الكتب والأفلام الأمريكية الجديدة ضد بوش تفتح ملف "الإعلام والسياسة" في العالم العربي

عمان: تشهد المكتبات ودور السينما الأمريكية حاليا ازدحاما في المنشورات الكتابية التي أقدم على كتابتها العديد من الكتاب والمؤلفين والصحافيين المعروفين في الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك شهدت دور العرض الأمريكية والعالمية ظهور عدة منتجات سينمائية وكلها تتحدث عن الإدارة الأمريكية الحالية للرئيس بوش وعن الفترات واللحظات السوداء التي تعرضت لها الولايات في أزمنة متلاحقة، إضافة إلى الحديث عن الرؤساء الأمريكيين السابقين.

وشكلت المؤلفات والأفلام الأمريكية الجديدة التي قيل بأن كثافتها على المكتبة الأمريكية جاءت مواكبة للانتخابات الرئاسية المرتقبة في الولايات المتحدة عدة أسئلة على الساحة العربية، ليس سياسيا فقط، بل ثقافيا وإعلاميا، حيث أثرت على المستوى العالمي بخصوص ما يعرف بأزمة "الإعلام والسياسة".

سكجها: الصحافة العربية محكومة ضمن السياسات العربية
وبالمقارنة مع أعمال المؤلفين والكتاب ومخرجي السينما العرب تجاه الأزمنة السوداء التي عاشها أو يعيشها العالم العربي الآن يرى الكاتب ومدير مكتب منظمة الشفافية العالمية في العاصمة عمان باسم سكجها ـ كما روى لإيلاف ـ أن:"المثقف العربي مغيّب كليا عما يجري في العالم وهو لا يتعدى كونه ناقلا لما يجري حوله من أحداث، وفي الوقت نفسه فإنه عامل غير مؤثر في الثقافة العالمية، إضافة إلى أن الصحافة العربية محكومة ضمن السياسات العربية ومفروض عليها العديد من القيود والضوابط والممنوعات التي تخلق حالة من الخوف لدى الإعلاميين".

ويضيف سكجها أن هناك عدد لا بأس به من الصحافيين والإعلاميين على مستوى عالي من الخبرة والكفاءة لكن لا يوجد لدينا صحف جيدة لتنشر لهؤلاء، فالصحافة العربية محكومة لسياسات الدول التي تنشر فيها، ويعلق سكجها على فيلم "فهرنهايت 11/9" للمخرج الأمريكي مايكل مور الذي انتقد فيه الرئيس الأمريكي جورج بوش وحربه على العراق أن هذا الفيلم "جرى عرضه في صالات العرض بعمان ولكن حذفت منه العديد من المقاطع خصوصا التي التي تتحدث عن علاقة بوش بالعائلة الحاكمة في السعودية" مشيرا إلى أن الرقابة المسبقة وغياب الحرية تؤثران على مضمون الصحفي العربي.

وكان فيلم فهرنهايت قد لقي ترحيبا واسعا على شباك التذاكر العالمي، فيما قررت الكويت حظر الفيلم، معتبرة انه الفيلم يسئ للعائلة الحاكمة في السعودية ويحمل انتقادات للغزو الاميركي للعراق، وكان مسؤول كويتي قد صرّح لوكالة الاسوشييتد برس "لدينا قانون يحظر اهانة دول صديقة، والروابط بين السعودية والكويت خاصة".

الريماوي: عندما تصل الانتقادات إلى شخص رئيس الدولة فإن الأمور تختلف وتتحور للحلول السريعة
ويروي مالك ورئيس تحرير صحيفة المجد الأسبوعية فهد الريماوي التي لاقت صحيفته منعاً متكرراً من السلطات الأردنية لأسباب سياسية، كان آخرها قبل أكثر من شهرين حيث أوقف صحيفته عن الصدور لمدة سبعين يوما بقوله أن:"ما حدث معه من إغلاق الصحيفة وتحويله إلى محكمة أمن الدولة لكتابته مقالا انتقد فيه جزءاً يسيراً مما ورد في كتاب الكاتب الأمريكي (وود وورد) وهو بعنوان خطة الهجوم، الذي يقول كاتبه فيه أن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة الأمير بندر بن عبدالعزيز كان على علم مسبق بأمر الهجوم على العراق قبل أن يعلم وزير الخارجية الأمريكي كولن باول نفسه بذلك، في الوقت الذي ظهر فيه الأمير بندر بن عبدالعزيز في مختلف وسائل الإعلام الأمريكية متحدثاً عما جاء في هذا الكتاب".

ويعتقد الريماوي أن هناك فجوة كبيرة بين الحديث عن الحريات الإعلامية وبين تطبيقها فعلياً على أرض الواقع "فلدينا في الأردن قوانين تحكم المطبوعات والنشر وقد وضعت على الرّف وطبّقت عوضا عنها القوانين العرفية التي حدّت من حرية الصحافة والصحفي" مشيراً أن الوقت الذي كان يعيش فيه الأردن في ظل الأحكام والقوانين العرفية كان هناك كتابات صحفية جريئة أكثر من هذا الوقت الذي نعيشه الآن والحديث الآني الذي يدور عن الحرية والديمقراطية والتنمية السياسية.

وفي رأي الريماوي أن الأعمال الفنية العربية المعارضة لسياسات الدولة كالتي قام على أداءها الفنان المصري عادل إمام أنها تنتقد أجهزة ومؤسسات الدولة الرسمية، إلا أنه عندما تصل الانتقادات إلى شخص رئيس الدولة فإن الأمور تختلف وتتحور للحلول السريعة، وأن الفساد ينبع من بطانة الرئيس وليس من الرئيس نفسه، وبهذا نبعد شخص الرئيس عن الانتقاد، وقد يكون هو البطل.

حداد: الحريات الإعلامية أصبحت مقولات بائدة وموجهة قبل سلطة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية
ويقول مدير صحيفة الهلال الأسبوعية رومان حداد أن:"الحريات الإعلامية أصبحت مقولات بائدة والإعلام الحالي هو إعلام موجه إما من قبل سلطة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، والإعلام الحرّ يبقى مجرد أسطورة، والصحافة بصورة عامة تعكس حجم الحرية في المجتمع ككل، فالحرية لا تمنح وإنما تستحق".

ويضيف حداد أنه وبالرغم من مظاهر الحرية العلنية في الغرب فإنه يجب أن لا يغيب عن ذهننا التعتيم والتضليل الإعلامي الأمريكي لأحداث الحادي عشر من أيلول ومدى تدخل إدارة بوش بما حدث، إضافة إلى عدم وضوح الأسباب المباشرة التي دفعت الولايات المتحدة وحلفاءها لشن الحرب على العراق بذريعة وجود أسلحة دمار شامل وأسلحة كيماوية تهدد أمن أميركا، مشيرا إلى أن الصحافة الأمريكية تركت وراءها الكثير من علامات الاستفهام والتعجب حول العديد من القضايا السياسية كالحرب الأمريكية الفيتنامية واغتيال الرئيس الأميركي جون كنيدي.

وبالنسبة للمعارضة السياسية في الأعمال السينمائية فيطرح حداد سؤالاً مفاده هل لدينا في الوطن العربي إمكانات سينمائية تضاهي وتقارب الإمكانات الهوليوودية؟، وهل يمتلك العرب القدرة على إنتاج أعمال سينمائية تضاهي الأفلام التي تنتجها هوليوود؟!، موضحاً أنه إذا تمت الإجابة على هذه الأسئلة فإنه من الممكن بعد ذلك أن نتحدث عن أعمال كتابية أو إخراجية عربية تنتقد سياسات الدول.

"الانحراف نحو اليمين" يعرض تعامل الإدارة الأمريكية مع الصحافة والكونجرس
وضمن الإصدارات الحديثة التي يشهدها عالم النشر الأمريكي حاليا يحاول الكاتب تشارلز تيفر من خلال كتابه الجديد "الانحراف نحو اليمين" أن يوضح للقراء كيف أن سياسة يوش الابن حولت وغيرت القانون لدعم أجندته السياسية السخيفة، ففي هذا العمل وكما يصفه هنري واكسمان يضع تشارلز إدارة بوش تحت المجهر من خلال عرضه لسوء استخدام السلطة بأعلى مستوياتها، ويعي تشارلز من خلال هذا المؤلف أن المناورات القانونية الغير واضحة تقود إلى تشعبات سياسية ضخمة.
ويعرض تشارلز الذي يعمل مدرسا للقانون في جامعة بالتيمور في كتابه الذي يقع في 455 صفحة قضية تعامل الإدارة الأمريكية مع الصحافة والكونجرس ووضع العوائق أمامهما بطريقة تساعدها على إخفاء دوافعها عن العامة.

ويقدم "الانحراف نحو اليمين" دليلاً على أنه باستطاعة المغالين في المحافظة أي (الحزب المحافظ) إنجاز النجاح السابق خلال فترة حكم أخرى لبوش إن حصل عليها، حيث يراهن المحافظون على عدة قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية يعيشها المجتمع الأمريكي خاصة بعد أحداث 11 أيلول التي زادت من عبء الإدارة بالقضايا الاجتماعية الشائكة في الولايات المتحدة التي يعتبر "الإجهاض" من أبرزها، كذلك قضايا الفساد الإداري التي بدأت تظهر بعيد الحرب على العراق.

وصف فترة الإرهاب في تسع روايات ضمن كتابه الجديد "المقاومة"
فيما وظف كاتب المقالات والروائي المعروف باري لوبيز خبرته في أعماله السابقة في مؤلفه الجديد "المقاومة". الكتاب الذي ألفه على خلفية أحداث 11 سبتمبر، و هو عبارة عن 9 روايات من الذاكرة ترضي العواطف في بحثها عن الأمانة الشخصية والسياسية.

ويظهر كتاب "المقاومة" بين سلسلة كبيرة من الإصدارات التي تحدثت عن ما وراء أحداث أيلول التي دارت حولها العديد من التساؤلات والتحليلات المختلفة التي لم يلق غالبيتها رضا القراء والمتابعين من أبناء ومثقفي المجتمع الأمريكي.

ويؤكد "المقاومة" مدى اهتمام الشارع الأمريكي لمعرفة الكثير من السيناريوهات التي حصلت منذ 3 سنوات بشكل مبسط حيث تكثر المقالات والأخبار عما يدور في كافة أوساط المجتمع الأمريكي في الداخل، وعلاقة الولايات المتحدة مع العالم.

شهادة رئيس
هذا وقد وزعت دور النشر الأمريكية الكتاب الذي حقق سمعة قبل ظهوره، وهو كتاب الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بعنوان "حياتي" الذي يدلي فيه (شهادته) حول حقبة رئاسته في البيت الأبيض.

ويعتبر هذا الكتاب أغنى سيرة ذاتية لرئيس أمريكي، فلا يوجد أي كتاب آخر يحتوي على معلومات تروى بطريقة حيوية عن كيف تكون رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية لمدة ثمانية أعوام كما في هذا الكتاب. فقد جمع كلينتون بين الذكاء والتعليم الجيدين ووصل إلى واشنطن عام 1964 واستطاع أن يكون السياسي رقم (1) فيها- أو السياسي الأول في العالم.

[email protected]