محمد الخامري من صنعاء : رغم النفي المتكرر لأصحابها ومحاولة إثبات ذلك بشتى السبل ، إلا أن العديد من المواطنين يؤكدون وجود الجن في بناية جولة سبأ بالعاصمة اليمنية صنعاء ، وكل منهم يدلي بدلوه في نسج القصص واستخراج الحكايات من ذاكرته المشحونة بالعديد منها.
لا تكاد تركب في (الميكروباص) المنطلق من التحرير الى الحصبة والعكس ، او من شيراتون الى الجامعة والعكس ايضا ، فهي على مفترق طرق ، إذ أن أيا من تلك الميكروباص او الحافلات التي ستستقلها سيمر بك قطعا بجوارها وستكون تلك البناية وسكانها من الجن حديث الراكبين في كل (مشوار) خصوصا عند الوقوف في جولة سبأ أو أمامها لانتظار إشارة المرور ، حيث يبدؤون في نسج الحكايا والقصص التي جعلت الجن يستأثرون بهذه البناية دون سواها من بنايات صنعاء.
تكونت عندي من خلال ركوبي المتكرر في (الميكروباص) فكرة كاملة عن بناية الخوف او الجن كما يسموها في صنعاء ، فترجلت أمامها ودلفت إلى معارض الموبيليا التي تحتها (معارض تابعة لصاحب البناية) وسألتهم عن حقيقة ما يشاع عن هذه البناية ، قال احدهم إسأل (...) فهو ينام بينهم وله معهم حكايات كثيرة ، ذهبت إلى (..) وهو احد العاملين في المعرض وسألته عن حقيقة الحكايات والقصص التي يتداولها الناس ، فنفى ذلك نفيا قاطعا مستدلا بأنه يسكن فيها مع مجموعة من عمال المعرض ، وان البناية لم تشطّب (لم تستكمل من الداخل) إلى اليوم لذلك هي غير مسكونة ، حاولت الأخذ والرد معه لكنه قطع المحادثة بان هذه هي الحقيقة وبإمكاني الصعود إلى الأعلى لمشاهدة البناية من الداخل (إذا كنت لا اصدق ما يقوله).
لم استطع الصعود (بأمانة) لان المنظر كان مخيفا ، سالت احد المارة وهو من سأكني تلك (الحارة) أو الحي والذي عرفني بنفسه بأنه محمد القديمي ، وقلت له ما حكاية هذه البناية أجابني بشئ من السخرية (فيها جن!!) قلت وكيف عرفت ذلك ، قال كل ماسكن فيها ناس يقوموا الصباح وهم في الشارع ، وهل شاهدت هذا بعينك ، قال كل الناس شافوا هذا ، هل شاهدت بعينك ، تركني وذهب وهو يضحك بسخرية.

الزول السوداني
جاء آخر ونحن نتحدث ونشير إلى البناية فقال ما تشتي (ماذا تريد) قلت له (سلامتك) لان صيغة سؤاله كان فيها شئ من الحدة فخفت ان يكون من ملاك البناية وندخل في إشكالية معه ، فرد على الفور (عموما لو تفكر تسكن فيها ما أنصحك) فقلت لماذا؟ ، قال فيها جن ستقوم أنت وعائلتك في الشارع زي الزول السوداني (وضحك)؟؟.
سألته عن السوداني وما حكايته فقال انه مدرس سوداني (مطوّع) انتقل من محافظة عمران للتدريس في صنعاء وسكن فيها ، وكان كل يوم يقوم هو وعياله مفزوع من الأصوات التي كانوا يسمعونها في الليل ولايدرون مصدرها او تحديد مكانها ، وبعض الأيام كانت الزجاجات تتقارح (تتكسر) وبعض الأحيان البلاط يتكسر ، وآخر شئ قام الصباح وهو وزوجته نايمين على الرصيف في الشارع (أمام البيت).
علي محمد ماوية ، احد سكان الحي الذي تقع العمارة في نطاقه سألته عن صحة ما يشاع حول الجن والعفاريت الساكنة في تلك البناية ، فقال الواقع وحال العمارة يدل على شئ غير طبيعي ، قلت له كيف ؟ ، قال أنا لي في هذه الحارة من عام 90م يعني قرابة 15 سنة ، وجيت من السعودية في ذلك التاريخ وكانت العمارة موجودة وكانت شكلها نظيف وجديد وفيها نوافذ زجاجية وألمنيوم ، وكانت تضاء في بعض الأيام وتنطفئ في أخرى ، لكني (والشهادة لله) لم أرى احد يدخل إليها أو عرفت واحد سكن فيها ، ولكن حالها الآن (ويشير إليها) لا ترميم ولا نوافذ ولا زجاجات ولاشئ من هذا ، يدل على أشياء كثيرة.
- مثل ماذا؟؟
** مثل أن تكون مسكونة بالجن (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) قالها بسرعة.
- لكن أهل البناية يؤكدون أنها لم تشطب بعد (لم تستكمل) وأنها لازالت (عظم).
** أجابني على الفور (مش معقول) عندما جئت من السعودية وهي موجودة وصاحبها (ما شاء الله) مرتاح (كناية عن انه غني وذو مال) ومعاه معارض ومصنع أثاث وكل شئ ، ليش مخليها بدون تشطيب أكثر من 15 سنة !!.
- برأيك ماهي الأسباب التي أدت إلى سكن الجن؟
** الله اعلم ، مافي معي شئ محدد اعرفه بأمانة لكن الحكايات كثيرة ، وكل واحد يجيب شئ ، وأنا شخصيا ما عندي حاجة حقيقية ومتأكد منها اقدر أقلك عليها.
- ماهي الحكايات التي يتداولها الناس؟
** هناك من يقول أنها بنيت من مال حرام ، ومن يقول ان صاحبها كان يجمع الأموال للجهاد في أفغانستان قبل عام 1990م وبعدين بناها به ، وهناك من يقول أنها بُنيت على مقبرة وان تحتها قبور ، وهناك من يقول أن صاحبها اخذ أرضيتها مع الأرضية التي وراءها من الأوقاف لبناء مسجد وقام ببنائها على الشارع قبل المسجد الذي أهمله وماعد بناه إلى أن جاء الدكتور طارق سنان أبو لحوم وبناه ، والحكايات كثيرة جدا لكن من تصدق ومن تكذب ، كل واحد يجيب حكاية وقصة ، وشعبنا هو فارغ !! ، مايصدق يشوف جنازة حتى يشبع فيها لطم (كما يقول المثل).

شاهد عيان
- أصحاب البناية ينفون كل القصص التي ذكرتها غيرها ويقولون ان البناية لم تشطب ولم يسكن فيها احد إلى اليوم؟
** أنا قلت لك إن هذه الحكايات مش بالضرورة تكون صحيحة وإنما يتداولها الناس ، وانا شخصيا مش مصدقها واعرف انها مش صحيحة لعدة عوامل ، اولها ان بعضها يناقض البعض الآخر ، وبالمقابل فانا مش معاك ولا اصدق أصحاب البناية انها لم تشطب إلى اليوم ، لأني شاهد عيان عليها في بداية التسعينيات (عندما جيت من السعودية) وكانت مشطبة وفيها زجاجات ونوافذ ألمنيوم وكل شئ ، وبعدين ليش يخليها إلى اليوم بدون تشطيب وهو عارف ان هذا من عمرها وأنها ستخسّره الآن كثيرا وهو مقتدر وتاجر ، على الأقل يشطبها ويصلحها على شان يقطع الالسن عن نسج الإشاعات التي تتكاثر كل يوم حولها وحوله شخصيا باعتباره مالكها.
- هل نستطيع ان نقول انك تؤمن بوجود الجن فيها ؟
** أنا أقول انه لا دخان من غير نار ، وليش الناس ركزوا على هذه البناية بالذات ، وليش صاحبها ما يشطبها ويؤجرها ويقطع كلام الناس ، لكني اختلف في القصص التي قيلت عن الأسباب التي أدت إلى سكنها من قبل الجن ، لأني لا أستطيع ان اشكك في الرجل الذي قيل لي انه من أطيب الناس ، وانه يخاف الله ، ومعنى اني اقول انه بناها من مال حرام فهذا معناه أنني اتهمه بأنه سارق وحرامي وغير نزيه وما يخاف الله وهذه كلها اتهامات لا تقوم على أدلة ولا براهين صحيحة ويأثم الإنسان كثيرا عندما يطلقها لأنها مثل الشهادة أمام الله ، ونحن شهود الله في أرضه.

زوجتي وأطفالي (لا)
- لو قيل لك اسكن فيها هل ترضى؟
** مش قلت أنها مش مشطبة (يضحك).
- نخليه يشطب لك شقة (يصلحها ويهيئها)؟
** أنا ممكن اسكن فيها لحالي او مع مجموعة من الشباب العزّاب ، لكن أولادي وزوجتي لا ، عاد في النفس شئ من الخوف عليهم.
- معنى ذلك انك تؤمن أنها مسكونة بالجن؟
** سبق وقلت لك (ما دخان من غير نار) ، والمثل العربي يقول (ألسنة الأمة أقلام القدرة) ، وكل الناس تقول فيها جن وأنا أقلك أني شاهدتها مضاءة أول التسعينيات وكان فيها ساكنين ، فلماذا لا تؤجر إلى اليوم او تشطب إذا كانت غير مشطبة كما يدعي أصحابها ثم تؤجر على الناس حتى تنقطع الإشاعات.

حكايات اغرب من الخيال
صالح العوّامي (سبّاك) يقول انه اشتغل لأحد السكان فيها قبل عشر سنوات تقريبا ، وكان كلما أصلح شيئا خرب شيء آخر.
ويضيف العوّامي انه سأل صاحب الشقة التي كان فيها عن كثرة الأعطال والخراب الذي يحصل في شقته فرد عليه أن العمارة مسكونة بالجن وانه (ودّف) عندما سكن فيها ، مشيرا إلى أن صاحب الشقة اخبره أن العديد من الأشياء تختفي عليه من البيت وانه كان دائم الخلاف مع زوجته حول الأشياء التي تختفي إلى آخر مرة حيث اختفى التلفزيون وعندها آمن الرجل أن البيت مسكون بالجن فخرج منه.
وهناك مستأجر آخر كان ابنه دائم المرض وكان يتنقل به من مستشفى إلى آخر وعندما يصل إلى المستشفى وتُجرى له الأشعة اللازمة يقولون انه سليم ولا يشكو من شيء ، وعندما يعود للبيت يبدأ البكاء المتواصل ويشكو من الألم في بطنه ورجله وأجزاء أخرى من جسمه ، إلى أن ذهب به إلى احد المشائخ ليقرأ عليه فأخبره أن هناك جن (يشاغلوه) ونصحه بتغيير البيت الذي يسكن فيه ، والقصص كثيرة بس أنا مستعجل معي عمل ضروري ، مع السلامة.
حاولت أن استوقفه لكنه أصر على الذهاب لأنه مشغول بعمل خصوصي وليس عمل (سباكة) حسب قوله لأني عرضت عليه مبلغا من المال مقابل الجلوس معي.