موسكو: بعد مرور اكثر من سبعين عاما على افتتاحها، تتحول معسكرات الاعمال الشاقة والاعتقال التي زجّ بها نظام الدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين اكثر من مليوني شخص من الابرياء، الى اماكن اثرية لاغراء السواح الاجانب والروس، زيارة مناطق سيبيريا النائية الغامضة والجرداء.واعلنت شركة سياحة في موسكو، انها تجهز احدى السفن لسفرات سياحية تمخر عباب نهر ينسيا السيبيري، نحو بقايا انقاض معسكرات العمل والاعتقال المنشرة هناك.

وقال مدير شركة " دولا" للسياحة فلاديمير فلاديموف، ان كلفة الرحلة نحو معسكرات الموت الستالينية التي ستستغرق 12 يومًا ستبلغ زهاء 800 دولار. واوضح " ان السلطات لم تمارس ضد المعتقلين اية وسائل تعذيب او قتل، انهم لفظوا انفساهم من شدة البرد والعمل المضني الذي رافقه الجوع".
ومن المرتقب ان تنطلق الرحلات التي يمكن القيام بها في شهري يوليو واغسطس فقط، بسبب الاحوال المناخية، من اقليم كراسنايارسك السيبيري. وستوظف السفينة لميمنة باسم الكاتب الروسي " انطون تشيخوف" التي تضم 42 حجرة بسريرين ، للقيام بتلك الرحلات. ان هذه الظروف تلوح مثالية مقارنة مع تلك التي عاش المعتقلون فيها.

وصف العديد من الادباء الروس في اعمالهم الوثائقية والفنية الحياة في تلك معسكرات. وتالقت من بين تلك الاعمال روايات الكسندر سولجينيتسين " يوم من حياة ايفان دينيسوفتش" التي صدرت ترجمتها العربية، و" ارخيبيل كولاغ" الشهيرة، وفي اعمال فارلام شلاموف ( 1907 ـ 1982) اضافة الى الاعمال الوثائقية السينمائية.

وظهرت معسكرات الاعمال الشاقة والاعتقال في هذه الانحاء في زمن القيصرية الروسية، ومن ثم استخدمتها الحكومات الشيوعية بزج خصومها، ولكن مع صعود ستالين للسطة في عام 1930 اكتظت بالمعتقلين الابرياء. واشارت المعطيات التي رفعت للزعيم السوفياتي نيكتا خروشوف الذي تجرأ بفضح جرائم نظام ستالين، ان عدد المعتقلين بلغ في عام 1938 مليوني نسمة. وجاء ذلك بعد ان اجرت اجهزة الامن " تطهيرات" لمكافحة اعداء النظام الذين وصفوا بانهم اعداء الوطن، وعملاء الدول الاجنبية، في محاكمات صورية. وكان عدد المعتقلين في عام 1950 حينما صدر قرار بالافراج عنهم مليوني نسمة.

ولم يخفت الجدل عن عدد اؤلئك الذين لقوا حتفهم في المعسكرات الستالينية. وقالت المعطيات الرسمية السوفياتية ان الموت طال 3% من اجمالي عدد المعتقلين ومن ثم ارتفع الى 5% في عام 1937ـ 1938. وانخفض عدد المعتقلين عام 1953 عقب موت ستالين. وافتتحت ابواب المعسكرات للزاور منذ قرابة عشر سنوات. وكان يؤمها على الاغلب اقارب وذوي من اختفى دون اثر هناك، ودعاة حقوق الانسان. وتؤكد شركة " دولا" السياحية ان الاهتمام بالدور الذي لعبته معسكرات الموت تلك في تاريخ روسبا المعاصر.

هناك شواهد عديدة مازالت ماثلة على حملات التنكيل في ذلك العهد، بما في ذلك عربات القطار المتروكة وبيتوتات معسكرات الاعمال الشاقة. وكان المعتقلون قد ارغموا على العمل المجاني الشاق، لمد سكك الحديد في الطرقات السيبيرية الوعرة. وتقول شركة " دولا" انها تسعى ايضا الى اثارة الاهتمام بجمال طبيعة سيبيريا، وبالدرجة الاولى ببحيرة البيكال الغنية بالاحياء والنباتات المائية الفريدة من نوعها.