نبيل شرف الدين من القاهرة: في أحدث توتر طائفي تشهده مصر مجدداً، يتواصل منذ أيام اعتصام عشرات من المسيحيين المصريين (الأقباط) في دير "برسوم العريان" الكائن في منطقة المعصرة، التابعة لحي حلوان جنوب القاهرة، احتجاجا على اختفاء سيدة قبطية تدعى وفاء رأفت عدلي (21 عاما) منذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، والتي اتهم زوجها شاباً مسلما بتحريضها على الفرار من منزل الزوجية، وترك طفلتها بعد إشهار إسلامها والزواج من هذا الشاب عرفياً .
وجاء حكم قضائي أصدرته محكمة الأسرة ليزيد الأمر تعقيداً، إذ قضت بفسخ عقد زواج وفاء من ابن عمها سعيد فاروق عدلي، بعد أن قدم محامو الزوجة مستندات تؤيد إشهارها للإسلام، ووافقت أجهزة الأمن على تحديد جلسة "نصح ديني" لها في وقت لم يحدد بعد بالتنسيق مع القيادات الدينية في الكنيسة، خاصة وأن إجراءات إشهار إسلامها لم تستكمل بعد، حيث تنظر محكمة أخرى قضية رفعها الزوج يتهمها فيها بتعدد الأزواج، استناداً إلى زواجها "عرفياً" من الشاب المسلم الذي فرت معه، بينما تواصل أسرة الزوجة الاعتصام بالدير، والإضراب عن الطعام لحين عودتها .

تعدد أزواج
وفي تصريحات خاصة لـ (إيلاف) قال الأب أغسطينوس كاهن كنيسة "مار مينا" في حلوان، والمشرف على الدير، إن "وفاء متزوجة من ابن عمها، وقد تركت زوجها وبيتها وطفلتها بسبب علاقة مع شاب مسلم"، واتهم الأب أوغسطينوس مسؤولين أمنيين بعرقلة إجراءات رفع دعوى من زوج وفاء ضدها بتهمة الزنا وتعدد الأزواج، وطالب الكاهن والزوج السلطات بتسليم الزوجة للكنيسة لعقد جلسات "نصح ديني" لها قبل أن تتخذ قرارها، وكشف الأب أغسطينوس في اتصال هاتفي مع (إيلاف) عن تقدمه بمذكرة لمدير أمن القاهرة بشأن هذه القضية، الأمر الذي أرجئت معه إجراءات إشهار إسلام الزوجة المسيحية، وذلك حتى تحسم المحكمة قضية "تعدد الأزواج" التي أقامها الزوج .
وهذه ثالث حادثة من نوعها تشهدها مصر في أقل من 6 أشهر، وكان نحو 1500 قبطي قد تظاهروا في مدينة الفيوم جنوب العاصمة القاهرة في 27-2-2005احتجاجًا على اختفاء فتاتين قبطيتين تدعيان ماريان مكرم، وتريزة عياد يعتقد أنهما اعتنقتا الإسلام، غير أن قضية الفتاتين انتهت وفقًا لوزارة الداخلية عند حد "جلسة النصح والإرشاد" التي جرى خلالها إقناع الفتاتين بعدم المضي قدمًا في إجراءات إشهار إسلامهما، كما شهدت القاهرة مظاهرات حاشدة نظمها الأقباط في كانون الأول (ديسمبر) 2004 احتجاجًا على ما اشتهر بقضية "زوجة الكاهن القبطي"، المدعوة وفاء قسطنطين، وطالبوا سلطات الأمن بإعادة الزوجة إلى الكنيسة، ما تسبب في حدوث أزمة بين الكنيسة والسلطة بعد اعتقال عدد من المتظاهرين واعتكاف البابا شنودة احتجاجا على اعتقالهم، لكن الأزمة انتهت بعد أمر النائب العام بالإفراج عن المحتجزين وعودة السيدة الى الكنيسة وإنهاء البابا اعتكافه .
وسبق أن أثارت توترات طائفية بين المسلمين والمسيحيين الذين يشكلون ـ وفقاً للتقديرات الرسمية ـ نحو10 في المئة من سكان مصر الذين يزيد عددهم على 73 مليون نسمة، في حين تؤكد الكنيسة القبطية ان عدد أتباعهايصل الى قرابة عشرة ملايين نسمة، أثارت عدة مصادمات دامية حينئذ ، ففي عام 1999 قتل 19 قبطيا ومسلمان، واصيب 33 اخرون كما دمرت عشرات المحال التجارية خلال اشتباكات استمرت لعدة ايام في قرية الكشح في محافظة سوهاج على بعد نحو 400 كيلومتر جنوب القاهرة، فضلاً عن أحداث أخرى أقل خطورة في أماكن متفرقة من البلاد .