دعت بعثيي العراق للنأي بأنفسهم عن جرائم النظام السابق
بغداد تبدأ حوارات رسمية مع البعثيين المؤيدين لسوريا

أسامة مهدي من لندن: أعلن في بغداد اليوم عن بدء حوارات رسمية مع مسؤولين عراقيين، يقوم بها مسؤول حزب البعث quot;تنظيم قطر العراقquot; الموالي لسوريا محمد الشيخ راضي، الذي يزور العاصمة العراقية حاليا، في وقت دعت فيه السلطات العراقية البعثيين الذين عملوا مع النظام العراقي السابق الى اغتنام فرصة مشروع المصالحة الوطنية للحكومة العراقية للتحرك بسرعة لفرز العناصر التي ارتكبت جرائم وانتهاكات وحروب داخلية وخارجية بأسم البعث والنظام القومي العربي والناي بأنفسهم عنهم. وقال وزير الدولة العراقي لشؤون الحوار الوطني، رئيس الهيئة العليا للحوار والمصالحة الوطنية، أكرم الحكيم انه quot;التزاماً منا بواجباتنا الوطنية وخدمة لأهداف وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني والهيئة العليا للحوار والمصالحة الوطنية (لجنة السلام) وتنفيذاً لبرنامج الحكومة كنا قد بدأنا بعدد من الاتصالات والحوارات المباشرة وغير المباشرة مع شخصيات وجهات عراقية غير مشتركة في العملية السياسية او معارضة ورافضة لها أو للحكومة الحاليةquot;.

واشار الى انه من ضمن تلك الجهات والشخصيات عناصر بعثية قيادية مرتبطة بحزب البعث العربي الاشتراكي - قيادة قطر العراق (المؤيد لسوريا)، والتي كانت الحوارات معها شخصية وغير رسمية ولكنها إيجابية ومفيدة وساعد على استمرارها وإيجابية نتائجها أن تلك الشخصيات كانت ضمن القوى المعارضة لنظام الرئيس السابق صدام حسين ولأكثر من ثلاثة عقود ولها مواقفها المعروفة، ولان قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي كانت من الأحزاب التي ساهمت في العديد من اُطُر ومواثيق وفعاليات العمل المشترك للقوى المعارضة لصدام جنباً إلى جنب القوى الوطنية العراقية المعروفة، ومنها لجنة العمل المشترك 1990عام والاجتماع القيادي في دمشق عام 1996 وميثاق العمل الوطني في لندن عام 2002، ولم يُعرف عنها اعتماد العنف والإرهاب ضد النظام السياسي الجديد وضد العراقيين ولم تحرّض عليه ولم تبرر وتقبل بما قامت به المجموعات الإرهابية.

واضاف الوزير العراقي في تصريح مكتوب وزعه مكتبه الاعلامي اليوم قائلا انه quot;انطلاقاً من ذلك قامت وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني بتوجيه دعوة للسيد محمد رشاد الشيخ راضي الشخصية القيادية ومندوب قيادة قطر العراق لحزب البعث (المقيم في لندن منذ اكثر من 20 عاما) لزيارة العراق حيث تم عقد عدة لقاءات لبحث افضل الصيغ لمعالجة اللبس في تمييز هذا التنظيم عن حزب البعث الذي حكم العراق بين عامي 1968 و2003 والذي ارتكب ابشع واوسع الجرائم ضد الشعب العراقي وضد شعوب المنطقة وعرّض استقلال الوطن وسيادته إلى الخطر وكذلك تم إجراء حوارات موسعة تهدف إلى رص الصف الوطني العراقي ومواجهة الإرهاب والعنف والصراعات الجانبية ودعم العملية السياسية وتشجيع وتوسيع المشاركة وتحقيق التوافق الوطني خدمة للمصالح العليا للعراق والعراقيينquot;.

معروف ان تنظيم حزب البعث في العراق كان قد انشق في مطلع ستينات القرن الماضي بين مؤيدين للقيادة القومية التي كان يتزعمها الراحل ميشيل عفلق واخرين مؤيدين لقيادة الحزب في سوريا التي حكمت على عفلق بالاعدام متهمة اياه بخيانة مبادئ الحزب.

وقال ان الحوارات اكدت ضرورة ان يغتـنم البعثيون الذين عملوا سابقاً في صفوف حزب السلطة العراقية السابقة فرصة مشروع المصالحة الوطنية والمواقف الأخيرة للحكومة العراقية quot;للتحرك بسرعة لفرز المجرمين الذين ارتكبوا جرائم بشعة ضد الشعب العراقي ومهما كانت مواقعهم الحزبية والحكومية السابقة عن صفوفهم وأوساطهم فهؤلاء عار على من يتصل بهم ويعمل معهم وهم مطلوبون للعدالة والاعلان وبشكل واضح وعلى نطاق واسع أدانتهم لما تم ارتكابه من جرائم وانتهاكات وحروب داخلية وخارجية باسم البعث وباسم النظام القومي العربي.. والقيام بمراجعة شاملة للفكر والممارسة والسياسات التي تميّز بها الحزب في العهد الصدامي البائد (من عام 1968 وحتى 2003) وكيف تمكن الدكتاتور من تغيير الحزب السياسي وتحويله الى منظمة بوليسية إرهابية للتجسس وقتل المعارضين وإرهابهم والى أداة قمع لصالح سلطة صدام وعائلته وإعلان نتائج لتلك المراجعة للرأي العام العراقيquot;.

ومن جهته بحث نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي في بغداد اليوم مع راضي quot;دعم العملية السياسية وتعزيز الحياة الديمقراطية في العراقquot; كما قال مكتب المسؤول العراقي في بيان صحافي. واشار الى أن الجانبين بحثا quot;التعاون في التصدي للارهاب والعنفquot;. واكد المسؤول العراقي أن quot;العراق الجديد يقف مع كل ابنائه لبناء دولة المواطن والدستورquot;. يذكر أن محمد رشاد الشيخ راضي كان من الشخصيات المعارضة للنظام السابق. ويأتي الاعلان عن وجود راضي في بغداد بعد ساعات من دعوة وجهها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم الى المعارضين العراقيين للعودة الى العراق والعمل من داخله واعدا بعدم محاسبة اي منهم مؤكدا ضرورة تصحيح مسارات العمل السياسي وحصر الخلافات بين السياسيين بروح من التسامح.

وقال المالكي خلال كلمة في مؤتمر عشائر العبيد العراقية في بغداد اليوم ان البعض من الظالمين يتعاملون مع الناس على اساس المذهب والانتماء الطائفي والعرقي ويقتلون من يختلف معهم في هذه الانتماءات. وشدد بالقول : لا للتمييز الطائفي والعرقي مشيرا الى ان الارهاب الذي ساد العراق خلال السنوات الاخيرة قد ادى الى تشريد العراقيين الذين هربوا من عمليات القتل العشوائية التي تغلفت بشعارات دينية ووطنية وهي بعيدة منها.

وطالب المالكي معارضي النظام الجديد في العراقي الى العودة الى البلاد والتحدث والانتقاد من داخله للحكومة او لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء. واكد ان عودة المعارضين ستكون بلا محاسبة او لوم. وقال ان من يريدون العودة للمساهمة في بناء العراق فان quot;قلوبنا مفتوحة لهم ومتسامحة معهم من اجل بناء العراق وهذا الامر اصبح واقعا وعادت البلاد الى محيطها العربي والاسلامي والى مجتمعها الدوليquot;. واضاف ان العراق لن يدار بعد الان بقومية واحدة او طائفة واحدة او حزب واحد مشيرا الى ان الجيش العراقي سيبقى بعيدا من الحزبية محترفا مهنيا من اجل حماية العراق وامنه واستقراره.

ويوم امس رفضت quot;المقاومة العراقيةquot; عرض المصالحة الذي اعلنه المالكي واصفة تلك المؤتمرات بانها مؤامرات quot;خداع إعلاميquot; مطالبة الحكومة بإثبات حسن النوايا قبل اي مؤتمر للمصالحة. وقال عبد الله حافظ المتحدث الرسمي باسم الجبهة الاسلامية للمقاومة العراقية في حديث صحافي إن مؤتمرات المصالحة التي دعت إليها الحكومة العراقية quot;كثيرة ولكننا في المقاومة العراقية ننظر إلى الأسس التي تقوم عليها تلك المصالحات فمنذ مؤتمر القاهرة إلى مؤتمر مكة لم تقدم هذه الحكومة أو التي سبقتها على أي خطوات فعلية وعملية لتحقيق المصالحةquot;. وعما تطلبه المقاومة من حكومة المالكي لإثبات حسن النوايا قال المتحدث باسم الجبهة الإسلامية quot;هناك اليوم 100 ألف معتقل و4 ملايين مشرد ولاجئ و2 مليون نازح داخل العراق، قبل أن تشرع الحكومة بأي مصالحة عليها أن تعمل على ترميم ما خلفته هي وقوات الاحتلالquot;، مؤكدا أن المقاومة العراقية quot;ليست ضد أحد، ونحن نريد التعايش مع كل مكونات المجتمع العراقي بلا تمييز وبالتالي فإننا مع المصالحة quot;.

وقد جاء الاعلان عن بدء الحوار الرسمي مع تنظيم البعث العراقي المؤيد لسوريا في وقت ينتظر ان يقوم وفد رسمي سوري كبير برئاسة رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري بزيارة قريبة الى العراق ستكون الاولى من نوعها منذ ان قطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية عام 1981 اثر تاييد سوريا لايران في الحرب مع العراق قبل ان يعيداها ويتبادلا السفراء مؤخرا.