عبدالله الدامون من الرباط: حين أحس لا عب برشلونة "البارصا" الهولندي "كلويفر" أن مكانه في الفريق صار غير مضمون بالمرة، وحين بدأ الجمهور يصفر ضده وإداريو النادي لا يخفون امتعاضهم من مستواه الهزيل قرر بسرعة بحث عن فريق بديل، وكانت المحطة فريق نيوكاسل" الإنجليزي.

كلويفر يقول منذ مدة إنه راحل عن فريق البارصا. لكنه كان يقولها بطرق مختلفة وحالته ميئوس منها: الجمهور تعب منه ويريد وجوها جديدة. هذا ما يقوله إداريو الفريق الكاتالاني من دون أن تلتوي ألسنتهم.

منذ أواسط الموسم الكروي الماضي صار الجميع يعرف أن كلويفر راحل لا محالة ، الجمهور، الإداريون، الصحافيون. هو نفسه قال إنه تعب ويريد تغيير الأجواء. لكن "تغيير الأجواء" مجرد حيلة كلامية من أجل"تلطيف الأجواء". لقد صار غير مرغوب فيه بعد أن كان مائة ألف متفرج كاتالاني يهدرون باسمه في ملعب "نوكامب" وكأنه إله يوناني يقيمون له قداسا.

ممثلو "بارتريك كلويفر" بحثوا له بسرعة عن فريق يحط فيه راحلته بعد هذا الصيف، وكانت المحطة هي إنجلترا في فريق نيوكاستل العتيد. إنه مثل البرتغالي فيغو، ظل دائما يحلم بفريق إنجليزي يمضي فيه بقية العمر قبل أن يرحل إلى قطر قبل الاعتزال. كلهم يريدون الذهاب إلى قطر.

رئيس فريق البارصا الشاب "جوان لابورتا" فسخ العقد مع كلويفر في الثلاثين من يونيو (حزيران) الماضي، وكلويفر لم يعترض لأنه تعب أيضا من الجمهور مثلما تعب الجمهور منه. تعب من سماع الصفير في كل مباراة يلعبها. تعب سماع هتاف الاحتجاج والمطالبة بتغييره. تعب من حملة التشكيك في قدراته كلاعب وكهداف. تعب من تغييره كل أسبوع وتناسل الإشاعات عن تسمية خلف له. وعموما فهو تعب من كل شيء، لذلك سعد كثيرا بنهاية المغامرة الإسبانية.

مختصون في تقنيات كرة القدم وتناقضاتها يقولون إن كلويفر لاعب بتقنيات كبيرة لكنها غير متناسقة. آخرون يقولون إن هذا اللاعب ينقصه الطمع في تسجيل الأهداف رغم أنه الهداف الأول في المنتخب الهولندي.

صار من العادي لللاعب كلويفر في صفوف البارصا أن يبقى أسابيع طويلة وهو يراود مرمى الخصم عن نفسها دون أن يفلح في الإيقاع بها. لكنه أحيانا يتحول إلى هداف فحل ويقصف مرمى الخصوم بأهداف مستحيلة... لكن هذا لا يكفي، فالنجم الحقيقي هو الذي يسجل باستمرار، أو على الأقل يزرع الرعب في صفوف دفاع الخصم، تماما كما يفعل زين الدين زيدان، رنالدو، بيكام وغيرهم. ولسوء حظ البارصا فإن كل هؤلاء نجوم تلمع في سماء غريمه الأبدي ريال مدريد.

ربما تكون مدة الست سنوات التي لعبها كلويفر في صفوف البارصا كافية لكي يمل الجميع من الجميع. فالنجم الذي يطيل قعوده بين الجماهير يتحول إلى وجه مألوف وممل، خصوصا إذا صار يتيه كثيرا عن الشباك. فمنذ مجيئه إلى البارصا سجل هذا الهولندي قرابة مائة وعشرين هدفا خلال كل المباريات التي لعبها بين الليغا والبطولات المحلية والأوروبية. في كل موسم يسجل في البطولة خمسة عشر هدفا أو أكثر.
"هذا لا يكفي والجمهور يريد المزيد"... يقول رئيس فريق برشلونة جوان لابورتا في تعليقه على تسريح كلويفر.

كلويفر كان قبل سنتين في قائمة المهددين بالتسريح لكنه فضل البقاء في البارصا لسبب بسيط وهو أنه لم يكن له أي بديل، كما أن المدرب الهولندي "فرانك ريكارد" فضل الاحتفاظ بابن بلده لعل وعسى، وفريق البارصا استغل هذا الوضع وجدّد العقد مع اللاعب بمليوني دولار، وهو ثمن يكفي لجلب أي لاعب موهوب ومبتدئ من الدرجة الثانية. كلويفر رضي بقسمته في انتظار أن تمطر السماء ذهبا وفضة مع فريق آخر.

المهم حاليا بالنسبة لإداريي البارصا هو أن يكون خليفة كلويفر مهاجما فذا وبصفات اللاعب الكبير الذي يضمن تسجيل الأهداف في الصيف وفي الشتاء، في الربيع وفي الخريف. فرئيس البارصا يريد أن يصنع لنفسه مجدا كالآخرين. صحيح أن الموسم الكروي الماضي مر بالنسبة إليه كالعلقم في الفم، لكنه صبور ويعتبر بخواتم الأشياء.