عبد الله الدامون من الرباط: البلدان التي لم تحصل على ميداليات كافية في النصف الأول من أوليمبياد أثينا أصيبت وفودها بالتوتر وصارت تحاول فعل المستحيل كي لا تغادر اليونان من دون ذهب أو فضة.

هناك بلدان تحصد كل الميداليات التي تريد في النصف الأول من الأوليمبياد وهناك بلدان أخرى تفعل ذلك في النصف الثاني, وهناك بلدان ثالثة تفعل ذلك في النصف الأول والثاني, وهناك البلدان العربية التي لا تفعل ذلك لا في النصف الأول ولا في النصف الثاني, لا عند المغيب ولا عندما يأتي المساء.

العرب لا يعدون شيئا للأوليمبياد ويكذبون على أنفسهم بتلك العبارة الرديئة التي تقول "المهم هو المشاركة". لكنهم شاركوا فقط في حفل الافتتاح ولم يشاركوا في حصد الميداليات.

العرب يعتمدون على الصدفة في كل شيء، في الرياضة والسياسة والحب والاقتصاد وارتفاع سعر البترول. هناك رياضيون عرب يخرجون من القمقم كما يخرج الجني من المصباح ويفوزون بميدالية تفاجئ الجميع. من سمع من قبل بذلك "القناص" الإماراتي الماهر الذي فاز بميدالية ذهبية يبدو أنها فاجأت الإماراتيين أنفسهم؟ من كان يعتقد أن تلك العداءة المغربية الضئيلة الحجم حسناء بن حسي ستنطلق كالسهم خلال الثلاثمائة متر الأخيرة من سباق 800 متر وتفوز بالميدالية الفضية بعدما كادت تفوز بالذهبية؟

الصدفة وحدها تحكم الإنجازات العربية في هذه الأوليمبياد وفي غيرها من المسابقات الكبرى. حتى هشام الكروج الذي عول عليه المغرب والعرب مرتين في السابق لم يفز بذهبية 1500 متر وندب سوء حظه وانتهى الأمر.

يقول معلق رياضي أوروبي إن صنع الرياضيين الأبطال مثل صنع النبيذ. نزرع ونعتني ونرش المبيدات ونستعد للحصاد. لكن قبل الحصاد بقليل تهب عاصفة ثلجية هوجاء وتفسد كل العنب. هذا ما يقوله أوروبي يعد بلده الأبطال كما يعد الأزهار النادرة في مختبرات خاصة. أما العرب فلا يجب أن يقولوا شيئا. ربما اعتقدوا أن الميداليات تهدى في الأوليمبياد كما تهدى الدكتوراه الفخرية في الجامعات الغربية، لذلك يذهبون إلى هناك للنزهة والتبضع. وباستثناء كرة القدم, فلا توجد أية رياضة جماعية يمكن للعرب أن ينافسوا بها من أجل الحصول على ميدالية. الرياضات الفردية وحدها التي تأتي بتلك الميداليات الشحيحة.

لكن العرب لا تنقصهم الميداليات وحدها, بل ينقصهم الحلم بالنجاح. بلدان غارقة في البؤس والاختلاسات والمشاكل الداخلية والدسائس السياسية لا يمكنها أن تعطي رياضيين ينافسون على الألقاب العالمية.