أسامة العيسة من القدس: دخل جون دوجارد، المفوض الخاص للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى الجدل الذي لا ينتهي فلسطينيا حتى يبدأ من جديد حول المصطلحات التي يجب التعامل معها في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

واعتبر دوغارد، في مؤتمر صحافي عقده الليلة الماضية، في قصر الأمم المتحدة في جنيف، على هامش أعمال الدورة الحادية والستين للجنة حقوق الإنسان، أن المستوطنات الإسرائيلية (اليهودية) هي احد أوجه الاستعمار في عالم يعتبر الأخير بجميع أوجهه خارجا عن القانون.

وقال دوغارد بان الوقت حان لان يغير المجتمع الدولي مصطلحاته بحيث يبدأ باستخدام مصطلح (مستعمرات) و (مستعمرين) فيما يتعلق بالمستوطنات والمستوطنين.

ورحب مركز بديل لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين بهذه التصريحات، معتبرا أنها تعيد الأمور إلى اصل الصراع.

وقال دوغارد بان الإعلان الأخير للحكومة الإسرائيلية عن نيتها توسيع مستعمرة (معاليه ادوميم)، على أراضي القدس الشرقية المحتلة، يعتبر شكلا جليا وفريدا من أشكال الاستعمار: أي سيطرة حصرية على الأراضي وإقصاء السكان الفلسطينيين عنها، فمستعمرة معاليه ادوميم تقع على أراضي تعود ملكيتها لقريتي أبو ديس والعيزرية الفلسطينيتين، وحسب المخططات فان جدار الفصل العنصري سيضم هذه المستوطنة داخله.

ولم يبدأ المشروع الاستعماري بعد حرب العام 1967، وإنما يعود إلى ما قبل تأسيس الدولة العبرية في العام 1948، ويقول مركز بديل في تقرير له أصدره اليوم بعد تصريحات دوغارد، بان الاستعمار الصهيوني هدف إلى تأسيس قاعدة سكانية ذات تواصل جغرافي ضروري مهد لإنشاء الدولة العبرية على أراضي فلسطين التاريخية.

ويضيف المركز بأنه بعد نكبة فلسطين في العام 1948، تم تدعيم المشروع الاستعماري الصهيوني من خلال استخدام أراضي اللاجئين الفلسطينيين ومنعهم من العودة إلى ديارهم وقراهم المهجرة والحفاظ على سيطرة يهودية على هذه الأراضي والمناطق، وكذلك قطع التواصل الجغرافي للمدن والقرى الفلسطينية التي قدر لها البقاء في المناطق التي أنشئت عليها دولة إسرائيل، وهو ما فعلته حكومات إسرائيل المتعاقبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، على مدار 37 عاما الماضية، وجاءت القوانين العسكرية والإجراءات الإدارية التي استخدمت لتنفيذ ذلك المشروع الاستعماري في الأراضي المحتلة فقط كتعديل طفيف على نقص القوانين التي استخدمت للسيطرة على الأراضي داخل الخط الأخضر.

وقال دوغارد بان رد فعل المجتمع الدولي تجاه التوسع الإسرائيلي المستمر للمستعمرات اليهودية هو بمثابة اختبار لمدى التزامه بحكم القانون، فلقد اتفق المشاركون في اجتماع لندن الذي عقد بداية هذا الشهر تحت عنوان (دعم السلطة الوطنية الفلسطينية) على انه يجب تنفيذ خطة الانفصال دون التأثير في مفاوضات الوضع النهائي وبالتوافق مع القوانين والشرائع الدولية.

وأضاف دوغارد، بان المرحة الأولى من خارطة الطريق تقضي بان على حكومة إسرائيل تجميد جميع الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات، على أن يتم معالجة قضية المستعمرات الإسرائيلية ضمن المرحلة الثالثة من الخطة وفي سياق مؤتمر دولي تعقده اللجنة الرباعية للخطة، بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية.

وأكد دوغارد بان هذا الوقت غير مناسب لممارسة الاسترضاء من قبل المجتمع الدولي، حيث تشكل المستعمرات خرقا صارخا للقانون في حين أن للمجتمع الدولي مصالح قانونية وأدبية في إزالة تلك المستعمرات.

وقال " إن الاستعمار يثير سلسلة من التساؤلات حول إمكانية كون سياسة بناء الثقة وحدها كافية للوصول إلى إذعان واستجابة إسرائيل تجاه التزاماتها بحسب القانون الدولي، وتجاه الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وكذلك متطلبات خارطة الطريق، كما تثير العديد من التساؤلات حول طبيعة الصراع، فمنذ العام 1967، اعتمدت جهود السلام المبذولة على فرضية أن جذور الصراع هو الاحتلال العسكري الإسرائيلي، فهل من الممكن تحقيق إنهاء هذا الاحتلال دون معالجة طبيعة دولة إسرائيل كدولة استعمارية؟ ".