نزار جاف: في الوقت الذي تثير فيه جهات إسلامية في إقليم کردستان العراق مسألة تعرض العديد من المثقفين و الکتاب الکرد للمعتقدات الاسلامية و، تشدد على أن هناك حملة منظمة وراء ذلك و تطالب حکومة إقليم کردستان باتخاذ إجراءات ضد ذلك، فإنه وفي الوقت نفسه تحديدا، تنطلق منظمة للمسيحيين الکرد من داخل الاقليم و تبدأ بنشاطاتها التبشيرية داعية الى منح حق اختيار العقيدة لکل فرد من دون إکراه. إيلاف إلتقت مؤسس احدى المنظمات المسيحية الكردية quot;جلال آشتيquot; و طرحت عليه مجموعة من الاسئلة و في ما يلي نص اللقاء:

ـ هل لکم أن تعطونا فکرة عن تأريخ إنشاء منظمتکم؟
-فكرة إنشاء الحركة تعود إلى عام 2004م لكن الظروف الموضوعية لم تكن مواتية حسب تقديرنا كما هي الآن لذا أعلنا في 15/آذار/2008م اليوم الذي نقصد به انطلاق الحركة. نعمل في المجال الثقافي والديني والاجتماعي , لكن ومع الأسف بسبب التهميش والاضطهاد الذي يتعرض له شعبنا الكردي على يد الدكتاتوريات الغاصبة لكردستان لذا وجدنا أنفسنا مضطرين للعمل في المجال السياسي, وهذا مطلب معظم أصدقائنا. نواجه صعوبات كثيرة وخاصة من مجتمعنا الكردي المتحفظ الذي عوده الغاصبون للوطن بأنه مواطن من الدرجة الثانية وأن لا دين إلا الإسلام ويجب أن يكون خادما أمينا لهم حتى كاد يفقد انتماءه القومي. أما من جانب التنظيمات والأحزاب السياسية الكردية والشباب المثقف وجدنا كل الترحيب والتعاون وهذا ما شجعنا للمضي قدما دون تردد لنكون جزءا مكملا لنضالات شعبنا الكردي في كافة المجالات حتى يتحقق اليوم المنشود... اليوم الذي يرى فيه شعبنا نفسه بين الأمم الحضارية و المتقدمة وذات كيان مستقل.

-لماذا لا تتقدم منظمتکم للجهات المعنية في حکومة إقليم کردستان و تصبح قانونية، هل هناك من معوقات؟
- بداية أريد أن أوضح لكم أننا لسنا في إقليم كردستان العراق فقط. نحاول الحصول على الموافقة من الجهات المعنية لتصبح المنظمة قانونية مستقبلا.

و لا أعتقد أن تكون هناك معوقات. وفي المرحلة الأولى من التأسيس نحاول أن نعمل بشكل سري حفاظاً على حياة أصدقائنا ولن نتدخل في الجوانب السياسية العامة كالانتخابات البرلمانية أو النقابية. ولذلك لسنا بحاجة إلى الترخيص القانوني في الوقت الحاضر, وحتى الآن لم نجد أي معوقات من حكومة إقليم كردستان تعيق نشاطنا بل العكس نلمس التفاهم منهم. عندما يتعود شعبنا ممارسة حرية الرأي والاعتقاد ويتفهم ما نسعى اليه حينها سيكون كل شيء على ما يرام.

-ماذا تريد منظمتکم و ماهي أهدافها؟
-تتمثل أهدافها في تعريف الشعب الكردي في أنحاء كردستان بوجود كرد يعتنقون الديانة المسيحية إلى جانب غالبية أبناء الشعب الكردي الذين يعتنقون الديانة الإسلامية. و لأجل لم شمل المسيحيين الكرد المنسيين. حتى نؤكد للعالم وخاصة العالم الإسلامي أن الكرد ليسوا مسلمين وسنة فقط , بل هناك الكردي اليهودي واليزيدي والمسيحي و الكردي المسلم الشيعي...الخ و نشر ثقافة التسامح الديني والعمل معا في سبيل تحرير شعبنا الكردي أسوة بباقي شعوب العالم ونيل حقوقه المشروعة. بالوسائل السلمية الممكنة.

-بحسب المعلومات القديمة التي تيسر لإيلاف الحصول عليها، فإن عدد الکرد المتنصرين في الاقليم الکردي قد تجاوز الالف، ما هي معلومات منظمتکم بهذا الخصوص وهل بالامکان معرفة عدد أعضاء منظمتکم؟
- نعم هناك الكثير من الشباب الكرد اعتنقوا الديانة المسيحية في السنوات الأخيرة. لا نملك العدد الدقيق نستنتج ذلك من خلال اتصالاتنا والرسائل الواردة إلينا. أما بخصوص عددنا , فنحن حركة نعتبر كل مسيحي كردي نصيراً لنا حتى ولو كان عضوًا في الأحزاب الكردية , أو في أي تنظيم كان , فقد عرض علينا كثير من الشباب الكرد المسلم أن يبقى على دينه كمسلم وينضم إلى صفوفنا للنضال السياسي، إيمانا منه بحرية الرأي والتعبير، ونحن سعداء بذلك وقد يكون هذا أفضل الحلول، وقريبا سوف نصدر بيانا بهذا الخصوص.
الإنسان الشرقي يصعب عليه ويخجل أن يتخلى عن أفكارٍ آمن بها ودافع عنها بقوة لفترة زمنية, فيكف إذا كان التخلي أو التغيير يمس عقيدته (ديانته)؟,بناءً عليه سنبذل قصارى جهدنا لأخذ كل تلك الأمورفي الاعتبار للتوافق بين العادات والتقاليد الشرقية وتوجهاتنا الفكرية والسياسية والعقائدية.

ـ لماذا إخترتم الديانة المسيحية تحديدا؟

-أولاً: لأن بعضنا مسيحيون. و كذلك انضم إلينا البعض من باقي الديانات، رحبنا وسنرحب بهم , لأننا أخوة في النضال القومي ومصيرنا مشترك, ولدتنا أمهاتنا كردا. ثانيا: المسيحيون يعترفون بحقوق شعبنا الكردي ويقدمون كل العون والمساعدة السياسية والإنسانية هذا في الوقت الذي كان بعض حكام المسلمين يقصفوننا بمدافعهم و طائراتهم ونحن على الجبال مشردون، حفاة، نرتجف من البرد و مأوانا الكهوف، كانت الطائرات الغربية quot;المسيحيةquot; في ذلك الوقت ترمي لنا المساعدات الإنسانية من غذاء و دواء........أليس من الظلم أن نشارك الجلاد معتقده و ديانته؟ الشعب الكردي شعب مسامح يتسم بنبل القيم وصدق المشاعر، حكومة وشعب كردستان أثبت ذلك حين مدّ يده إلى من مارس الظلم بحقه!..معظم شبابنا هاجر وهجر من ظلم المسلمين ودولهم الإسلامية. لكن الغرب المسيحي احتضنهم وآواهم ويقدم لهم المال والأمان!

-هل هنالك من أسباب قومية خلف نشوء منظمتکم؟
- نعم, و الأسباب كثيرة حيث إن الشعب الكردي تعرض و لايزال لسياسات عنصرية من قبل الأنظمة التي تحكمه بهدف محوه من الوجود و حرمانه من أبسط مقومات العيش الكريم وجميع تلك الأنظمة تتبنى الإسلام عقيدة لها و التاريخ الكردي غني بجرائم تلك الأنظمة ففي العراق مثلاً استخدمت الأسلحة الكيماوية وسياسة الإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي و مثال ذلك قصف مدينة حلبجة و حملات الأنفال و في إيران تعرض الشعب الكردي على يد آيات الله لسياسة الأرض المحروقة بعد انتصار الثورة الإسلامية و في تركيا تعرض لسياسات شوفينية تمثلت في إنكار وجوده و محوه وذلك باستخدام الآلة العسكرية دوما في التعامل مع القضية الكردية هناك, وفي سوريا تعرض كذلك لسياسات عنصرية مورست بحقه كالإحصاء الرجعي الاستثنائي عام 1962م و الحزام العربي السيئ الصيت و لا تزال السلطة في سوريا تمارس الظلم بحق أبناء شعبنا الكردي و لا تنظر إليه على أنه يشكل القومية الثانية في البلاد إزاء كل هذه الوقائع لم نر أو نسمع من أي جهة رسمية أو هيئة إسلامية بيان شجب أو إدانة و الوقوف إلى جانبنا في وجه هذه الأنظمة الظالمة و فضح ممارساتها و تعريتها أمام الرأي العام العالمي. إذاً هذه بعض الأسباب القومية خلف نشوء منظمتنا.

ـ تشيع الاوساط السياسية و الاعلامية في المنطقة بأن التبشير في إقليم کردستان العراق و مناطق أخرى من المنطقة لها علاقة بأهداف إستعمارية و تقف وراءها دول معادية للعرب و المسلمين، ماذا تقولون بخصوص ذلك؟

-تلك الأوساط السياسية حكومية و هي صاحبة تلك السياسات الجائرة فمن الطبيعي أن تتهم الغير بمعاداة العرب والمسلمين و ذلك لإثارة الشارع و السذج من الناس أما الأوساط الإعلامية فهي كذلك مجرد أبواق موجهة من قبل تلك الحكومات بالعكس تماماً هم الاستعمار احتلوا أرضنا ونهبوا خيراتنا و مارسوا بحقنا سياسة التعريب و التتريك و التفريس حيث إنهم غيروا أسماءنا وأسماء مدننا وقرانا ,وقصفونا بالأسلحة المحرمة دولياً وبنوا على أرضنا المستوطنات وزجوا بأبناء شعبنا الكردي في السجون و المعتقلات. إلا أنهم لا يترددون في اتهام غيرهم بالاستعمار ndash; اللي استحوا ماتوا- علماً أننا حاربنا معهم ضد الاستعمار وحررنا معهم البلاد وكان الكرد معروفين ببطولاتهم إذاً ماذا جنى الكرد غير الاضطهاد؟و ما يحصل الآن نستنجد بذلك ndash; الاستعمار ndash; لإنقاذنا من ظلم إخواننا في الدين... الكرد تعلموا وأصبحوا يعرفون مصلحتهم جيداً.و قد ولى زمن الاستغلال - المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين-

ـ قطعا ان نشاطکم محدود و محفوف بالمخاطر، في ضوء ذلك فإنه من الممکن أن يکون عملکم بطيئا لا سيما في ما يتعلق بالتحرك وسط الشعب الکردي، ألا يعطي ذلك إنطباعا تشاؤميا أو لنقل تعجيزيا في ما يتعلق بمستقبل منظمتکم؟

-نتقدم بشكل جيد في مجال الاتصال والإعلام ولنا جمهور لابأس به و نلمس ذلك من خلال اتصالاتهم ونحن سوف نركز نشاطنا في الوقت الراهن في هذا المنحى، ونعتمد على الشباب المثقف والجريء. المهم بالنسبة لنا، فقد كسرنا الحاجز الجليدي الذي صنعه التاريخ الخاطئ والممارسات الظالمة. نعم على أرض الواقع نمشي بخطوات بطيئة حفاظا على حياة أصدقائنا، لسنا متشائمين، بل متفائلون جداً، لأننا نجد الدعم والمساندة من جهات متعددة، بما فيها الجهات المسؤولة في إقليم كردستان.

ـ المنظمات و الأحزاب الإسلامية الکردية لاسيما المتشددة منها، تقف بالمرصاد ضد تحرکاتکم و کذلك أي تحرکات مشابهة، ومن الممکن جدا مستقبلا حصول تصادمات مختلفة بينکم و بينها، ماهي رؤيتکم لهذا الأمر؟

جلال آشتي: نرجو أن يعلم الأخوة في المنظمات و الأحزاب الإسلامية أن( لا إكراه في الدين) وأن نشاطنا ليس موجهاً ضد أحد.و السؤال الذي أطرحه :لماذا يسمح المتشدد الإسلامي لنفسه أن يكون متطرفا في معتقداته، ولايسمح لغيره أن يكون حرا في اختيار معتنقه. نحن لسنا ردة فعل، ولا نعادي أي جهة دينية أو طرف سياسي، ونحترم معتقدات الجميع ونتمنى من هؤلاء المتشددين أن يعودوا إلى الواقع ويعترفوا بالتغييرات العالمية الجديدة. وتوجيهاتنا إلى كل الأصدقاء والمناصرين، أن يكونوا قدوة للمجتمع في التسامح وعدم الاصطدام مع أي طرف كان ونمد يدنا إلى الكل في سبيل النضال المشترك لنيل حقوقنا العادلة. وهنا أذكر الأخوة الكرد المسلمين المتطرفين، بأن كل الشعوب التي اعتنقت الإسلام استغلت الإسلام لمصلحتها القومية إلا أبناء الشعب الكردي الذين دافعوا و ناضلوا بلا هوادة في سبيل رفع راية الإسلام عاليةً خفاقةً دون أن يسخروا الإسلام لأي مآرب شخصية أو دنيوية.