سمية درويش من غزة: لقي القرار الذي أصدره ديوان الموظفين العام في السلطة الفلسطينية مؤخرا والذي أوعز بموجبه اعتبار كل ست ساعات نصف الساعة التي تستنفد في الرضاعة تساوي يوم عمل يتوجب حسمه من رصيد الموظفة التي تحصل على إجازة أمومة لمدة عشرة أسابيع مع ساعة رضاعة يوميا ولمدة عام،استياء كبيرا لدى الوسط النسائي خاصة العاملات في وزارات السلطة الوطنية والمؤسسات الأهلية،لما يعود بالضرر عليهن وعلى أطفالهن الرضع، من هم بأمس الحاجة للرعاية والعناية والتربية في الشهور الأولى من الولادة.
وتجمع الأطر النسوية على الإجحاف والظلم من هذا القانون، وترى الموظفة سلمى والتي تعمل في إحدى الوزارات أن هذا القانون في حال تطبيقه سيكون بمثابة نكسة على الموظفات اللواتي يتقاضين إجازة أمومة بحكم أن هذه الفترة ضرورية للام وطفلها.
وقالت سلمى لـ"إيلاف"،" إننا نناضل من اجل زيادة عدد الأيام الممنوحة للام الى 90 يوما،بالإضافة إلى ساعة الرضاعة ونفاجأ بهذا القانون، وتشاطرها في الرأي زميلاتها التي تعمل في نفس الوزارة والتي هي على وشك الوضع قائلة نتمنى من رئيسنا أن ينصفنا وان يلغي هذا القانون الظالم،داعية الى تكاتف جهود الأطر والاتحادات النسوية في النضال والكفاح من اجل كسب حقوق المراة وتطورها.
وانتقدت يسرى النملة من الاتحاد العام للمراة الفلسطينية هذا القانون واعتبرته قانونا يخالف ما جاء في قانون الخدمة المدنية داعية إلى إلغاؤه أو تحسين شروطه.


نص القانون
وتنص المادة "88" من قانون الخدمة المدنية رقم 4 لسنة 1998 الفقرة الأولى على انه تمنح الموظفة الحامل إجازة براتب كامل لمدة عشرة أسابيع متصلة قبل الوضع وبعده،وتنص الفقرة الثانية من المادة على انه للموظفة المرضعة الحق في الانصراف من العمل قبل موعد انتهائه بساعة واحدة ولمدة سنة من تاريخ مولد الطفل ولها الحق في إجازة دون راتب لمدة عام لرعايته.


مناضلة لإقراره
وهذا القانون جعل مجموعة من الأطر النسائية تناضل من اجل إقراره وتعميمه وأيضا تحسينه بما يخدم مصلحة الأم وطفلها وبما لا يتعارض مع مصلحة العمل،ولقد تمخضت هده الجهود في هدا المضمار عن استعاده الحقوق المهددة بعد ان خاطبن الرئيس الراحل ياسر عرفات.
تقول رضا عوض الله مستشار وزير العمل لشئون المراة انه يعد قيام ديوان الموظفين العام بتعميم هذا القانون على الوزارات، تم تشكيل خلية نحل من اجل متابعته، وأضافت انه بعد التشاور مع مديرة الشؤون الإدارية في وزارة العمل تم رفع رسالة الى وزير العمل طالبته فيها بوقف هدا الإجراء على الأقل في وزارة العمل الذي صدر عنها قانون العمل.
وأردفت قائلة تم رفع كتاب أخر الى الرئيس الفلسطيني بشان هذا الموضوع حيث جاء الرد فورا وفي نفس اليوم تم إرسال رسالة الى ديوان الموظفين العام لتطبيق ما جاء في قرار الرئيس بإعطاء المراة حقها و كما جاء في قانون الخدمة المدنية،وتضيف انه بعد يومين عمم الديوان قراره على جميع الوزارات بإعطاء الأم الحامل إجازة وضع لمدة عشرة أسابيع وساعة رضاعة للطفل لمدة عام كامل.


رضاعة طبيعية
من جهتها تحدثت أمال حمد مديرة وحده المراة والطفل في المجلس التشريعي عن جهود المجلس التشريعي التي بذلها من خلال قنوات المجلس في هذا الصدد،وتمت مخاطبة ديوان الموظفين الذي اتخذ قرارا منصفا للمراة بالاستناد الى النصوص الواضحة لقانون الخدمة المدنية رضاعة طبيعية.
وتعتبر رعاية وتربية الأم لطفلها في الأشهر الأولى ضرورية خاصة وإنها ترضعه رضاعة طبيعية نظرا لاحتواء حليب الأم على العناصر الغذائية الضرورية بالإضافة الى ان الرضاعة تزيد إحساس الطفل بارتباطه بأمه وتقوى الرابطة العاطفية بين الأم ورضيعها لهذا كلما كانت مدة الإجازة أطول تعود بالفائدة على الطفل.


حليب الأم
وفي هذا الإطار تشرح سماء رزق من دائرة التثقيف الصحي بوزارة الصحة الأهمية الكبرى لإرضاع الأم لطفلها قائلة ان حليب الأم يوفر للأطفال غداء مثاليا يحميهم من الإصابة بالأمراض الخطيرة بالإضافة الى ان الحركات المصاحبة للرضاعة كاحتضان الطفل ومداعبته لها دور هام في العناية بالطفل وهي تساهم في النمو البدني والنفسي السليم وان هدا النفع لا يقتصر على الأطفال وحدهم بل يعود على الأمهات أيضا لان الرضاعة تقلل من خطورة إصابة الأمهات بسرطان الثدي ونقص الحديد.
ودعت رزق المسئولين أخد ذلك بعين الاعتبار،والعمل على إعطاء الأم المدة الكافية في الإجازة حتى تعمل على رعاية وإرضاع طفلها الرضاعة الكاملة حتى ينمو نموا سليما.


زيادة الإجازة
وتطرح بعض النساء مطالب بزيادة أيام إجازة الأمومة الى ما يزيد عن 70 يوما بالإضافة الى ساعة رضاعة.
و تعتقد أمل عجور رئيسة اتحاد لجان المرآة للعمل الاجتماعي أن مدة الحضانة التى أقرها الديوان فترة غير كافية حتى يتمكن الطفل من التعود على حنان وحب الأم ويأخذ كفايته منها خصوصا من الرضاعة الطبيعية التى هى أساس الصحة للطفل وكذلك للأم، وتضيف أما من ناحية العمل فإنه يترك انطباعا سيئا لدى الأم حيث أنها باستمرار يكون تفكيرها فى الطفل مما يجعل عطاؤها أقل.
وتقترح عجور رفع أيام الإجازة مع وجود حضانة داخل مقر العمل حتى يتسنى للام الاطمئنان على طفلها وإعطاؤه وجبة الرضاعة مع جعل فترة زمنية محددة لكل أم تخرج فيها لهذه الحضانة.
وأكدت إنها ستناضل من اجل إقرار هذا المطلب من خلال عقد لقاءات مع أصحاب القرار حتى يتم تنفيذه في المستقبل.


قانون منصف
وهناك جهات تعتبر هذا القانون بأنه ينصف المرأة وأن المدة التى منحت للام كافية ومعقولة، و فى هذا الإطار قال أحمد نصر أمين سر المجلس التشريعي أن المجلس لن ينظر فى بعض مطالب التسوية التى تنادى بتعديل على قانون الخدمة المدنية فيما يخص عدد أيام إجازة الأمومة موضحا أن 70 يوما مدة كافية للام الموظفة كإجازة أمومة بخلاف ساعة الرضاعة المقررة لها بموجب القانون مشيرا الى أن احتساب مجموع ساعات الرضاعة الى جانب أيام الإجازة يرفع عدد ايام الإجازة المقررة لها فى حال الوضع الى ما يزيد عن 90 يوما وهى المدة التى تطالب بها بعض النساء حاليا.


أجازات كافية
ويشارك نصر فى الرأي الدكتور سعدي الكرنز رئيس لجنة الموازنة فى المجلس التشريعي قائلا "إننا درسنا الأمر جيدا خلال مراحل إقرار قانون الخدمة المدنية في المجلس التشريعي،ورأينا أن الحقوق الممنوحة للمرأة فى مجال الأجازات كافية ومعقولة، مشيرا الى ان هناك لجنة مشكلة للنظر فى كافة الإشكاليات التى اعترضت تطبيق القانون فيما يتعلق بالرواتب والعلاوات والأجازات،لكنه أكد فى نفس الوقت أن نمط إجازة الأمومة المتبع لدينا يقارب النمط الأوربي الذي يراعى صحة المرأة و حقوقها ولا يغفل فى الوقت نفسه حق العمل و الوظيفة.


أفضل من لا شيئ
حتى ان هناك بعض القيادات فى الأطر النسوية تأيد هذا القانون وتعتبره أفضل من لا شئ و في هذا المجال ترى مريم الأطرش مسئولة الشؤون الاجتماعية والمشاريع فى الأمانة العامة لاتحاد المرأة الفلسطينية أن شهرين ونصف بالإضافة الى ساعة رضاعة أفضل من ان تكون 3 اشهر بدون رضاعة وبحيث من الممكن ان تشكل هذه الساعة عامل نفسي و ايجابي للأم والطفل،ولكنها تقترح بان يكون هناك مدة شهرين ونصف بعد انتهاء الإجازة مقرونة بشرط أن تكون بنصف الراتب.
وأكدت الأطرش،"إننا نناضل من أجل إعطاء المرأة حقوقها الى جانب الحق فى إجازتها وأيضا نسعى الى الضغط بالمطالبة بإيجاد حاضنات بجانب العمل حتى تكون الأم متابعة لطفلها باستمرار خاصة فى الأشهر الأولى بالإضافة الى إقامة رياض أطفال أيضا.


منفعة متبادلة
وتعتقد زينب الغنيمي رئيسة اللجنة القانونية فى الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية بان القانون الذي صدر عن ديوان الموظفين وعمم على الوزارات قانونا صائبا وفى مصلحة النساء الأمهات مشيرة الى ان القانون الإداري السابق ينص على إعطاء المرأة إجازة أمومة لمدة 3 اشهر فقط بدون ساعة رضاعة ولقد طبقته جميع الوزارات والمؤسسات وأضافت الغنيمى ان بعض المؤسسات كانت تعطى الأمهات ساعة رضاعة بشكل غير قانوني مراعاة للام ولتكون بجانب طفلها وعندما علم الديوان بذلك طالب الوزارات بالالتزام بالقرار ولهذا أثارت النساء هذا الموضوع و أبدين امتعاضهن وطالبن بساعة رضاعة، الى ان جاء هذا القانون المنصف الذي يراعى مصلحة الأم ومصلحة العمل.
وترى أن الإجازة كافية للنساء وان المعايير الدولية تنص على إعطاء الأم من 10ـ 12 أسبوعا لأنها تعلم ان نسبة الخصوبة لديهن قليلة و ليس كالنساء لدينا التي تنجب ستة أفراد فما فوق،فإذا اقترضنا ان المرأة ستنجب طفلا كل عام وتحتاج 3 اشهر فأنها ستصبح غير منتجة.