إسماعيل روحي من الدار البيضاء: 88400 ضحية في العام الماضي بين قتيل وجريح ،هذه قطعا ليست حصيلة حرب أهلية أو وباء انتشر بين المغاربة ، بل تعود أسباب هذه الحصيلة الثقيلة من الضحايا إلى "حرب الطرق" التي تعرفها البلاد وبشكل يومي منذ أن زاد عدد السيارات بشكل واسع داخل الطرق المغربية. وتختلف أسباب الظاهرة التي باتت تسبب قلقا متزايدا للمسؤولين وللمواطن العادي. وتتنوع مسبباتها التي تتوزع بين العوامل القانونية والمشاكل التي تتسبب فيها البنيات التحتية المتهالكة، لكن يبقى العنصر البشري هو الأبرز.

وتعتبر الطرق المغربية من بين أخطر الطرق في العالم حيث تتزايد مآسي حوادث المرور، و سجلت هذه الطرق العام الماضي حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة النقل حوالي 53814 حادثة تسببت في إصابات بليغة وإعاقة لأكثر من 70 ألف شخص بحيث أصبح عدد القتلى بمعدل عشرة أشخاص يومياً . وتقدر الكلفة الاقتصادية لحوادث المرور في المغرب بحوالي 11 مليار درهم وهو ما يمثل نسبة 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام .
وهذه الأرقام لازالت في تزايد مستمر على الرغم من حملات التوعية الموسمية التي تنظمها "اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير" حيث عرف عدد ضحايا حوادث ارتفاعاً وصلت نسبته إلى 3.1 في المائة مقارنة بعام 2002.

حملات موسمية

أطلقت "اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير" منذ حزيران (يونيو) الماضي حملة أطلق عليها "أصدقاء المرور" وتهدف الحملة التي انطلقت بصفة مبدئية في كل من العاصمة الرباط ومدينة الدار البيضاء إلى التحسيس بأخطار حوادث المرو وحث مستعملي الطريق من السائقين وأصحاب وسائل النقل عموما والراجلين على وجه الخصوص على احترام مقتضيات السلامة الطرقية. وتهدف الحملة كذلك إلى توعية المغاربة بضرورة احترام قواعد المرور، إضافة حث السائقين على احترام غيرهم من الراجلين وتعميق قيم التعايش والتسامح داخل الطرق المغربية.
والى جانب حملة "أصدقاء المرور" التي تبقى ظرفية ومحدودة جغرافيا من خلال تمركزها في كل من الدار البيضاء و الرباط أطلقت وزارة التجهيز والنقل حملة إعلامية عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية للتعريف بالقوانين الجديدة التي تتعلق بكيفية استعمال الطرقوالتي أصبحت تترتب على مخالفتها غرامات مالية مهمة.

بنيات طرقية متهالكة

تمتد الشبكة الطرقية في المغرب على طول أكثر من57 ألف كيلومتر. وتعرف هذه الطرق مشاكل كبيرة بسبب انعدام الصيانة الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على جودتها، حيث أصبح حوالي 25 في المائة منها طبقا لإحصائيات رسمية في حالة متدهورة ولا يستجيب لأبسط معايير السلامة الطرقية مثل الإشارات المرورية والعلامات الضوئية لضمان الحد الأدنى من معايير السلامة المتعارف عليها دوليا.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة المغربية عن برنامج طموح يتوخى تشييد 100 كيلومتر من الطرق سنويا إلا أن الحالة الطرقية العامة للبلاد تبقى في كثير منها غير صالحة للاستعمال بسبب تقصير المجالس البلدية في صيانة والعناية بالطرق الواقعة تحت نفوذها الترابي. ويبقى العنصر البشري السبب الأول والرئيسي في الكوارث التي تعرفها الطرق المغربية من جراء حوادث المرور حيث تشكل السرعة المفرطة التي تتسبب 30 في المائة من الحوادث عاملا رئيسيا. إضافة إلى عدم احترام قانون المرور الذي لا يدخل في الثقافة اليومية للمغاربة على الرغم من حملات التوعية الموسمية التي تنظمها الجهات المسؤولة عن السلامة الطرقية.

يشار إلى أن وزارة النقل كشفت عن رقم مهول حول مستقبل حوادث المرور في المغرب حيث من المتوقع أن تأخذ هذه الآفة الخطيرة منحى تصاعديا على الرغم من الجهود المبذولة للحد منها حيث من المنتظر أن تصل خلال العام 2012 إلى4964 قتيل بزيادة تقدر بحوالي 32 في المائة.