عبدالله المغلوث من فلوريدا: لم يخطر على بال عبدالله الناهسي الشهراني وهو يرى حشود الناخبين متوجهين إلى مراكز الاقتراع في ولاية ويسكانسون (شمال أميركا) لاختيار حاكمهم في مطلع كانون الثاني (يناير)2003، انه سيبادر الى هذه الممارسة الانتخابية في اطار انتخابات المجلس البلدي بالرياض التي انطلقت فعالياتها قبل أسابيع قليلة في السعودية" رأيت مرشحين لمنصب حاكم المدينة في ويسكانسون يطوفون على المنازل والمزارع للتحدث مع السكان مباشرة ولسؤالهم عن احتياجاتهم".

السعودي محمد السويلم (43عاما) زار مقر القناة الثانية في ميامي، ولاية فلوريدا(جنوب أميركا) لتسجيل فيلم دعائي في جامعة فلوريدا التي حصل منها على درجة البكالوريوس وكان احد أعضاء ادارة مجلس الطلاب الأجانب، يقول جون كينر منتج منفذ في القناة الثانية التي تبث في ميامي لـ (إيلاف):"الفيلم لم يكلف أكثر من 1200 دولار، لكنه سيخدم محمد كثيرا في الانتخابات المحلية التي يخوضها، سجلنا 10 ساعات في أنحاء الجامعة، عملية المونتاج ستقلص المدة الى 3 ساعات".

عبدالرحمن العلولا(52عاما) الحاصل على ماجستير في الاقتصاد من جامعة دنفر بولاية كلورادو(غرب اميركا)، يهطل وابتسامته وولديه من الصفحة الرئيسة لموقعه الالكتروني الجذاب الذي يستعرض عبره برنامجه الانتخابي وسيرته الذاتية...

سعوديون تدربو في أميركا لمشاركة فعالة في انتخابات بلدية تعد الأولى من نوعها في السعودية، تتابعها الأبصار بإهتمام ودقة بالغين.

لايعرف الكثير الديموقراطي الأميركي جيم دولي لكن عبدالله الناهسي يعرفه جيدا، تابعه بتأن وهو يطرق المنازل في ويسكانسون في أجواء مضطربة، شاهده وهو يخطف الأصوات الواحد تلو الآخر ليصبح الحاكم الـ 44 للولاية الشمالية بعد 16 عاما عاشها (الويسكانسونيون) تحت حكم جمهوري.

يرشح الناهسي نفسه عن الدائرة السابعة في الرياض، بعد أن عاش أجواء الانتخابات عن كثب: "عشت تجربة الانتخابات في الجامعة بأميركا للمرة الأولى في انتخاب مجلس الطلاب بالجامعة...وتبارى حينها المرشحون لعرض وجهات نظرهم لنا حول العديد من القضايا التي تهم الطلاب منها الرسوم الدراسية ومواقف السيارات وتوقف دعم الأنشطة الرياضية (ضمن برنامج تخفيض النفقات بالجامعة) وغيرها". يتابع: "كانت فرصة لي استمتع فيها بالسؤال والمناقشة معهم في الهواء الطلق والآخرين يستمعون لنا...وكنت أحس في المرشح رغبة في استمالتي لجانبه واستماتته في توضيح موقفه لي".

يتذكر زيارة بوش الى ويسكانسون التي يدرس فيها الماجستير آنذاك: " رأيت معارضيه يهزأون به ويحتجون عليه ، ومنهم طالب امريكي صديق لنا نحن العرب ارتدى ثوبا خليجيا والغترة والعقال ووقف يحتج ضد بوش ، وحين رآه حراس بوش انقضوا عليه وفتشوه ، وحين تأكدوا من سلامة وضعه تركوه يكمل المظاهرة".

ويتندر عبدالله على انتخابات المسلمين في أميركا: " عشت ايضا أجواء انتخابات تعيين امام للمسجد ورئيس جمعية الطلبة المسلمين..تلك الانتخابات التي لم تجرِ اثناء تواجدي هناك رغم الوعود باجرائها كل عام.. وبعد فترة يقل الحديث عنها ، واستحي ان اثيرها مرة اخرى احتراما للامام والرئيس الحاليين.. كنا نمزح معهما ونعيرهما بأنهما ليسا عربيان ان رضيا باجراء الانتخابات او بنتائجها!".

هل دراسة الناهسي في أميركا أعدته لترشيح نفسه في الانتخابات البلدية السعودية؟ يجيب على (إيلاف): "انني سأرشح نفسي حتى لولم أذهب لامريكا..لدي ثقافة سياسية ومتابعة للشأن العام بشكل كان سيثيرني للمشاركة في مثل هذا النشاط العام، ولكن تواجدي في امريكا اعطاني ثقة اكبر وتجربة حية اتمنى ممارستها في بلدي".

استمتع الناهسي الموظف في وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية بالوقت الذي قضاه في ويسكانسون مع عائلة مكونة من زوجته و5 اطفال: " لن انسى تفاصيل الطبيعة الخضراء التي استمتعت بها بين انهار وجبال ووديان وغابات وحدائق. عشت ايضا الفصول الاربعة بكل مظاهرها ، ثلج الشتاء وزهور الربيع وشمس الصيف وتساقط أوراق الخريف، كانت معايشة هذه المظاهر الفصلية تجربة مثيرة وممتعة لشخص جاء من السعودية حيث الفصلين الصيف الحار جدا والشتاء البارد الجاف".

لم تكن اميركا له مجرد طبيعة ساحرة وأفواج تتسارع إلى مكاتب الاقتراع، واجه اسئلة عديدة تتعلق بوطنه الذي يحبه، يشرحها: أعطيت برزنتيشن حول النظام السياسي في السعودية في مادة قانون الاعمال ، حيث رغبت استاذة المادة في تعريف الطلبة حول قانون الأعمال في السعودية..وطبعا لم يكن ذلك ليتأتى بدون ان أقدم شرحا عن النظام السياسي والاجتماعي في السعودية. سألني بعضهم "اذا كان الربا محرما في الشريعه ، لماذا تتواجد البنوك لديكم" وكانت اجابتي لذلك تعتمد على تفسيري للعديد من التناقضات التي يعيشها مجتمعنا بين ما نقوله وما نفعله". وعن دوره في مواجهة الأسئلة الشائكة: " في البداية اتخذت دور المدافع عن بلدي ، ولكن مع تكرار الأسئلة المنطقية ومعرفتي للكثير من النواقص لدينا ، تحولت الى شارح للحقائق ، وتناقصت لدي حالة النرفزة والعدائية ، واصبحت أمارس التفكير النقدي الذي تفتقده مناهجنا الدراسية للأسف".

طارده سؤال، يرتدي فستان فتاة غاضبة،ويحمل مطرقة خلف ظهره، حول رأيه من تعدد الزوجات، وكانت اجابته: "لا، صداع واحد يكفي!".

يزهو عبدالله بما يسمى "المجلس المفتوح" في السعودية أمام رفاقه الأميركيين حيث يمكن للمواطن ان يقابل اكبر مسئول في الدولة لعرض مشكلته عليه ، ولكن صديقه الأمريكي فاجأه بسؤال: "ولماذا يشتكي له؟ أليس في الدولة مؤسسات تحكم في هذه المشاكل؟" وبعد ذلك سألته "هل ذهبت مرة لمقابلة حاكم المدينة تعرض عليه مشكلة لك" وكانت إجاباته بالنفي طبعا..هناك أجهزة قضائية ومحامون يقومون بهذا العمل".

يخشى الكثير من المرشحين من منافسيهم الذين ينتمون إلى قبائل كبيرة في عدد أفرادها، هل سيلجأ الشهراني لاستخدام هذه النقطة للفوز؟ يقول: " انظر لقبيلتي كعائلة كبيرة ، وبالتأكيد فان الشخص يحتاج دعم عائلته دائما. طبعا سأحرص على الاتصال بأفراد قبيلتي لشرح برنامجي الانتخابي لهم ،، سأقدم نفسي لهم كمرشح كفؤ لديه برنامج وأهداف انتخابية يستحق النجاح ، وليس لانني احد أفراد القبيلة. كوني احد أفراد القبيلة يعطيني أفضلية الاتصال المباشر مع أفرادها بالاعتماد على معرفتي وسائل الاتصال بهم شأنهم كشأن أصدقائي الآخرين ، هذه هي الأفضلية الوحيدة التي اتمتع بها عن غيري لدى أفراد القبيلة".

لكن زوجته لاتدعمه، يفسر عبدالله: "لزوجتي رأي مخالف لما اراه في العملية الانتخابية والسياسة بشكل عام ، تشاركها والدتي في ذلك نظرا لما هو معروف عن المخاطر المتعلقة بهذه الأمور العامة. طبعا زوجتي يهمها سلامة اسرتها وهدوئها ولذلك ترى في مثل هذه العملية مصدر خطر قد يعكر صفو اسرتها. استمع لرأيها واحترمه ، ولكني اتخذت قراري".

لكن زوجه المرشح محمد السويلم تدعم ترشيح زوجها وتؤازره بقوة، تقول فوزية الحميد لـ (إيلاف): "أؤمن بأفكار زوجي وحرصه على إنماء مدينته لذلك دعمته بقوة، وأعمل على تشجيع صديقاتي للتأثير على ازواجهن لترشيحه، كنت اتمنى ان المرأة السعودية تستطيع الادلاء بصوتها، لكن هذا لن يجعلني أن اتراجع أو أتقهقر".

حول الانتخابات
في العشرين من تشرين الثاني (نوفمبر)2004، تم تدشين موقع انتخاب.كوم http://www.saudielection.com المخصص للانتخابات البلدية السعودية، يتصدر الموقع بانر طويل تظهر فيه صور سيدات سعوديات ترتدين عباءات سوداء تقليدية تفصلهن طاولة خضراء فسيحة، يوفر الموقع خدمات عديدة باللغتين العربية والانكليزية تهدف الى التعريف بالمجالس البلدية السعودية التي تعين الكحومة نصف أعضائها ويختار الناخبون النصف الآخر.

سجل مايقارب 150 الف مواطن اسماءهم كناخبين للمجالس البلدية يقومون بالتصويت والترشيح للاشخاص الراغبين الترشح لعضوية المجلس البلدي والبالغ عددهم في القائمة 1945 مرشحاً منهم 698 مرشحاً لمدينة الرياض و 1247 مواطناً في محافظات المنطقة.
وكانت المنطقة الشرقية قد شهدت تسجيل نحو 140 الفا و675 ناخبا، من بينهم 45 ألفا و699 ناخبا في مجلس الدمام والخبر والظهران، و46 ألفا و909 في مجلس القطيف، و26 ألفا في الأحساء ووصل عدد المسجلين في حفر الباطن والسعيرة الى 20 ألفا و785 ناخبا وفي البلديات الأخرى 27 ألفا و282 ناخبا.

وبلغ عدد الناخبين في منطقة نجران حسب جداول القيد 15093 ناخبا بمراكز نجران ومحافظاتها. يذكر أن الانتخابات البلدية
يذكر أن مهام المجلس البلدي هي:

يتخذ المجلس البلدي قراراته في جميع المسائل المتعلقة بالبلدية طبقا للأنظمة واللوائح ، ومنها على سبيل المثال :

• مشروع ميزانية البلدية والحساب الختامي .
• مشروع المخطط التنظيمي للبلدية ووضع اللوائح التنفيذية الخاصة بالشروط التخطيطية والتنظيمية .
• الإيرادات والمصروفات وإدارة أموال البلدية .
• سير أعمال البلدية والعمل على رفع كفاءتها .
• اقتراح المشاريع العمرانية في المدينة .
شروط يجب أن يتمتع بها الناخب:
• أن يكون عمره ( 21 ) سنة أو أكثر في يوم الإقتراع .
• أن لا يكون من العسكريين العاملين .
• الإقامة في نطاق المجلس البلدي
• أن يكون ذكرا