أسسوا جمعية للمستضعفين في الأرض
30% من المصريات يضربن أزواجهن

نبيل شـرف الدين من القاهرة: أظهرت دراسة ميدانية حديثة أجراها أحد مراكز البحوث الاجتماعية في مصر أن قرابة ثلاثين بالمائة ـ في متوسط الإحصائيات ـ من الزوجات المصريات يضربن أزواجهن ويعاملنهم معاملة سيئة، وذلك وفقاً لإحصائيات شملت البلاغات التي تلقتها أقسام الشرطة، والمستشفيات، والقضايا التي تنظرها المحاكم، وخلصت إلى تعرض الأزواج للضرب على أيدي زوجاتهن، وأوضحت الدراسة أن معدلات ضرب الأزواج ترتفع بنسبة 50% في الطبقة الدنيا التي تسود فيها الأمية، بينما تنخفض إلى نحو 15% بين الأزواج المتعلمين سواء كانوا حاصلين على مؤهل متوسط أو عال. وفي القاهرة يسعى عدد من المصريين إلى تأسيس جمعية أهلية أطلقوا عليها "المستضعفين في الارض" أخذت على عاتقها بحث المشكلة من كافة جوانبها، وسبل اتخاذ التعهدات الصارمة للحد من شراسة بعض الزوجات للم شمل الاسرة وضمان ظهور جيل جديد من الابناء لا يعاني من العقد النفسية حين يرى الآباء يتعرضون للضرب على أيدي الأمهات، وهو الأمر الذي يمكن أن يترك آثاراً وخيمة على نفسية الأطفال ورؤيتهم للعالم وتنطبع على سلوكهم حين ينضجون ويخوضون معترك الحياة في المستقبل.

معركة قضائية
ويقول أحد مؤسسي هذه الجمعية إنه مع زملائه قرروا أن يخوضوا معركة قضائية ضد وزارة الشؤون الاجتماعية التي رفضت إشهار الجمعية رسمياً، بزعم مخالفتها للأعراف والتقاليد، غير أن المؤسسين يرون أنهم يتبنون التعامل مع ظاهرة موجودة بشكل أو آخر، وبنسبة أو أخرى في المجتمع، وأن التعامل الإيجابي مع هذه الظاهرة أفضل كثيراً من تجاهلها ودفن الرؤوس في الرمال، مؤكدين أن إنكار وجود الظاهرة لا يلغي وجودها، وأنهم يعتزمون مقاضاة وزارة الشؤون الاجتماعية لانتزاع حكم قضائي بتسجيل الجمعية، خاصة وأن من بين المؤسسين شخصيات مرموقة لا يستهدفون بكل تأكيد هدر وقتهم أو اللغو، بقدر ما يحاولون التصدي لقضية اجتماعية تتنامى في ظل غياب أي مؤسسة حكومية تعنى بهذه الظاهرة بشكل جاد وعلمي مدروس، على النحو الذي تعتزم الجمعية القيام به في هذا الصدد .
وعودة إلى نتائج الدراسة المشار إليها، والتي أشارت إلى أن 65% من الزوجات اللاتي شملتهن الدراسة من مرتكبات جرائم العنف ضد أزواجهن أرجعن ذلك لأسباب تتعلق بغيرتهن الشديدة على أزواجهن، أما 45% من مرتكبات جرائم العنف هذه فقد أرجعنها إلى ضعف شخصية الزوج مقابل سيطرة الزوجات، ومحاولتهن الضغط على الأزواج بكل وسيلة، مما قد يؤدى إلى حدوث صدام بينهما يدفعها في النهاية إلى الاعتداء عليه بالضرب والإهانة .

ضعف الزوج
كما كشفت الدراسة أيضاً عن أن كثيراً من الرجال يخجلون من كتابة اسمائهم بل ويرفضون مجرد اتخاذ أية إجراءات حرصا علي كرامتهم وخوفاً من الفضيحة، والمثير أن الزوجات القاهريات وزميلاتهن من دلتا مصر كن الأكثر ضربا لأزواجهن، خلافاً لأزواج صعيد مصر الذين يتسمون بالتشدد في معاملة الزوجات، وتساندهم في ذلك الثقافة الاجتماعية السائدة التي لا ترى في ضرب الزوج لزوجته ـ في حالات معينة ـ أمراً مستهجناً بل ربما كان محبذاً ومعتبراً لدى الطبقة الدنيا في صعيد مصر .
وأرجعت ذات الدراسة أسباب ضرب الزوجات للأزواج إلى عدة أسباب يأتي في مقدمتها ضعف شخصية الزوج، وهذا السبب كما تقول الإحصائية يحتل المرتبة الأولى، ومن الأسباب المهمة أيضاً بخله وسوء معاملته لزوجته بالإضافة إلى إسرافه في تعاطي المخدرات أو الخمور على حساب احتياجات منزله، خاصة في حالات الأزواج المدمنين .
وتعلق إحدى الزوجات التي تحدثت معها (إيلاف) في أحد أقسام الشرطة بالقاهرة على ظاهرة ضرب الأزواج قائلة إن الزوج دائما هو الذي يدفع الزوجة للقيام بأي فعل يراه الناس غريبا مثل ضربه أو إهانته فإذا كان حنونا معها ويؤدي كل واجباته تجاهها إذن ما الذي يدفعها أن تضربه أو تصطدم به، فالمرأة ـ حسب تعبيرها ـ بطبيعتها مخلوق رقيق عطوف وحنون ولا تكون شرسة إلا في حالة اضطهادها المستمر من قبل الزوج، وأحيانا كثيرة تكو ن الزوجة مريضة نفسياً وفي هذه الحالة يعرف الزوج حالتها ويحاول من جانبه إذا كان رجلا عاقلاً أن يتحملها، وعلى أي حال فالمرأة الذكية هي التي تروض زوجها دون أن تشعره بذلك" .

ندم الزوجة
وعن شعور الزوجة بالندم بعد قيامها بضرب زوجها أجابت واحدة فقط بأنها شعرت بالندم بعد ضرب الزوج، بينما أكدت 95% من العينة أنهن لم يشعرن بأنهن ارتكبن جرما، وهو ما يلقي الضوء علي حجم معاناتهن التي تجعلهن غير نادمات علي ما حدث، بل ان 30% ذكرت انهن شعروا بالارتباح حينما ضربوا ازواجهن مما يوضح ان الزوجة المعتدية تعاني من صعوبات ومشكلات شديدة مع زوجها، ومن تشعر بالراحة حينما تفرغ طاقاتها بضرب زوجها، وذلك حسب التفسير الذي ذهبت إليه الدراسة المذكورة .
ويرى الدكتور محمد شعلان أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر أن "سيكولوجية الزوج باعتباره الآمر الناهي، وأنه هو دائما على حق ومصدر الرزق للأسرة، وإذا اهتزت هذه المكانة، خاصة داخل المنزل فيسيطر عليه إحساس بالدونية لأنه أصبح أقل شأنا أمام زوجته وأولاده، وهنا ينقلب الوضع ويشعر بالعدوانية تجاه الزوجة مما يجعله دائما يقوم باستفزازها فيدفعها إلى أفعال لا يرضي عنها وأحيانا يصاب بعض الأزواج بالتقوقع حول أنفسهم مما يجعل المرأة تشعر بضعف شخصيته، خاصة في حالات الضعف الجسماني، فتصبح هي صاحبة القرار في المنزل وفي هذه الحالة يجب أن يؤدي الزوج واجباته كاملة تجاه أسرته حتى لا يضع نفسه في هذه الصورة"، على حد تعبير أستاذ علم النفس المصري.