تقود بمفردها حملة صحية للتوعيةحولمرض سرطان الثدي
قساوة المرض جعلتني اسخر حياتي للوقاية منه
التعطيلات الإدارية اشد ألمامنالسرطان
جرحي تعفن ونفسيتي ساءت بسبب الإهمال الطبي
أمال الهلالي من تونس: رغم مرارة التجربة وآثار سرطان الثدي التي لازالت بادية على ملامحها لم تجلس الممثلة التونسية أمال سفطة إلى ركنها وحيدة ولم تنزوي بعيدا عن الأعين بل تسلحت بالصبر والإيمان والشجاعة لتبوح للجميع بحقيقة مرضهاوتأخذ على عاتقها مهمة نبيلةتتجول خلالها بين المدن والقرى التونسية وفي الأوساط التربوية والصحية والمهنية للتحسيس بهذا الداء اللعين الذي يستهدف وفقا لإحصاءات رسمية مايزيد عن ال1000 امرأة تونسية سنويا.
إيلاف التقتها للحديث أكثر عن تفاصيل حملتها التحسيسيةوتجربة صراعها مع المرض.
في البداية الحمد لله على سلامتك كيف تشعرين الآن؟
الحمد لله على كل حال تجاوزت مرحلة الخطر وانتهيت من مراحل العلاجبالكيمياء والأشعة أنا الآن أخضع للمراقبة المستمرة لكن صورة الموت تلاحقني كل لحظة وكل ثانية ومع كل صباحجديد وحين افتح عيني لأجد نفسي على قيد الحياة لا املك سوى الدعاء لله.
ظهورك على شاشة التلفزيون وعبر المعلقات الحائطيةفي حملة تحسيسية تروين من خلالها معاناتك مع سرطان الثدي يعد عملا غير مسبوق وينم عن موقف شجاعكيف ولدت الفكرة وهل تم توجيه الدعوة لك من جمعية ما؟
في الواقع لم تصلني الدعوة من أي جهة بل كانت الفكرة نابعة من قناعة شخصية ومن تجربة مرض مريرة خلفت في نفسي حزنا واسى فلا أريد لغيري أن يعيشها ومن هنا اقترحت فكرة الحملة التحسيسية لسرطان الثدي على مديرة الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري في جانفي 2009 وقد لاقت فكرتيكل الاستحسان كما ضمنتها بالإضافة لذلك تكفلي بالتنقل عبرمحافظات الجمهورية التونسية ومختلف أوساطها التربوية والثقافية والصحيةوالمهنية للتحسيس بمخاطر هذا الداء الخبيث وسبل الوقاية منه وقد حضيالمشروع باستحسان وقبولالديوان و انطلقت فعليا في جولتي التحسيسية بمفردي وعلى نفقتي الخاصة للقيام بحصص تربية الصحية قصد التحسيس بخطورة المرض واكتشافه بشكل مبكر.
ومن أين كانت نقطة الانطلاق؟
انطلقت من تونس العاصمة تحديدا النادي الثقافي الطاهر الحداد ثم مدينة مساكن التابعة لولاية سوسة ثم مكنين من ولاية المنستير وأخيرا وليس آخرا بومرداس من ولاية المهدية.
ماتقومين به من نشاط يتطلب منك مجهودات جسدية وفكرية مضاعفةرغم أن حالتك الصحية كما أسلفت الذكر في وضع مراقبة.لماذا هذا الإصرار؟ألا تخشينتعكرا مفاجئا في حالتك الصحية لاسمح الله؟
- تصمت طويلا وقد اغرورقت عيناها بالدموع- لأني عشت ثلاث سنوات من الألم ولازالت رحلة العذاب مستمرة ولو بشكل أخف وطأة ولا استطيع أن امحو كل ذلك إلا بتوعية الناس quot;فأسأل مجرب ولا تٍسأل طبيبquot;.
رغم السعادة التي تغمركيبدو أن هناك شيئا ماينغص عليك الفرحة ؟
تبتسم- آهيا بنيتي صحيح أني تعافيت من المرض لكن مع ذلكلا يمكن التنبؤ بعودته في أي لحظة اعتبر نفسي في ضوء برتقالي ومازاد في مضاعفة ألمي هو عدم تجاوب بعضالجهات الصحية وفروع الديوان القومي للأسرة فهذه الحملة أسعدتني كثيرا ومشكور الديوان على المجهودات التي يقوم بها لكني ألتمس منهم بكل لطف مساعدتي بشكل أكثر نجاعة على مستوى توفير المعلقات التحسيسية السمعية البصرية والمكتوبةوكذلك توفير وسيلة نقل لأني لحين اللحظة أتكفل بمفرديبمصاريف تنقلي بين الجهات.أحيانا ينتابني شعور بأن التعطيلات الإدارية أشد ألما من السرطان.
وكيف كانت ردة فعل الأوساط المستهدفة هناك؟
هناك تجاوب كبيير لاسيما من الفتيات اللاتي سجلن حضورهن بكثافة في كل حصص التربية الصحية التي أقوم بها عبرالمدنوالقرىالتونسية حتى أن هناك من كشفن لي عن حالات مشابهة وما لاحظته بكل أسف هو جهل بعضهنأعراض المرض وسبل الوقاية منهلذلك كنت في كل مرةاغتنم فرصةتواجدي في بعض التظاهرات الثقافية الجهوية ككاتبة وشاعرة لإلقاء حصص تحسيسية حول هذا المرض ورواية تجربتي الشخصية.
قمت بتصوير quot;بين الثناياquot; وquot;مكتوبquot; وجرحك مازال ينزف والمرض الخبيث يتسلل شيئا فشيئا إلى جسدك رغم ذلك لم يشعر المتفرج بوقع الداء عليك؟
صورت قبلهما quot;الليالي البيضquot;في جويلية 2007 تاريخ اكتشافي للمرض وبداية العلاجثم مسلسل quot;بين الثناياquot; وquot;مكتوبquot; وأنا أتابع جلسات العلاج الكيماوي والأشعةهذا يدل على إرادتي القوية في الحياة صحيح كنت أحس بتعب كبير أثناء التصوير وانتابتني بين الفينة والأخرىحالة من الإسهال والتوتر والغثيان بسبب ضعف المناعة لكني أردت أن اشغل فكري وأنسى المرض بعمل أحبه فالفن بالنسبة لي دواء وبلسم رغم أن طبيبي المباشر حذرني من خطورة ما أقوم به لان حالتي الصحية تستوجب الراحة والابتعاد عن التوتر لكني كنت أؤمن بان الأجل بيد الله وبأن حبي للفن بلسم لمحاربة المرض.
كيف عشت مرحلة العلاج؟
صراحة فوجئت بالإهمالمن بعض الإطارات الطبية في المصحة الخاصة التي كنت أتعالج فيها .أذكر أني دخلت لقسم العمليات ليفتحوا لي الجرح وبسبب الإهمال وقلة الانتباهتعفن في quot;الليالي البيضquot;.
كيف كانت ردة فعل زملاء المهنة؟
أقصى مافعلوه الاطمئنان على حالتي بالهاتف ماعدا ذلك لا شي. ولا ألوم أحدا quot;كل فول لاهي في نواروquot;
بماذا خرجت بعد تجربة المرض؟
بنضج كبير واتزان وحكمةوكان قدم العالم في عظامينظرتي للحياة تغيرت وتضاعف إحساسي بآلام الناس لم اعد احتمل الحياة الأنانية لذلك أردت أن أعطي لحياتي معنى عبر هذه الحملة فقد حرمت من دفء الزوج والعائلة ونعمة الأبناء فعلي أجدها بطريقتي في محبة الناس لي وزرع البسمة والأمل على شفاههم.
كلمة الختام؟
أنا حائرة كيف سأواصل حملتي التوعوية واطلب المساعدة الاستعجالية من وزير الصحة التونسي لابد من إستراتيجية صحية مضبوطة ولابد لصوت المريض أن يكون حاضرا في قرارات اللجان الصحية بالوزارة. كما ألتمس من حضرته التدخل لتسخير فريق صحي مرافق لي في حملتي الصحية لأني انوي تعميم رحلتي حتى تكون على شاكلة قافلة صحية متنقلة بها كل المستلزمات الطبية والبشرية والإعلامية لضمان نجاعة ما أقوم به. أنا أعترف لبلادي بالجميل وهذا المرض اللعين لا يمثل عبئا علي فقط بل على الدولة أيضا.