أسامة مهدي من لندن: في وقت احتفل فيه العراق اليوم بذكرى تأسيس جيشه القديم المنحل في السادس من كانون الثاني (يناير) عام 1921 تم دمج

ضباط بعثيون يتبرأون من البعث
وات الحرس الوطني الجديدة البالغ عديدها 40 الف فرد الى الجيش الجديد، الذي يؤمل ان يصل عدده الى 100 الف عسكري يضم قوات برية وجوية بحرية ستخلف القديمة التي وصل عدد منتسبيها خلال عهد الرئيس المخلوع صدام حسين الى 400 الف فرد ليكون الجيش الخامس في العالم، فيما اعلن رئيس الوزراء اياد علاوي ان اول دفعة من الدبابات والمصفحات العراقية ستنتشر في الشوارع العراقية للمرة الاولى لحفظ الامن والاستقرار.


تخرج الف عسكري عراقي 26-2-2004

تعهد علاوي بزيادة أعداد القوات العراقية وتأهيلها، وقال في تصريح صحافي إنها ستكون أفضل تدريبا وتجهيزا حتى تتمكن من هزيمة الإرهابيين بشكل نهائي. وأعلن أن أعدادا كبيرة منها ستتخرج اليوم بمناسبة عيد الجيش وإن أول دفعة من الدبابات والعربات المصفحة العراقية ستنتشر في الشوارع الأسبوع المقبل للمرة الاولى وذلك لضمان الأمن والاستقرار.

وبهذه المناسبة اعلن وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان دمج قوات الحرس الوطني في صفوف الجيش العراقي وقال انه تم توحيد الحرس الوطني مع الجيش العراقي بمناسبة السادس من كانون الثاني ( يناير) الذي يصادف عيد تأسيس الجيش العراقي واضاف ان وحدات عسكرية جديدة ستتخرج اليوم من كافة مراكز التدريب في عموم العراق وستكون هذه الوحدات المتخرجة بحجم فرقة كاملة .

وتتألف قوات الحرس الوطني العراقي التي انضمت الى الجيش النظامي من ست فرق واربعين الف شخص وهي اكثر عددا من الجيش العراقي الذي يتألف من ثلاث فرق. وقوات الحرس الوطني وحدات استحدثت بعد سقوط النظام العراقي في التاسع من نيسان( ابريل) من العام 2003 وتلقت تدريبات تحت اشراف اميركي وتقوم بعمليات لحفظ الامن والنظام بالتعاون مع قوات الشرطة العراقية. واشار مسؤول في الحرس الوطني ان ادماجه بالجيش يستهدف القبام بدور رئيسي في محاربة المسلحين مع الجيش الجديد والذين اصبحوا يستهدفونه والشرطة العراقية بذريعة انهما من صنيعة الاحتلال وحماته .

ونشرت الصحف العراقية تحقيقات عن بدايات تاسيس الجيش ودوره في الحياة السياسية العراقية كما اجرت احاديث مع عدد من قادة الجيش القديم الذين اكدوا فيها انه لابديل عن الغاء قرار حل الجيش داعين الى بناء قوات مسلحة جديدة بايد عراقية وطنية بعيدا عن العنصرية والطائفية والانتماءات السياسية .

واشاروا الى ان التدهور الامني الحالي وعدم الاستقرار سببه حل الجيش العراقي وقوات الامن الداخلي الذي خلف فراغا امنيا خطيرا وحرم عمليات اعادة الاعمار من اعداد هائلة من المتخصصين والمهنيين الذين انضموا الى صفوف العاطلين الذين تعتبر قضيتهم في مقدمة المشاكل الخطيرة التي يعاني منها المجتمع العراقي حاليا .

تشكيلات الحرس الوطني
وتتألف قوات الحرس الوطني وفقا لاحدث بيانات قدمتها القوات متعددة الجنسيات الى الامم المتحدة مما يزيد على 40 الف جندي بينما لا تضم قوات الجيش سوى ثمانية الاف عسكري.
وكان رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي قال في وقت سابق انه يتوقع دمج قوات الحرس الوطني مع الجيش في الوقت المناسب حالما تتم تسوية الاوضاع الامنية الداخلية لكنه يعتقد ان
تقديم موعد الدمج يستهدف القدرات العسكرية للبلاد وحشدها في مواجهة عمليات المسلحين المتمردين مع قرب اجراء الانتخابات العامة في الثلاثين من الشهر الحالي .

وقد ينظر لتغيير اسم الحرس الوطني الى الجيش على أنه وسيله لتحسين عمليات التجنيد للقوة التي يرى كثير من العراقيين انها تفتقر الى الانضباط وتمثل هدفا رئيسيا للمسلحين. ويحظى الجيش بمكانة اكبر رغم ان علاوي استبعد العودة الى الايام التي حشد فيها الرئيس السابق صدام حسين جيشا يضم ما يزيد على 400 الف جندي ادخلهم في بحروب في ايران والكويت ثم الحرب الاخيرة التي اطاحت به .


و تخرجت اليوم قوة الدفاع الساحلي العراقية بمناسبة تحول فوج الدفاع الساحلي الى وحدة كاملة الفعالية. ويتكون هذا الفوج من كوادر البحرية و مشاة البحرية بالأضافة الى ذلك فقد تم تأسيس فوج الدفاع الساحلي العراقي والذي يتكون من جنود ذوي قدرات عسكرية للقيام بمهمات أعتلاء السفن وتفتيشها أنطلاقا من زوارق قوة الدفاع الساحلي العراقية المتواجدة في المياه الأقليمية. وسيتسلم هذا الفوج في المستقبل مهمة حفظ الأمن عند نقطتي تحميل النفط العراقي التي هي الآن تحت الأشراف الأميركي.

وقد اعتبر مجلس الوزراء العراقي هذا اليوم الخميس عطلة رسمية في جميع انحاء البلاد لاحياء ذكرى تاسيس الجش السابق في تقليد سيدرج عليه مستقبلا باعتبار السادس من كانون الثاني يوما للاحتفال بالتاسيس تقديرا لمكانة الجيش السابق الذي تحتل تضحياته التقدير في نفوس العراقيين خاصة في معاركه بفلسطين وسوريا والاردن ومصر قبل ان يحوله صدام حسين الى اداة لتنفيذ اهدافه في الاضرار بالعراقيين وجيرانهم .
وقد اصدر مجلس الوزراء بيانا بهذه المناسبة ارسل الى "ايلاف" فيما يلي نصه :

بيــان صحفـــي
قررت الأمانة العامة في مجلس الوزراء إعتبار يوم 6 كانون الثاني من كل عام عيداً للجيش و عطلة رسمية بموجب المادة الأولى ، الفقرة (10) من قانون العطلات الرسمية رقم 110 لسنة 1972 و الذي مازال نافذاً .
يذكر أن مجلس الحكم أقر المناسبة في العام الماضي و أعلنها عطلة رسمية .

ولم يدع حزب البعث العراقي المنحل الذي سعى لتبعيث الجيش القديم وتربيته على مبادئه هذه المناسبة ان تمر من دون ان يسجل موقفه من حل ذلك الجيش فقال في بيان له اليوم "يوضح البعث أن ما يتباكى عليه (...) وغيرهم من خطأ قرار سلطة الاحتلال بحل الجيش العراقي هو زيف وتضليل فقرار "حل الجيش واجتثاث البعث" كانا قرارين متفق عليهما بين المحتل وعملائه" .
واضاف ان افراد الجيش السابق هم الذين يقودون العمليات المسلحة ضد القوات العراقية والاميركية حاليا ويملكون أرجحيات يحرم جيش الاحتلال منها "وهنا يكمن مآزق الاحتلال الستراتيجي في سياقاته الأمنية والسياسية والأخلاقية .. وهكذا يتم تدمير السلطة (...) التي لا تملك ولن تملك جيش العراق أبدا ولا تستطيع لا هي ولا الاحتلال من حله أو تبديله" كما قال.

التأسيس الاول للجيش
تاسس الجيش العراقي عام1921 عند تاسيس الدولة العراقية الحديثة من 198 ضابطا و34 نائب ضابط و37 كاتبا و1700 من ضباط الصف والجنود المتطوعين .. لكنه وبمرور الايام زاد عدده وتطور عتاده نظرا لان معظم القادة الذين هيمنوا على الحياة السياسية كانوا من ضباط هذا الجيش .

وقد انخرط الجيش العراقي منذ تاسيسه نظرا لان منتسبيه كانوا في معظمهم من الطبقات الفقيرة والمتوسطة الباحثة عن حريتها وتقدمها ورفاهيتها في العمل السياسي فقاد ضباطه عدة محاولات انقلابية ادت الى تنفيذ حكم الاعدام بالعشرات منهم . لكنه نجح في عام 1958 من اسقاط النظام الملكي وليحكم العسكر العراق منذ ذلك الوقت وحيث توالت انقلاباتهم في شباط (فبراير) عام 1963 وتشرين الاول (اكتوبر) من العام نفسه ثم الانقلاب البعثي عام 1968 الذي حكم البلاد حتى عام 2003 فارضا سيطرته على كل تشكيلات القوات المسلحة بعد ان قاد حملة تطهير لكل المناوئين له راح ضحيتها المئات من خيرة ضباطه وجنوده .


منذ ان تولى صدام حسين رئاسة الجمهورية وضع كامل ثقله الى جانب كسب الجيش الى صفه فكان يزور الوحدات العسكرية ويتفقدها باستمرار مرتديا بزته العسكرية بعد ان منح نفسه رتية مهيب ركن وهي اعلى رتبة عسكرية في الجيش برغم انه مدني ولم يتخرج من اي مدرسة عسكرية . وعمل صدام على تبعيث الجيش اولا من خلال اناطة مهمات قيادة تشكيلاته بضباط بعثيين ثم بعد ان اكتشف عدة محاولات للاطاحه به بدا بمنح هذه المسؤوليات العسكرية الى افراد عائلته وخاصة اصهرته وابناء عمومته برغم ان غالبيتهم العظمى لم يكونوا من العسكريين .

ولكي يحقق صدام حسين احلامه في الهيمنة والتوسع فقد انشا وزارة للتصنيع العسكري ووضع ميزانية العراق المالية في خدمة القوات المسلحة التي زودها باحدث الاسلحة وزاد من عددها الذي اقترب من النصف مليون زجهم في حرب مع ايران عام 1980 بعد اشهر من تسلمه الرئاسة استمرت ثمان سنوات ولم تتوقف في عام 1988 حتى حصدت ارواح خيرة الشباب العراقي .. لكن الرئيس المخلوع لم يعي دروس هذه الحرب فزج بجيش البلاد بعد عامين في حرب اخرى بعد ان دفع بعشرات الالاف من افراده الى احتلال الجار الجنوبي الكويت .. في مغامرة خاسرة اثمرت بعد 13 عاما عن اسقاطه وحل جيشه .

ولم يكتف القائد العام للقوات المسلحة العراقية صدام حسين بتوريط الجيش في هذه الحروب وانما استخدمه لضرب كل المناوئين له بوحشية لم يعرف لها تاريخ العراق الحديث مثيلا من خلال عمليات الانفال المسلحة عام 1988 التي محت من الوجود خمسة الاف قرية كردية وقضت على 180 الفا من المواطنين الاكراد الذين تعرض بعضهم لهجماته بالاسلحة الكيمياوية .. ثم استخدامه للجيش في قمع انتفاضة المحافظات الجنوبية ربيع عام 1991 وقتل الاف اخرى من العراقيين .

حل الجيش العراقي القديم
بعد 47 يوما من سقوط نظام صدام حسين اصدر بول بريمر الحاكم المدني السابق للعراق قرارا بتاريخ السادس والعشرين من ايار (مايو) عام 2003 بحل الجيش العراقي في قرار اكدت الايام خطاه عسكريا وامنيا واستراتيجيا .

فبدلا من تجريد الجيش من القادة المعروفين بولائهم المطلق للنظام السابق والابقاء على غالبية تشكيلاته التي كان افرادها لايودون النظام ويدينون بالولاء لوطنهم القى قرار بريمر بحوالي نصف مليون فرد الى الشوارع ليعانوا العطالة ويقاسوا مع عوائلهم ظروفا معيشية صعبة . فبالاضافة الى حرمان العراق من عسكريين محترفين مدربين كان يمكن الاستفادة من العديد منهم في حفظ امن البلاد ومؤسساتها الجديدة حول القرار الاميركي مجاميع من الجيش المنحل الى مقاومين مسلحين استغلت العناصر المناوئة للتغيير ظروفهم السيئة الجديدة وبغضهم للوجود الاجنبي للانخراط في نشاطات مسلحة باعتبار انه لم يبق لديهم مايخسرونه .

لكن قرار حل الجيش العراقي كان براي الادارة الاميركية التي اصدرته ونفذته لا يعدو كونه مجرد إجراء شكلي بالنظر إلى أن الجيش العراقي انهار أمام تقدم قوات التحالف في الحرب الاخيرة وتخلى جميع الجنود عن سلاحهم ومواقعهم.

ويبدو الان ان الحكومة العراقية عليها العمل كثيرا للتخفيف اولا من الاثار السيئة التي خلفها حل الجيش على امن البلاد واستقرارها الاجتماعي من خلال اعادة بناء جيش جديد يبتعد عن السياسة وولاءاتها الضيقة ويستفيد من عناصر الجيش القديم الراغبية في خدمة بلدها وانهاء واحدة من اخطر المشكلات التي يواجهها الوضع العراقي الجديد .

ولذلك تخطط السلطات العراقية لتخريج 100 الف عسكري يكونون حوالي 37 كتيبة مشاة وكتيبة مشاة ميكانيكية خلال عام ووقعت لذلك عقودا مع دول اوروبية عدة لتزويد الجيش الجديد بالسلاح اضافة الى ماوصل منه من دول عربية عدة .