تجنيد مئات المسيحيين العراقيين للدفاع عن كنائسهم
اتهامات متبادلة حول المقابر الجماعية الجديدة في العراق
أسامة مهدي من لندن :
في وقت اكدت الحكومة العراقية مسؤولية تنظيم القاعدة عن مقابر جماعية جديدة اكتشفت مؤخرا في مناطق جنوب بغداد اتهمت هيئة علماء المسلمين العراقية السنية القوات الحكومية وميليشيات الاحزاب وخاصة جيش المهدي بالمسؤولية عنها .. فيما اعلنت القوات الاميركية في العراق عن بدء حملة لتجنيد مئات المسيحيين العراقيين للدفاع عن كنائسهم ضد العمليات الارهابية التي تستهدفها وقساوستها.

واكد الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ اليوم ان quot;جريمة المقبرة الجماعية في بلدة المحمودية (30 كم جنوب بغداد) تحمل بصمات القاعدةquot; . واضاف في بيان صحافي ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; اليوم quot;ان نتائج تحقيق لجنة تقصي الحقائق بجريمة المقبرة الجماعية في المحمودية التي تم إكتشاف 60 جثة فيها مؤخرا تظهر ضلوع تنظيم القاعدة الإرهابي وعصابات الجريمة المنظمة التي كانت متواجدة سابقاً في هذه المنطقة بهذه الجريمة والتي استهدفت المواطنين الأبرياء دون تمييز مذهبيquot;.
وأكد الدباغ quot;ضرورة تعامل المؤسسات الإعلامية مع الحقائق على أسسٍ مهنية والحفاظ على إستقلالية الإعلام والإرتقاء بالسلطة الرابعة عن هكذا ممارسات تسيء الى العمل الصحافي وشرف المهنة وحياديتهquot; وذلك بعد تقارير اشارت الى ضلوع مليشيات احزاب سياسية وقوات حكومية في المسؤولية عن هذه المقبرة الجماعية .

فقد اتهمت هيئة علماء المسلمين السنية المعارضة للعملية السياسية والتي اصدرت الحكومة العراقية في وقت سابق مذكرة اعتقال بحق رئيسها الشيخ حارث الضاري بتهمة الارهاب .. اتهمت قوات الحرس الحكومي والشرطة والميليشيات التابعة للاحزب الحاكمة بالمسؤولية عن هذه المقابر .

وقالت الهيئة في بيان لها انه quot;في اطار كشف الاوراق وظهور الخلافات ظهرت للعلن وعبر وسائل الاعلام مقابر جماعية في عدة مناطق ومنها: المحمودية جنوب بغداد وبعقوبة في شرقها ووصفت مقبرة المحمودية بأنها الأكبر في التاريخ المعاصر ومنذ اللحظة التي أعلن فيها عن هذا الخبر الجلل في نهاية الشهر الماضي قمنا بمتابعته من خلال اهل المنطقة وشهود العيان وتبين ان هناك اكثر من مقبرة في المحمودية والمعروف منها حتى اللحظة هي:
مقبرة الحي العسكري وتقع قرب الحسينية في المنطقة نفسه وجامع الامين محمد (صلى الله عليه وسلم ) الذي اغتصب من قبل الميليشيات وهياكل البناء خلف مجمع القعقاع والمنطقة المحصورة بين مجمع القادسية وقرية شنيترquot; .
واضافت ان هذه المقابر قد اكتشفت من قبل الأهالي quot;بعد أن تم طرد الجهات المسلحة التي كانت تسيطر على المنطقة بعد العمليات العسكرية الأخيرة التي تطارد ما سمتهم الحكومة الحالية بالجماعات الخارجة على القانونquot; في اشارة الى جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر .

واتهمت الهيئة quot;اكثر من جهةquot; بالضلوع في هذه العمليات وقالت انهم : منتسبون في قوات الحرس الحكومي ضباطا ومراتب .. ومنتسبون في الشرطة على اختلاف رتبهم أيضا .. والميليشيات التابعة للاحزاب الحاكمة والمسيطرة على هذه المنطقة وباختلاف مسمياتها. واضافت ان الدلائل تشير إلى تواطؤ القوات الأميركية مع هذه الجهات في عمليات الدهم التي كانت تقوم بها فيتم إلقاء القبض على عناصر تلك الجهات وبعد ساعات يتم إطلاق سراحهم بحجة عدم وجود ادلة او تواطؤ من قبل القوات الحكومية.
واوضحت انه بينما اشارت التقارير الى استخراج عشرات الجثث فإن العدد أكبر من ذلك والأعداد المسجلة للمفقودين بالأسماء من أهل المحمودية فقط هم (500غير ان العدد الكامل للمفقودين في المحمودية والمناطق المجاورة بحسب ذوي المفقودين يبلغ قرابة 4 الاف شخص quot;علما أن هؤلاء المفقودين وحسب شهادات ذويهم قد تم اعتقالهم من قبل جهات مسلحة ترتدي زي الجيش والشرطة الحكومية وباستخدام سيارات الجيش والشرطةquot; كما قالت .
واضافت ان الضحايا في هذه المقابر قضوا نحبهم في الفترة بين عامي 2005 و2006 .

واضافت قائلة quot;زعم الناطق باسم الخطة الأمنية ـ كعادته في التغطية على الفاعل الحقيقي ـ ان هذه الجثث من ضحايا الجماعات الارهابية والتكفيرية والواقع يقول ان الجماعات التي قصدها الناطق باسم الخطة الامنية لم تكن تسيطر على مركز مدينة المحمودية حيث وجدت هذه المقابر حيث كانت قوات الحكومة والميليشيات هي المسيطرة على مركز المدينة في هذه الحقبة كما هو معلوم للجميع وبتأكيد بعض من عوائل الضحايا الذين عثر عليهم الذين قدموا شكاوى للقوات الامنية هناك يتهمون فيها جيش المهدي وقوات الحكومة بخطف وقتل ابنائهم ثم دفنهم في هذه المقابرquot;.

واشارت الهيئة الى انه quot;على الرغم من اعتراف الحكومة وأجهزتها الامنية بهذه المقابر والتي تقدر بالآلاف الا انه تم فرض طوق من الكتمان عليها فلم يكشف عن الرقم الحقيقي للجثث التي تم العثور عليها من قبل قوات الجيش نفسها ولم يسمح للوكالات المحلية أو الاجنبية او الافراد بتصوير الجثث التي عثر عليها وكانت تسحب جميع أجهزة الهاتف الجوال من الاهالي الذين يأتون للمستشفيات للتعرف إلى ذويهم ،كما لم يسمح لاي منظمة إنسانية أو حقوقية بالدخول والتحقق من تاريخ مقتل هؤلاء.quot;
وقالت انه quot; كان من بين هؤلاء القتلى عروس ببدلة الزفاف ومعها عريسها والمحتفلون بهما وقد تكلم أحد عناصر الجيش بشكل واضح وصريح بأنهم عرفوا أماكن المقابر من خلال اعترافات من قبض عليهم ممن يسمون بالخارجين عن القانون (في اشارة الى جيش المهدي) وهم شركاؤهم سابقا وطلب من جميع العوائل الذهاب الى اللواء لغرض تقديم طلبات أو شكاوى ضد الجهات المتورطة في هذه المجازر الجماعية في خطوة يراد منها حصر التهمة بهذه الميليشيات او من يسمونهم بالخارجين عن القانون والتغطية على متورطين آخرينquot;.

واوضحت الهيئة انها quot; اذ تكشف عن هذه الحقائق المرة والجرائم الفاضحة تؤكد ان ما خفي أعظم وجرت سنة الله في الحياة ان يمهل الظالم ولايهمله وان يفضح المجرم من حيث ظن انه في مأمن كما تعلن الهيئة ان لديها بعض الوثائق والشهود تحتفظ بها لإظهارها في الوقت المناسبquot; .

ودعت هيئة علماء المسلمين في ختام بيانها المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان الى عدم التغاضي quot;عن هذه الكارثةquot; وضرورة فتح التحقيق فيها quot;على نحو يكشف للقاصي والداني حقيقة ما يقع على أرض العراق من ظلم وظلمات في ظل الاحتلال الاميركي لارضهquot; وليأخذ كل جزاءه ممن شاركوا في هذه الجريمة او من تستر عليها .
معروف ان عشرات المقابر الجماعية كانت قد اكتشفت في العراق بعد سقوط النظام العراقي السابق وذلك في مناطق مختلفة من البلاد .
تجنيد مئات المسيحيين العراقيين للدفاع عن كنائسهم
اعلنت القوات الاميركية في العراق عن بدء عمليات تجنيد مئات المسيحيين العراقيين لحماية امن كنائسهم من الهجمات الارهابية .
وقالت القوات في بيان الى quot;ايلافquot; اليوم ان العشرات من المسيحيين قد اصطفوا للانضمام الى قوات الشرطة العراقية خلال حملة تجنيد في تلكيف شمال مدنية الموصل (375 كم شمال بغداد) وذلك للمساعدة في حماية احيائهم في الموصل . وقال قائد وحدة التحالف في المنطقة العقيد مايكل بيلزquot;سوف تساعد حملة التجنيد هذه على تعزيز الاقتصاد من خلال توظيف هؤلاء الاشخاص بالاضافة الى تعزيز الجهد الامنيquot; . ومن المنتظر انتقال عمليات تجنيد المسيحيين هذه الى بغداد ومناطق عراقية اخرى لحماية دور عبادة المسحيين ورجالاتها هناك .

وكان وفد يمثل رؤساء الطوائف والكنائس المسيحية قد طالب الرئيس جلال طالباني بتأمين الحماية للكنائس والمدارس الدينية في المدن التي يتواجدون فيها وذلك خلال اجتماعه معه في بغداد السبت الماضي .
وتأتي عملية التجنيد هذه وسط معلومات تشير الى ان حوالى نصف عدد المسيحيين العراقيين البالغ عددهم مليون و200 الف نسمة قد هربوا إلى الخارج بسبب أحداث العنف حيث تعرض قسم منهم لعمليات إجرامية كالخطف والتعذيب والقتل .
وتكررت عمليات اختطاف واغتيال رجال الدين المسيحي كما حدث عام 2005 عندما وقع بولس اسكندر أحد قساوسة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بيد جماعة مسلحة في أحد شوارع الموصل وطالب الخاطفين حينها بفدية دفعتها لهم أسرة القس إلا أن جثة الأخير وجدت بعد فترة ملقاة في شارع مقطوعة الرأس والأطراف. وفي مطلع عام 2005 خطف باسيل جورج القس موسى مطران كنيسة السريان الكاثوليك في العراق وأخلي سبيله فيما بعد. وفي كانون الأول (ديسبمر) عام 2006 اختطف في بغداد سامي الريس الكاهن في الكنيسة الكلدانية وأطلق أيضاً . وبعد أيام من اختطاف الأخير أعلن عن مقتل القسيس البروتستانتي منذر الدير البالغ من العمر 69 عاماً. وفي الثالث من حزيران (يونيو) عام 2007 تعرض قسيس كلداني يدعى رغيد كني لإطلاق نار من مجهولين قتل على إثره مع ثلاثة من الشمامسة بعد خروجهم من الكنيسة في مدينة الموصل.
وتعود اسباب استهداف رجال الدين المسيحيين الى عوامل عديدة منها : الدافع الديني للمتطرفين الذين يريدون إخلاء العراق من العناصر غير المسلمة .. ثم الدافع المالي الذي تعمل بناءً عليه عصابات إجرامية باستخدام الدين كذريعة لها في اختطاف رجال الدين وطلب فديات كبيرة لإطلاق سراحهم مستغلين الوضع المالي الجيد الذي تتمتع به الطائفة المسيحية العراقية .. اضافة الى أن المسيحيين لا يحظون كنظرائهم العراقيين من السنة والشيعة والأكراد بعلاقات عشائرية واسعة أو ميليشيات مسلحة توفر لهم الحماية والأمن . كما لم تسلم الكنائس العراقية التابعة لمختلف الطوائف هي الأخرى من الهجمات الإرهابية والتفجيرات بين الحين والآخر..
وكان رئيس أساقفة الموصل فرج رحو قد قتل في الموصل في اذار (مارس) الماضي وذلك بعد ان تعرض في عام 2005 للاختطاف لكن خاطفيه أطلقوا سراحه حينها دون أن يتعرض للأذى. وسبق للمطران الراحل ان قال في مقابلة صحافية في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي 2007 إن وضع المسيحيين في العراق يزداد صعوبة خصوصاً في منطقة الموصل .. مشيرا الى أن مسيحيي المنطقة هم عرضة لتهديدات مستمرة من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة . وأكد أن بقاء العراق ضعيفاً ومقسماً لا يخدم إلا أجندة بعض الدول الكبرى. وأوضح رحو أن المعاناة الحالية التي يعيشها العراقيون تشملهم جميعاً على اختلاف أطيافهم إلا أنها أكثر قساوة على المسيحيين الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين خيارات محددة فإما : الهجرة، اعتناق الإسلام، دفع الجزية أو الموت. وأضاف أن ثلث المسيحيين غادروا الموصل بسبب الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين ذريعة لجمع المال.