باريس: سان تروبيه صدفة بحرية مزركشة ومتوغلة بين صخرة ورمل ،لا تكل من سماع هدير البحر الصاخب ، ولا تنال منها الأمواج المتلاطمة" هكذا تحدث "دي موبسان" عن مدينة سان تروبيه الجميلة التي تعبق بالتاريخ والتراث ،وأسطورة القديس سان تروبيه ، فارس المقاومة الذي ألقى به نبيرون في البحر.

شهدت سان تروبيه في بداية القرن الماضي وخلال فترة حكم نابليون الثالث انتعاشا وازدهارا ، مكنها من أن تصبح واحدة من أجمل الشواطئ الفرنسية ، وفي عقد الستينات من القرن الماضي ، أصبح اسم سان تروبيه لصيقا بنجمة الإغراء "بريجيت باردو" التي كانت تعرض مفاتن جسدها المثير على رمال شاطئ سان تروبيه والذي تقاطر عليه النجوم في فترة السبعينات ليصبح اليوم ملتقى للمشاهير والفنانين وقبلة لرجال الأعمال بامتياز.

يروي سكان سان تروبيه عن "جينفر لوبيز" أنها تحط رحالها بمدينتهم كل صيف لمدة يومين على الأقل ، تغير من شكلها الخارجي وقصة شعرها ، وتصحب معها في كل صيف عاشقا جديدا ، لا تبارح إقامتها الصيفية الخاصة إلا لماما ، ولا يرى لها أثر في أزقة سان تروبيه وبينما يتهافت اغلبية شبان سان تروبيه نحو الميناء لمشاهدة "جينفر لوبيز" وملابسها المثيرة ، تختفي هذه الأخيرة في يخت من اليخوت الفخمة.

في أزقة سان تروبيه الضيقة ، يتجول "مايكل دوغلاس" بسروال قصير ونظرات سوداء،رفقة زوجته "كاترين زيتا جونز" ، يتوقفان عند مقهى "سانكييه" بمظلاته وكراسيه الحمراء ، يحتسيان جعة باردة ويغادران ، بعد أن يلتقط لهما عشرات الصور.

"سيلفستر ستالون" بعضلاته المفتولة وروح الدعابة يخالط العامة في أزقة سان تروبيه، و لا يمل من تلبية مطالب معجبيه من توقيع صغير ، إلى التقاط صورة ، إلى قبلة على الخد ، بينما يتمتع مصطافو شاطئ سان تروبيه بقيادة المغني "باف دادي" الجنونية لدراجته المائية العجيبة والتي تشبه سمك القرش في شكلها و سرعتها.


يحكى عن جورج مايكل انه من رواد علبة الليل الشهيرة "باباغايو" بصخبها ولياليها الحمراء حيث تجد المعجبين مصطفين في صف لا ينتهي ،وسط هذا الصخب يقضي المدرب الشهير أرسين فينغر وقته الهادئ في لعب الكولف.


غالبية النجوم الذين يتوافدون على منتجع سان تروبيه يفضلون النزول في الاقامات الخاصة بشواطئها المتميزة والبعيدة عن أعين الفضوليين والمتطفلين من الباباراتزي والذي يقيمون في جل أركان المدينة ، يتحينون الفرصة لالتقاط صور حميمة للنجوم.

سان تروبيه ليست مدينة الحانات والليالي البيضاء والحمراء ، بل هي مدينة المعارض المنتشرة بين أزقتها حيث أبدع بابلو بيكاسو بعضا من لوحاته ، وهي أيضا مدينة الموسيقى حيث تحتضن مهرجانها الشهير " الفصول الأربعة" للموسيقى الكلاسيكية وهي أيضا مدينة للفكر والتأمل فقد وجد فيها الفيلسوف الوجودي الفرنسي جان بول سارتر ضالته، وبين الأصالة والمعاصرة يبدو ميناء سان تروبيه العتيق ، بلباس بحارته التقليدي ، وبيخوته الفخمة وهندستها البديعة ، كشاهد حي على مدينة تاريخية فاتنة.

[email protected]