطي الحق في تشكيل هيئة برلمانية للحزب الذي لم يخض الانتخابات البرلمانية التي نتج عنها البرلمان. وردَّ نور بأن هذه اللائحة تم إقحامها على لائحة البرلمان بفعل فاعل، مستهدفة حرمان حزبه من إعلان تشكيل هيئته البرلمانية مؤكد أن أي تعديل للائحة لا بدَّ وأن يتم بطلب من 50 نائبًا على الأقل.وأمام المناقشة الساخنة اقترح النائب الدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية المصري، إعادة طلب حزب الغد إلى اللجنة التشريعية لمزيدٍ من الدراسة، وهو ما اعتبره نور مكسبًا منقوصًا.
ومن جهة أخرى فقد طالب الحزب الدستورى الاجتماعى في مؤتمر صحفي عقده يوم 29/11/2004 بوضع دستور جديد للبلاد ودعا جماعة الاخوان المسلمين الى التقدم بطلب تأسيس حزب.
الإخوان والجماعات الدينية: يد ممدودة لشرعية مرفوضة : على الرغم من الحظر الدستوري المفروض على الأحزاب القائمة على الدين في مصر، يشكل الإخوان المسلمون قوة سياسية بارزة في الحياة السياسية المصرية ويدخلون الانتخابات كمستقلين و يملكون 19 مقعد في مجلس الشعب الحالى. وكانت الحكومة المصرية قد استبعدت الإخوان من الحوار الوطني التي بدأته العام الماضي ؛ باعتبارهم جماعة محظورة وليست حزبا سياسيا، وتبعتها في خطوة مثيرة للجدل توافق أحزاب المعارضة في بداية سبتمبر 2004. رد عليها مهدي عاكف مرشد الجماعة بأن جماعة الإخوان تعد بشهادة الرأي العام "أقوى وأهم قوة سياسية في مصر"، و أنها "لن تستجدي" تمثيلها في أي تجمع تنسيقي مع أحد.
وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين في 2-3-2004 عن مبادرتها للإصلاح قالت إنها جاءت ردا على المبادرة الأمريكية للشرق الأوسط الكبير، وتأتى أهمية المبادرة في كونها تمثل أول اعتراف صريح يلتزم به الإخوان بالديمقراطية والليبرالية. وبالرغم من تجاهل النظام المصري لمبادرة الإخوان بدعوى حظر الجماعة وعدم شرعيتها فقد أعلنت الإخوان دعوتها للحكومة للتحاور وجهاً لوجه بدلاً من سياسة الرسائل غير المباشرة، بل وطلبت في بداية سبتمبر 2004 مقابلة الرئيس مبارك لعرض وجهة نظرهم حول الاصلاح.
واثر قيام النظام بالقبض على 60 من كوادر الاخوان في شهر مايو ووفاة أحدهم في محبسه نتيجة تعذيبه أقام الاخوان سرادق عزاء للقيادي المتوفي تحول الى مظاهرة سياسية شارك فيها أكثر من ألف شخص من قيادات وأعضاء الجماعة .في حين فسر محامي الجماعات الإسلامية في مصر منتصر الزيات إن هذه الاعتقالات جاءت كضربة إجهاضية ووقائية قامت بها الحكومة قبل بدأ انتخابات مجلس الشورى. وزاد من الزخم الإخوانى في الحياة السياسية المصرية، ما شهده حفل الإفطار السنوي الذي دأب الإخوان على تنظيمه كل عام، حيث شهد حفل هذا العام والذي عقد في 21/10/2004 حضور العديد من الشخصيات الشهيرة من كافة طوائف المجتمع المصري، وممثلي الأحزاب والنقابات والأزهر الشريف والكنيسة وهو ما اعتبره الاخوان وثيقة إدانة للنظام الحاكم واعتراف "شعبي" بوجودهم وتأثيرهم وشرعيتهم.
وفي نهاية العام غازل المرشد العام للجماعة الرئيس المصري محمد حسني مبارك عندما صرح بأنه يعتبر الأخير "ولى الأمر " ويجب طاعته، بل أنه رد على تصريحات مبارك لجريدة دير شبيجل الألمانية التي وصف بها الإخوان بأنهم "لهم ماضى ارهابي" بأن (ديرشبيجل) أرادت الوقيعة بين مبارك وبين أبناءه من الإخوان ؟!.
ويأبي نهاية العام إلا ينتهى بمفاجأة جديدة ففي 20/11/2004 ومن داخل سجنه حيث يقضي فترة عقوبة الحكم المؤبد بعد إدانته في عملية اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1981 يعلن عبّود الزمر عن مبادرة لانخراط تنظيم "الجهاد" المصري في الحياة السياسية. وتزامنت هذه المبادرة مع الإفراج عن نحو 200 من الإسلاميين في منتصف شهر نوفمبر 2004 من بينهم قادة بارزين في تنظيم الجهاد أمثال الدكتور محمد طارق إبراهيم. ومن ضمن المفرج عنهم الشيخ علي الشريف أحد قادة الجماعة الإسلامية وأحد المتهمين في قضية الجهاد الكبرى وأحد مؤلفي المراجعات الفكرية التي طرحتها الجماعة الإسلامية كمبادرة وقف العنف.
4- المجتمع المدني وحرية التنظيم
مازال المجتمع المدني المصري وحرية التنظيم مقيدة بقانون الطوارئ ومجموعة من القوانين الاستثنائية تعطي الفرصة للحكومة والأجهزة الأمنية في التحكم والسيطرة على النشاط المدنى المصري.
ينظم القانون رقم 32 لعام 1964 المتعلق بالجمعيات والمؤسسات الخاصة والمعدل بالقانون رقم 84 لعام 2002 عملية تأسيس منظمات المجتمع المدني ونشاطها في مصر. ولم تعدل الصيغة المعدلة من القانون القيود على نشاط المنظمات غير الحكومية بل في بعض القيود كان التعديل الى الأسوأ، ففي مجال قدرتها على جمع التبرعات يعطي القانون الجديد وزارة الشؤون الاجتماعية بدلا من المحاكم حق حل أي منظمة غير حكومية ترى أنها تمارس نشاطا غير مشروع. وبالإضافة إلى ذلك، يحظر القانون على المنظمات غير الحكومية المشاركة في أي نشاط سياسي أو نقابي، ويضع القانون قيودا على إدارات المنظمات غير الحكومية وعملياتها وشؤونها المالية. ولا تستطيع أى جمعية مدنية ممارسة نشاطها إلا بعد أخذ موافقة السلطات عليه. ويقدرعدد الجمعيات الأهلية المصرية سنة 2003 بـ 000ر16.وفي شهر ابريل 2004 تم تشكيل اللجان الفنية للجمعيات والمؤسسات الاهلية وعددها 11 لجنة وتضم 91 عضوا، وفي 7 مايو2004 أقيمت انتخابات اتحاد الجمعيات الأهلية بالقاهرة لانتخاب 15 عضو من بين ممثلى أكثر من أربعة آلاف جمعية.
* جمعيات جديدة: شهد عام 2004 إعلان تأسيس أول تجمع المنظمات المصرية لحقوق الإنسان في 27 مايو 2004، وإنشاء منبر الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي في 27 يوليو 2004 وأول منظمة عربية لمناهضة التمييز في أول يناير 2004، وأول مركز إخوانى لحقوق الإنسان في فبراير 2004 تمثل تحولا راديكاليا في التوجه السياسي لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة، كما أقيمت أمام محكمة القضاء الإداري أول دعوى من نوعها لإقامة جمعية خيرية شيعية في يونيو 2004، كما تم إشهار جمعية الجنوب للتنمية وحقوق الإنسان في 18 اغسطس 2004بعد مرور أكثر من عام من طلب إشهارها، كما قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري بإشهار جمعية "أولاد الأرض لحقوق الإنسان"في 8/2/2004. في حين تم رفض تأسيس جمعية للصداقة المصرية - الإسرائيلية في 3/5/2004 واستندت المحكمة في حيثيات حكمها الى ان هذه الجمعية تهدف في حقيقتها الى تحقيق أغراص "سياسية" هذا بالرغم أنه في شهر يونيو 2004 تم اشهار جمعية أهلية لها نفس الهدف ولكن لدعم العلاقات مع أوروبا تحت عنوان جمعية "مصر- أوروبا".
* الجمعيات والهيئات الحكومية : تم حسم تشكيل المجلس القومي لحقوق الانسان، برئاسة الدكتور بطرس بطرس غالي، الأمين العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة وعضوية 25 عضوا ـ بينهم ست سيدات ـ ليصبح تابعاً لمجلس الشورى، وقد قوبل الاعلان عن تشكيل المجلس بالشك والحذر الشديد حيث دعت عشرات المنظمات غير الحكومية المصرية الى مقاطعة المجلس لكونه لا يتمتع بالمصداقية في ظل قانون الطوارئ، وهو ما دعا المجلس الى الاعلان عن مطالبته بإلغاء حالة الطوارئ قبل أقل من مرور شهر على انشائه، وأعلن المجلس توسطه لدى الحكومة في تقليص العمل بقانون الطوارئ، وأعلن أنه بصدد الانتهاء من تقريره السنوي الأول بحلول يناير 2005 لرفعه الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشورى.
من جهة أخرى فقد لعبت مكتبة الاسكندرية دورا سياسيا هاما، فقد قامت بتنظيم مؤتمر حاشد في شهر مارس 2004 اطلق وثيقة الاسكندرية للإصلاح السياسي والتي جاءت كرد فعل مباشر وقوى من السلطة المصرية للرد على مبادرة الشرق الأوسط الكبير في الخارج . وقد قامت المكتبة في خطوة منها لمحاولة تطبيق ما جاء من مطالب في الوثيقة بإنشاء "منتدى الاصلاح العربي" الذي قرر ان يكون التأكيد على مبادئ حقوق الانسان أول خطوة في طريق تنفيذ الاصلاح في المنطقة، ومن هنا فقد عقدت المكتبة مؤتمرا دوليا في سبتمبر 2004 حول حرية الرأى والتعبير .
* الهيئات والجمعيات غير الحكومية : كما شهد عام 2003 بزوغ لجنة الدفاع عن الديمقراطية، التي يعتبرها الكثيرين مسئولة عن اتحاد قوى المعارضة المصرية، فإن عام 2004 شهد بزوغ لجنة جديدة تحت اسم اللجنة الشعبية للتغيير أعلنت عن نفسها في 9 سبتمبر2004 متبنية مجموعة من الشعارات وهى "لا للتجديد.. لا للتوريث.. نعم لانتخاب رئيس الجمهورية من بين اكثر من مرشح " ثم شعار "كفاية"للتدليل على رغبتها في انتهاء احتكار السلطة في مصر، ومن ثم فقد قامت اللجنة الشعبية بتنظيم مظاهرة فريدة في 12/12/2004 أمام دار القضاء العالى بوسط القاهرة شارك فيها أكثر من 300 متظاهر للمطالبة بعدم التجديد لمبارك.
وفي حين استمرت لجنة الدفاع عن الديمقراطية في المطالبة بإلغاء 24 مادة من الدستور المصري للحد من سلطات رئيس الجمهورية وقامت اللجنة بإنجاز ورقة تحمل التعديلات الخاصة بمواد الدستور الخاصة برئيس الجمهورية وعددها 24 مادة وطرحتها على نخبة من رجال الأحزاب وفقهاء القانون للتشاور بشأنها كما أعدت اللجنة مشروع قانون آخر خاص بالأحزاب يلغي القانون الحالي، ويستبدله بقانون آخر ينص على أن قيام الأحزاب يتم بمجرد إخطار الجهة المسئولة .
وقامت العديد من منظمات المجتمع المدنى المصرية بالضغط على الحكومة المصرية عن طريق تنظيم مؤتمرات المطالبة بالاصلاح السياسي واجراء اصلاحات ديمقراطية، فنظم مركز ابن خلدون مؤتمرين حاشدين للمطالبة بالاصلاح السياسي أحدهما بقطر بداية يونيو2004 والآخر في نهاية يونيو2004. كما قام المركز بالدخول في معركة اعلامية ضد مؤسسة الأزهر اثر انتهاء مؤتمره عن الاسلام والاصلاح في شهر اكتوبر 2004، وقاد رئيس المركز تحركا مع عدة شخصيات معارضة للترشيح ضد الرئيس حسني مبارك. من جهة أخرى فقد قام مركز القاهرة لحقوق الانسان بتنظيم مؤتمر موازي للقمة العربية ببيروت في 19/3/2004 صدر عنه وثيقة اصلاح أخرى تحت عنوان "وثيقة الاستقلال الثاني"، وبالتعاون مع المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومجلة السياسة الدولية قام بتنظيم مؤتمــر أولويات وآليات الإصــلاح فــي العــالم العــربي القاهرة في 5-7 يوليو 2004 الذي أصدر بدوره بيانا حول الاصلاح السياسي في مصر. وفي سابقة أخرى قام مجموعة من الفنانين والأدباء والمفكرين المصريين باصدار بيان الى الأمة عرف ببيان الثلاثمائة في شهر أغسطس 2004 يدعو إلى إنهاء احتكار السلطة في مصر وإلغاء حالة الطوارئ وانتخاب رئيس الجمهورية ونائبه من الشعب مباشرة ولفترة لاتزيد عن دورتين.
من جهة أخرى فقد أكدت منظمات حقوق الانسان المصرية صحة ما نشره تقريرا أصدرتها منظمة هيومان رايتس واتش حول التعذيب في مصر في شهر مارس 2004 وشهرت بالانتهاكات المتتالية في موضوعات التعذيب والاعتقال، كما نظمت اللجنة المصرية لمناهضة التعذيب مظاهرة أمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة في بداية سبتمبر بعد أن أكدت اللجنة أنها تقدمت ببلاغ إلى النائب العام قالت فيه إن التعذيب لم تتوقف بشاعته عند حدود المتهمين بممارسة ما يسمى الإرهاب، بل امتدت لتشمل أعضاء القوى والأحزاب السياسية والقيادات العمالية والنقابية ونشطاء حقوق الإنسان والمواطنين العاديين. في حين أثار مجموعة كبيرة من الجمعيات قضية الاعتداء الجنسي على أطفال احدى دور الحضانة بالمعادي في مارس 2004 مؤكدين أنهم لن يتجاهلوا الموضوع حفاظا على "سمعة مصر" وطالبت 27 جمعية باعادة فتح القضية بعد أن أمر النائب العام بحفظها في منتصف أغسطس 2004.
*انتهاكات حرية التنظيم : قامت أجهزة الأمن المصرية بالتضييق على مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، من خلال التستر خلف ما يسمى لجنة تفتيش تابعة لوزارة الصحة، وقامت باقتحام مركز النديم في مساء الأحد 11 يوليو 2004، أثناء تواجد بعض المرضى به، متجاوزة كل القواعد المهنية والقانونية. وفي اجراء يدل على حقيقة الموقف الحكومى تجاه استقلال العمل الأهلي عن هيمنة السلطة التنفيذية وبشكل خاص جناحها الأمنى، فقد أصدر محافظ أسوان قراره رقم 264/2004 والصادر في 25/10/2004 بعزل مجلس أمناء مؤسسة التنمية الصحية والبيئية بالرديسية مركز أدف