بين ماتريكسي وماركسي.. ومجتمع فضائحي وشذوذ.. ومجتمع مدني وديمقراطي

نسرين الفار من عمان: إفتتح العالم عامه الجديد 2005 بكارثة طبيعية حية نتيجة زلزال مدوي أصاب جزيرة سومطرة جنوبي آسيا، فيما افتتح لأردنيون عامهم الجديد وسط الانهماك في العمل من أجل التنمية الديمقراطية المستدامة، وأمام شاشات الفضائيات التي تعرض ما يدور على أطراف المملكة الردنية الهاشمية من أحداث، كلها ذات علاقة بما يمس الأردنيين والشعب الأردني عموماً.

وفي الحديث عن فلسفة الشارع الأردني بما يدور في العالم "ثقافة خاصة"، إذ يتشرع نتيجة الحوار الديمقراطي المشهود في عمان، عدة أفكار ومنهجيات تعبر عن وجهة نظر فئات مختلفة من أبناء المجتمع المحلي، وأتاح تشجيع الولوج إلى عالم الإنترنت مجالاً واسعاً للتعبير على مستوى الأفراد والمواطنين، خاصة مجتمع الشباب الذي يشكل النسبة الأكبر سكانياً.

وينعكس مشهد الحالة الأردنية ويندمج أيضاً في "فلسفة الماتريكس" التي تحدث عنها الكثيرون من إعلاميي ومثقفي العالم، إذ يعتبر أصحاب الفكر الحديث أن العالم أصبح مصنف بحسب الثقافات على الشبكة العنكبوتية "الإنترنت"، مما يتيح للأفراد وللثقافات الاجتماعية المحلية المتعددة الانصهار في "عالم إفتراضي" مصنف بحسب الرغبات المختلفة.

والماتريكس مصطلح يقع ضمن علوم الرياضيات والحاسوب، ويعني خانات تخزين المعلومات التي تشكل عالم إفتراضي من صنع الحاسوب.

مجتمع السياسة: عملية السلام
ويجد المطلع لما يعنى بـ"الأردنيون" على شبكة العنكبوت أول ما يجد، تقرير عن مجلة المجتمع يكتبه عاطف الجولاني رئيس تحرير صحيفة السبيل الأسبوعية بعنوان (عشر سنوات على اتفاقية "وادي عربة".. "سلام رخيص" لم يحصل الأردنيون على مكاسبه المزعومة بعد عقد من الزمن).

مجتمع المعيشة: المحروقات ورفع الأسعار
فيما كتبت الصحافية لبنى خضر لموقع قناة العربية الإلكتروني "الأردنيون يحتجون على قرار رفع الأسعار".

مجتمع الديمقراطية: البرلمان
بينما احتفظ موقع ألـ CNN بالعربية على مادة تفصيلية حملت عنوان "الأردنيون يبدأون انتخاب ممثليهم في البرلمان".

مجتمع التعبير: مسيرة والإرهاب
ويعلق الكاتب حسين عبدالله نورالدين في موقع الحوار المتمدن بمقال تحت عنوان "الأردنيون علقوا الجرس": ها هي الجماهير الأردنية تعلق الجرس. مئتان وخمسون ألفا ساروا في العاصمة الأردنية منددين بالإرهاب. هي أول مسيرة من نوعها في مدينة عربية. اعتدنا في الماضي أن نرى جماهير الغوغاء تنتصر للإرهاب والجريمة والعنف وتطالب بمزيد من الدماء. أما هذه المرة فكانت المسيرة سلمية هادئة تطالب بالسلم ونبذ الإرهاب بل وتدينه.

مجتمع معتقلي غوانتانامو الأردنيين
ويخبر الصحافي الأردني طارق ديلواني موقع البشير للأخبار: "أن معتقلي غوانتانامو الأردنيون يقاضون أمريكا".

مجتمع كرة القدم
إلا أن الصحافي المختص بشؤون الرياضة الأردنية محمد قدري حسن قد أوفى بخبر لموقع Soccer Arabia بعنوان "الأردنيون يقبلون مبكرا على شراء بطاقات مباراتهم المصيرية أمام إيران".

مجتمع الشعوذة
وقد راجت في الأردن ممارسات السحر والشعوذة على الرغم من أن اختصاصيين في علم النفس والاجتماع يقولون: إن معظم الناس يلجئون إليها دون جدية حقيقية، بل بهدف التسلية أو في إطار بحث الإنسان بطبعه عن المجهول أو سعيًا وراء مكاسب بأسهل الطرق من أناس لديهم ما يسمى "الحياد النفسي" أو اللجوء لدفاعات نفسية غير سوية: أهمها ما يطلق عليه "عدم الفعل"، كما جاء في تقرير أعده الصحافي الديلواني أيضاً لموقع "إسلام أون لاين"، وبعنوان "الأردنيون يقبلون على شراء الوهم".

مجتمع مغاير
وقد استطاعت فئة إجتماعية من الأردن، صناعة مجتمعها الخاص عن طريق الإنترنت وبتعددية مختلفة، حيث يوجد في العالم العنكبوتي الماتريكسي، ثقافات متنوعة من إنتاج "الأردنيون" أيضاً، فقد إتخذت مجموعة من الشباب في الأردن تطلق على نفسها مجموعة عديمي الشرف وسيلة الإنترنت للتعبير عن أفكارهم بواسطة الشبكة، حيث قامت المجموعة بإنشاء جمعية إفتراضية تحت اسم "جمعية عدماء الشرف الدولية".

ويدعو هؤلاء الشباب الذين شكلوا إدارة فعلية للموقع بأسماء مستعارة للدخول والاشتراك بالجمعية الافتراضية التي تقدم آخر الأخبار عن "عديمي الشرف" والمنتديات والآراء بالإضافة إلى طرح الآراء والكتابة بدفتر الزوار كما هو ظاهر في موقعهم الإلكتروني.

مجتمع فضائحي
كذلك الأمر لدى طبقة إجتماعية شبابية ثانية أخذت على عاتقها نقل نشاطات ترفيهية للذين يقومون بارتياد النوادي الليلية في موقع إلكتروني يحمل إسم "شفناك" بالعامية، أي رأيناك.

مجتمع الشواذ
وبات إسم عمان بالانجليزية يندرج في مواقع التعارف الإباحية على الإنترنت، إذ يشارك الشباب الأردنيون في مواقع خاصة بالشواذ، كذلك الأردنيات، عبر مواقع أجنبية متاحة خصيصاً لهذا الموضوع.

ويضع العديدون من المشتركين صورهم على أن يحصلوا على لقاء خاص مقابل قيمة مالية معينة تدفع لأصحاب الموقع الإلكتروني.

المجتمع المدني
ويستطيع المتتبع لحراك المجتمع المدني الأردني متابعة المستجدات وتعقب المسارات المتعددة التي تنشط بها مؤسسات المجتمع المدني الأردنية محلياً وعربياً وعالمياً من خلال الزيارات المتكررة التي يقوم بها النشطاء رؤساء تلك المؤسسات، وأحياناً على مستوى الدولة.

وتتمتع مؤسسات المجتمع المدني الأردنية بمواقع إلكترونية تبث من خلالها ما تقوم به من مهام وأعمال.

مجتمع رسائل الجوال القصيرة SMS
ويوجد في الأردن أكثر من شركة إقليمية لخدمات الإعلام الهاتفي عبر الجوال تقدم خدمات المسابقات والترشيح وغيرها باستخدام تقنية الرسائل القصيرة ألـ"SMS".

واستطاع الأردنيون بث رسائلهم التعبيرية بشكل مكثف لأول مرة عندما كان الصراع محتدماً بين الفنانة الأردنية ديانا كرزون والسورية رويدا عطية لنيل الظفر بسوبر ستار العرب، إلا أن الأردنيون يتواجدون كذلك في ثقافة الرسائل القصيرة تلك والتي تعبر عن وجدانهم من خلال أكثر من قناة فضائية تنشر ما يردها من تلك الرسائل على شاشة الجمهور مباشرة.

وتكثر في المجتمع الأردني إستخدامات الرسائل القصيرة تلك والتي تتيح مجالاً لصناعة مجتمع ذو طابع تعارفي مختلف وجديد، يعبر فيه عن حالته الخاصة عبر تلك التقنية الحديثة والمنفتحة.

الأردنيون والعالم
ويجد المتصفح للويب أن الأردنيون لهم قضاياهم الخاصة التي يعاصرونها، ولهم مصفوفتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الخاصة كذلك على الشبكة العنكبوتية، بحيث أمكن الاستخدام العام للإنترنت والحراك الانفتاحي والثقافة الديمقراطية، من زيادة المحتوى المحلي الأردني على الشبكة، ومن مختلف الطبقات الثقافية والاجتماعية.

ويستطيع الزائر لبيت العنكبوت معرفة ما يواجه ويفكر ويمر به المجتمع الأردني بالكشف عن محتوى الأردنيون داخل هذا العالم الافتراضي، أو تلك المصفوفة الماتريكسية المعنونة.

الماتريكسي والماركسي
وشهد التاريخ السياسي الأردني نشاطاً ماركسياً يسارياً معروفاً، وشهدت النشاطات الشيوعية نزاعاً مفرطاً بين الجماهير والحكومات التي تعاقبت عليها إبان فترة عطاءها السياسي الذي مر في أعقاب الأحكام العرفية في البلاد.

ويتمتع الماركسيون واليساريون في الأردن كما في بقية أنحاء العالم برفضهم لثقافة ونهج العولمة، والتي من ضمنها ثقافة الإنترنت التي تندرج تحت ثقافة الغزو الثقافي بالنسبة لتلك الطبقة الاجتماعية.

وبالرغم من ذلك، فالإمتداد الماتركسي بات يغلب على ذاك الماركسي أو اليساري في المجتمع الأردني، والسبب في ذلك هو رفض الشباب الذي يشكل النسبة الأكبر للولوج في فئة الأحزاب او التيارات السياسية والحزبية المعاصرة، كما يعترف بذلك الأمناء العامون لتلك الأحزاب.
ولم يشهد الشباب الأردني الحديث حراكاً يشجعهم على الانضمام لتلك الأحزاب، بينما يكتشف المراقب لحراكهم العنكبوتي أو الإنترنتي مشاركات أكثر في عالم تغزوه تكنولوجيا المعلومات، بحيث كان عدد كبير من النشطاء الاجتماعيين يساريين وماركسيين، إلا أن الواقع الآن يشهد حراكاً ماتريكسي في بيت العنكبوت العالمي.

عالم جديد
ويحاول العالم الديمقراطي ممثلاً بمنظمة الأمم المتحدة، دعم مجتمع المعلومات من أجل تفسير وإدخال عنصر التنوع والتعدد الاجتماعي الذي فرضته العولمة على العالم، تبعاً لفرضية التناظر الاجتماعي من أجل السلم والعدالة في الحقوق والمساواة وبناء مجتمع الديمقراطية الحديث، الأمر الذي من شأنه إدخال عنصر حرية المعلومات وتبادل الثقافات عاملاً هاماً في الثقافة العالمية، وعنصراً أساسياً من عناصر بروز المجتمعات والدول المتحضرة في العالم.

وبات على المجتمعات والحكومات إبراز ثقافاتها وطاقاتها من أجل ولوج العالم الجديد وتحديد معالم توجهاتها لتحديد أركان اقتصادياتها وأفكارها للاندماج بعنصر الاقتصاد والتركيبة العالمية الحديثة!!.