عبد الله الدامون من الرباط: تعيش أثينا هذه الأيام أيامها الأكثر زهوا وهي تحتضن بين جنباتها أبطالا من كل الألوان ومن كل الجنسيات وهم ينافسون ويقاتلون من أجل الفوز ويصرخون من أجل المجد ومن أجل المال.

أكثر ما في أثينا إثارة هو الصراخ، صراخ الأبطال الذين يملؤون به سماء المدينة عند كل قفزة وعند كل وصول إلى خط النهاية وعند كل رمية سهم أو قرص أو جلة أو مطرقة.

كل بطل يصرخ بطريقته. هناك أبطال تكاد تقفزعيونهم من محاجرها وهم يطلقون صراخا كالزئير، وهناك آخرون يقفزون في مكانهم وهم يصرخون كأطفال يطلبون من أمهاتهم حلوى. هناك أبطال آخرون يرمون سهمهم ويطاردونه بصراخ متواصل كأنهم يدفعون به مسافة أطول.

الصراخ جزء لا يتجزأ من ألعاب أثينا. إنه الزئير الذي يطلقه الأسد من أجل إخافة أعدائه، لكن حين لا تكون في الأجمة غير الأسود فإن الزئير يتشابه ولا يكون سوى من أجل رسم حدود أرض كل أسد.

على وجوه الرياضيين ترتسم علامات وملامح مختلفة عند الصراخ. هناك الصراخ الفرح المتفائل, وهناك الصراخ الحزين المتشائم. هناك صراخ الفوز، وهناك صراخ الهزيمة.

في أثينا مجرد سنتمترات قليلة تفرق بين النجاح والفشل, وأجزاء قليلة من الثانية تفصل بين الفوز والهزيمة, وكلما كان الرياضي داخل هذه السنتمترات القليلة إلا وكان صراخه أعنف وأبلغ.

أحيانا تشبه وجوه الرياضيين وهي تصرخ وجوه أبطال أفلام الرعب. مثل صور كابوسية تخيف أكثر مما تسعد. ترعب أكثر مما تدهش, وحين يصعدون إلى منصة التتويج يبدون وديعين جدا ووجوههم التي كانت مرعبة قبل قليل تحولت إلى وداعة الأطفال.