نبيل شرف الدين من القاهرة: تسارعت وتيرة الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية بحق النائب البرلماني أيمن نور، رئيس حزب "الغد"، إذ قررت نيابة أمن الدولة العليا اليوم تمديد حبس نور خمسة وأربعين يوماً على ذمة التحقيق بعد اتهامه بتزوير توكيلات طالبي تأسيس الحزب، وقال المصدر "أصدرت نيابة أمن الدولة العليا قرارا بحبس رئيس حزب الغد أيمن نور خمسة وأربعين يوماً على ذمة التحقيق في التهمة الموجهة إليه بتزوير توكيلات معظم طالبي تأسيس الحزب" .

وأثارت ملابسات التصريح لأيمن نور بحزب جديد، ومن ثم رفع الحصانة عنه، ثم تفتيش منزله ومكتبه، والقبض عليه، ثم التحقيق معه قبل إصدار قرار بحبسه احتياطياً على ذمة القضية، كل هذه الأحداث المتلاحقة حالة من الذهول في الشارع السياسي المصري، فأيمن الذي بدأ حياته محرراً في الصحيفة الناطقة باسم "حزب الوفد" منذ العام 1984 حتى شهر آذار (مارس) من العام 2001، ثم تولى منصب نائب مدير التحرير إلى أن تم فصله من عضوية الهيئة البرلمانية العليا للحزب, وموقعه كسكرتير عام للحزب في القاهرة، إثر خلافات حادة مع نعمان جمعة، رئيس "حزب الوفد", ثم انتقل نور إلى "حزب مصر العربي الاشتراكي" قبل وفاة مؤسسه جمال ربيع ليعلن نفسه نائبا لرئيس الحزب، وهو الموقع الذي تنازع عليه مع أكثر من شخص أمام القضاء .

وصنع نور شهرته كصحافي من خلال معركة صحافية شهيرة مع وزير الداخلية الأسبق زكي بدر، ثم تحول إلى برلماني اشتهر باستجوابات بدت محرجة للحكومة المصرية، لكن طموحه المتنامي ضاق بكل ذلك، وظهر سعيه واضحاً إلى رئاسة حزب بإصرار خلال السنوات القليلة الماضية، وتحول إلى "مشروع نجم" برلماني وسياسي يضيق بالأطر الحزبية التقليدية التي تنشط في الساحة السياسية المصرية .

على صعيد متصل تكهن مصدر برلماني تحدثت معه (إيلاف) بأنه في حالة إدانة أيمن نور قد تتخذ الإجراءات القانونية والدستورية لإسقاط عضويته في البرلمان، وإذا ثبتت عملية التزوير في توكيلات الانضمام لعضوية "حزب الغد"، فلا يستبعد حينئذ إصدار قرار بإلغاء قرار تأسيس الحزب الذي كانت قد أصدرته لجنة الأحزاب السياسية منذ نحو شهرين مضيا .

تفتيش وتحقيق

وتواصت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا لأكثر من 12 ساعة مع نور الذي طلب استدعاء بعض أعضاء الهيئة التأسيسية لحزب "الغد" وسماع شهادتهم في التوكيلات المزورة، التي ضبطها هاني حمودة رئيس النيابة في أثناء تفتيش مكتب نور بشارع طلعت حرب وسط القاهرة، وكانت معه قوة أمنية حيث تمت مصادرة أوراق ومستندات وأجهزة كمبيوتر وأسطوانات مدمجة، كما ألقي القبض على مدير أعماله أيمن بركات، والسكرتيرة الخاصة وتدعى رباب، وتم اصطحابهما إلى مقر نيابة أمن الدولة في ضاحية مصر الجديدة، حيث جرى استجوابهما هناك عن معلوماتهما .

وألقت الشرطة القبض على نور وهو نائب في مجلس الشعب (البرلمان) يوم السبت بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه في جلسة إجرائية ساخنة، اتسمت بالسرعة الملحوظة، وبعد انتهاء الجلسة خرج نور صحبة بعض النواب المستقلين، وأعضاء حزبه الذين نصحوه بالمثول للتحقيق، وعدم الاعتصام داخل مقر البرلمان، وبمجرد خروجه ألقى ضباط مباحث الأموال العامة القبض عليه .
وكانت لجنة شؤون الأحزاب التابعة لمجلس الشورى وهو أحد مجلسي البرلمان المصري لكنه بدون سلطات تشريعية قد وافقت في تشرين الأول (أكتوبر) على قيام الحزب الذي يصفه مؤسسوه بأنه "حركة ديمقراطية ليبرالية اجتماعية" تتبنى الإصلاح السياسي والاجتماعي في البلاد .

أحزاب بلاستيك

ويوجد في مصر 17 حزبا أغلبها هامشي وبعضها مجمد لخلافات بين قادتها، ونشأت هذه الأحزاب بقرار للرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1976 وسميت منابر وكانت ثلاثة أحدها لليمين والثاني لليسار والثالث منبر الوسط واختاره السادات لنفسه، وفي العام التالي تحولت هذه المنابر إلى أحزاب سياسية، ثم ارتفع عددها بمرور الوقت، ليصل إلى 17 حزباً كان تأسيس معظمها بموجب أحكام قضائية، وهو الأمر الذي يراه مراقبون سياسيون في القاهرة أمراً لا يعني الكثير بالمشهد السياسي الداخلي في البلاد، ذلك لأن حصول هذه الأحزاب على الشرعية لا يعكس امتلاكها لمؤهلات وقدرات التأثير الجماهيري الحقيقي، لاستقطاب الجماهير ودفعهم للاهتمام بالشأن العام، بقدر ما يعبر عن البراعة القانونية لمحامييهم في إقناع القضاة بأن برامج هذه الأحزاب تتسق مع مقتضيات الدستور والقانون، وتختلف عن برامج الأحزاب الأخرى القائمة بالفعل في البلاد، ولم يصل أي حزب معارض إلى الحكم، أو يشارك فيه، ولا يبدو أن ذلك أمر وارد في المستقبل المنظور.