سمية درويش من غزة:يعتبر "حكر الجامع" المخيم التاسع في قطاع غزة لان أغلب سكانه من اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا إليه، بعد أن طردوا من قراهم وبلدتاهم في عام النكبة 1948.
ووفقا لإحصائيات وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين "الأنروا" بلغ العدد الكلي للاجئين الفلسطينيين نحو 5 ملايين، منهم أكثر من 1.4 مليون داخل الأراضي الفلسطينية، حيث يعيش 640 ألفا في 19 مخيما بالضفة الغربية، بالإضافة إلى 820 ألف لاجئ في مخيمات قطاع غزة.
وتبدو معالم الفقر والعوز على سكان المخيم التاسع،كون الأغلبية عاطلون عن العمل، كما يقدر عدد القاطنين في ذلك "الحكر" بحوالي عشرة آلاف نسمة،يقيمون على مائتين وعشرة دونمات من الأراضي التابعة للأوقاف الإسلامية.
يقع حكر الجامع الى الجنوب من مدينة دير البلح الواقعة وسط قطاع غزة وهو من أشد المناطق والمخيمات الفلسطينية فقرا ومعاناة بحكم الموقع الجغرافي والوضع الاقتصادي ومحاذاته للمستوطنات المقامة على أراضى المواطنين جنوب مدينة دير البلح.
ويتعرض المخيم التاسع، الى توغلات واقتحامات مستمرة،من قبل قوات الاحتلال المتمركزة فى المستوطنات،حيث تقوم جرافات الاحتلال بعمليات تجريف وتدمير للأراضي الزراعية ولمنازل المواطنين بالإضافة الى عمليات القتل والاعتقال.
سلمان أبو عمرة عضو المجلس البلدي في مخيم حكر الجامع يقول أن هناك فارق كبير بين مخيم حكر الجامع وباقي مخيمات قطاع غزة من حيث البنية التحتية، حيث يعتبر مخيما منسيا لكون افتقاره لأدنى الخدمات
وأضاف ابو عمره في حديثه لـ"إيلاف"،أن الكلمات تعجز عن وصف الشوارع وضيقها،وما تسببه من معاناة وإزعاج لأهالي المخيم اذا يتراوح عرض الشارع من متر الى ثلاثة أمتار،مما يؤدي الى صعوبة دخول سيارة صغيرة داخل المخيم وفي بعض المواقع لا يتسع الشارع لسير ثلاثة أفراد جنبا الى جنب.
ويصف ان مشكلة الشوارع تظهر واضحة عندما يحدث حريق او حالة مرض او حالة وفاة،حيث لا تتمكن سيارات الإطفاء والإسعاف من الوصول الى داخل المخيم فيضطر الأهالي الى استخدام التراب وكميات المياه المخزنة لديهم لإخماد الحريق،كما يضطرون غالبا إلى حمل "الميت" او المريض على بطانية والسير به عبر الشوارع الضيقة حتى يصلوا الى الشارع الرئيسي،مشيرا الى ان المشكلة تتفاقم وتزداد خطورة مع غياب التنظيم الهيكلي للمخيم وذلك من خلال بناء غرف جديدة على حساب مساحة الشوارع الضيقة.


أصول بدوية
وينحدر معظم سكان هذا المخيم من أصول بدوية ويسيطر الطابع العشائري والقبلي على علاقاتهم الاجتماعية وثقافاتهم الشعبية، وتفيد بلدية دير البلح بان أراضي حكر الجامع هي وقف إسلامي لا يحق للبلدية ان تتصرف فيها،إلا بأمر من الأوقاف وعلى هذا الأساس لا تستطيع البلدية القيام بشق طرق وتنظيم الشوارع على الرغم من وجود خارطة هيكلية للمخيم في البلدية. ونتيجة للموقف السلبي للبلدية التي طالبها الأهالي للتدخل من اجل تنظيم عملية البناء وشق الطرق يضطر الأهالي الى إدارة أمورهم من بناء وهدم حسب مصلحتهم الشخصية.


بركة من المجاري
وخلال تجوال "إيلاف" بين أزقة المخيم الضيقة، شاهدت معاناة السكان التي تتفاقم لعدم وجود خطوط للصرف الصحي، وتحايل المواطنين على ذلك بحفر الحفر الامتصاصية.
وفي هذا الإطار يقول المواطن محمد أبو عمرة ان الأمر يزداد خطورة عندما تمتليء هذه الحفر ولا تستطيع سيارة الشفط الوصول إليها مما يدفع المواطن الى تركها وحفر حفرة جديدة،وهذا يؤدي الى تلوث مياه الشرب والبيئة المحيطة التي تفوح منها الروائح الكريهة وتحوم حولها الحشرات المزعجة وتؤدي أيضا الى انتشار الفئران والجرذان.


مياه ملوثة
ويشتكى الأهالي من قيام بلدية دير البلح بتزويدهم بمياه غير صالحة للاستخدام الآدمي بعد أن أثبتت الفحوصات المخبرية بأنها تحتوي على نسبة ملوحة زائدة مما يجعلها غير صالحة للشرب وتؤدى الى الإصابة ببعض الأمراض ومنها أمراض الكلى.
وقال د. محمد أبو مغصيب من الإغاثة الطبية الذي يتابع المئات من الحالات المرضية داخل المخيم أسبوعيا عن طريق العيادة المتنقلة أن هناك مئات الحالات المرضية تم الكشف عليها على مدار العام معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ يعانون من الطفيليات والديدان والتهابات الجهاز التنفسي والأمراض الجلدية بالإضافة الى زيادة ملحوظة في مرض الكبد الوبائي،وأرجع أبو مغصيب سبب هذه الأمراض الى عدم وجود نظام صرف صحي سليم وانتشار الحفر الامتصاصية وتلوث مياه الشرب.ويضطر الاهالى الى قطع مسافة للوصول الى أقرب عيادة تابعة لوكالة الغوث أو مركز حكومي بهدف العلاج.


نقص في المؤسسات
يكاد المخيم أن يخلو تماما من المؤسسات العاملة خاصة النسوية منها بالإضافة الى مشاكل أخري يعانى منها المخيم أهمها ضيق المسكن وكثرة إنجاب الأطفال مع ظهور مشكلة الزواج المبكر وتسرب الأبناء من المدارس،ودعت ليلى العطار رئيسة جمعية سنابل النسوية الجهات المسئولة بالعمل على حل مشاكل المخيم وإقامة مشاريع اقتصادية ومرافق خدماتية للنهوض بالسكان وإرشادهم الى الطرق السليمة من خلال مؤسسات المجتمع المدني الذي تفتقر له المنطقة.